تعلّقت خصلةٌ من شعر إيديث بالخاتم أثناء تمشيطه، فأزالتها بحذر. الخاتم الذي يزيّن إصبعها البنصر في يدها اليسرى لم يكن مألوفًا بعدُ.
في الحقيقة، وجود خطيبٍ بحد ذاته كان أمرًا غير مألوفٍ بالنسبة إليها. والأكثر إدهاشًا أن أسبوعين قد مرّا بالفعل منذ إقامة حفل الخطوبة!
نظرت إلى خاتم الألماس بعينين متفاجئتين، ثم لمسته بحذر.
كان هذا خاتم الخطوبة الذي طلبه يوريك خصيصًا من صائغٍ مختص.
أما خاتم الزواج، فقد أعادته إليه لأنه بدا مبكرًا جدًا، لكن هذا الخاتم كان ملكها بالكامل.
خلافًا للقب “أكثر العاشقين رومانسيةً في الأوساط الاجتماعية”، لم تكن حفلة الخطوبة باذخة. فقد اتفقا منذ البداية، بعد أن سئما من الفضائح، على تجنب إقامة حفلٍ صاخب.
لذا، تبادلا خاتمي الخطوبة في تجمعٍ هادئٍ حضره الأقارب فقط.
“مباركٌ لكِ، آنسة هاميلتون.”
ما إن أصبحت مخطوبةً ليوريك رسميًا، حتى تغيّرت معاملة الناس تجاهها، كأن شيئًا لم يكن.
لم يعد أحدٌ يتحدث أمامها عن تواضع عائلتها، بل زاد عدد الراغبين في تبادل كلمةٍ أو اثنتين معها.
كانت نظرات الأشخاص الذين يتظاهرون بالود تجعلها تفضّل، بصراحة، أولئك الذين ما زالوا يجدونها محرجةً بعض الشيء.
هزّت إيديث رأسها.
‘بما أنني وصلتُ إلى مرحلة الخطوبة، فلن أهتم بنظرات الآخرين.’
في مثل هذه اللحظات، كان عليها أن تتعلّم من لا مبالاة يوريك غلاسهارت.
“بسبب خطوبتكِ، أصبحت أمي الآن تهاجمني! أشعر بالملل حتى الموت!”
تذمّر إيفيرت، الذي لجأ إلى غرفتها هربًا، وهو يرتجف من الإحباط. وضعت إيديث مشط الشعر جانبًا عند هذه الزيارة المفاجئة.
“بهذا المعدل، سأجبر بعد تخرجي من الجامعة على الزواج من امرأةٍ لا أعرفها حتى!”
“ماذا عن تلك الآنسة من عائلة البارون التي قدّموها لكَ مؤخرًا؟”
“ليست سيئةً، لكن شخصيتها لم تكن مناسبةً.”
بدتْ لي شخصًا لطيفًا!
“ما بالكَ تكون متطلبًا؟ من يوافق على مواعدتك يجب أن تكون ممتنًا له!”
لكن ما العمل إذا كان هو نفسه غير راغب؟
“من أرسل تلك البطاقة البريدية؟”
أشار إيفيرت إلى بطاقةٍ موضوعة على طاولة الزين، وهو يقضم الكعك بشراهة. لم كان هذا الإنسان يأكل الوجبات الخفيفة وهو يتجول، فيترك فتاتها متناثرًا؟
“من داني. يبدو أنن يستمتع برحلته كثيرًا.”
تغيّرت تعابير وجه إيفرت بشكلٍ غريب عند سماع اسم المرسل.
“دانيال؟”
“نعم. كنتُ أتمن لو أنه استطاع حضور حفل الخطوبة.”
دانيال تشسترفيلد، صديقها المقرب الوحيد، و الذي كان بمثابة أخ لها.
كان الآن في رحلةٍ عبر القارة قبل التحاقه بالجامعة، ولم ترَ إيديث وجهه منذ فترةٍ طويلة.
“لم لا ترسلين له خبر خطوبتكِ برسالة؟”
“أودّ أن أرد عليه، لكنه ينتقل من بلدٍ إلى آخر، فلا أملك عنوانًا ثابتًا لإرسال الرسالة.”
نظر إيفيرت إلى وجهها مليًا، ثم أطلق ضحكةً خافتة.
“حسنًا، من تأخر فهو المخطئ.”
كان همهمته ينقصها الجدية بعض الشيء. رفع كتفيه وغيّر الموضوع.
