1
كان لدى إيلي سيرز عيبان لا ينبغي لأيّ طفل أن يمتلكهما.
أحدهما أنّها كانت سريعة البديهة إلى حدٍّ مفرط،
والآخر أنّها كانت تولي اهتمامًا مفرطًا لتلك البديهة نفسها.
كانت إيلي دائمًا تجلس منكمشةً وسط الأريكة القذرة الغائرة،
وتحدّق بنظراتٍ غريبةٍ إلى أفراد أسرتها وما يملكونه من أثاثٍ متواضع.
وفي مثل تلك اللحظات، كانت وجنتاها تحمران وأصابع قدميها تنكمش خجلًا.
الأواني المتّسخة، الستائر المهترئة، أرضية الخشب التي تصدر صريرًا،
الأطفال الذين يركضون بلا توقّف، والأم التي تمسك رأسها وتصرخ بين الحين والآخر…
كانت إيلي، منذ صغرها، تدرك بفطنتها أنّ أسرتها فقيرة،
وكان هذا الإدراك يملؤها بالخزي إلى حدٍّ لا يُحتمل.
كلّما سمعت عن زيارة أحد الضيوف للمنزل،
كانت أذناها تحمران خجلًا قبل أن تُسرع بالاختباء في العلّية.
***
كان رجال عائلة سيرز في معظمهم عاطلين عن العمل.
وكما هو الحال في كلّ بيتٍ يعجز فيه الرجل عن أداء واجبه،
لم تستطع عائلة سيرز الإفلات من الفقر.
جدّ إيلي مات غرقًا في جدولٍ مائي بعدما ثمل،
وعمّها الأكبر هرب إلى مكانٍ مجهول بعد أن عجز عن سداد ديون القمار.
أما والدها فكان يُعدّ الأفضل بينهم،
لكنّه هو الآخر كان مقامرًا ومدمن خمرٍ بطبيعته.
أشقاؤها الأكبر منها كانوا يعملون في المزارع قبل أن يتجاوزوا الخامسة عشرة من العمر،
لكنهم، مثل سائر رجال العائلة،
توقفوا تدريجيًا عن إرسال المال إلى المنزل،
حتى لم يبقَ في يد السيدة سيرز سوى بعض النقود التي كانت تكسبها بشقّ الأنفس.
لم تكن هموم السيدة سيرز قليلة.
فهي بالكاد تؤمّن ما يسدّ الرمق،
ولديها إلى جانب ابنتها الكبرى إيلي، ولدان صغيران لا يزالان في طور النمو.
نظرت السيدة سيرز إلى ابنتها.
كانت الابنة الوحيدة في بيتٍ مليء بالأبناء،
لكنّ الأم الممزّقة بفعل الفقر لم يبقَ في قلبها ذرّةُ عاطفةٍ تجاهها.
كانت إيلي في العاشرة من عمرها،
ولا بدّ من إطعامها وإيوائها ثلاث سنواتٍ أخرى على الأقل
قبل أن تتمكّن من تعليمها الخياطة لتكسب رزقها.
لكنّ ما يمكن لامرأةٍ كـ إيلي أن تجنيه بيديها لم يكن كثيرًا،
وغالبًا ما كان الخيار الوحيد أمامها أن تتزوّج رجلًا لا بأس به لتعتاش معه،
وربما كان عليها أن تدفع مهرًا كي تُقبل زوجةً له.
قرّرت السيدة سيرز أن تودِع إيلي في دار الأيتام،
ببساطةٍ كمن يتخلّص من ماء المطر الذي يتسرب من السقف المثقوب.
***
كانت إيلي تسير خلف والدتها حاملةً حقيبتها الصغيرة،
مدركةً تمامًا أنّها ذاهبةٌ ليتم التخلي عنها.
ولو أنكرت شعورها بالحزن، لكان كذبًا.
فالطفلة الصغيرة كانت مرتاعةً من فكرة مغادرة البيت
والعيش وحيدةً في مكانٍ غريبٍ بلا والدين ولا إخوة.
كانت تريد أن تتوسّل إلى أمّها وهي تتشبّث بطرف ثوبها،
وأن تصلّي لله واعدةً بألا تشعر بالخزي من فقرها مجددًا.
لكنّها حين رأت شفتي السيدة سيرز المطبقتين بشدّة
تخلّت عن كلّ أملٍ في الرحمة.
