“أنا لا أشعر بالبرد كثيرًا، ولا يوجد حولي من يقوم بمثل هذه الأشياء.”
“أفهم ذلك.”
أجبتُه، لكنني شعرتُ ببعض الأسى.
فمع التقدُّم في العُمر، لم أعد أرتدي مثل هذه الملابس، لذا فإنّ الثياب المحبوكة تُعدّ حكرًا على الطفولة تقريبًا.
وفي حالة دانتي، فهذا يعني أنّه حتى في طفولته، لم يكن هناك من يصنعها له.
‘سواءٌ كان السبب أنّهم اعتبروا هذه الملابس غير لائقة بوريث دوقيّة، أو أنّ الأجواء من حوله كانت تفتقر إلى الدفء العاطفي، فإنّ الأمر مؤلم في كل الأحوال.’
انعقد وجهي بالحزن من تلقاء نفسه.
وعلى عكس ما كنتُ أتعمّق فيه من تخيّلات حول ماضيه، يبدو أنّ دانتي كان ببساطة يُبدي فضولًا تجاه دمية محبوكة يراها للمرّة الأولى.
ثم سحب يده بهدوء وسأل:
“هل تُحبّين الحياكة أيضًا؟ أليست أسرع من التطريز؟”
“أعتقد أنّ المقارنة بين أيّهما يأخذ وقتًا أو جهدًا أكثر ليست بهذه البساطة.
أنا أحبّ أيّ شيء أستخدم فيه أصابعي، ولا أهتم إن استغرق وقتًا طويلًا.
فبقدر ما أُعطي من عناية، تكبر قيمة الإنجاز، أليس كذلك؟”
“قيمة الإنجاز، هه.”
همهم دانتي وهو يُربّت على ذقنه.
“هل يشبه ذلك تدريبي على المبارزة؟”
“بالنسبة لي، المبارزة تبدو أكثر غرابة. فأنت تمارسها في الهواء الطلق، وتتحرّك كثيرًا.”
تذكّرتُ يد دانتي القاسية.
إلى أيّ مدى تدّرب حتى أصبحت راحة يده، التي كانت لينة في السابق، صلبة كقطعة من الخشب؟
لكن دانتي، بخلاف توقّعاتي، نفخ وجنتيه وحرّك رأسه كأنّه شعر بالقشعريرة.
“أنا مَن أستغرب كيف تجلسين طوال الوقت. في الحقيقة، حتى في العربة كنتُ أشعر بالضيق ولم أستطع البقاء ساكنًا.”
“هاها، حقًا؟”
لا يبدو أنّه شخص سيتحمّل البقاء داخل عربة إذا كان يكره ذلك فعلاً.
‘لا بدّ أنه يقول هذا ليواسيني.’
أومأتُ برأسي وابتسمتُ بلُطف.
“صحيح. كلّ شخص مختلفٌ.”
على أيّ حال، بدا أنّ تنظيف الجرح فقط سيكون كافيًا.
فقد كان الجورب قد تمزّق وامتلأ بالدم، ولم يعُد صالحًا للارتداء. لذا مسحتُ بقع الدم المتبقيّة به ونهضتُ.
عندها، سألني دانتي، الذي كان يُراقبني وهو مكتّف الذراعين:
“هل لديكِ اهتمام بالمبارزة؟”
“همم، لا يُمكنني القول إنني كنتُ مهتمّة في الأصل.
لكن منذ أن خرجتُ إلى هنا، وأنا أشعر بالعجز، لذا راودتني رغبة في تعلُّمها.”
وليس فقط المبارزة، بل شعرتُ بحاجة إلى تحريك جسدي بشكلٍ عام.
فحتى عندما منعتني العربة من الذهاب لجلب الماء، كان ذلك لأنّهم ظنّوا أنّني لا أستطيع حمله.
ابتسمتُ بخجل وأثنيتُ على راحة يد دانتي:
“يداك بهذه الصلابة بسبب كثرة تدريبك على المبارزة، أليس كذلك؟ هذا رائع.”
“…….”
ظننتُ أنّه سيُقلّل من شأن الأمر، لكنّه أغلق فمه بصمت على نحوٍ غير متوقّع.
هل هو شعوري فقط، أم أنّ أذنه احمرّت قليلًا؟
أملتُ رأسي وسألته:
“سيّدي الدوق؟”
“الآنسة طيّبة القلب للغاية.”
“نعم؟”
بدا وكأنني قلتُ شيئًا خاطئًا، إذ استدار دانتي فجأة.
