في تلك اللحظة، لم تكن “لين تشوشيا” تعلم بعد.
كانت تحتضن “سان زاي” الصغير بين ذراعيها، هذا الطفل الخجول الضعيف يحتاج إلى رعاية حساسة لأنه أكثر رقةً وشفافية من غيره.
كانت “لين تشوشيا” تدرك تمامًا أن تربية الأطفال لا تقتصر على إطعامهم وسقيهم فقط،
بل الأهم هو العناية بعالمهم الداخلي.
يجب أن تعلم أن أولادها الصغار يملكون في المستقبل الإمكانيات ليصبحوا أشرارًا كبارًا محتملين!
قالت له بصوت شبه مدعٍ للحزن:
“سان زاي، ماما صارت مجتهدة جدًا، كل صباح تستيقظ لتحضير الإفطار لكم، وبعدها تذهب لقص عشب الخنازير،
ثم تغسل الملابس، وفي الظهر تطبخ لكم الطعام، تقطف الخضروات، تطهو الأرز، وتغلي الحساء… أوه، ماما تشعر أنها متعبة جدًا…”
لين تشوشيا – الممثلة العاطفية الصغيرة – نفخت وجنتيها بتظاهٍ بالحزن وهي تحتضن طفلها، وكأنها تقول له: عليك أن تتعلم تقدير تعب الكبار، تفهم؟ يا سان زاي.
“سان زاي” كان ينظر إلى “لين تشوشيا” بصمت، عينيه الممتلئتين بالدموع تحدقان فيها، ومدّ يده الصغيرة تلقائيًا ليمسح ذلك الحزن من وجهها.
لكنه، ولسببٍ ما، لم يشعر فعلًا بتلك المشاعر الحزينة من “لين تشوشيا”، مما جعله يشعر بشيء من الحيرة.
نظر إليها باستغراب، أراد أن يتكلم، لكنه لم يعرف ما يقول، وبعد تفكير طويل، خرجت منه عبارة طفولية ناعمة متقطعة:
“أنا… أنا… ماما، لا تحزني، سان زاي… مطيع…”
وما إن ناداه بـ”ماما”، حتى اختفى ذلك الحزن المصطنع على وجه “لين تشوشيا”، ليحل محله ابتسامة مشرقة مفعمة بالسرور،
فأخرجت على الفور حلوى المصاصة الضخمة وسلمتها له.
“رغم أن ماما متعبة، لكن سان زاي كان ممتازًا جدًا! يساعد ماما دائمًا في الأشغال، هذه مكافأة لماما لسان زاي الحبيب!”
كانت المصاصة كبيرة جدًا، أكبر حتى من كف “سان زاي” الصغيرة، وقد شعر بثقلها عندما أمسك بها، كادت أن تسقط منه، فأمسكها بكلتا يديه بسرعة.
فتح فمه الصغير بدهشة كأنه يقول “واو، هذه ضخمة جدًا!”
قالت له “لين تشوشيا” مبتسمة:
“سان زاي، نادي ماما مرة أخرى، ما رأيك؟”
ثم احتضنته برفق، وهمست في قلبها: ما زال بحاجة لأكل المزيد كي يكتسب وزنًا.
لين تشوشيا، الأم بلا ألم الولادة، كانت في البداية ترى أن تربية الطفل الشرير وتهذيبه قد تجنبها انتقامه في المستقبل
لكنها الآن، وقد باتت على يقين أن “شيا جينغ مينغ” لن يعود، ولم تكن تخطط أصلًا للزواج والإنجاب،
بدأت ترى أن هؤلاء الصغار الثلاثة… في الحقيقة، لطيفون للغاية، أذكياء، ومحبون للفهم…
لكنها لا تزال غير متأكدة من نوع العلاقة التي تجمعهم.
“ماما.”
قالها “سان زاي” الذي كان يفرح بالحلوى التي نالها للتو، بلهجة أكثر ارتياحًا،
ولم يعد يتوجس من “لين تشوشيا” كما في السابق، فناداها بخفة.
ابتسمت “لين تشوشيا” وهي تلتصق بخده، ثم بدأا يتحدثان عن أشياء مثل:
ما الذي تحب أن تأكله؟ وغيرها من مواضيع الأطفال.
أما “دا زاي”، الذي كان يقف عند باب الغرفة يشاهد هذا المشهد، فقد وضع رأسه على إطار الباب.
رغم أنه يعلم أنه الأخ الأكبر، ويجب أن يكون ناضجًا ويعتني بإخوته، إلا أنه، في النهاية،
لا يتجاوز الخامسة من عمره، وفي زمننا الحالي لا يزال في روضة الأطفال.
في الواقع، مقارنة بـ”إر زاي”(طفل ثاني) و”سان زاي”(طفل ثالث)،
فإن “دا زاي”(طفل اول) المتعجرف هو الأكثر وعيًا بتغيّر “لين تشوشيا”، وهو يعلم أنها تحسّنت، بل بات على استعداد لمسامحتها وقبولها.