لقد رأَت ذلك الوجه القاسي من قبل،
حين أرسلت الأم إخوتها بعيدًا إلى المزارع.
ومع ذلك، لم تستطع منع الدموع من الانهمار خوفًا.
واصلت السيدة سيرز سيرها دون أن تلقي على ابنتها نظرةً واحدة.
***
كانت دار الأيتام سانت هوغن فقيرةً بدورها.
الأطفال فيها كُثُر، والمال شحيح،
والتبرّعات التي تصل كانت تذهب مباشرةً إلى جيب المديرة.
لكنّ المكان، على عكس بيوت الفقراء، كان نظيفًا ومنظّمًا.
ولم يطل الوقت حتى عرفت إيلي السبب.
ففي اليوم التالي لوصولها،
رأت الراهبات يضربن الأطفال بالسياط
إن خالفوا القواعد ولو قليلًا.
كان على أطفال دار الأيتام أن يستيقظوا يوميًا في السادسة صباحًا،
يحمل كلٌّ منهم قطعة قماش ويمسح بها أيّ مكانٍ يمكن تنظيفه.
ثم يجلسون باستقامةٍ إلى المائدة،
يحتسون الحساء الخفيف بعنايةٍ دون أن يتركوا أثرًا على الطاولة.
وخلال دروس الكتاب المقدّس،
كان عليهم إبقاء أفواههم مطبقةً بإحكام حتى تتصلّب فكوكهم،
أما الرياضة فكانت مجرد دورانٍ متتابعٍ حول ساحة العشب الصغيرة في صفٍّ منظّم.
إيلي الخجولة المتحفّظة كانت تطيع الأوامر بصمت،
لكنّها في داخلها كانت ترتعد من الخوف.
كانت معدتها تتلوّى كلّ يومٍ من التوتر،
وفي الليل تطاردها الكوابيس.
الأطفال الآخرون، الذين وُلدوا يتامى،
كانوا قادرين على تخيّل مستقبلٍ ورديّ أو أصلٍ نبيلٍ مفقود،
أما إيلي، التي أُحضرت بيد أمّها وتُركت عمدًا،
فلم يكن بوسعها أن تتعلّق بأيّ أمل.
وهذا ما جعل ألمها مختلفًا وأعمق.
***
مرّ عامٌ، ثم عامان، وكبرت إيلي.
بعد سنةٍ اعتادت قوانين الدار،
وبعد سنتين اعتادت المكان،
وبعد ثلاثٍ اعتادت الفقر القاسي نفسه.
اعتادت ارتداء الفساتين القصيرة التي تكشف كاحليها،
والاكتفاء بالوجبات الضئيلة،
وتقبّل نظرات الشفقة من الزوّار والمتبرعين.
لكنّ ما لم تستطع احتماله أبدًا
كان أيدي المحسنين الممتدّة بالعطاء المتكلف
وتهافت الأطفال عليهم بامتنانٍ مبالغٍ فيه.
كانت إيلي ترى في تلك الأيادي
نظرةَ تفوّقٍ من الأغنياء الذين يمنّون على اليتامى بالمال،
وكانت تحتقر الأطفال الذين يقبلون عطاياهم بفرحٍ صادق.
عند بلوغها الثانية عشرة،
بدأت إيلي تدرس في الصباح فقط
ثم تخرج إلى المدينة لتعمل في الأعمال الصغيرة.
كانت المديرة السيدة غريفين تضمر كرهًا خفيًّا لها،
إذ كانت ترى إيلي طفلةً متطفّلة
تستنزف موارد دار الأيتام رغم أنّ والديها على قيد الحياة.
وإيلي، التي أدركت هذا،
كانت تشعر بالرهبة كلّما رأت المديرة،
ويخفق قلبها بعنفٍ كلّما مرّت أمام مكتبها.
لذا، لم تجد بدًّا من التطوّع للعمل بنفسها.
خفّ عبء الذنب قليلًا،
لكنّها كانت ترهق جسدها حتى العظم بالخياطة والأعمال الجانبية،
حتى بات الألم ينهش أطرافها.
كانت لا تزال تستيقظ في السادسة صباحًا،
لكنّها لم تنم إلا بعد منتصف الليل بسبب العمل الإضافي.
كانت يداها ترتجفان ألمًا كأنّ أصابعها تتشنّج،
وهي تراقب صديقاتها وهنّ يثرثرن بمرح.