وأثناء ما كنتُ أُميل رأسي بتعجّب، تمتم فيبي بنبرةٍ غيورة من جانبي:
『دعيه، ليحتَرق غيظًا أو ليمُت وحده.』
لكنّ الحادث وقع فجأة.
“أوه، أوه؟”
عندما ضغطتُ على رأس فيبي بهدوء لأُشير له أن يصمت، تمايل جسده فجأة وسقط في الماء!
ومع تيّار الماء القوي، جُرف الدمية الصغير بعيدًا في لحظات.
صرختُ وقفزتُ لأندفع نحوه:
“فيبي…!”
” هذا خطرٌ عليكِ!”
لكن دانتي أمسك بخصري بشدّة.
حاولتُ التفلّت منه والقفز نحو الماء، وصرختُ:
“علينا إنقاذ فيبي! إنّه صديقي الوحيد!”
“إنه مجرّد دمية…”
“لكنّها… أمي هي من صنعتها!”
“ماذا؟!”
عند تلك الكلمات، اهتزّ جسد دانتي فجأة.
“……سأذهب أنا.”
“سيّدي الدوق؟”
أزاحني دانتي نحو حافة النهر، وبدأ بسرعةٍ في خلع سيفه ومعطفه.
“الآنسة، كما قلتِ، تحتاجين لتقوية جسدك أولًا. الآن ليس الوقت المناسب. سأُعيد إليكِ التنين الصغير.”
“لكن، أنا…”
كنتُ من أفلتها، أليس كذلك؟ شعرتُ بالذنب وتغيّر لوني إلى الأزرق من الحرج.
عندها، ابتسم دانتي بلُطف، كأنّه يُزيل الحمل عن كاهلي:
“إذا كنتِ تشعرين بهذا القدر من الذنب، فدرّبيني على الحياكة.”
“نعم؟”
“عندما أُعيد التنين، درّبيني على الحياكة كمكافأة.”
“أ… أعدك!”
ضحك بصوتٍ خافت، ثم قفز نحو أسفل الوادي مع مجرى المياه الهائج.
شبكتُ يديّ وأغمضتُ عيني بقوّة.
‘عد بخير، أرجوك.’
غرقت نظرة دانتي في لون قرمزي عميق.
ومع انجرافه خلف تلك الدمية الصغيرة، كانت كلمات إيفون ترنّ في أذنه:
〈لكنها… أمي هي من صنعتها!〉
صوتها المرتعش، ويديها المرتجفتين، وجسدها الصغير المترنّح… تذكّرهم جميعًا بوضوح.
‘قالت إنّها لا تملك عائلة، ولا تذكر شيئًا عنهم أيضاً.’
ومع ذلك، خرجت وهي تحتفظ بتذكارٍ من والدتها.
‘يبدو أنها حرصت على جلب هذا التذكار معها. ولكن أن يكون هذا التذكار دمية تنين؟’
لو كانت مجرّد نبيلة من شرق المملكة تعيش في رفاهية، لما اهتمّ.
لكن والدة إيفون كانت جنية. جنية حقيقيّة قادرة على استخدام السحر كما تشاء.
دمية حياكة صنعتها جنية؟ لا تبدو كمجرد غرض عادي.
‘هل هي مشحونة بسحر من خلال الخيوط؟’
لقد رأى دانتي سابقًا كيف كانت إيفون، في حالة سكر، تُضفي السحر على الإبرة.
مما جعل شعور الحذر في قلبه يتعاظم.
خاصةً أنّها لا تتذكّر ما يخص أمّها، وهذا ما يُثير الشكوك أكثر.
هل كانت تكذب؟ وإن كانت كذلك، فما مدى الكذب؟
‘……لكنّها لن تقدر على استخدام سحرٍ قوي. فلا أحد علّمها ذلك.’
رغم تسلّل القلق والريبة إلى قلبه، قاوم دانتي رغبة الشكّ.
لم يُرِد أن يُصدّق أنّ كلّ ما رأى منها من صدقٍ وبراءة كان مزيّفًا.
‘يجب أن أراقب أكثر أولًا.’
تنفّس بعمق وقال في نفسه:
‘……لكن أُراقب ماذا بالضبط؟’
فمن أمره بإحضارها كان وليّ العهد، بنتلي.
وإيفون هي الخصم الأقوى له في وراثة العرش.
من الطبيعي أن يُفكّر بنتلي في التخلّص منها، لقطع جذور الخطر.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 25"