لكن، لأن كبرياءه يمنعه من البوح، فقد ظلّ يكبت مشاعره داخل قلبه.
الآن، عندما رأى أن “لين تشوشيا” لا تحبه كما كانت تقول، بل يحب “إر زاي” و”سان زاي” أكثر، شعر بالألم.
لو أنه عاش في ظلمةٍ دائمة، ولم يذق طعم النور من قبل، ولو لم يتلقَ أي لحظة حنان من “لين تشوشيا”، لما شعر بهذا الألم.
لكن الآن…
كانت مرارة غير مرئية تملأ قلبه، تنتشر من قلبه إلى كل خلايا جسده، كأنها تيار من الحزن الحاد.
ومع تصاعد المشاعر، انفجر خيط من الانهيار داخل روحه، واحمرّت عيناه على الفور.
لم يجرؤ “دا زاي” على القيام بأي حركة، خشي أن يراه “إر زاي” ويظنه ضعيفًا، فاستدار وركض إلى داخل المنزل بخطاه الصغيرة.
لكنه، بسبب تعوّده على ما وفرته له “لين تشوشيا”، لم يعد إلى الغرفة المظلمة القديمة التي كان يسكنها،
بل عاد إلى الغرفة التي اعتاد النوم فيها مؤخرًا، واندسّ فيها دون أن ينطق بكلمة، ووجهه إلى الحائط، لا يجرؤ على البكاء بصوت مرتفع.
كان “إر زاي”، الذي اختبأ خلف الباب، يمسك بحلوى المصاصة بين ذراعيه، ويراقب “لين تشوشيا” بخفة،
يتأكد ما إن كانت قد آذت “دا زاي”.
لكنه فكّر، أخي لن يصيبه مكروه، ربما هو فقط نعس.
“إر زاي”، الذي اعتاد النوم ظهرًا، شعر هو الآخر بالنعاس وتثاءب، لكنه أصرّ على البقاء لحماية شقيقه، فقد قرر أن يكون هو سند العائلة، الرجل الصغير.
رغم أن “سان زاي” لا يتحدث كثيرًا، إلا أن “لين تشو شيا” بقيت تدردش معه لفترة، وشعرت بأن العلاقة بينهما تحسنت كثيرًا.
“هيا بنا، حان وقت قيلولة الظهيرة، وإلا فلن تكبر وتطول القامة، فهمت؟”
تنشئة العادات الجيدة للأطفال، شرط أساسي لنموهم السليم.
وعندما عادت “لين تشوشيا” إلى داخل المنزل ومعها “إر زاي” و”سان زاي”، رأت “دا زاي” قد تمدد بالفعل على السرير، فظنت أنه قد نام.
لكن “لين تشوشيا”، التي لم تُرزق بأطفال من قبل، لم تكن تفقه شيئًا عن علم نفس الأطفال، وإضافة إلى ذلك،
فإن “دا زاي” كان يتصرف بجدية بالغة تفوق عمره، ولهذا مالت برأسها وخاطبت الآخرين بهدوء:
“شش… بهدوء، أخوكم نائم.”
وفي الحقيقة، “دا زاي” كان قد نام فعلًا، بعد أن أنهكته دموعه، وقد استدار بجسده بعيدًا عنهم، فكان وجهه غير مرئي.
صعد “إر زاي” و”سان زاي” إلى السرير بحذر، ولحسن الحظ أن السرير كان واسعًا بما يكفي.
وعند حوالي الساعة الثالثة، استيقظت “لين تشوشيا”.
على الجدار الفارغ في غرفتها، علّقت ساعة حائط أخذتها من المتجر الذي تملكه (في عالمها)، فهناك الكثير منها على أي حال.
أما في الصالة، فلم تجرؤ على تعليق شيء لتجنّب إثارة الشبهات، واكتفت بالمصباح الكبير،
وبمصباح طاولة صغير أصفر اللون، مناسب للإضاءة حين لا يزال أحد نائمًا.
رغم أن سقف البيت من ألواح زجاجية شفافة تسمح بمرور بعض الضوء، إلا أنها ليست كافية.
لذلك، أخرجت “لين تشوشيا” مصباح الطاولة ذاك ليضيف لمسة من الدفء والراحة إلى الغرفة.
نظرت إلى الأطفال الثلاثة النائمين، فلم تُرد أن توقظهم. ففي النهاية، ما عدا حشائش الخنازير صباحًا والغسيل،
لم يكن عليها سوى الطهي صباحًا وظهرًا ومساءً. فمثلاً،
يكفي في الصباح أن تُحضّر بعض الخبز على البخار وتُذيب مسحوق الحليب، والباقي من اليوم ممل إلى حدٍّ ما.
لا هواتف، لا تلفاز… لا أي وسيلة ترفيه، وجلّ ما تفعله هو الجلوس على كرسي صغير تنظر إلى الأفق الريفي البعيد.