وكانت المرارة تزداد حين ترى الحلوى الباهظة والحليّ الزاهية في المدينة،
تلك الأشياء التي لا يمكنها لمسها،
كشجرةٍ عاليةٍ لا سبيل إلى تسلّقها.
***
وفي ذلك اليوم،
كانت إيلي عائدةً إلى دار الأيتام حاملةً سَلّةً مليئةً بعملها كالمعتاد،
حين رأت أمام البوابة عربةً فخمةً ضخمة.
كان السائق جالسًا على مقعده بوجهٍ جادٍّ،
يحدّق بثباتٍ نحو المبنى.
لم تكن إيلي قد رأت عربةً فاخرةً كهذه من قبل،
فأخذت ترمقها بفضولٍ وهي تدخل.
“إيلي سيرز، توجّهي إلى مكتب المديرة.”
قالت إحدى الراهبات فور أن وضعت إيلي السلة من يدها.
ولأنها كانت تعلم أنّ السؤال “لماذا؟” لا يجدي نفعًا،
اكتفت بهزّ رأسها وتوجّهت صامتةً نحو المكتب.
بدأ قلبها يخفق بقلق.
هل ارتكبت خطأً ما؟
هل سيطردونها الآن من الدار؟
كانت تمشي في الممرّ ويداها مشدودتان بعصبية، يتصبّب العرق من راحتيها.
وحين وصلت إلى باب المكتب وهمّت بالطرق،
سمعت أصواتًا من الداخل.
تجمّدت في مكانها.
لم تجرؤ على الدخول، فمن يجرؤ على مقاطعة من في الداخل؟
“أعتذر لأنني أواصل الحديث، مديرة غريفين… لكنني قلقة للغاية… ابني يمرض دون سببٍ مفهوم، والطبيب قد تخلّى عن محاولة تشخيصه… لقد مرّ عامٌ كامل وهو طريح الفراش. سألت القس، فقال إنّ الشيطان يحاول أن يُعذّب الطفل… وإنّ خلاص روحه يتطلّب منّا أن نُراكم الفضائل…”
توقّفت المرأة عن الكلام لتشهق بنحيبٍ قصير، وعندما أطلقت المديرة غريفين تنهيدةً خفيفة أشبه بمواساةٍ غير مباشرة، تابعت المرأة حديثها بصوتٍ مرتجف:
“تصادف أن ابنتي بحاجةٍ إلى رفيقة حديث… فربّما، لو أنّنا ضمَمْنا إلى بيتنا أحد أبناء الله الآخرين…”
كانت كلمات المرأة تخرج متردّدة، همسًا متقطّعًا. ورغم أنّ إيلي لم تكن تتعمّد التلصص، فإنها شعرت بالذنب لتجسّسها غير المقصود على الحديث. فركت كفّيها المتعرّقتين بطرف فستانها البالي.
وحين خطر ببالها أنّ بقوفها هناك قد تُثير شكًّا أو غضبًا، جمعت شجاعتها وطرقت الباب بكلّ ما أوتيت من جرأة. فجاءها صوتٌ من الداخل يأذن بالدخول.
فتحت إيلي الباب بحذر، فرأت المديرة غريفين تجلس على الأريكة قبالة امرأةٍ أنيقة المظهر ترتدي ملابس فاخرة، وكانتا كلتاهما تحدّقان بها.
سادت لحظة صمتٍ قصيرة، بدت فيها السيّدة الغريبة وكأنها تتمعّن في هيئة الفتاة الرثّة الواقفة عند الباب، إلى أن تحدّثت المديرة أخيرًا قائلة:
“إيلي، لقد وصلتِ أخيرًا.”
ورغم أنّ النبرة لم تكن تأنيبيّة، إلا أنّ إيلي تقلّصت في مكانها بلا إرادة منها.
قالت المديرة بعد ذلك:
“هذه السيّدة هي السيدة بيلوت.”
انحنت إيلي بخفةٍ احترامًا. فأومأت السيدة بيلوت برأسها، ثمّ أخذت تعاين إيلي من رأسها حتى قدميها، وحين وقعت عيناها على كاحليها، قطّبت حاجبيها قليلاً، لكنها تظاهرت بسرعةٍ وكأنها لم تلحظ شيئًا.
