راقبت ليلي الكونت دونوفان وهو يغضب، غارقةً في التفكير.
ماذا أفعل؟
هل أنادي أحدًا بطريقة عادية، بالصراخ؟
أم أتبع فكرة جريئةً نوعًا ما……
‘أمسكه وأسقط معه متظاهرةً بأنه حادث؟’
أدارت ليلي رأسها لتتفقد أسفل الشرفة.
كانا في الطابق الثاني حاليًا.
إذا سقطا معًا من الطابق الثاني، سيتعرض الكونت دونوفان لإصابات بالغة، لكن ليلي ستكون بخير.
لأنها ترتدي السوار الذي أعطاها إياه كاهن مملكة ديل.
‘حسنًا، ربما تكون هذه فرصة لاختبار فعالية السوار……’
أبعدت ليلي نظرها عن الدرابزين وحدّقت أمامها مباشرة. لكنها انتفضت فجأةً من الدهشة. فقد كان الكونت دونوفان قد اقترب منها دون أن تنتبه، ومدّ يده نحوها.
تجمدت ليلي على الفور عندما أمسك بمعصمها.
قبض الكونت دونوفان على معصمها بقوة وحدّق فيها بعينين مشتعلتين.
“كرري ما قلتِه الآن. ماذا قلتِ؟”
نظرت ليلي إليه دون أن ترمش حتى.
كان وجهه قريبًا للغاية.
وجهه الأحمر الغاضب، المليء بالتجاعيد والخدود المترهلة، التصق في مجال رؤيتها. و كان صوت أنفاسه اللاهثة والخشنة يخترق أذنيها.
شعرت كأن حشرة تزحف من معصمها وتصعد على جسدها. ففتحت فمها بصعوبة.
“ا….تركني.”
لكن هذه الكلمة الوحيدة لم تتمكن من الخروج من بين شفتيها جيداً.
اقترب الكونت دونوفان من وجهها أكثر، عاقدًا حاجبيه ومحرّكًا شفتيه.
“ماذا؟ قوليها بصوت أعلى-”
وفي تلك اللحظة، اندفع جسده ووجهه بعيدًا عن ليلي دفعةً واحدة.
“أوه!”
أنّ الكونت دونوفان متألمًا وهو يتدحرج على الأرض.
رمشت ليلي ببطء.
كان سيون ينظر إليها بوجه متجهم قبل أن يستدير. ثم خطا بقدمه وسحق يد الكونت دونوفان اليمنى الملقاة على الأرض.
“م-مهلًا! آآاغ!”
“لا أذكر أنني أرسلت لكَ دعوة.”
“د-دوق أكشيد، انتظر، آااع!”
“لماذا أنت هنا إذاً؟ وبجانب زوجتي تحديدًا؟”
“ز-زوجتك؟ ههق……زوجتك؟!”
حدّق الكونت دونوفان بعيون محتقنة بالدماء، متنقلًا بين ليلي و سيون بذهول.
ثم فجأةً، فغر فاهه تمامًا.
“م-مستحيل……زوجة الدوق أكشيد كان شعرها ورديًا……”
كتمت ليلي ضحكةً ساخرة.
إذاً، لم يكن يتظاهر بعدم معرفتي…
“أنصت إليّ، يا دوق! لم أكن أعلم! أقسم لك! لم أكن أعلم أن هذه الفتاة، أقصد……زوجتك، هي حقًّا……آآااااغ!”
صرخ الكونت دونوفان بأعلى صوته، لكنه في لحظة ما انقلبت عيناه وفقد وعيه.
ترك سيون الكونت الملقى على الأرض واقترب من ليلي مرة أخرى.
تردد للحظة، وكأنه غير متأكد مما عليه فعله.
حدقت ليلي به، ثم أدركت فجأة.
آه……وجهي الآن……
عندها تحدثت أولًا،
“أريد أن أرتاح في غرفة النوم. خذني إليها.”
لم تحدد كيف تريد منه أن يحملها، لكنه رفعها بصمت بين ذراعيه.
أرخت ليلي جسدها وأحاطت عنقه بذراعيها.
***
“أنا آسف.”
نطق سيون باعتذاره بمجرد أن وضع ليلي على السرير في غرفة نومها.
“على ماذا؟”
“لأني تأخرت. كنت أعلم أين كنتِ……لكنني لم أعرف أنك التقيتِ بشخص مثله.”
شخص مثله……
حدّقت ليلي في عيني سيون قبل أن تسأله،
“وما الذي تعنيه بشخصٍ مثله؟”
“شخص تجرأ على معاملتكِ باستخفاف.”
“متى؟ قبل قليل على الشرفة؟”
“…….”
“فقط في تلك اللحظة؟”
رأت ليلي بوضوح الاهتزاز الذي ظهر في عينيه. فابتسمت بسخرية.
“إذن……كنتَ تعرف كل شيء، أليس كذلك؟”
“….…”
“عرفت أنني لم أفقد ذاكرتي حقًّا.”
“……نعم.”
أخفضت ليلي نظرها. ومرّ في ذهنها فكرةٌ واحدة،
كما توقعت.
من المؤكد أن وجهها على الشرفة كان شاحباً و كأنها رأت شبحًا.
إذ من النادر أن يصبح وجه شخص شاحبًا إلى هذا الحد لمجرد أن غريبًا أمسك بمعصمه.
تحدثت ليلي بصوت واهن يملؤه الاستسلام،
“أنا لم أستعد ذكرياتي.”
“….…”
“بل لم أفقدها من الأساس. هل كنت تعرف ذلك؟”
“……لا.”
“إذاً حتى رأيتني على الشرفة، كنت تظن فعلًا أنني فقدت ذاكرتي؟”
“نعم.”