لكنها لا يمكن أن تذهب للحقول لمجرد أنها تشعر بالملل… ففكرت:
لمَ لا أذهب إلى النهر لأصطاد بعض السمك؟
الحياة المملة دائمًا تحتاج إلى شيء لقتل الوقت، لكن إن كان ذلك الشيء هو العمل، فإن “لين تشوشيا” تستبعده مباشرة من القائمة.
يجب أن تكون فقدت عقلها لتتخذ قرارًا أحمقًا مثل هذا.
لذلك، فكرت في الأنشطة الترفيهية التي قد تساعد على تمرير الوقت. لقد جربت من قبل القفز بالحبال،
وسباق السيارات، وغيرها من الرياضات الخطيرة، لكنها نادرًا ما جربت الأنشطة الترفيهية الهادئة.
وفي هذا الجو النقي والجميل، نهضت “لين تشوشيا” بحماس لتنفيذ فكرتها: صيد السمك! فبدلاً من البحث عن صنارة،
قطعت غصنًا من الخيزران ليس سميكًا ولا نحيفًا، وتذكرت شكل الصنارات التي رأتها في حياتها السابقة،
فقصّت الغصن بنفس الطول تقريبًا. وأما الخيط… فقد بحثت طويلًا، وأخيرًا وجدت خيطًا بلاستيكيًا يشبه خيط الصيد
على الأقل من حيث الشكل – لكن بالتأكيد لم يكن مخصصًا للصيد.
طالما أنه يؤدي الغرض، فلا بأس! لكن المشكلة كانت في الطُعم. “لين تشوشيا” لم تستطع التعامل مع الديدان،
فاضطرت للعودة إلى متجرها تبحث هنا وهناك، يا إلهي، هل سيتوقف حلم صيد السمك عند أول خطوة فقط؟
جلست على الكرسي الصغير تلاعب بعصا الصيد، شفتيها مضمومتان، تفكر مطولًا دون أن تجد بديلًا للديدان، وتتنهد في كل مرة تفشل فيها.
وفجأة، جاء صوت طفولي ناعم من خلفها:
“ماذا بكِ؟”
استدارت “لين تشوشيا” لا شعوريًا، فرأت “إر زاي” يقف خلفها، في عينيه لمعة من القلق والاهتمام،
ظنًّا منه أن “لين تشوشيا” لا تزال حزينة بسبب ما قالته في وقتٍ سابق:
> “سان زاي، ماما صارت تجتهد كثيرًا، تستيقظ باكرًا كل يوم لتحضير الإفطار لكم، ثم تذهب لقصّ عشب الخنازير،
ثم تغسل الملابس، وفي الظهر تطهو، وتقطف الخضروات، وتطبخ، وتغلي الحساء… أوه، ماما متعبة جدًا…”
في الحقيقة، شعر “إر زاي” أن هذا الكلام لم يكن موجّهًا إلى “سان زاي” فقط، بل له هو أيضًا.
فهو يعلم أن تربية ثلاثة أولاد، وفق هذا النمط من الطعام والشراب – لحم، وبيض، وحليب – تتطلب الكثير من المال.
وكان يعرف أيضًا أن جدّتهم الكبرى جاءت من قبل وأخذت راتب والده ومخصصاته، وكان هو وإخوته قد رأوا ذلك،
بل وتم توبيخهم وضربهم بسبب هذه الحادثة…
قال “إر زاي” بصوته الطفولي الرقيق المملوء بالقلق والنية الطيبة:
“هل هناك شيء أستطيع مساعدتك فيه؟”
فهو لم يعد ذاك الطفل ابن الثلاث سنوات، ويشعر أنه يستطيع المساعدة الآن.
ضحكت “لين تشوشيا” بسخرية خفيفة، وقالت وهي تنظر إليه:
“هاه، وماذا ستفعل أنت؟”
لكنها شعرت بالدفء والشفقة تجاهه. يا له من طفل لطيف وحنون، تصرفه هذا جعلها تبتسم رغم نفسها.
أجابها “إر زاي” بسرعة، وكأنه يخشى أن تسيء فهمه:
“أنا… أنا أستطيع كل شيء! أستطيع قصّ عشب الخنازير، وغسل الصحون، وتنظيف الأرض…”
حاول بكل ما أوتي من طاقة تذكّر كل الأعمال التي يجيدها، فقط ليُثبت لها أنه وإخوته ليسوا عبئًا،
ولا يريدون أن تعود كما كانت من قبل.
نحن طيبون، مجتهدون، وأبناء بارّون، صدقيني!
قالت له “لين تشوشيا” وهي تضمه:
“نعم نعم، إر زاي هو الأفضل. ماما كانت تريد الذهاب لصيد السمك، لكن لا يوجد طُعم، الأمر صعب جدًا…”
فكّر “إر زاي” بكلمة صيد السمك، وكأنها أيقظت ذاكرة قديمة، ثم تمتم بصوت خافت:
“د… ديدان الأرض؟”
صرخت “لين تشوشيا” على الفور وهي تلوّح بيديها نافيًة الفكرة:
“لا لا لا، مقزز جدًا! ماما لا تحب هذا النوع من الأشياء.”
