3
استيقظت على صوت المنبه الذي لا يكاد يسمع
لكنها استطاعت سماعه لكونها لم تنم براحة او طمأنينة
كم مرت اخر مرة منذ ان نامت بسلام و مطمئنة البال، 4 سنوات؟ او ربما 10 سنوات؟
لم يكفها ما عاشته طوال السنين الماضية ليأتي كابوس ايجي المرعب لينصب خيمته في قلب و ذهن نينا و ليكمل على ما تبقى لها من طاقة للوقوف دون التعثر او الوقوع
كم هذا متعب و مؤلم في نفس الوقت.
تشعر بالمرارة تغزو حلقها. لتمنحه ذوقا مر حد التقيئ
تسللت اشعة شروق الشمس عبر الستائر الزرقاء الثقيلة التي تتدلى بدون عناية.
الجدران التي تملك لونا رماديا خاليا من طاقة الحياة، الارضية الخشبية المهترئة التي لم تنظف منذ وقت طويل فلو وضعت قدمك عليها لتركت الغبار الكثيف ملتصقا بين قدميك، الكتب متناثرة هنا وهناك و مكتب الدراسة الفوضوي
حتى ان الملابس المبعثرة على الارض كانت فوضوية لم تحتوي الغرفة على اي خزانة تحتمي فيها هذه الملابس.
نهضت نينا بتثاقل تفرك شعرها بقوة حيث اتجهت نحو المرايا تنظر الى الهالات السوداء. التي ارتسمت حول عينيها
مظهرها يبدو مرعبا، هذا ليس مظهر فتاة في 15 سنة
نظرت الى سيفها المعلق على الحائط بعناية.
انه ارث ثمين عن والدها الراحل و لقد حمته طوال هذا السنين مع اعتزازها به فهذا السيف هو الشيئ الوحيد الذي يجعل نينا تشعر بلمسة من الدفئ و حنين الى عائلتها القديمة.
ارتدت نينا لباسها الرسمي و رتبت كتبها في محفظتها و غادرت الغرفة متجهة نحو غرفة المعيشة.
نينا التي. تعيش في منزل عمها، هذا المنزل مثل الثقب الاسود بالنسبة لها، يبتلع كل امالها، احلامها، حتى راحتها، حرفيا هذا المنزل قد توقف نبض حياة فيه منذ ماض ازل.
الاثاث الفاخر و الارضية اللامعة مع الجدران البيضاء الناصعة عكس غرفة نينا المهملة فقد كان المنزل كل زاوية فيه لامعة ذو لمسة راقية لكن هناك شيئ واحد ناقص، وهو اللمسة الدافئة التي قد تجدها في اي منزل عائلي لكن هذا المنزل استثناء فهو بمثابة مقبرة.
جلست نينا على طاولة الافطار بصمت لم تتجرأ حتى ان ترفع عينيها لعمها البدين الذي يجلس قبالها، ينفث الدخان من سجارته و يتصفح الجريدة التي امامه، لم يكلف عناء رفع عينيه لرؤية نينا ولو لثانية .
وضعت زوجة عمها وعاءا صغيرا من حساء الشوفان مع قطعة خبز واحدة و بضع خضراوات مسلوقة.
بقيت نينا تتامل الطعام بصمت و كانها قد سئمت من ذلك لكنها لا تستطيع الاحتجاج، رفعت الشوكة مصوبة نحو الجزر المسلوق و وضعته في فمها، تمضغه بصعوبة و علامات الاشمئزاز قد بدت على وجهها لكنها حاولت اخفاء ذلك، توقف العم لوهلة عن قراءة الجريدة و نظر بتلك النظرة الصارمة المرعبة و بنبرة باردة جافية
” توقفي عن ابداء هذه التعابير و تناولي طعامك بسرعة
“
تلك اللهجة الخالية من التعاطف عصفت الخوف في قلب نينا
” حاضر، عمي. “
صوب قبضته بقوة نحو الطاولة مما جعل نينا تقفز مفزوعة من مكانها
“ارفعِ صوتكِ حين تتحدثين معي! انتِ لستِ شبحًا هنا!”
