اليوم العاشر من تربية الأولاد
كانت “لين تشيوشوانغ” تشعر أن حياتها السابقة كانت مليئة بالمعاناة، بل شديدة القسوة،
وكل ما عانته من مآسي كان سببه عائلة “شيه”.
في البداية، كانت تعتقد أن “شيه جينغ مينغ” كونه عسكريًا، فمن الطبيعي أن يكون راتبه مع البدلات والتعويضات المختلفة مبلغًا لا بأس به.
ولم تأبه لوجود ثلاثة أطفال يعتمدون على “شيه جينغ مينغ” في عائلته، فأصرت على الزواج منه.
ولحسن الحظ، كان والدها في الماضي قد أسدى معروفًا لوالد “شيه جينغ مينغ”، كما أن “شيه جينغ مينغ” نفسه لم يكن يبحث سوى عن امرأة تعتني بأطفاله.
لكن، “شيه جينغ مينغ” في البداية لم يكن يرضى بـ “لين تشيوشوانغ”،
فقد كان كل من في القرية يعلم أنها مدللة من قبل والديها، وذات طبع سيئ، كما أنها ليست نشيطة أو مجتهدة.
لكن لم يكن هناك مفر، إذ استخدم والد “لين تشيوشوانغ” المعروف القديم الذي قدّمه لعائلة “شيه” ليُجبر “شيه جينغمينغ” على الزواج منها
بل وأصر على أن يتم الزواج في ذلك التوقيت، رغم أن “شيه جين غمينغ” قال بوضوح إنه لديه مهمة عاجلة في المعسكر.
لكن “لين تشيوشوانغ” لم تصدّق، واعتقدت أنه يختلق الأعذار. وفعلًا، كانت المهمة عاجلة لدرجة أن زملاءه في الفريق أتوا ليأخذوه إلى الحدود، فلم يكن هناك وقت للتأخير.
لكن من وجهة نظر “لين تشيوشوانغ”، كان “شيه جينغ مينغ” حقيرًا إلى هذه الدرجة: لم يكتمل الزفاف ولم يُنهوا حتى شرب نخب الزواج،
وعندما تلقّى المهمة العاجلة، غادر على عجل، مما أفسد أجواء الزفاف وأحرج الجميع.
ومع ذلك، فإن الأيام التي تلتها كانت أكثر مأسوية، حيث إن عائلة “شيه” (عائلة العم) كانت تعتبر أن راتب “شيه جينغ مينغ” وبدلاته من حقهم،
وعندما رفضت “لين تشيوشوانغ” منحهم المال، بدأوا بالصراخ والضرب…
وما زاد الطين بلة، أن “شيه جينغمينغ” قد استشهد في تلك المهمة العاجلة، فاستولت عائلة “شيه” على التعويض المالي،
أما أولاده الثلاثة فقد قابلوها بالكلام الجارح، وكانوا دائمًا يتنمرون عليها حين تغفل عنهم.
أرادت العودة إلى منزل أهلها، لكنها بعد أن أصرت على الزواج من “شيه جينغمينغ”، قطعت صلتها بعائلتها، فلم تجد مأوى.
ثم هربت مع رجل، لكنه لم يكن أهلًا للثقة، فتُركت وحيدة، ووجدت نفسها مشردة في الشوارع.
وفي أحد الأيام، كانت الأخبار على التلفاز تعرض شخصين مألوفين لها، ابنة عمها “لين تشوشيا” وزوج ابنة عمها “سون شيانغشيوي”،
وهما يبدوان في كامل أناقتهما، يُجريان مقابلة مع الصحفي، الذي كان يناديهما: “الرئيسة لين… الرئيس سون…”
تذكّرت أن ابنة عمها كانت مجبرة على الزواج من ذلك الشاب المشاغب “سون شيانغشيوي”،
لكنها لا تتذكر السبب بدقة، فقد كانت منشغلة حينها في الصراع مع عائلة “شيه” على أموال التعويض…
وفي منتصف الليل، وبينما كانت تتذكّر الماضي، ماتت متجمدة في الشارع.