ثم تمتمت في داخلها، لا يوجد حتى من يبيع السمك في هذا المكان، كم تشتاق للمأكولات البحرية… شِواء المأكولات البحرية لذيذ جدًا…
آه، متى سأستطيع أكلها مجددًا؟
انكمشت ملامحها من الحزن.
وفي تلك اللحظة، استطاع “إر زاي” أن يشعر حقًا بالحزن في قلب “لين تشوشيا”، وبعد أن فكر قليلًا،
استنتج استنتاجًا نهائيًا: إنها خائفة من ديدان الأرض!
وما إن توصّل إلى هذه النتيجة، حتى بدت على وجهه علامات الاستغراب: ما المخيف في ديدان الأرض؟!
فقد كان هو و”دا زاي” قد التقطوها من قبل لإطعام بط الجارة العجوز، وكانت تعطيهم بالمقابل خضروات طازجة مثل الخيار، يسدّون بها جوعهم.
قال بحماس رافعًا صدره الصغير بثقة:
“أنا… أنا أستطيع ذلك!”
رفع رأسه، ووقف كالرجال الصغار، ليخبر “لين تشوشيا” أنه سيهتم بالأمر.
نظرت إليه “لين تشوشيا” وقالت بإصرار:
“لا، لا، ديدان الأرض ليست ممتعة أبدًا، وهي مقززة، وماما تحب إر زاي النظيف الجميل.”
ثم تراجعت عن فكرة الصيد تمامًا. أما صيد الأسماك بيدها… آه، لحظة! أليست هناك شبكة صيد؟
لكنها فكرت، إذا كانت قد خطرت ببالي، فلا بد أنها خطرت بباقي الشيوخ في القرية أيضًا.
وبعد تردّد طويل، قررت التراجع، وقالت لنفسها: الصيف قد حلّ، وتذكّرت أن عند سفح الجبل توجد بستان بري مليء بالفواكه البرية، لمَ لا أذهب لجمع بعضها؟
فكرة ممتازة!
الإكثار من أكل الفواكه، يعزز من الفيتامينات، ويجمل البشرة ويزيد الإشراق…
“هيا، ماما ستأخذك لقطف الفاكهة.”
قالت “لين تشوشيا” وهي ترفع “إر زاي” بين ذراعيها،
وما إن همّت بأخذ السلة والخروج من الباب، حتى كان “سان زاي” قد جلس بجانب “إر زاي” على عتبة الباب، ينتظرها.
نظرت “لين تشوشيا” إلى “سان زاي” باستغراب، ثم التفتت وألقت نظرة على الغرفة، بعدها سألت بصوت خافت:
“سان زاي استيقظ؟ وأين دا زاي؟ هل لا يزال نائمًا؟”
“نعم.”
أومأ “سان زاي” برأسه مطيعًا، كان فخورًا بنفسه لأنه عندما استيقظ، لم يوقظ أخاه، هو رائع حقًا.
ذهبت “لين تشوشيا” لتتفقد الغرفة، ووجدت “دا زاي” لا يزال نائمًا، يقبض يده الصغيرة كأنّه يحلم حلمًا فيه شيء من الحزن والغضب،
مما جعلها تبتسم بلا حول ولا قوة.
أخرجت مصاصة كبيرة ووضعتها بجانب وسادة “دا زاي”، دون أن توقظه، ثم خرجت مع الطفلين لقطف الفاكهة، على أن تعود سريعًا.
أخذت سلة صغيرة، وخرجت مع الطفلين. كل واحد منهم كان يعتمر قبعة من القش، وسار الثلاثة معًا باتجاه بستان الفاكهة البري.
في الواقع، لا يمكن تسميته “بستانًا”، بل مجرد بضع شجيرات فاكهة برية. لكن بما أنها كانت حامضة وقابضة جدًا،
فلم يكن أهل القرية يحبونها، ولهذا كانت لا تزال مليئة بالثمار، ما أتاح لـ”لين تشوشيا” فرصة الاستفادة منها.
عندما وصلت “لين تشوشيا” تحت الأشجار، رفعت رأسها، فرأت البرقوق البري قابلاً للقطف باليد مباشرة،
وكان هناك أيضًا توت العلّيق…
ليس سيئًا، يمكن غليه ليصبح عصيرًا لذيذًا.
لكنها لم تأكل الثمار مباشرة وهي غير مغسولة، بل كانت تقطفها وتعطيها للأطفال ليضعوها في السلة.
…
في هذا الوقت، استيقظ “دا زاي” في المنزل، فوجد المكان هادئًا تمامًا. رأى المصاصة الكبيرة بجانب وسادته،
لكنه ظن أن “إر زاي” أو “سان زاي” نسوها هناك، أو أنهم خبأوها وسقطت بالخطأ.
لم يخطر بباله أبدًا أنها أُعطيت له خصيصًا.
