عندما انطلقت أنغام مسيرة إعلان دخول العروس، بدأت إديث بخطواتها البطيئة.
كانت تبدو هادئة المظهر، لكن قلبها في داخلها كان ينبض بعنفٍ وكأنه على وشك الانفجار، فلم تدرِ كيف تتصرف.
ماذا لو تعثرت بطرف فستانها وسقطت؟ حتى هذا الخيال الجامح مرّ بذهنها، فتيبست أوصالها من التوتر.
لكن في كل مرة، كانت تمسك بيد والدها بقوة، وتنظر إلى يوريك الواقف في نهاية الممر، فتخطو قدماً إلى الأمام.
كان العريس، الذي ارتدى معطفاً صباحياً أسود، يتألق بنبلٍ أكثر إشراقاً من المعتاد.
ومع أن أنظار الضيوف تجمعت نحوه معجبة، إلا أن عينيه الزرقاوين المتّقدتين لم تتزحزحا قيد أنملة، بل بقيتا معلقتين بإديث وحدها.
كان طوال الوقت يحمل نظرة عجولة لم يتمكن من إخفائها، حتى لحظة تسلّمه يدها من والدها، حين استعاد أخيراً هدوءه. ارتخت كتفاه المتشنجتان، وأطلق يوريك نفساً قصيراً يعبّر عن ارتياحه.
ثم أمسك بيدها بقوة، كما لو كان شخصاً استعاد كنزاً ثميناً، مصمماً على ألا يتركه أبداً.
ظلا يتبادلان النظرات والابتسامات لفترة طويلة، حتى أعادهما سعال الأسقف توماس المتعمد إلى الواقع.
“حتى و إن كانت البداية زنا، فإننا اليوم نجتمع أمام الله لنتوحد في زواج مقدس.”
كانت كلمات الخطبة تبدو غريبة بعض الشيء. بالطبع، لا بد أن يكون ذلك وهماً. واصل الأسقف توماس، بنظرة مفعمة بالعاطفة نحو الاثنين، خطبته ببطء:
“لذلك، أسأل الآن… إن كان هناك من يعترض على هذا الزواج، فليتكلم الآن أو يصمت إلى الأبد.”
عند هذه الكلمات، عبس يوريك قليلاً، لكن لحسن الحظ، كانت مقاعد الضيوف هادئة تماماً. هل يُعقل أن يجرؤ أحد على الاعتراض في مثل هذا الموقف؟ مثل هذا المشهد لا يليق إلا بمسرح الأوبرا.
“هف، هذا مطمئن. كنت أخشى أن يقوم أحمق ما بحركة متهورة.”
“ما هذا الكلام الذي لا معنى له؟” همست إديث بضحكة خافتة.
“أليس ذلك بديهياً؟ والعروس بهذا الجمال!”
يا إلهي، لقد وصل إلى مرحلة ينطق بمثل هذه الكلمات بلا خجل! ومع ذلك، هي ليست بجمال يوريك الذي حاز شهادة الجنية… كانت قلقة بلا داعٍ.
“كحّم! كحّم!”
واصل الأسقف توماس السعال المتعمد حتى احمرّ وجهه من الإحراج.
عندما رأت إديث ذلك، أغلقت فمها على عجل. يا لها من وقاحة أن تستمر في إزعاج الأسقف حتى النهاية! لكن للأسف، لم تنته معاناة الأسقف توماس بعد.
“في السراء والضراء-“
“أقسم.”
“……”
قبل أن ينتهي الأسقف من سؤال القسم، انطلق يوريك بنذره فجأة. توقف الأسقف توماس، مندهشاً، يرمش بعينيه في حيرة. لكن يوريك، بوجه هادئ، أومأ برأسه قليلاً، كأنه يحثه على المتابعة.
“أعلن أنكما أصبحتما زوجين. ما وحدّه الله، لا يفرقه إنسان.”
أخيراً، أعلن الأسقف توماس ارتباطهما رسمياً كزوجين. ثم مسح عرق جبينه، وتمتم بهدوء:
“…هف، يا لها من أمور مُرهقة.”
“ماذا؟”
“احّم! يجوز للعريس أن يقبل العروس.”
وكأنما بطريقة غير مقدسة، نفّذ العريس هذا الأمر بأمانة فائقة.
في صمتٍ لم يُسمع فيه حتى أنفاس الحاضرين، رفع يوريك يده ببطء.
عندما لامس أطراف الحجاب الأبيض الرقيق، ابتلع الضيوف أنفاسهم. تكشّف وجه العروس تدريجياً مع رفع الحجاب، وفي تلك اللحظة، التقت عيناها المتوترتان بنظراته.
“إديث.”
“نعم.”
“…أحبكِ.”
بهذا الهمس، احمرّ وجه إديث في الحال.
“آه!”
في تلك اللحظة، صرخت إحداهن من مقاعد الضيوف، وكأنها لا تطيق الأجواء الرومانسية التي ملأت المكان. فضحك الجميع معاً.
في خضم تلك الضجة، أمسك يوريك وجنتيها بحذر. لم تكن تلك القبلة الأولى، لكن قبلاته كانت دائماً تجعل قلبها يخفق بقوة.
تلامست شفتاهما بلطف… ثم تحولت القبلة إلى شغفٍ أعمق وحرارة أكبر.
رنّت أجراس الكاتدرائية من قمة البرج، مملأة الفضاء بأصواتها.
