1
يا الله، إني متأخرة في يومي الأول؟
هرعت خارج المنزل على عجل، في يمناي حملت حقيبتي، و في يسراي البريد الذي انتشلته من الصندوق حين خروجي، فتحت الظرف في الحافلة، خلوه من الاسم و العنوان أثار الريبة، لكن فحواه لم تكن مريبة، إنما بطاقة جميلة، وردية بزخرفة ذهبية، و في قفاه تاجٌ أنيق، وضعتها في حقيبتي، فالمدرسة الآن أكثر أهمية، فأول يوم في المدرسة الإعدادية، و لحسن حظي لست وحيدة كما ظننت، فأصدقاء طفولتي التحقوا بها أيضًا، لماذا توقعت الوحدة فيها؟ دعوني أخبركم عن مدرستي قليلًا، مدرسة الأميرة ريا هنري، هي مدرسة تم إنشاؤها ضمن مشاريع متعددة، كانت تحت إشراف الأميرة ريا، و هي الأميرة الأولى لمملكة آرين، و التي حسب معلوماتي توفيت قبل ثلاثة أعوام في حادثة سير، و لأننا في ليفارا لم يكن هناك اهتمام كبير بمدرسة لأميرة بلد آخر، إضافة لمنهاجها الكبير، فهي تضم مزيج من منهاجي ليفارا و آرين، و بعضها لا تثير اهتمام الليفاريين، أوه، للعلم، اسمي آرين، هذا يعطي لمحة عن سبب التحاقي بها، صحيح؟
انتهى يومي الأول بهدوء، أو هذا ما ظننت، ها أنا الآن عائدة مع صديقتي آنا، سرنا نتبادل الأحاديث، و إذ هي تشير للأرض أنني أسقطت مظروف البريد، انحنيت لالتقطه، و ما لم يكن في حساباتي و أفزعني، تلك القفزة على كتفي، تأوهت في نهوضي: “كتفاي هرستا يا معتوه، أجن جنونك؟” و كأنني أحادث حيوانًا، بل حائط أقرب للتشبيه، تجاهلني رأس الليمونة الغبي، “إنه يمازحك يا آرين، ألم تعتادي على ذلك بعد؟”، “ألأنه ابن خالتك تقولين هذا يا آنا؟ تالله إنه خفيف العقل!”، “كلامك في محله، فإن كنت تعين ذلك، فلم أفعاله تلاحقين؟ ها قد وصلنا مفترق الطرق، و لحديثنا تتمة فيما بعد يا عزيزتي”.
ودعت آنا و أكملت المسير، فتحت الظرف و أخذت أتأمل البطاقة و أتفحصها، ساعة؟ تحسستها بأناملي، و حدث ما لم يخطر في بالي، أحاق بي سنا منير، وجدت نفسي بعده في عالم جديد، و لصدمتي لم أفزع! سرت على غير هدى، تحملني أقدامي، كأن جسدي يقود بغريزته الطريق، أبهرني جمال البنى و القصور، و نضارة الأشجار و المروح، أهذا العالم الخلاب سراب أم بيان؟
سرت حيث نقلتني قدماي، و إلى باحة واسعة أوصلتني، مكتظة بالناس من كل الأعراق و الأجناس، جلت هنا و هناك أستكشف المكان، حتى شعرت بتربيتة خفيفة على كتفي، التفت لأجد آنا خلفي، حدقت لها باندهاش، و كلي تساؤلات، ابتسمت بخفة: “أهلًا بك في نيڤلسا يا آرين… حيث كل حلم حقيقة”.
في فجوةٍ بين الزمكان، وُجدت نيفلسا، عالمٌ من الخيال والأساطير، يحيط به الغموض، وتُجهل خفاياه.
ومفتاحُ الدخول إليها: بطاقاتٌ غامضة، لا يُعرف أصلها و منشأها، تربط بين ثلاثة عوالم:
كوكب الأرض في مجرة درب التبانة
نيفلسا
و كوكب ميماسيس في مجرة الدوامة
ومع ظهورِ البطاقات، فُتحت آفاقٌ واسعةٌ للاستكشاف؛ فتسرّبت الخرافاتُ والأساطيرُ الساحرة من كوكب الأصل (الأرض) إلى ميماسيس عبر نيفلسا بطريقةٍ مبهمة، لتغدو جزءًا من ثقافتهم و تاريخهم.
فأضحت نيفلسا أسطورةً يعرفها كلُّ راشدٍ و غلام، و بين العديد من التكهّنات حول الحقيقة، ظلّ سرّها مستترًا، لا يعرفه إلا قلّة من الناس.