المنزل الهادئ أعطاه شعورًا غريبًا بالفراغ. رغم أن “دا زاي” لا يعرف ما معنى “الفراغ” بعد، لكنه يعرف ما هو “عدم السعادة”.
نهض من سريره، ونادى:
“إر زاي؟ سان زاي؟”
ولم يرد عليه أحد. فتّش المنزل كاملًا، ولم يجد أحدًا، حتى “تلك المرأة الشريرة”، لم تكن موجودة.
تذكّر ما حدث في الظهيرة، وتساءل:
هل لأنها لم تسمعني أناديها “ماما”، قررت أنها لا تحبني بعد الآن؟
شعور خفيف بالحزن تسلل إلى قلبه، شعر بالظلم والخذلان.
هو، هو… ليس أنه لا يحبها، فقط… فقط…
ظل يقنع نفسه بأفكار كثيرة، إلى أن صرخ فجأة بأعلى صوته:
“ماما!”
ثم ركض إلى الحديقة ليرى إن كانت هناك.
لم يجد أحدًا بجانب الساقية أيضًا. مؤخرًا، كانت “لين تشوشيا” تخبرهم دائمًا إذا أرادت الخروج،
وغالبًا ما تبقى بالمنزل بعد الظهر. الآن، لم يخطر له إلى أين يمكن أن تكون قد ذهبت.
كان في قلب “دا زاي” بذرة من الاعتماد على “لين تشوشيا”، لم يدركها بنفسه، لكنه بات يعتمد عليها دون وعي.
جلس على عتبة الباب، ملامحه حزينة.
طفل في الخامسة من عمره، يجلس هناك بأسى، ينظر إلى الأفق، وعيناه لا تجدان من يبحث عنه.
خفض رأسه، وبدأ يلوم نفسه بصمت على الطريقة التي تعامل بها مع “لين تشوشيا”.
تلاشت صورة “لين تشوشيا” القديمة (الأصلية) من ذاكرته تدريجيًا، وحلّت محلها صورة هذه “لين تشوشيا” الجديدة:
تحمله، تقول له إنها تحبه، تطبخ لهم اللحم والبيض والحليب، وتشتري لهم الملابس والأحذية…
كلما فكّر في ذلك، ازداد احمرار عينيه، وكلما سمع صوتًا بالخارج، رفع رأسه ليرى، لكنه لم يجد وجهًا مألوفًا.
خفض رأسه مجددًا، وقد غمره الحزن والوحشة. كانت شمس الظهيرة تميل إلى الغروب، والظل يمتد نحو البعيد.
كلما طال الانتظار، ازداد شعور “دا زاي” بالخوف والوحدة.
هل من الممكن أن يكون قد حدث شيء لتلك المرأة الشريرة و”إر زاي” و”سان زاي”؟ إلى أين ذهبوا؟
في هذه اللحظة، كانت “لين تشوشيا” عائدة، تحمل سلة مليئة بالتوت والبرقوق البري،
ويمشي بجانبها “إر زاي” و”سان زاي” بخطى مرحة.
لكن في طريق العودة، اعترض طريقهم “نمر الطريق” ووقف أمامهم.
رأت “لين تشوشيا” “لين تشيوشان” التي وقفت أمامها، فمرّ في عينيها بريق من الضيق.
ألم تجد هذه المرأة شيئًا تفعله سوى إزعاجي؟
قالت لها “لين تشيوشان” بابتسامة باهتة:
“أين كنت ذاهبة يا ابنة العم؟ لماذا لا تذهبي للعمل في الحقل؟”
فأجابت “لين تشوشيا” بلطف رسمي مصطنع:
“أوه، أختي، أليس من المضحك سؤالك هذا؟ هل ينبغي عليّ أن أقدّم لك تقريرًا أينما ذهبت؟”
ثم تابعت باستهزاء:
“أختي، بعد أن تزوجتِ، توقفتِ عن الذهاب للحقول، أليس كذلك؟ إياكِ أن تندمي لاحقًا عندما لا تجدين طعامًا تأكلينه!”
اسودّ وجه “لين تشيوشانغ” من الغضب، وشعرت أن “لين تشوشيا” لم تعد تنصت لها كما في السابق،
بل باتت تردّ عليها وتتهكم بها.
في السابق، لم يكن يخطر ببالي من أيضًا أعيد له الحياة…
لكن الآن، صرت أشك أن من وُلدت من جديد هي “لين تشوشيا” هذه.
لكن… إن كانت “لين تشوشيا” قد وُلدت من جديد، فكيف لها أن تهتم بهؤلاء الأولاد الثلاثة عديمي الوفاء؟ هؤلاء الأشقياء لا يُجدى معهم شيء!
“تشوشيا، لم تقولي بعد، إلى أين أنت ذاهبة؟ أليس لأنك جئتِ إلى بيتنا لتطلبي من شيانغشيو مساعدتكِ في جلب الماء؟”
كانت لين تشيوشوانغ في تلك اللحظة تعيش لحظات دافئة وحميمة مع سون شيانغشيو، وأي امرأة تراها تبدو وكأنها تحاول خطف رجلها.