وعندما عادت للحياة، كان أول ما فعلته هو إعطاء زواج “شيه جينغمينغ” الجيد هذا إلى “لين تشوشيا”،
بغض النظر عن الصعوبة التي واجهها والدها للحصول عليه. وفي حينها، غضب والدها منها وأشار إليها غاضبًا،
قائلاً: “كيف تهدين زواجًا جيدًا كهذا لابنة عمك؟ هل فقدتِ عقلكِ؟”
لكن “لين تشيوشوانغ” لم تعبأ. زواج جيد؟ تَفُو! “شيه جينغمينغ” ذاك الميت المبكر، وعائلته من مصاصي الدماء،
وأولاده الثلاثة من الذئاب الصغيرة الجاحدة… لا، لا تريد الزواج منهم.
كانت تكرههم حدّ الموت.
كانت “لين تشيوشوانغ” تريد الانتقام، لكنها لم ترد أن يكون لها صلة مباشرة بعائلة “شيه”، ففكرت،
ما دامت تكره “لين تشوشيا”، لماذا لا تدفعها لتتولّى أمر عائلة “شيه” بدلًا منها؟
هكذا، سيكون كل من تكرهه مجتمعًا في مكان واحد، يعانون من بعضهم البعض.
لكن “لين تشيوشوانغ” لم تكن تتوقّع أن تتحوّل “لين تشوشيا” إلى هذا الحال؟ لا حديث لها سوى عن البيض؟ متى أصبحت بهذه البساطة؟
وعندما رأت “لين تشوشيا” أن “لين تشيوشوانغ” واقفة مذهولة لا تتحدث، كادت الدموع تنهمر من عينيها بمرارة وقالت:
“يا ابنة العم، ألم تأتِ لتطمئني؟ ألم تقولي إنه حتى لو تزوجت، ستبقين سندي؟”
ثم تقدمت وأمسكت يد “لين تشيوشوانغ” بقوة حتى آلمتها، مما جعلها تعقد حاجبيها وتقول:
“أنا، فقط نسيت، سأذهب لأحضره الآن. أخبريني فقط، أنتِ مع هؤلاء الثلاثة…”
“لماذا الانتظار؟ لقد قلتِ نفس الكلام قبل الأكل، جعلتِني أنتظر، ولم أطبخ سوى عصيدة بيضاء!”
قالت “لين تشوشيا” غير راضية، لكن كلماتها جعلت “لين تشيوشوانغ” تشعر بالفرح في داخلها.
العصيدة البيضاء… جيد، مفيد للجسم.
“يا ابنة العم، أسرعي وأحضري لي البيض، سأنتظركِ هنا، أو يمكنني مرافقتكِ؟
لا بد لي من الحصول على خمسة بيضات اليوم، وإلا ستواصل إزعاجي، حتى أنا سئمت.”
ثم أمسكت بيد “لين تشيوشوانغ” لتسحبها نحو بيتها.
“انتظري، أنا، سأذهب الآن.” حررت يدها بسرعة، فهي لا تريد أن تعرف زوجة أخيها بذلك، وإلا فستبدأ بالثرثرة من جديد.
مقززة، أي نوع من النساء تزوج بها أخي؟ لا تفعل شيئًا سوى الانتقاد في المنزل.
وعندما رأت “لين تشوشيا” ظهر “لين تشيوشوانغ” وهي تركض مبتعدة، صاحت بوجهها وهي تعقد حاجبيها:
“إذا لم تجلبي خمس بيضات في المرة القادمة، فلا تأتي لرؤيتي!”
كدت “لين تشيوشوانغ” أن تلتوي قدمها من الغضب. تبًا لـ “لين تشوشيا”،
تستحق أن تعاني على يد عائلة “شيه”، لماذا لا يقتلونها؟
هكذا، ستدخل عائلة “شيه” السجن، ويُعدم أفرادها، ويُترك أولادها الثلاثة الجاحدون بلا معيل،
و”شيه جينغمينغ” لن يعود أبدًا، وسيتحوّلون جميعًا إلى متسولين…
وفي الطريق، قابلت “سون شيانغشيوي” المتسكع، فتذكرت خطتها، وابتسمت له ابتسامة حلوة قائلة:
“سون شيانغشيوي، طاب ظهرك.”