“عزيزي، لا تصرخ هكذا عليها! انظر كيف جعلتها خائفة منك!”
نهضت زوجة العم و هي تربت بلطف على كتف نينا و ارتسمت تلك الابتسامة الهادئة على شفاهها الجافة
“هيا اكملي طعامك عزيزتي. يجب ان تبقي بصحة جيدة.”
نينا لم تبدي اي ردة فعل فقط بقيت تتامل زوجة عمها بنظرات جافة فارغة من لمعة الحياة، فهي تعرف ما وراء تلك الابتسامة الزائفة
تبتسم و هي قد وضعت سما في طعام يجعلها تشعر بألام طفيفة في المعدة تجعلها تنكمش على نفسها و هي تضع يدها على فمها و نظرت الى زوجة عمها التي مازالت تربت بلطف و برفق مصطنع.
“كلي ببطئ، عليك ان تكوني اكثر رزانة عزيزتي عندما تتناولين طعامك.”
قد مر اليوم بسلام دون هلوسات او مخاوف
فقد كانت نينا مرتاحة قليلا لكونها لا توجد حصص للغة الانجليزية اليوم
جعل ذلك الثقل الذي اثقل صدرها يتزحزح
بينما كانت نينا تمشي متجهة نحو المنزل رن هاتفها
اخرجت هاتفها لينعكس اسم والدتها على الهاتف، ابدت نينا ملامح جامدة فهي لا تتوقع خيرا من اتصال
” نينا، هل انهيتي دوامك الان؟ فل تذهبي فورا الى المطعم فالشارع الشرقي، سوف تجدين السياسي غيم ينتظرك هناك ، ايضا لا وجود لاعذار و لا حاجة لك لمعرفة اي شيئ “.
فور قولها تلك الكلمات بصوت جاف و قاسي انهت المكالمة
لم تتفاجأ نينا من ذلك فلطالما كانت والدتها تامرها بفعل ما لا ترضاه
نينا التي شعرت بأنها. لم تعد تملك لا جسدها ولا نفسها
مجرد دمية تمشي بلا رغبات و لا طموحات، فقط متصلة بخيوط تحركها
دون ابداء اية اعتراض.
الى متى قد تستمر حياتي بهذا الجحيم
تنفست نينا بعمق ثم توجهت نحو المطعم
دخلت اليه لقد بدا المكان فخما الستائر و الارضية و كل زاوية منه تشع برقاء و الفخامة، لكن نينا لم تبدي اي علامات من الاعجاب و او الاهتمام فقد كانت نظراتها القريبة الى الضجر كما لو انها اعتادت ارتداد مثل هذه الاماكن، لمحت فور دخولها عتبة الباب شخصا يلوح لها من بعد
انه السياسي غيم
لقد كانت ابتسامة تشق وجهه يمينا و يسارا و تلك النظرة المريبة التي تلمع في عينيه، جعلت نينا تشعر بالارتياب و الاشمئزاز منه
جلست نينا على الطاولة بإعتدال
تتهرب ببصرها بعيدا عن التقاء عينيها بعينيه و هي تلعن والدتها الف مرة في قلبها،من الواضح ان والدتها التقت بهذا السياسي المقزز و كونت معه علاقات لنفوذه و ثراءه ثم ترمي ابنتها لتكون درعا بشريا و طعما مناسبا له لالهاءه بينما تنهبه بصمت و سلاسة،انها لا تتردد دائما تزج بنتها في مخططتها و خاصة هذا اللقاء القذر، متجاهلة القرف الذي اجتاحها ليعتصر في معدتها
امامها السياسي غيم الذي كان يلبس لباس ينبعث منه مدى بدخه و ثراءه مع صلعة رأسه التي انعكست عليها اضواء المصابيح الخافتة و تلك التجاعيد التي ترتسم على وجهه كأنها حدود دول مرقعة على الخريطة.
بينما هو كان يتفحص كل شبر من جسدها بإبتسامة و نظرة قذرة يتكلم بلطف متملق و كلمات معسولة لكن نينا التي لم تعر انتباهها له.