خاصةً تلك المرأة الحقيرة أمامها، لين تشوشيا، التي طلبت منها بالأمس أن يساعدها شيانغشيو في جلب الماء.
من يعلم، ربما أعجبت برجلها سون شيانغشيو!
“أختي، هل دخل الماء إلى دماغك أثناء استحمامك البارحة؟ ألا ترين أنني أحمل سلة؟ من يهتم برجل بيتك؟!
ذوقكِ مميز فعلاً، رجاءً، لا تعترضي طريقي.” شعرت لين تشوشيا بالغثيان وكادت أن تتقيأ
، لقد فهمت الآن لماذا كانت لين تشيوشوانغ تنظر إليها بتلك النظرة، فقط من أجل سون شيانغشيو!
“همف، من الأفضل أن يكون الأمر كذلك.” كانت لين تشيوشوانغ قد تزوجت للتو من سون شيانغشيو،
وقد قضيا ليلة جميلة بالأمس. كانت ما تزال في حالة من العشق والسعادة،
ناهيك عن أنهما كانا مقرّرين لبعضهما في الحياة السابقة، ولذلك كانت تشعر بالقلق الآن.
بعد أن أنهت كلامها، ألقت نظرة جانبية على الطفلين الواقفين بجانب لين تشوشيا. مقارنةً بحالتهما القذرة والمهملة في حياتهما السابقة، فهما الآن نظيفان جداً.
همف، لين تشوشيا حقاً لا تملك ذوقاً جيداً، كيف يمكن أن تعامل هؤلاء “الذئاب الصغيرة البيضاء” بلطف هكذا؟
ما هو “الذئب الأبيض الصغير”؟ إنه الحيوان الذي لا يملك أي مشاعر إنسانية.
مع ذلك، كانت تتوق لرؤية لين تشوشيا تكرّس كل قلبها وتفني صحتها من أجل تربية هؤلاء الأطفال، فقط لتُهمل وتُتْرَك في النهاية.
“سمعتُ أنكِ اشتريتِ لهم ملابس جديدة، ألم تقولي لي من قبل إن راتبكِ وبدل العمل الذي يعطيكِ إياه شي جينغمينغ،
قد سرقته عمتك الشريرة؟” نظرت لين تشيوشوانغ بريبة إلى لين تشوشيا، غير مهتمة إطلاقاً إن كانت كلماتها ستؤذي الأطفال الواقفين إلى جانبها.
“أختي، اشتريتها من مدخراتي الخاصة، هل في ذلك مشكلة؟”
ردت لين تشوشيا بهدوء وهي تضع السلة التي كانت تحملها على الأرض، فقد كانت ثقيلة حقًا.
“تشوشيا، لا تلوميني على عدم تنبيهكِ، هؤلاء ليسوا أولادكِ البيولوجيين، ومع ذلك تتعبين وتكدّين لتربيتهم، من يدري؟
ربما يكبرون ليصبحوا أولادًا عاقّين لا يردّون الجميل. أنا فقط أشعر بالأسف من أجلكِ.”
هزت لين تشيوشوانغ رأسها وتحدثت بنبرة مليئة بالعظة كما اعتادت سابقًا:
“يجب أن تفكري في مستقبلكِ، ثم إن شي جينغ مينغ سيعود يومًا ما، وعندها يجب أن تنجبي له طفلًا من صلبه، أليس كذلك؟”
هه، شي جينغ مينغ لن يعود أبدًا، فلا تتعبي نفسكِ بالتفكير.
وعندما لا يعود، ستقنع لين تشوشيا بالزواج مجددًا، وسون شيانغشيو يعرف الكثير من الأوغاد،
وهم الأنسب لامرأة مثل لين تشوشيا.
أما هؤلاء الذئاب الصغيرة الثلاثة، فلا تصدق أنهم سيعيشون حياة جيدة في بيت عائلة شي.
ألقت نظرة خفيفة مليئة بالاحتقار تجاه الطفلين، إظهارًا لكراهيتها لهما، فاقترب الطفلان منها خطوة صغيرة،
وتمسّكا بطرف ملابس لين تشوشيا بأيديهما الصغيرة.
“أختي، أموري مع أولادي لا شأن لكِ بها، من الأفضل أن تقلقي على نفسكِ،
فأنا لديّ ثلاثة أولاد، أما أنتِ، فلم تحملي حتى الآن، يجب أن تسرعي قليلًا، أليس كذلك؟”
ثم مدت يدها لتغطي أذني الطفلين، لم تكن تريد لهما أن يسمعا كلام لين تشيوشوانغ البذيء، لم تكن ترغب في الحديث معها إطلاقًا.
بنبرة ساخرة، تابعت لين تشوشيا:
“لا داعي لأن تشغلي بالكِ، أنا وعزيزي شيانغشيو نعيش أجمل الأوقات، حبّنا مليء بالحنان، وقد أحمل في أي لحظة!”