كان “سون شيانغشيوي” يصفر وهو يفكر إن كان عليه الذهاب للمقامرة في فترة الظهيرة، وفجأة سمع امرأة تناديه، وعندما نظر، رأى “لين تشيوشوانغ”؟
“أوه، أليست هذه تشيوشوانغ؟ ماذا تريدين من أخيكِ؟” كان لطيفًا مع الفتيات، وابتسم لها بحرارة.
شعرت “لين تشيوشوانغ” بالرضا في قلبها، ما زالت محبوبة.
“أختي تزوجت مؤخرًا، وتعاني من تعب العناية بالأطفال، ذهبت لزيارتها فقط.”
المعنى:
1. أختي تزوجت، فلا تفكر بها؛
2. أنا شخص طيب، أساعد حتى المتزوجين.
ولم يبالِ “سون شيانغ شيوي” كثيرًا، فقط شعر أن كلامها لطيف، وتصرفها ودود، ليس كفتيات القرية اللواتي يهربن عند رؤيته.
هل يعتقدن أنه سيلتهم أي امرأة؟ هه!
“تشيوشوانغ، أنتِ حقًا إنسانة طيبة.” أثنى عليها وهو يبتسم، ولم يكن لديه أي أفكار أخرى، كما أنها لم ترسل له أي إشارات واضحة.
لكن عند سماع الثناء، ازدادت ابتسامتها صدقًا ونعومة، مما جعل “سون شيانغشيوي” ينظر إليها أكثر من مرة.
لاحظ أن “لين تشيوشوانغ” وجهها جميل وهادئ، خاصة حين تبتسم له، آه، فجأة شعر بشيء تجاهها.
“لا بد أن أعود وأحضر البيض لأختي، حياتها صعبة، حتى أن زوجة عمها تسببت لها في إصابة في الرأس…” أرادت أن تظهر طيبتها، وتُلمح إلى وضع عائلتها.
أنا أستطيع إرسال البيض لأختي المتزوجة، مما يدل على طيبتي ووضع عائلتي الجيد، ألم يحن الوقت لتقع في حبي؟
لكن “سون شيانغشيوي” يعلم أن والديها ليسا سهلين، ويعرف أن مكانته لا تسمح له بالطمع بشيء لا يخصه.
“حسنًا، اذهبي.” لوّح بيده غير مبالٍ، وتحسّس جيبه حيث تجمعت بعض العملات الصغيرة التي لا تصل إلى يوان واحد،
شعر أن الذهاب إلى كازينو المدينة غير مناسب، ربما يلعب مع شباب القرية.
رأت “لين تشيوشوانغ” أنه لم يعرها اهتمامًا ولم يطِل الحديث معها،
فاكتفت بهزّ رأسها.
نعم… لا بأس، لا عجب أنه سيكون “الرئيس سون” الذي يظهر على التلفاز.
عليها أن تقنع والدها بتزويجها له، حتى تصبح مثل “لين تشوشيا”، تظهر في التلفاز، وتعيش في فيلا وتقود سيارة.
عندما عادت إلى البيت، كان أخوها وزوجته قد خرجا إلى الحقل، فعادت “لين تشيوشوانغ” بخطى هادئة،
ثم توجهت مباشرة إلى المطبخ… أوه، كان مقفلًا.
أين المفتاح؟ تتذكر أن والدتها قالت إن المفتاح كان موضوعًا في مكان ما…
بدأت تبحث، وأخيرًا وجدته في زاوية مخفية. فتحت الخزانة، وإذا بها تجد حوضًا كبيرًا مليئًا بالبيض،
كلها من إنتاج دجاج البيت، وكانوا يحتفظون بها ولا يجرؤون على أكلها.
فكّرت “لين تشيوشوانغ” لبضع ثوانٍ، ثم أخذت ثلاث بيضات، وأغلقت باب الخزانة وأعادت المفتاح إلى مكانه،
ووضعت البيض في جيبها، ثم توجهت مرة أخرى إلى “لين تشوشيا”.
حين وصلت، كان على وجهها بعض الغرور، وكأنها أنجزت أمرًا عظيمًا.
وعندما وصلت أمام “لين تشوشيا”، أخرجت ثلاث بيضات وقالت بفخر:
“تفضلي، أحضرت لك كل البيض الموجود في البيت. إذا علمت أمي، ستقتلني بالتأكيد.”