نينا التي كانت تكبح الاشمئزاز و الغثيان حتى ان مرارة التقيؤ قد وصلت الى حلقها، كبحت نفسها بصعوبة واضحة
كم تريد التقيئ على وجهه القدر
بذكر ذلك لقد تقيأت نينا مرتين
المرة الاولى بعد تناول وجبة الافطار و الثانية في المدرسة و الثالثة ستكون من نصيب وجه السياسي غيم
واو، سيكون هذا انجازا عظيما، هل سوف يتم تكريمي على ذلك؟
امسكت نينا باحكام اطراف تنورتها تقرص فخديها، محاولة كبح نفسها بصعوبة تفكر بعمق لو يوجد فقط خلاص من هذا اللقاء
فجاة
اهتز هاتفها بقوة جعلها ترجع الى تركيزها و ووعيها، استرقت يد نينا تحت طاولة نحو محفضتها لتخرج الهاتف و نظرت الى الشاشة متفحصة
انها رسالة من سومين!
“… نينا.. احتاج دفتر ملاحظاتك! ارجوك، انه مهم! o(╥﹏╥)o”.
ضغطت نينا على شفتيها بقوة حتى ارتسمت علامات العض عليهما.
كيف سوف تخرج الان من هذا
هي لا تستطيع رفض صديقتها سومين، و لكنها لا تريد اخبارها عن ماهية حياتها او ماذا تقاسيه او اين هي الان
بقيت نينا تفكر بتردد واضح لوهلة
ثم اتخدت القرار!
يجب عليها التضحية
ابتلعت نينا ريقها بصعوبة و رفعت راسها الى السياسي و هي تبتسم بهدوء و تميل راسها قليلا بلطف
” سيدي اشعر بانني لست على ما يرام. هل لي ان اذهب للمرحاض للحظة؟ “
” لا داعي لذلك، ابقي هنا، و ايضا اكره من يفسد لقاءا لم يبدأ بعد! “
لقد لاحظ ذلك، تلك اللمعة من التوتر في عينيها و بؤبؤ عينيها كيف يرتجف مع صوتها الغير الثابث، لقد اكتشف انها تكذب، بقي يحدق بكأس النبيذ ثم يدحرج ببطء النبيذ الذي يرقص في الكاس الدائري الواسع
فجاة
قام بإمساك النادل المار بجانبه بقوة و، كسر الكأس بقوة على وجهه
تناثر الزجااج و النبيذ المسكوب على عيني النادل ليخترقا غشاءه و ليسقط النادل ارضا متشبثا بعينيه بقوة، صرخة الالم الحادة التي اسمعت المكان كله، يتدحرج صارخا بيأس، ما ذنب شخص عادي يعمل لكسب لقمة عيشه لم يفعل شيئا وقع ضحية غضب حثالة
انه حقا سادي وغد.
تصلبت نينا مكانها، كيف امكنه فعل ذلك، شعرت نينا بالغضب يتدفق عبر اوردتها، ذلك الغضب الجامح الذي لم تعهده قد، نظرت بسخط الى ذلك السياسي الذي كان يتلذذ بتألم النادل و صراخه
هل يستمتع بذلك؟ يال الحقارة؟
امسكت نينا بقوة السكين المجاورة للشوكة الطعام، رمتها بقوة نحو فك احد الحراس الذين كانو يحرسون السياسي بحزم لتبتعد بخطوات و ليمسك الحارس فكه بقوة و الدماء تنسكب على يده المرتجفة
سقوط اثنان على الارض مع اختلاف اصابتهما جعل المطعم في حالة هلع و خوف و فوضى
نظر السياسي بغضب عارم انكمشت تجاعيده بغضب واضح، امسك نينا بقوة من ياقتها مقربا اياها نحوه، انفاسه تتدافع لتلامس وجهه نينا التي ابتسمت باستمتاع واضح و بمكر
” ماذا تظنين نفسك فاعلة! “
” اولم افعل بالمثل ما فعلته، ما رايك بهذا، كيف تتجرأ على ايذاء شخص لم يفعل لك شيئا”.
اطلقت نينا بزقة عبر فمها نحو وجهه بقوة مما زاد من غضبه.