“أوه، مبروك إذًا، ولكن يبدو أن عليكِ أن تتعبي كثيرًا. فعندما تحبلين، ستضطرين إلى الذهاب إلى الحقول لجمع نقاط العمل،
وتعدين الطعام وتغسلين الملابس وتخدمين الزوج والطفل… من يدري؟ قد تذبلين سريعًا وتصبحين أكبر من عمّتكِ!”
قالت لين تشوشيا كلامها بابتسامة ساخرة، وهي تراقب لين تشيوشوانغ التي كانت ما تزال تستهزئ بها وبأطفالها. هل هذه الكلمات يمكن قولها أمام الأطفال؟
كلماتها أثارت تغيّرًا واضحًا في وجه لين تشيوشوانغ، فقد كان وقعها قاسيًا بما فيه الكفاية ليهز أعماق قلبها.
“مستحيل، زوجي شيانغشيو رائع جدًا!” فهو سيكون مديرًا كبيرًا يومًا ما، ويظهر على شاشة التلفاز كأحد الأغنياء،
كيف يمكن أن يدعني أتعب هكذا؟”
“حقًا؟ لكنني سمعت أن هناك من لا يذهب للعمل في الحقول أبدًا، فهل يأكلون من الهواء إذًا؟”
ردت لين تشوشيا باندهاش مصطنع، ما دفع لين تشيوشوانغ إلى الردّ فورًا، غاضبةً:
“ليس كذلك! زوجي شيانغشيو يقوم بأعمال تجارية…!”
لكنها توقفت فجأة، وكأنها تذكرت شيئًا، وتوقفت عن الحديث فورًا. في هذه الأيام، كانت المضاربات التجارية تُعد جريمة.
لكن فات الأوان، إذ صاحت لين تشوشيا بدهشة واضحة:
“ماذا؟ أعمال تجارية؟ هذا، هذا… لا يجوز!”
تغيّر وجه لين تشيوشوانغ إلى السواد على الفور. في تلك اللحظة، لم يكن هناك لين تشيوشوانغ فقط،
بل كان هناك بعض الأطفال يلعبون بالجوار، وقد استداروا نحوهم عندما سمعوا صوت الاستغراب العالي الذي أطلقته لين تشوشيا.
“ما هذا الهراء! من، من قال إن هناك من يقوم بأعمال تجارية؟ أنا فقط قلت إن زوجي شيانغشيو ذكي،
وسيصبح عاملاً جيدًا، هذا كل شيء!” أدركت لين تشيوشوانغ متأخرة أنها قد تفوّهت بشيء خطير، فسارعت إلى التبرير بتوتر.
يا إلهي، كيف تفوّهت بهذا الكلام؟!
“أختي، ابني الأكبر ما زال ينتظرني في البيت، لن أضيع وقتي في الدردشة معكِ.” قالتها لين تشوشيا،
وهي تراقب لين تشيوشوانغ المرتبكة، مقتنعة أن الأطفال سيسرّبون هذا الخبر قريبًا، وقد يعمّ الاضطراب.
بعد لحظة من الارتباك، رفعت لين تشيوشوانغ رأسها مجددًا، محاولة التظاهر بالهدوء:
“أنا، أنا، ما قلته قبل قليل كان فقط بسبب القلق، آه، زوجي شيانغشيو… بالتأكيد سيكون مؤهلاً لأن يصبح عاملًا.”
صدقيني، لقد زلّ لساني.
لكن، في قلب “لين تشيوشوانغ” كان لا يزال هناك بريق من الأمل الزائف:
فزوجها “شيانغشيوه” لم يتورط في أي أعمال غير قانونية كالمضاربة،
حتى لو تم التحقيق، فلن يجدوا شيئًا. إذًا، لا داعي للقلق، أليس كذلك؟
بعد أن هدّأت نفسها داخليًا بهذه الطريقة، استطاعت أن تخفي اضطرابها ببطء.
أما “لين تشو شيا”، فاكتفت بـ “آه” بهدوء، كما لو أن ما قالته “لين تشيوشوانغ” للتو لم يترك أي أثر في قلبها،
بل رفعت سلتها، وأخذت الطفلين معها في طريق العودة إلى المنزل.
كانت “لين تشيوشوانغ” تراقب ظهورهم وهم يبتعدون، وهذه المرة، لم تلاحق “لين تشو شيا” لتجادلها،
بل التفتت نحو مجموعة الأطفال الذين كانوا يلهون قرب المكان.
ثم ارتسمت على وجهها ابتسامة، وتقدّمت إليهم. في الحقيقة، لولا أنها هي من بادرت وأثارت الموضوع، لَما أعاره الأطفال أي اهتمام.
لكنها فعلت ما فعلت، معتقدة أنها تستطيع خداعهم لينسوا، فكانت النتيجة أنهم تحدّثوا عن الأمر مباشرة على مائدة الطعام مساءً.
وكل هذا، كان في المساء.