غير أنّ إيلي، التي لمحَت تلك النظرة العابرة، شعرت بخزيٍ مفاجئ، وتراجعت خطوةً إلى الخلف تخفي بها فستانها القصير.
كانت السيدة بيلوت تبدو ثريّة إلى الحدّ الذي يجعلها قادرة على ازدراء كلّ ما في الميتم، بل كلّ ما في هذا العالم أيضًا.
فستانها المخملي الداكن يلمع كأنه جديد، خالٍ من أيّ تجعيدة، والدانتيل الذي يزيّن أكمامه وحوافه كان دقيق النسيج إلى درجةٍ لا يُرى فيها الفراغ بين الخيوط. أما المجوهرات، فقد كانت تتدلّى على جسدها بكثرةٍ لافتة.
قالت المديرة غريفين:
“هذه هي إيلي سيرز التي حدثتُكِ عنها. إنها في مثل عمر ابنتك، وذكية جدًا. بخلاف باقي أطفال الميتم، فأصلها معروف وواضح.”
قالت السيدة بيلوت:
“أفهم… وجهها جميل. لكن ما أودّ معرفته هو إن كانت طمّاعة أم لا. أحتاجها كرفيقة حديث لابنتي، لا كابنةٍ أتبنّاها، لذا من المهمّ أن تعرف حدودها.”
همست السيدة بيلوت بجملتها الأخيرة وهي تميل بجسدها نحو المديرة. عندها نظرت المديرة إلى إيلي بنظرةٍ باردة وقالت:
“إيلي ليست طمّاعة، بل على العكس، هي متواضعة. لقد بادرت من تلقاء نفسها إلى العمل لتسديد ما تراه دينًا عليها للميتم.”
لم تهمس المديرة كما فعلت السيدة، بل نطقت الجملة بوضوحٍ متعمّد، وكأنها أرادت من إيلي أن تسمعها. احمرّ وجه الفتاة على الفور.
بدت السيدة بيلوت مرتاحةً بعد سماع تلك الكلمات، فاتكأت على ظهر الأريكة مبتسمةً ابتسامةً مصطنعة وهي تشير إلى إيلي بيدها.
“مرحبًا، إيلي. سررتُ بلقائك.”
تقدّمت إيلي بترددٍ نحوها، فوضعت السيدة يدها برفقٍ على خصر الفتاة وسألتها بنبرةٍ متأنّقة:
“إيلي، ما الشيء الذي تجيدينه؟”
نظرت إيلي نحو المديرة تستنجد بها بعينيها، لكنها لم تلقَ منها سوى نظرةٍ قاسيةٍ غاضبة، فتنفّست ببطءٍ وأجابت بصوتٍ خافت:
“أُغنّي جيدًا.”
وحالما قالتها، بدت وكأنها تشكّ في جوابها نفسه.
كانت إيلي تملك صوتًا جميلًا حتى أنّ الراهبات اللواتي نادرًا ما يُبدين الإعجاب قد اعترفن بحسنه، وكانت تتولى الغناء المنفرد في جوقة الكنيسة كثيرًا. ومع ذلك، راودها الشك في أن امرأةً راقية مثل السيدة بيلوت، التي لا بد أنها سمعت أروع الألحان، قد تُعجب بصوتها البسيط.
قالت السيدة بيلوت بابتسامةٍ لطيفةٍ قسرية:
“إذًا، هل تغنّين لي شيئًا؟”
كان صوتها ودودًا، لكنه يحمل في طيّاته أمرًا لا يُرفض، ما جعل إيلي تشعر بإهانةٍ مبطّنة، كأنها مجرد وسيلةٍ للتسلية.
لكن لم يكن أمامها سوى الطاعة، فخفضت بصرها إلى الأرض وبدأت تغنّي ترنيمةً قصيرةً كانت قد تعلّمتها في الدروس.
أصغت السيدة بيلوت في صمتٍ إلى صوت الفتاة، وما إن انتهت الأغنية حتى صفّقت بخفةٍ وهي لا تزال ترتدي قفازَيها الحريريين، وقالت بإعجابٍ متكلّف:
“صوتك جميل فعلًا، كما قالت المديرة. سيكون من الرائع أن تتعلّمي العزف على البيانو أيضًا.”