“ألن تلتقي بخطيبكِ اليوم؟”
كانت إيديث تأمل أن تخفّ اللعنة بعد الخطوبة، لكن على العكس، أصبحت لقاءاتهما أكثر تواترًا من قبل. لم تكن لقاءاتٍ استثنائية، لكن…
— هل أنتَ مشغول؟
— نعم، أعالج بعض الأعمال المتراكمة. تناولي تلك الكعكة، إنها 《جرعة اللطف》 لهذا اليوم.
— هل أصبحتَ تُعد الكعك الآن أيضًا؟
كانت إيديث تجلس بجانب يوريك، المنهمك في مراجعة أوراقه، تقرأ كتابًا وتتناول الحلوى. كيف يتحسن إنسانٌ في مهارات الطهي بهذا الشكل؟
“نعم، لقد حجز يوريك مكانًا في مطعم.”
استفاقت إيديث من شرودها وأومأت لإيفيرت.
“أوه، إذن بدأتِ تنادينه باسمه؟”
سأل إيفيرت بنبرةٍ تمزج بين الدهشة والمضايقة، فنظرت إليه إيديث بنظرةٍ متجهمة.
“الآن هو خطيبي.”
منذ الخطوبة، بدأ يوريك يناديها باسمها. مقارنةً بالأيام التي كان يناديها فيها بـ”أنتِ”، كان الأمر محرجًا بعض الشيء.
— يمكنكِ أن تناديني باسمي أيضًا.
سمح لها يوريك بمناداته باسمه بكل سرور. لكنها كانت لا تزال مترددةً في التصرف بحميميةٍ كبيرة.
— لنوحّد الألقاب بالأسماء قدر الإمكان. أشعر بنوعٍ من الحدس السيء… إذا لم نفعل، قد أقترح يومًا أن ننادي بعضنا بكلماتٍ مثل ‘حبيبتي’ أو ‘عزيزتي’، وهذا جنون!
… كان اقتراحه منطقيًا بالفعل. لم يكن أمام إيديث سوى أن تجبر نفسها على نطق اسمه.
كم مرةٍ تمتمت باسمه وهي وحدها؟
يوريك.
لأسبابٍ غامضة، كان هذا المقطع القصير يثير شعورًا غريبًا بداخلها.
“آنستي! لقد وصل الدوق!”
عند صيحة جينا، نهضت إيديث من أمام طاولة الزينة ونظرت إلى السماء من النافذة. كانت السماء صافيةً بلا غيمة، وطقسًا مشمسًا مثاليًا لموعدٍ غرامي.
***
على الرغم من الخطوبة، لم تتغير حياة يوريك اليومية كثيرًا.
بل على العكس، كان في حالةٍ عاطفيةٍ مستقرةٍ للغاية. الآن، مهما فعل جسده من تصرفاتٍ غريبة، لم يعد ذلك مشكلة.
أليست كلها أفعالٌ لطيفة يقوم بها خطيبٌ تجاه خطيبته؟
قد يكتسب لقب “المغرم” كأثرٍ جانبي، لكن هذا ثمنٌ زهيد.
“هذا تقرير أداء الأعمال للربع الماضي. النقطة الأبرز هي الأداء الكبير في مشروع الفندق الذي أمرتم بالاستثمار فيه… سموك؟”
استفاق يوريك فجأة عندما ناداه ميلر، وهو يكتب رسالةً لإيديث يسأل فيها عن أحوالها.
“آه، بدأ الأمر مجددًا.”
كان من المفترض أن يكون منهمكًا في العمل، لكنه كتب الرسالة دون وعي.
“أستمع، تابع.”
تنهد ووضع قلم الحبر جانبًا، مركزًا على كلام سكرتيره. طوال التقرير، كان ميلر يبتسم ابتسامةً غامضة، ثم جمع الأوراق وقال:
“انتهى التقرير، لكن…”
“هل بقي شيءٌ تريد قوله؟”
“الطقس رائعٌ هذه الأيام، فلم لا تأخذ خطيبتكَ في موعدٍ غرامي؟”
قال ميلر بابتسامةٍ خجولة، عاجزًا عن إخفاء حماسته. بردّت نظرة يوريك تلقائيًا أمام تصرف سكرتيره المبالغ.
“من يراكَ قد يظن أنكَ أنتَ المخطوب.”
“هاها، حتى لو خطبتُ، هل سأشعر بهذا الإثارة؟”
ضحك ميلر بنبرةٍ مرحة، ثم أضاف:
“بالمناسبة، سمعتُ عن مطعمٍ شهيرٍ بين السيدات مؤخرًا. ألن يُعجب هذا خطيبتك؟”
شعر يوريك بضيقٍ خفيفٍ يتصاعد بداخله عند اقتراح سكرتيره.
