اليوم الرابع في تربية الصغار
حسنًا، حسنًا، على أي حال لم تكن تملك الكثير من المدخرات في حياتها السابقة في المجتمع الحديث،
فقد استثمرتها كلها في افتتاح ذلك المتجر الصغير.
ظنت أن ثمرة كفاحها لسنوات ستضيع بهذه الطريقة البائسة، فكيف لا تتحسر؟
هي لم تكن شخصًا كريمًا بطبيعتها. رفعت يدها تلقائيًا تتحسس جبهتها،
حتى وهي داخل الفضاء الواعي الخاص بها (المتجر الصغير)، لا زالت تشعر بألم الجرح في جبهتها.
لم يكن قد تعافى بعد، لذا كانت تضع عليه شريطًا ممزقًا من قماش إحدى الثياب.
اتجهت بخطوات ثابتة نحو رفوف أدوات الإسعاف، حيث كانت تضع الضمادات والشاش.
لحسن الحظ، عندما فتحت المتجر فكّرت أنه كلما تنوعت البضائع كان أفضل، فاشترت كل ما خطر على بالها. المتجر كان مليئًا بكل شيء.
بدّلت الضمادة على جبهتها، ثم راحت تبحث عن أشياء قد تكون مفيدة ويمكنها أخذها معها للخارج.
خرجت من المتجر، لتجد أن السقف الطيني قد حجب عنها نور القمر بالكامل، كل شيء مظلم تمامًا.
بينما كان المتجر في الداخل لا يزال مضاءً كما لو كان نهارًا! يا ترى، هل يتصل بالكهرباء أيضًا؟
تذكرت زوجة العم التي دفعت المالكة السابقة حتى الموت.
التفتت لتنظر إلى الأطفال الثلاثة النائمين بجانبها، لم تستطع رؤية أي شيء بوضوح.
نهضت بخفة من السرير، ثم وقفت عند حافته، وعادت إلى فضاء المتجر مجددًا. أضاءت شمعة هناك،
ثم عادت للخارج وهي تحملها بيدها.
نظرت إلى الأطفال الثلاثة النائمين بعمق، ثم مشت على أطراف أصابعها نحو الباب، فتحته بهدوء، وخرجت.
في الخارج، كان ضوء القمر يتساقط كستار من الفضة على الأرض،
والقرية الصغيرة هادئة تمامًا، لا يُسمع سوى نقيق الضفادع وزقزقة الحشرات، مما أضفى شعورًا بالدفء والرفقة.
أغمضت عينيها قليلًا، ثم بدأت تمشي نحو غابة الخيزران.
بعد بضع دقائق، عادت وهي تمسك بثعبان أخضر طويل في يدها-ثأرًا لروح المالكة السابقة التي استولت على جسدها،
لم يكن من المعقول أن تتجاهل ذلك، فكان لا بد من تصفية الحسابات.
بخطوات خفيفة مليئة بالرضا، فكرت: إن خرجت زوجة العم من هذه سالمة… فلتعتبر نفسها محظوظة.
وبعد أن أوصلت “الهدية”، عادت “لين تشوشيا” تمشي على الطريق الريفي، وبينما تمر بأحد الأحراج،
سمعت صوت رجل وامرأة. عبست وجهها على الفور، وأسرعت في المشي كي لا ترى ما لا يجب رؤيته.
عندما عادت إلى كوخ الطين الصغير خاصتها، فتحت الباب وأغلقته بصمت، دون أن توقظ أيًّا من الأطفال النائمين.
استلقت بجانبهم وغفت سريعًا. لعلها أحسّت ببعض الراحة بعد تصفية حساباتها، فنامت بهدوء.
في اليوم التالي
استيقظت على سقف الطين فوق رأسها، نظرت يمينًا ويسارًا، فرأت الأطفال الثلاثة ينامون إلى جوارها.
عندها تذكرت متجرها الصغير، وشعرت بالطمأنينة: لن تقلق بشأن إطعامهم الآن.
لكن… ملاحظة: الزمن داخل المتجر متوقف، لذلك البضائع لا تفسد.
إلا أن الاعتماد فقط على ما بالمتجر ليس حلًا دائمًا.
عليهم التعوّد على العمل، وإلا سيفسدون ويتكلون على غيرهم.
الهروب من القرية مستحيل حاليًا، فهي لا تملك وثائق أو خطابات توصية، وإن غادرت للمدينة فستُعامل كمتشردة، وقد تُباع.
مدّت يدها وربّتت على رؤوس الأطفال الثلاثة بلطف. بحسب أحداث الرواية، فإن والدهم سيموت أثناء أداء مهمّة،
وهي… لن يكون لديها مكان تذهب إليه. هل أصبحت أمًّا دون ألم الولادة؟
هؤلاء الصغار الأشرار، لديهم القدرة على أن يصبحوا أثرياء مستقبلًا.
في هذه الحالة، ألا تستطيع هي أن تعيش مرتاحة في ظلهم؟
**
الأخ الأكبر، “شيه هونغ تشو”، حلم في تلك الليلة بأنه أصبح “خنزيرًا أحمر صغيرًا”
ذلك الخنزير الذي ذكرته “المرأة الشريرة” في قصتها.
كان يركض في المنزل بسعادة.
لكن…
عندما خرج، وجدته خنازير سوداء تبتعد عنه باحتقار:
“ابتعد عنا، أيها الخنزير الأحمر!”
“نحن لا نلعب مع خنزير مريض مثلك!”
قال الخنزير الأحمر بتردد:
“أنا… أنا لست مريضًا، أمي قالت إنها ستأخذني لمملكة الحيوانات، وسنجد جوهرة تشفي كل الأمراض!”