لكن إيلي لم تشعر بأيّ امتنانٍ لتلك الكلمات. كانت تلك المرأة تنظر إليها كما ينظر أحدهم إلى سلعة، بعينٍ تفحص وتقيّم. وكانت تلك النظرة التي طالما رأتها في الأثرياء تبعث فيها شعورًا عميقًا بالاحتقار.
فأطرقت رأسها دون رد.
ابتسمت السيدة بيلوت معتقدةً أن إيلي خجلت من المديح، ثم مدّت يدها لتجذبها برفقٍ وتجلسها على مسند الأريكة بجانبها، قائلةً بنبرةٍ عذبة:
“ينبغي أن أشرح لكِ، أليس كذلك؟”
كانت تفوح منها رائحة عطرٍ أجنبيٍ ثقيل.
قالت:
“إيلي، لديّ ابنٌ يبلغ الخامسة عشرة من عمره. إنه مريض، وقد استدعينا أكثر الأطباء مهارةً لكنهم لم يعرفوا سبب علّته. وعندما استشرت القس، قال إنّ علينا أن نُراكم الفضائل.”
رفعت بصرها إلى الصليب المعلّق على الحائط، ثم أضافت:
“لذلك قرّرتُ أن أضمّ أحد أبناء الله إلى بيتنا، لتكوني رفيقةً لابنتي. فهي في مثل عمرك. ما رأيك؟”
لم تُجب إيلي. اجتاحها غضبٌ حادّ جعل الكلمات تعلق في حلقها.
فالسيدة بيلوت لم تكن ترى فيها إنسانًا، بل شيئًا يُجرَّب من أجل ابنها المريض. وسيلةً أخرى من وسائلٍ كثيرة يمكن تجربتها. شعرت إيلي بإهانةٍ عميقة، رغم محاولات السيدة إخفاء نظرتها المتعالية.
قالت المديرة بصرامة:
“لمَ لا تُجيبين؟”
فتجمّدت إيلي على الفور، وأجابت بسرعةٍ آلية:
“أظنّ أنّ الأمر سيكون ممتعًا.”
ابتسمت السيدة بيلوت برضا:
“حسنًا إذًا، ابني ينتظرك في العربة عند البوابة، فاذهبي وألقي عليه التحية.”
ربّتت على كتفها بلطفٍ مصطنع، ثم مالت نحو المديرة تهمس لها:
“ابنتي بقيت في المنزل، أما ابني فحالته لا تسمح له بالحركة، لكنني ظننت أن رؤية فعلٍ من أعمال الفضيلة أمامه قد تُحدث تأثيرًا نفسيًا إيجابيًا. كانت رحلةً مرهقة جدًا.”
سمعت إيلي ذلك الهمس على الرغم من خفوت صوته، فاندفعت واقفةً من على مسند الأريكة وقالت برسمية:
“سأذهب لتحيّته.”
ثم خرجت وأغلقت الباب خلفها، وركضت نحو البوابة.
كانت الدموع تترقرق في عينيها وهي تمسحها بعنفٍ بأكمامها.
شعرت بالمهانة. كانت إيلي أرهف إحساسًا بكثير من أن تُخدع بالمظاهر، أذكى من أن تُخدَع برحمةٍ زائفة.
ما إن تماسكت حتى اقتربت ببطءٍ من العربة.
كان السائق غائبًا، فانتظرت قليلًا، وعندما لم يعد، طرقت الباب بلطف.
لم يأتِ أيّ رد. طرقت مجددًا، لكن دون جدوى.
غمرها إحساسٌ بالازدراء، ففتحت الباب فجأة.
وهناك، على المقعد الداخلي، رأت فتى أشقر ممدّد الجسد، يتنفّس بصعوبةٍ واضحة. رفع جفنيه ببطءٍ ناظرًا إليها، وساد بينهما صمتٌ غريب.
ثم ابتسم الفتى بخفةٍ وقال بصوتٍ مبحوح:
“هل جئتِ لتُنقذي روحي؟”
–
تابعو حسابي على الانستقرام @beecatchuu لمعرفة اخبار الروايات ومزيد من المحتوى 🩷
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
Chapters
Comments
- 5 منذ 15 ساعة
- 4 منذ 15 ساعة
- 3 2025-10-19
- 2 - الفصل الأول: هيفنلي هيل -التل السماوي- 2025-10-19
- 1 - المقدّمة 2025-10-19
التعليقات لهذا الفصل " 1"