“ميلر، لا تتحدث عن هذه الأمور أمامي، وإلا…”
توقف عن الكلام، ومزّق الرسالة التي كتبها. أخرج ورقةً جديدةً من الدرج وتنهد بعمق.
“سأنتهي بكتابة رسالةٍ أدعوها فيها للزيارة، أليس كذلك؟”
لم يعد يرغب حتى في التعليق، لكن هذا لم يكن إرادته بالطبع. هزّ ميلر رأسه، غير مدركٍ للحقيقة.
“سموك ليس صريحًا حقًا.”
ضحك يوريك بسخريةٍ عند توبيخ ميلر.
“يبدو أن خطيبتي العزيزة تحب هذه المواعيد العاطفية.”
على أي حال، كان صحيحًا أنه لم يتمكن من لقائها بشكلٍ لائقٍ بسبب انشغاله مؤخرًا. موعدٌ في الخارج لن يكون سيئًا.
“اصمت. أين ذلك المطعم؟ احجز مكانًا الآن.”
لم تكن إيديث تعلم بالتفاصيل.
***
كان يوريك وإيديث يتجولان الآن في رويال هامبشير، وهو شارعٌ مخصصٌ للطبقة الثرية في العاصمة، مليءٌ بالمتاجر الفاخرة، محلات المجوهرات، وصالونات الشاي الراقية التي تفضلها السيدات.
“ها نحن هنا.”
كان المكان الذي دعاها إليه يوريك أفخم مطعمٍ في رويال هامبشير. ما إن دخلا حتى لفتت أنظارهما الثريا المتلألئة المعلقة في السقف والجداريات الفريسكو المرسومة على الجدران.
“أليس على الطراز الإيلانكوي؟”
تدفّقت ألحانٌ عذبةٌ من عازف البيانو على المسرح المركزي. أومأ يوريك، الذي كان يستمع إلى الموسيقى، رداً على سؤالها.
“هذا ما قيل لي.”
تذكرت إيديص أنها سمعت شيئًا عن هذا في إحدى التجمعات الاجتماعية. عادةً، يتطلب الحجز شهورًا مسبقةً للحصول على طاولة.
“يشرفنا زيارتكما. تفضلا من هنا.”
قاد مدير المطعم يوريك وإيديث إلى طاولةٍ تتمتع بأجمل إطلالة. جلست إيديث وتناولت قائمة الطعام.
“هل هناك أطباقٌ تفضلينها؟”
يا للعجب! أن يأتي يومٌ يسأل فيه هذا الرجل عن الأطباق التي تحبها! ارتسمت ابتسامةٌ خفيفةٌ على شفتيها.
“أحب الأطباق الجنوبية، لكنني أودّ أولًا الاطلاع على القائمة.”
“كما تشائين.”
“بما أنني أحب المطبخ الإيلانكوي، فلا بأس.”
فتحت إيديس القائمة بحماس، لكن عينيها ارتجفتا فجأة.
“ما هذا؟”
أسماء لم تسمع بها من قبل. لم تستطع تخمين نوع الأطباق. حدّقت في القائمة بعيونٍ مشوشة.
“هل اخترتِ؟”
لم يكن يوريك قد اطلع على القائمة بعد.
“لا، ليس بعد…”
لم تكن إيديث، التي عاشت حياتها كأرستقراطية، جاهلةً بأطباق المطاعم الراقية. لكن أسماء الأطباق هنا كانت غريبةً حقًا.
“هل هناك مكوناتٌ لا تستطيعين تناولها؟”
يبدو أن يوريك أساء فهم ارتباكها ظنًا منه أنها لا تحب بعض المكونات.
“لا بأس، تحدثي بحرية.”
“لا، ليس هناك شيءٌ محدد. لستُ من عشاق المأكولات البحرية، لكنني أستطيع تناولها.”
“لا داعي لإجبار نفسك. المأكولات البحرية، حسنًا.”
نظر يوريك إلى ديكور المطعم، ثم أخيرًا قائمة الطعام.
‘كيف سيكون رد فعله؟’
ألقت إيديس نظرةً عليه. وكما توقعت، عبس قليلاً.
“… ”
تأمل يوريك أسماء الأطباق لبرهة، ثم رفع يده. اقترب مدير المطعم، الذي كان يقف على أهبة الاستعداد، بابتسامةٍ ودودة.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 23"