“لذا ما تقولينه الآن، نيفلسا ليست محض أسطورة؟”، “و ماذا تظنين غير ذلك يا آرين؟ البطاقة و وجودك هنا يكفي دليل!”، “آه، هل انا احلم الان؟ اعلم اني هاوية اساطير و حكايات، لكن أن اراها في الاحلام؟”، “آرين، انه ليس حلم او محض خيال، انه واقع، نيفلسا حقيقة، و كنت أعلم عنها من قبل بالفعل”.
نظرت إليها باندهاش، تعلم عنها بالفعل؟ كيف ذلك؟ على مر العقود، لطالما كانت هناك تكهنات حولها، و لم نجد الجواب، فمن اين لها ان تؤكد وجودها قبل الان؟ سألتها باندهاش: “من اين لك هذا اليقين بوجودها سابقا؟”.
أشاحت أنظارها بعيدًا، فاتبعت الكلام و بها محقة: “آنا، يا آنا، ما الذي تخفينه يا حلوة؟”، و بلمحة استطاعت تغيير الموضوع: “انظري، راس الليمونة هناك”، أشارت على بعد أمتار، و راس الليمونة هو ليو، لكني لن أنخدع بذلك، “آنا، لا تغيري الموضوع، كيف عرفتي؟” و يبدو أن الحظ رفيقها، صدح صوت في الأرجاء، و على منصة طافية فوق الباحة، وقف مجموعة من الأشخاص، تراصوا في سطر واحد، و في مقدمتهم امرأة صهباء جميلة، استهلت الحديث:
“أهلا بكم في نيفلسا، أرض الحكايات المنسية و الأساطير، أنا إيلينا حاكمة نيفلسا، يسرني أن أرحب بكم أيها المستكشفون، لن نطيل الحديث كي يسنح لكم الوقت بالاستكشاف، لذا لنختصر المقدمات، و ندخل إلى قلب الموضوع”.
قالت هذه الكلمات، ثم في السماء تجمعت الأضواء الملونة التي بدأت بتشكيلها تسرد أسطورة نيفلسا، و حين انتهت، اتبعت الكلام:
“ظهور البطاقات أمامكم، أيها المستكشفون، تعني أنكم مميزون، فالبطاقات، و إن جهلناها، فنحن على يقين بأنها لن تختار أحدًا عبثًا. و الآن، هل نخبركم بما ستفعلونه؟ مهمتكم الأساسية هي تسريب القصص و الحكايات إلى كوكبكم، و التحقق من صحة بعضها، و بالطبع مراقبة أحداثها لتدوينها، و بالطبع، لتفعلوا ذلك، تحتاجون للتدريب، و هذا سبب وجود الأكاديمية! في عالم من السحر و الخيال، لا ضير من الاحتياطات و التدريبات، فالمغامرات قد تكون صعبة في بعض الأحيان، و هنا نوقف الكلام… أفصحوا عما رأيتموه لآبائكم، و خذوا الإذن بالالتحاق هنا، و في حال الرفض، ستعود البطاقات من تلقائها، و عند القبول، ستعلمون بقية التفاصيل هنا”.
و بهذا ختمت الكلام، و حينها سحبتني آنا هنا و هناك للتجوال، و ياله من رونق و جمال، هذا العالم أبهى مما ظننت، و أسمى مما شهدت، توقفنا بعد أن نالنا من التعب ما نال، و أمام مقهى جميل انتهى بنا المآل، دلفنا فوجدناه في ازدحام، و لكن آنا رفضت أن نغادر دون الراحة هناك، و بعينيها رصدت راس الليمونة الذي نراه في كل مكان، و بلا تأن داهمت طاولته و أخذت مكانًا:
“ماذا تفعلين يا مجنونة؟ أكل مكان أذهبه أراكما؟”،
“رؤيتنا شرف و بشرى يا رأس الليمونة، ثم ان هناك ازدحام، فدعنا نقاسمك الطاولة حتى نرتاح”،
“هل تسالين و قد جلستِ بالفعل؟ يا لها من آداب”.
لنقل الحقيقة بلا تغليف، آنا أخطأت، و الحق يقال، فنحن لا نعرف من مع ليو لكي نتطفل عليه، لكنه لم يُبدِ أي ردة فعل، و استمر في شرب شايه بهدوء، و هو يأكل البسكويت، كما لو لا شيء يحدث الآن.
“آنا، ليو لا يجلس وحده، و تطفلنا على صديقه غير لائق”، انتبهت آنا للفتى أمامها، ثم سألته: “هل تسمح لنا بمقاسمتكم الطاولة؟” و على عكس توقعي، أومأ بالسماح.
جلسنا بهدوء، لنطلب ما يمدنا بالطاقة للعودة، و لربع ساعة، لم يكف ليو و آنا عن المجادلات، و أنا و صديقه بينهما ع
القان، هو يقرأ كتاب، و أنا أحل الواجبات.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
Chapters
Comments
- 1 - نيفلسا 2025-07-29
التعليقات لهذا الفصل " 1"