ترددت الأصداء النقية العميقة عبر قبة السقف، متشابكة مع أشعة الشمس التي تسللت من النوافذ الزجاجية الملونة.
كانت الأجراس عذبة ومهيبة، وكأن كل رنين هو صلاة مباركة تهبط من السماء.
***
عندما خرجا من باب الكاتدرائية، لفّتهما أشعة الشمس المتألقة. استقبلهما الناس بالهتافات والتصفيق، ونثر الأطفال بتلات الزهور من سلالهم عالياً في السماء.
على دربٍ تتساقط فيه الزهور، سار العروسان ببطء حتى وصلا إلى العربة المزينة بالشرائط البيضاء. عندما فُتح باب العربة، مدّ يوريك يده بسلاسة ليدعم إديث برفق.
عندما صعدا إلى العربة، بدأت ضجة العالم الخارجي تتلاشى، تاركة لهما فضاءً هادئاً خاصاً بهما. جلسا جنباً إلى جنب على مقاعد مخملية مزينة بالتطريز الذهبي.
أخيراً، تنفست إديث نفساً خفيفاً، كأن التوتر قد انحسر.
“رجلاي ترتجفان.”
نظر إليها يوريك بعطف، فعبس قليلاً.
لم يفته أن أطراف قدميها كانت ترتجفان، فمال نحوها وكأنه يريد مساعدتها في الحال. لكن في هذا المكان الضيق داخل العربة، لم يستطع سوى أن يترك يده تتردد في الهواء قبل أن يسحبها.
“هف، تحملي قليلاً. سأدلك قدميكِ لاحقاً.”
“هل جُننت؟”
احمرّت وجنتا إديث في الحال. حائرة أين توجّه نظراتها، ضربت يده بخفة ونظرت إلى النافذة. لكن الاحمرار الذي امتد إلى أذنيها لم يكن بالإمكان إخفاؤه.
“وما المانع؟ نحن الآن زوجان.”
“……”
“لمَ الصمت؟ هل أنا مخطئ؟”
“…لا، نحن زوجان بالفعل.”
ابتسم يوريك ببريقٍ عند إجابتها، ثم بدأ يعبث بأصابعها لفترة قبل أن يفتح فمه ببطء.
“ربما لا تتذكرين، لكنني قلتُ لكِ ذات مرة إنني لا أستطيع أن أعدكِ بالحب.”
بالطبع، كانت تتذكر ذلك جيداً. كان ذلك خلال نزهة على متن قارب في البحيرة، عندما نطق يوريك بعرض زواجه. قال إنه لا يعرف الحب، لكنه وعدها بالاحترام بدلاً من ذلك.
“انسي ذلك الكلام. الآن وأنا أفكر فيه، كان وقحاً للغاية.”
“لقد نسيته بالفعل. ألستَ أنتَ العاشق الولهان؟”
ضحك بخفة، وفرك جبهته بأطراف أصابعه ببطء، كأنه يحاول محو ذلك الشخص الساذج الذي كانه. ثم، عندما التقت عيناه بعينيها مجدداً، انحنت زوايا عينيه بلطف. وأخيراً، استذكر يوريك عرضه السابق بحذر.
“قلتُ إنه يكفيكِ أن تؤدي واجباتكِ كدوقة، ولا يهم ما تفعلينه بعد ذلك…”
“……”
“لكنني سأصحح ذلك أيضاً. كوني دائماً إلى جانبي. وأنا كذلك سأكون.”
كان ذلك طلباً وتعهداً صلباً في آنٍ واحد. نظرت إديث إلى وجه يوريك الجاد، ثم فتحت فمها ببطء.
“حسناً. لكن-“
ارتجفت شفتاها قليلاً وكأنها تستجمع أنفاسها.
“عاملني دائماً بلطف.”
“لا تقلقي. ألم أقل إن لطفي مخصص لكِ وحدكِ؟”
أجابها بسرعة وبثقة. نعم، هذا يكفي. ضحكت إديث، فاحتضنها يوريك بحنان.
خارج النافذة، امتدت شوارع العاصمة وهتافات المواطنين. لوّح الناس بمناديلهم مباركين للعروسين، وترددت أصوات الأجراس بعيداً.
لكن وسط كل تلك الضجة والهتافات، كان داخل العربة هادئاً. كأن أنفاسهما ونبض قلبيهما هما العالم بأسره، أغلق العروسان أعينهما وهما متعانقان.
وفي ذلك اليوم، فُتح فصل جديد في قصتهما.
فصل أكثر لطفاً، وأكثر سعادة من أي شيء آخر.
―<لا تكن حنونًا>، النهاية.🩷💜
✨🌸 وصلنا للنهاية الحمدلله 🌸✨
كانت رواية لطيفة خفيفة و مخدتش في ايدي وقت طويل ولا حسيت بيها حرفيًا من جمالها ، خالية من التوكسيك و مفيهاش أشرار ولا فيها اي حاجة ممكن تحسسكم بالضيق و انتو بتقروها، و من زمان الواحد نفسه في حاجة زي كدا بدون هموم ولا مشاكل 😭🤏
تحبو تقرو علاقة صحية؟ علاقة لطيفة بين الأبطال؟ قدامكم رواية لا تكن حنونا!
هنودع أطفالنا مؤقتًا لحد ما الفصول الجانبية تنزل اللي الله أعلم هتنزل امتى اساسا بس وعد هترجمها لما تنزل إن شاء الله 😂
شكرًا لقراءة الرواية حتى النهاية❤️❤️❤️❤️
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 125"