عبث يوريك غلاسهارت بربطة عنقه قليلاً، وهو يشعر بحرارة القاعة اللزجة تلتصق بجلده. لم يكن من النوع الذي يستمتع بحضور الحفلات المزدحمة أصلاً.
— يوريك، لقد حان الوقت لتبحث عن عروس. احضر حفل العام الجديد هذا بلا مناقشة.
كلمات الإمبراطور المهيبة هي التي أجبرته على الحضور، لكنه ندم على هذا القرار بشدة.
ما إن دخل القاعة حتى شعر بأعين النساء تتفحصه بنهم، وكأنه طبق شهيّ قدّم على مائدة العشاء. أفسد ذلك مزاجه تمامًا. ارتشف الشمبانيا بعبوس، لكن حتى انتعاش المشروب لم يخفف من توتره.
‘ألم يُعلموهم أن التحديق في الآخرين وقاحة؟’
تمتم في نفسه. لهذا السبب كره دائمًا ساحة المناسبات الاجتماعية في العاصمة.
“هاها، كف عن العبوس! الكل مهتم بك، هذا كل شيء!”
ضحك ولي العهد إدوارد، ابن عمه، بصوتٍ عالٍ حتى دمعت عيناه.
“لم أطلب هذا الاهتمام.”
رد يوريك ببرود، متجاهلاً ضحكات إدوارد.
“هيا يا رجل، ألا تفكر في الزواج؟ الراحة وبعض اللقاءات الجميلة ليست فكرة سيئة. إلى متى ستبقى أعزبًا؟”
الزواج. بالنسبة لوريث عائلة الأرشيدوق غلاسهارت، كان ذلك واجبًا بديهيًا، لكنه لم يثر اهتمامه أبدًا. امرأة مناسبة تلبي الشروط ستكفي، أليس كذلك؟
ضحك إدوارد بصوتٍ عالٍ ووضع ذراعه على كتف يوريك.
“أعرف تفكيرك. تعامل الزواج كمهمة مزعجة تريد إنهاءها بسرعة لإنجاب وريث، أليس كذلك؟”
لم يرد يوريك، لكن إدوارد استمر: “لو كنت أملك وسامتك، لما عشت حياةً مملة كهذه!”
“يبدو أنك تعيش حياةً ممتعة بما فيه الكفاية.”
تمتم يوريك ساخرًا، نافضًا ذراع إدوارد. كان إدوارد يشتهر بمغامراته العاطفية التي لا تُحصى، وكان يوريك، بعد أن شاهد حياة ابن عمه عن كثب، متشككًا في مفهوم “الحياة الممتعة”.
إذا كان تلقي الصفعات من النساء المرفوضات يُعد تسلية، فهو يفضل الجهل بها إلى الأبد.
“ربما حان الوقت لتستقر أنت يا سمو العهد، وتختار أميرةً لك.”
“يا يوري، كيف أهب جسدي لامرأة واحدة بينما تنتظرني سيدات كثيرات؟ لم أجد بعد من تأسر قلبي. كلهن ساحرات، فكيف أستقر؟”
“انتبه للأمراض.”
“هاها، لا تقلق، أنا حذر جدًا! هل تريد نصائح؟”
“لا، شكرًا.”
أدار يوريك رأسه، متجاهلاً إدوارد الذي استمر في الثرثرة.
‘هل هذا مستوى حوار ولي العهد والدوق؟’
تساءل في نفسه. قرر أنه أدى واجبه بحضوره، وكان على وشك مغادرة القاعة عندما شعر بدوارٍ مفاجئ جعله يترنح.
“هل أنت بخير؟”
هرع إدوارد لدعمه.
لم يشعر يوريك بالإرهاق من قبل، فهو يمتلك بنيةً قوية رغم مظهره الأنيق. لكن هذا الدوار كان غريبًا. هل هو مريض؟ أم أن الحفلة أرهقته؟ وبينما كان يفرك جبهته:
[كن لطيفًا مع إديث هاميلتون.]
فكرة غريبة اجتاحت عقله فجأة.
“ما هذا…؟”
كان يعلم بوجود ابنة للبارون هاميلتون، لكنه لم يلتقها قط. مجرد اسم عابر. لماذا يفكر بها الآن؟ والأغرب أنه لم يستطع مقاومة هذا الأمر. تجمد جسده، ولم يستطيع تحريك حتى أصابعه.
“يوريك!”
قلق إدوارد وهو يرى عرقًا باردًا على جبينه.
“من الأفضل أن تعود. إذا أغمي عليك هنا، ستُحرج نفسك.”
بينما كان إدوارد يبحث عن خادم، وقعت عينا يوريك على امرأة. لم يرها من قبل، لكنها كانت تتحدث بحميمية مع البارون هاميلتون وزوجته.
عيناها الخضراوان تضيقان وهي تبتسم، ووجهها يشبه إيفريت هاميلتون.
[إنها إديث هاميلتون.]
شعر وكأن أنفاسه توقفت.
“يوريك!”
لاحظ إدوارد غيابه فجأة. كان يوريك يسير بخطى واثقة نحو مكانٍ ما.
“يبدو أنه بخير.” تمتم إدوارد، لكنه كان مخطئًا.
“ما هذا بحق خالق الجحيم؟”
شعر يوريك بالرعب وهو يدرك أن ساقيه تتحركان دون إرادته، كدمية يتحكم بها خيّال. عقله يرفض، لكن جسده يتحرك بمفرده. توقف أخيرًا أمام إديث.
***
ساد الصمت فجأة في القاعة الصاخبة. عبست إديث قليلاً وهي تتحدث مع والديها. لماذا الهدوء المفاجئ؟
لاحظت أن الأنظار تتجه نحوها، ثاقبة وحادة. ثم وصلها عطرٌ غريب.
الأرشيدوق غلاسهارت.
كان يحدق بها بنظرةٍ مظلمة مخيفة، وكأنه على وشك إخفاء شخصٍ ما. شحب وجه إديث.
“ما الخطب؟”
“إدي، هل حدث شيء؟ هل أسأتِ إلى سمو الأرشيدوق؟”
همست والدتها بقلق.
“لا أعلم…”
تقدم البارون هاميلتون بثبات، لكنه كان يرتجف سرًا.
“سمو الأرشيدوق، هل من أمرٍ تريده من ابنتي؟”
لم يجب الأرشيدوق، مما زاد من توتر البارون.
“إن كانت ابنتي قد أغضبتك، فهي لا تزال جديدة على المجتمع، فاعذرها…”
“تبًا!”
قاطعه يوريك وهو يمرر يده في شعره.
تمتم بشيء غير مفهوم، ثم نادى: “آنسة هاميلتون.” نظرت إليه إديث بذهول.
“يبدو أنكِ تشعرين بالبرد. ارتدي هذا.”
خلع جاكيته ووضعه على كتفيها بعناية، ثم مسح كتفها بلطف، رغم تعبيره البارد.
تفاجأ الجميع، بما في ذلك والدا إديث، بهذا التصرف غير المتوقع. بدأت الهمسات:
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 2"