كان هدفها أن توصل رسالة مفادها أنها ضحت كثيرًا، ولا ينبغي أن تتوقع “لين تشوشيا” أن تحصل على الأشياء بسهولة.
لقد بذلت أقصى ما عندها.
“يا ابنة العم، كنت أعلم أنكِ تهتمين بي!” قالت “لين تشوشيا” وهي تبتسم بفرح، أخذت البيضات الثلاث دون تردد،
كانت تظن أن “لين تشيوشوانغ” قد هربت ولم ترغب بإعطائها البيض.
ثلاث بيضات؟ لا بأس، ليست مشكلة بالنسبة لها.
“تشوشيا، سمعت ظهر اليوم أنكِ أطعمتِ أولئك الثلاثة الصغار الجاحدين حتى الشبع؟”
أخيرًا انتهى موضوع “هل تهتم أم لا”،
والآن يمكن الحديث بشكل جيد، هكذا ظنت “لين تشيوشوانغ”.
“يا ابنة العم، لماذا فقط ثلاث بيضات؟ أين البيضتان الباقيتان؟ ألم نتفق على أن تعطيني خمس بيضات؟
واحدة لكل يوم، تكفيني لخمسة أيام! آه، لقد فقدت الكثير من الدم، هل لديكِ سكر أحمر؟”
قالت “لين تشوشيا” وهي تبتسم،
وضعت البيضات في جيبها بسرعة، ولم تترك لها فرصة لاسترجاعها.
فجأة، تغير وجه “لين تشيوشوانغ”، وصرخت فيها بغضب مهددة:
“لين تشوشيا، إذا واصلتِ على هذا الحال، سأترككِ ولن أهتم بكِ بعد الآن!!!”
“لا، لا، يا ابنة العم، إذا لم تهتمي بي، من سيهتم؟ لا أريد البيض، فقط أعطني بعض السكر الأحمر…”
حاولت “لين تشوشيا” مجددًا أن تمسك بيدها، لكن “لين تشيوشوانغ”، وقد تعلمت من تجربتها السابقة، تراجعت خطوة إلى الوراء وحدّقت بها بحذر.
“أجيبيني إجابة واضحة.”
قالت “لين تشيوشوانغ” بوجه صارم، ونبرة آمرة تهديدية.
“يا ابنة العم، هل يجب أن أقول في الخارج إنني أسيء معاملتهم، لا أطعمهم، وأضربهم كل يوم؟”
ردّت “لين تشوشيا” بصوت عالٍ ورأسها مرفوع، وكأن الأمر بديهي.
فورًا، عجزت “لين تشيوشوانغ” عن الكلام، كانت تظن أن “لين تشوشيا” فقط تمثل دور الفتاة الطيبة في الخارج،
بينما في البيت تضربهم وتجعلهم يتضورون جوعًا. ممتاز، هذا هو المطلوب. لا بأس إذاً على خسارة ثلاث بيضات.
ثم غادرت وهي تتمايل برضا، ولكن قبل أن ترحل، حرّضت “لين تشوشيا” ببضع كلمات إضافية على أولئك الأشقياء الثلاثة.
وما إن غادرت، حتى ظهر أولئك الثلاثة من خلف الباب، كانوا يراقبون “لين تشوشيا” خلسة.
وعندما رأتهم “لين تشوشيا”، ارتسمت على وجهها ابتسامة مشرقة ومريحة، وأخرجت ثلاث بيضات قائلة:
“يجب أن نتعلم أن نكون متسامحين مع الآخرين. انظروا، هذه هدية تعويض من ابنة عمي لنا، ثلاث بيضات كاملة!!!”
هزّ الأولاد الثلاثة رؤوسهم بطاعة، نعم، إذا قدموا لنا تعويضًا، نسامحهم، وإذا
لم يفعلوا، فلن نسامحهم!
لقد حفظوا هذا الدرس جيدًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يـــــــــــــتبع
لا تنسوا الضغط على النجمة أسفل الفصل
وترك تعليق لطيف
..
انستا: mary.kimi01
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعليقات لهذا الفصل " 10"