أما في الوقت الحاضر، فكانت “لين تشو شيا” تحمل سلتها الممتلئة بالفاكهة، تمر بجانب بعض القرويين المستعجلين في طريقهم لإنهاء أعمال طارئة.
وعندها، صادفتها إحدى الأخوات الفاضلات من القرية، فنصحتها بلطف:
“تشو شيا، هذه الثمار حامضة وقابضة جدًا، طعمها لا يُطاق، لولا ذلك لكان أطفال القرية قطفوها كلها منذ زمن!”
فابتسمت “لين تشو شيا” برقة:
“لا بأس، سأعود وأغليها لأصنع منها شرابًا حامضًا، ثم أبرّده بماء البئر، سيكون منعشًا في الصيف.”
قالت “الأخت فانغ” بدهشة:
“آه؟ شراب حامض؟ هل هو لذيذ؟”
فمن قبل، كانوا يرون تلك الثمار بلا قيمة، لا تُشبع ولا تُغني، ولم يخطر لأحد أن يقطفها حتى.
أجابت “لين تشو شيا” بنبرة المرأة القروية البسيطة:
“من يدري؟ فقط شعرت أن الصيف قد حلّ، ولا يوجد في المنزل لا سكر أبيض ولا سكر بني. شرب الماء العادي ممل بلا طعم، فقلت لِمَ لا أجرب؟”
أظهرت جانبها “الطماع المحب للفرص المجانية”، وتابعت:
“على كل حال، لا يكلفني شيئًا، ومن يدري، ربما يكون منعشًا حقًا!”
“الأخت فانغ” لم تشك في كلامها، بل أومأت مقتنعة، إذ بدا كلامها معقولًا.
المشكلة الوحيدة أنها ستحتاج حطبًا لغليه، وإلا لكانت جربت هي أيضًا.
وبعد أن افترقت عن “الأخت فانغ” عند مفترق الطرق، وضعت “لين تشو شيا” السلة، وجثت على ركبتيها أمام “إر زاي” و”سان زاي”،
وأمسكتهما بجدية، وقالت بنبرة حازمة:
“لا تصدقوا ما قالته لين تشيوشوانغ، ماما تحبكم أنتم الثلاثة كثيرًا، أنتم كنوزي الغالية.”
كانت تعلم أن الأطفال حساسون، ويفتقرون للأمان. لم تكن تعرف إن كان ما قالته “لين تشيوشوانغ” قد ترك أثرًا في قلوبهم،
لكنها أرادت أن تكون واضحة وصادقة معهم:
لن تنخدع مجددًا، وستحبهم دائمًا.
“إر زاي” و”سان زاي” سطع في عيونهما السوداء النقية بريق خجول ولمعان رقيق، ولم يعرفا كيف يردّان، فاكتفيا بهزّ رأسيهما والنطق بـ”هممم”.
في الحقيقة، كانا يريدان أن يقولا:
“نحن أيضًا نحبك يا ماما…”
لكن هذه الكلمات، ما إن وصلت لأطراف ألسنتهما، حتى اختنقت بلا سبب.
فاكتفيا بالتظاهر بالخجل، وغرقا في حضن “لين تشو شيا”، التي احتضنتهما بلطف، تربت على ظهريهما بحنان.
وبعد وقت، أمسكت بيديهما، وأكملت طريق العودة إلى المنزل. كانت الشمس تغرب، والظلال تمتد طويلًا،
وخطواتهم المتشابكة على الطريق نحو المنزل بدت دافئة وطويلة.
أما “دا زاي”، فكان يجلس على عتبة الباب، رأسه منخفض، كأنه جرو صغير تائه، مهجور، مفعم بالحزن والخذلان.
“دا زاي!”
“أخي!”
عندما عاد الثلاثة ورأوا “دا زاي” بهذه الحالة، امتلأت أعينهم بالقلق، وتقدّمت نحوه “لين تشو شيا” بخطوات مضطربة،
قلبها يعصره الحزن من رؤيته على هذا النحو.
استفاق بهذه السرعة؟
“دا زاي” رفع رأسه فجأة عندما سمع الصوت، نظر إليهم من مسافة ليست ببعيدة، ثم نهض وركض بخطواته الصغيرة نحوهم.
كانت عيناه محمرتين، وصوته يختنق بالبكاء، بينما يرفع رأسه ويصرخ بمرارة:
“أنتِ، أنتِ… لماذا تأخرتِ؟ ظننت أنكم… لن تعودوا أبداً…”
—
دا زاي المسكين، يمسح دموعه:
“هل لأنني لست لطيفًا بما يكفي؟ لا أحد يحبني… بووهوو…”
ـــــــــــــــــــــــ ملاحظة:ــــــــــــــــــــــــــــ
رغم أن “دا زاي” طفل مسؤول ويحب أخوته، إلا أنه في النهاية ما يزال طفلًا في الخامسة من عمره فقط،
ويستحق العناية والاحتواء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعليقات لهذا الفصل " 23"