لكن الخنازير السوداء سخروا منه:
“ارجع بعد أن تُشفى، هه!”
شعر بالخجل والانكسار، ووقف في الزاوية بعينين محبطتين، يتمنى لو يذهب فورًا بحثًا عن الجوهرة.
عاد إلى منزله وقال لأمه:
“أمي، أريد الذهاب إلى مملكة الحيوانات.”
تفاجأت أمّه ونظرت إليه بعينين واسعتين:
“لماذا يا بني؟ مملكة الحيوانات بعيدة جدًا، والأم مشغولة، لا تستطيع الذهاب.”
“لا بأس، أستطيع الذهاب وحدي. لقد كبرت.”
سألته أمه:
“ولِمَ تريد الذهاب؟”
أجاب بحماسة:
“لأجد الجوهرة، حتى أشفى وألعب معهم مثلهم!”
أحسّت الأم بالحزن، فربّتت على رأسه وقالت:
“حسنًا، عندما تنتهي أمي من أعمالها، سنذهب سويًّا.”
فأومأ برأسه بسعادة، وكل يوم ينتظر بفارغ الصبر.
لكن يومًا بعد يوم، كانت أمه تردّ عليه بنفس الجواب:
“اليوم أيضًا مشغولة، ربما غدًا…”
حتى خبت عيناه وبدأت الأمل يتلاشى.
وفي صباح اليوم التالي، بينما كان على وشك البكاء، أحسّ بلمسة دافئة على رأسه.
ربما الأطفال الثلاثة قد استيقظوا… أو أنهم أحسّوا بشيء.
فتحوا أعينهم. نظرة أولى: حيرة. نظرة ثانية: صدمة. نظرة ثالثة: ارتباك.
تنوعت تعبيراتهم لدرجة أن “لين تشوشيا” كادت أن تصفّق لهم، هؤلاء لو دخلوا عالم التمثيل، سيكونون نجومًا… أو لنقل “نجوم أطفال”.
أما “هونغ تشو”…
فنظر إليها بعينين دامعتين، جعلتها تتساءل إن كانت قد أساءت إليه دون قصد.
“لا تبكِ، صغيري.”
قالت وهي تربت على رأسه، تملأها الشفقة.
لكنه ضرب يدها بغضب، ثم مسح دموعه بكمه.
“المرأة الشريرة لم تساعدني في الحلم! كانت أمي الخنزيرة السوداء شخصًا آخر، وليست أنت!”
كان غاضبًا ومحبطًا… لكنه لم يعرف لماذا شعر بالظلم.
“انهضوا، اغسلوا وجوهكم وأسناتكم. سنُعدّ عصيدة البطاطا الحلوة على الفطور. ومن لا ينهض، فلن يأكل!”
قالتها بنبرة مرحة، تمزج بين المزاح والجد.
لا بدّ من أن يأكلوا جيدًا، ليصبحوا أطفالًا أقوياء وممتلئين صحة.
في الواقع، كانت تحب الأطفال.
رغم نحافتهم ووجوههم الصفراء، قلوبهم لم تفسد بعد. إن كانوا سيصبحون أشرارًا، فبسبب ما عانوه.
ما إن سمعوا ذلك حتى قفزوا من أسرتهم، وأعينهم لم تفارقها.
“ماذا تنتظرون؟”
قالت وهي تلاحظ نعالهم البالية. نسيت أن تحضر لهم ملابس ونعال جديدة،
رغم تجهيزها للفرشاة والمعجون والمنشفة.
أما الثلاثة الصغار، فلم يعرفوا ما معنى غسل الوجه أو الأسنان! لم يسبق لأحد أن أعطاهم فرشاة أو منشفة. كانوا يتشاركون منشفة قديمة ممزقة.
آه، كم آلمها قلبها عليهم.
فدخلت تحت السرير وأخرجت صندوقًا خشبيًا صغيرًا.
عندما رأى الأطفال ذلك، ذُهلوا-هل أخرجت عصا لتضربهم بها؟!
فهبّ الأخ الأكبر لحماية أخويه، وتحرك نحو الباب.
لكن كل ما فعلته هو أنها سحبت الصندوق أمامهم.
“هذا هو جهاز العروس الذي كنتُ أخفيه.لولا أن ابنة عمي رفضت الزواج من والدكم ووصفتكم بالأولاد الأشرار، لما كنت هنا الآن.”
تنهدت وقالت:
“أبوكم غادر في أول يوم من زفافنا، وتركني وحيدة. وابنة عمي استمرت في بث السموم عنكم.”
بدأت بتحويل العداء نحو ابنة العم، لا يمكنها أن تبقى على هذا الوضع طوال الوقت، فالحياة ما زالت طويلة.
رفعوا رؤوسهم ينظرون إليها ثم إلى الصندوق، وتساؤلاتهم تعلو.
“لسنا أولادًا أشرار!”
قالها الأخ الأكبر غاضبًا.
“أعرف ذلك. كانت تلك أكاذيب ابنة عمي. تعالوا، لديّ كنز صغير لكم، لكن ستساعدوني بعده في الأعمال المنزلية، اتفقنا؟”
عندها فقط تذكّرت سؤالًا غريبًا:
لماذا عليها أن تتمسّك بدور المالكة السابقة للجسد؟!
هي لا تملك نظامًا يراقبها!
نعم!
حتى لو تغيّرت، من سيجرؤ على اتهامها بأنها تلبّسها روح شريرة؟ نحن في زمن مضطرب، من يجرؤ على قول مثل هذا… سيتعرض للتلقين والتأديب!
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
يـــــــــــــتبع
لا تنسوا الضغط على النجمة أسفل الفصل
وترك تعليق لطيف
..
انستا: mary.kimi01
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعليقات لهذا الفصل " 4"