رفع يده موجها اياها نحو وجه نينا
لكن فجأة
—طااخخخ!
وجهه الذي كان قبل ثان معدودة منكمشا، غطس في وعاء الحساء الساخن
نينا التي بقيت عينيها متسعتان من الصدمة
بينما السياسي الذي امسك وجهه صارخا ليملئ صراخه الشارع وليس المطعم فقط، ممسكا بوجهه بقوة كأنه سوف يقتلعه في ثانية
ما أن اعتدل في وقفته ليجد نفسه يطير في الهواء ليسقط على الطاولة محطما اياها، لقد كان ارتطاما قويا، بقي الحراس فاتحين افواههم بدهشة ثم ادركوا على الفور و هرعو نحو سيدهم يتفحصونه بقلق
نينا التي استعادت رشدها بعد الدهشة الفتفت بسرعة خلفها لتنظر. من هذا الشخص
لترى رجلا ذو قامة طويلة، قد يتراوح طوله بين 1.87 الى 1.88 سم
يرتدي بدلة رسمية، بشعره الرمادي المبعثر ووجه الذي يوحي بأنه ثلاثيني في العمر، ملامحه الجادة و الحادة المصوبة نحو ذلك السياسي لكن سرعان ما تحولت الى الاستهتار و الملل، امسك ذراعيه بقوة متمددا و كأنه قد يحاول طرد الخمول منه، فرقع اصابعه بقوة
” يا إلهي، الا يمكنني ان اجلس بسلام لثانية، لقد تعكر مزاجي “.
نهض السياسي بصعوبة و هو مستند. على حراسه يمسح وجهه بضمادة باردة ليخفف عنه الام الحرق و يأن متالما من قوة ارتطامه
” ايها الوغد! هل تعي ماذا فعلت؟ هل تعرف من انا؟ “
نظر بسرعة نحو حراسه وصرخ عليهم
” هيا لاتدعوه يفلت منكم “.
اندفع الحراس مهاجمين ذلك الشخص، لكنه بسرعة هائلة تفاداهم بكم يده لكم احدا من رقبته ليسقط الاخر ثم امسكه و رماه نحو زميله بقوة ليقعا في الارض بينما ركل الاخر بقوة ليسقط عليهم فوق الطاولة المحطمة ليسقطو على السياسي دفعة واحدة
” ايها الخنازير ماذا تفعلون لما وقعتم علي “
اطلق ذلك الرجل تنهيدة قوية ثم انحنى ببطء لتبرز عظلاته التي تحت السترة و ليقرب وجهه من السياسي، امسك السياسي من وجهه المحترق بقوة ووضع يده الثانية على كتفه و كأنه يعزيه، ثم قال بهدوء ساخر
” ليس من الرجولي، ان تبرز نفودك و قوة يدك على امرأة، الا توافقني في ذلك “.
اوما السياسي بإرتعاب واضح
تلك الكلمات قد بدت تعزية و تحذيرا في نفس الوقت
وقف الرجل متنهدا بملل ثم التفت نحو نينا التي بقيت متسمرة في مكانها من الدهشة، مازالت لم تستوعب كيف الت الامور الى هذا السوء
نظر اليها بتعبير محايد و قال
” ان كان لديك مشكلة او شيئ لتتعاملي معه فهذه الفرصة المناسبة لا تضيعها “.
رمشت نينا بصعوبة مستوعبة… ترددت… لكنها بسرعة امسكت حقيبتها، و انطلقت فارة نحو المخرج و كأنها هاربة من السجن، لتختفي بين الجماهير المتفرجة
بينما الرجل بقي مكانه، يتابع خروجها بعينين غير مكترثتين
لكن فجاة ارتسمت ابتسامة بتعبير غير واضح و همس ساخرا
” يال الوقاحة…. تجاهلت حتى ان تقول شكرا. “
يتبع…
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
Chapters
Comments
- 3 - اللقاء الفوضوي 2025-03-26
- 2 - استاذ الانجليزية 2025-02-20
- 1 - حفلة الكريسماس المرعبة 2025-02-20
التعليقات لهذا الفصل "3"