“إذاً……لماذا بقيت كما أنت؟”
“ماذا؟”
حدّقت ليلي مجددًا في عينيه السوداوين، وفي صوتها نبرة عتاب لم تستطع إخفاءها.
“لماذا لم تحاول التمسك بي……بينما كنت تعتقد أنني فقدت ذكرياتي؟”
“…….”
“أنا التي لا تتذكر الماضي……لن تتذكر أخطاءكَ أيضًا.”
“……الذكريات شيء، والواقع شيءٌ آخر.”
“أتقصد يأنني حتى لو لم أتذكر، فإن أخطاءكَ لن تختفي؟”
“نعم.”
عضّت ليلي على شفتها، وسرعان ما انصبّ نظر سيون القلق على شفتها السفلى التي ضغطت عليها بأسنانها.
وما إن شعرت بنظراته تلك حتى اجتاحها شعور بالذهول.
أهو جاد؟
“ما مشكلتك بالضبط؟”
بدأ الغضب يتصاعد بداخلها، غضبٌ حقيقي.
لو لم يكن يحبها على الإطلاق، لكانت استسلمت منذ زمن بعيد. لكن……
“تقول إنه ليس لديكَ الحق، حسنًا، لنفترض أنه ليس لديك.”
“…….”
“لكن ماذا بعد؟ هل تعتقد أن البشر لا يرغبون إلا فيما يحق لهم امتلاكه؟”
اتسعت عينا سيون قليلًا. أما ليلي، فحدّقت فيه مباشرة وتابعت كلامها،
“ألا تعتقد أنك تبالغ في تقدير البشر؟ أم تراك لم تعد تعتبر نفسك منهم؟ هل أصبحت شيئًا آخر بعد أن ختمت الكيان الشرير؟”
“ليلي..…”
“أترى؟”
مدّت ليلي يدها وضغطت براحة كفها على صدره، حيث ينبض قلبه.
لم يقاومها سيون وترك نفسه لها.
ضغطت ليلي براحتها بقوة على موضع قلبه.
“قلبكَ ينبض الآن.”
“…….”
“أنتَ إنسان.”
“….…”
“إنسانٌ يرغب في أشياء لا يحق له امتلاكها.”
“أنا……”
“أنا أخبرك بأنني لا أمانع. أخبرك أن بإمكانك أن تطمع، و أن ترغب بي، ولن يهمني. هل ما زلت تعتقد أنني مخطئة؟ أما زلت تعتقد أنني لا أحبكَ حقًّا؟”
ضغط سيون شفتيه بصمت، ثم حرّك رأسه نافيًا.
“……لا.”
“….…”
“أنا خائف، ليلي.”
فجأة، أدركت ليلي شيئًا مهمًا.
الآن فقط……سأسمع مشاعره الحقيقية.
“مما تخاف؟ من أن تتغير مشاعري؟”
“لا. بل من ألا يتغير شيء……حتى لو تغيّرت مشاعركِ.”
“……ماذا تقصد بذلك؟”
“حتى لو أخبرتِني أنكِ تريدين رحيلي.”
“….…”
“أخشى ألا أتمكن من ترككِ.”
“هاه……”
أشاحت ليلي بنظرها بعيدًا عنه.
الآن فقط، عرفت ما الذي كان يخفيه سيون طوال هذا الوقت……
“لا تسيئي الفهم.”
يا له من هراء.
رفعت رأسها فجأة ودفعته ليسقط على السرير.
تفاجأ سيون، لكنه استسلم وسقط بصمت. عندها صعدت ليلي فوقه.
“ليلي……؟”
“يقولون أن الفقير هو أول من يصف غيره بالفقر، وإن سيئ الطبع هو من يتهم الآخرين بسوء الخلق.”
“ماذا……؟”
“أخبرني، من الذي كان يعيش في وهمٍ طوال الوقت؟”
ضحكت ليلي بسخرية، وأمسكت بكتفيه العريضتين بقوة.
“أقسم لكَ بكل ما أملك الآن……”
“….…”
“أنه لو قلتُ لكَ يومًا بأنني أريد الرحيل، فسأجعلكَ تتركني……حتى لو اضطررتَ لقتل نفسي لتفعل ذلك.”
“….…”
“لذا، توقف عن هذه الأوهام السخيفة……”
انحنت ليلي إلى الأمام وهي تمسك بكتفيه، ثم توقفت عندما بقي شبر واحد يفصل بين وجهيهما.
“وفقط……افعل ما تريده.”
هدأت العاصفة التي كانت تضطرب في عينيه تدريجيًّا. و شعرت ليلي بيده التي امتدت لتحتضن مؤخرة رأسها، فأغمضت عينيها.
ثم شدّها إليه بقوة.
***
“هل سمعتم بما حدث للكونت دونوفان؟”
“وهل هناك من لا يعرف تلك القصة؟”
“إنه أمر صادم! هل سمعتم؟ قالوا إن الكونت دونوفان خنق زوجة الدوق أكشيد، أليس كذلك؟ وذلك في حفلة ميلاد الدوقة!”
“ماذا؟ حسب ما سمعت، لم يكن الأمر خنقًا، بل كان يحاول أن يدفع الدوقة من الشرفة في الطابق الرابع……”
“ما سمعته لا يتطابق مع أي من ذلك. سمعت أن الكونت دونوفان قدم شرابًا مسمومًا للدوقة أكشيد.”
سادت لحظة من الصمت بين النساء المزخرفات بالأزياء.
……ما هو الصحيح إذًا؟
__________________________
قولوا الي تبون عادي في النهايه سيون مب مخليه✨
وأخيراااااا كم هرمنااااااا
سيون هو الي ضم ليلي اول هههههههههععع
كذا حتى لو لعبوا بالنهايه انا راضيه
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 122"