تحدي الأزواج؟
مجرد اسمها كان كافيًا ليكون مضرًا بالقلب. عبست إديث دون وعيٍ ولوَّحت بيدها.
“لا بأس-“
“ما الهدية التذكارية؟”
لكن كلامها قُطع فجأةً بتدخل كاساندرا المفاجئ.
نظر النادل بسرورٍ إلى الزوجين، وانحنى قليلًا، كأنه يهمس بسرٍ خفيٍّ.
“صورٌ محدودة الإصدار لمشاهير إيلانكو. وبالطبع، الجزء الخلفي من الصور يحمل توقيعًا شخصيًا.”
…مشاهير إيلانكو؟ من هم؟
“على سبيل المثال، الكاتبة الشهيرة بين السيدات، مدام أمور، و-“
عند سماع هذا الاسم غير المرحب به، استيقظت أذن إديث للحظةٍ، لكنها سرعان ما فقدت الاهتمام واستكانت تعبيراتها.
لكن، على عكسها، كاساندرا، التي أصبحت معجبةً متحمسةً لمدام أمور، صرخت بنبرةٍ كأنها تختنق:
“مدام أمور؟! يجب أن نحصل عليها!”
“حسنًا، ابذلي جهدكِ…”
لكن كلمة النادل التالية أوقفت يد إديث.
“الرسامة، السيرة ألما دانفيير.”
في اللحظة التي سُمع فيها هذا الاسم، لمعت عينا إديث فجأةً. لاحظ يوريك الحماس في عينيها، وقال بنبرةٍ مترددةٍ:
“كتبي رسالةً إلى دانفيير و أطلبي منها إرسال صورةٍ.”
كان كلامه منطقيًا بالتأكيد. فهي كانت على تواصلٍ شخصيٍّ مع ألما. إن طلبت تلميذتها الوحيدة صورةً، فلن ترفض المعلمة.
“لكن… إنها محدودة الإصدار.”
لكن قلب المعجب لا يمكن تفسيره بالعقل. كلمة «محدود» كانت لها قوةٌ غريبةٌ تهز القلب.
لم تعرف مدى صعوبة التحدي، لكن إن أمكن، أرادت الفوز بالجائزة.
“هاااه، افعلي ما شئتِ.”
هز يوريك رأسه بخفةٍ وأشار بعينيه إلى النادل. فهم النادل رغبة الزبون وانحنى بأدبٍ.
بعد فترةٍ قصيرةٍ، وُضعت المقبلات على الطاولتين. ارتفع عبيرٌ خفيفٌ من حساء الشمندر على شكل قلب، وتألقت السلطة المزينة ببتلات الورد على الطبق.
نظر النادل إلى السيدتين بالتناوب وابتسم ابتسامةً مشرقةً:
“التحدي يتكون من ثلاثة أجزاء.”
أولًا، إطعام بعضهما الطعام. ثانيًا، ترديد «جملة الحب» المُعدة مسبقًا مع التحديق في عيون بعضهما والاحتفاء بالكؤوس. أخيرًا، رسم بورتريه لبعضهما على ورقةٍ صغيرةٍ بحجم راحة اليد.
مع هذه الشروط المليئة بالود والحب، انسدت كلمات إديث.
في الماضي، ربما لم تكن تهتم كثيرًا.
لكن الآن… مجرد رؤية يوريك جعل قلبها يخفق بجنونٍ.
كما توقعت، كانت قد فكرت بأمرٍ سهلٍ جدًا. لم تكن إيلانكو بلدًا يستهان به.
لكن على الطاولة المجاورة، كانت كاساندرا وبينيديكت ينهيان التحدي بسرعةٍ مذهلةٍ.
“حبيبي، آ-“
“أريد السباحة في عينيكِ. كأسٌ لكِ!”
“هيهي، بيني يرسم جيدًا.”
في النهاية، أكملت كاساندرا التحديات الثلاثة بسرعة البرق وحصلت على الجائزة. كانت تعبيراتها، وهي تملك صورة مدام أمور، كأنها أسعد شخصٍ في العالم، لكن-
“أنا لن أفعلها.”
خرج إعلانٌ حاسمٌ بالتخلي من فم إديث. نظر إليها يوريك، مائلاً رأسه، عند سماع كلامها.
“فجأةً؟ ألم تكوني ترغبين في الجائزة للتو؟”
“على أي حال، لا فرصة للفوز بها. لا يمكن أن تفعل شيئًا كهذا، أليس كذلك؟”
في الحقيقة، كانت هي الأقل ثقةً، لكنها ألقت اللوم على يوريك. بدا أن كلامها أثار كبرياءه. عبس يوريك قليلًا.
“لمَ لا أستطيع؟ هل هناك رجلٌ في إيوتن أكثر لطفًا مني؟ هل تقصدين تشيسترفيلد؟”
منذ لقائه بدنيال، بدا أن روح التنافس الغريبة قد نشأت في يوريك.
دوق غلاسهارت، المشهور باللطف في جميع أنحاء القارة. ربما لهذا، بدا أن كبرياءً غريبًا قد نبت فيه.
رغم أنه ودودٌ بسبب اللعنة، كان يعتقد بشدةٍ أنه ودودٌ منذ ولادته. بالتأكيد، كلام الناس عن أن الجنيات دمرت شخصًا لم يكن خطأً.
“…لا يمكنك حتى الرسم.”
“لا تقلقي بشأن ذلك.”
قال يوريك ذلك وأمسك ملعقةً، ورفع حساءً إلى فمها.
“كلي.”
نظرت إليه إديث للحظةٍ، تتحرك شفتاها، ثم أخفضت رأسها أخيرًا. عندما لامست الملعقة شفتيها، انتشر عبير حساء الشمندر الناعم في فمها.
“كيف الطعم؟”
“جي-جيدٌ.”
في الحقيقة، لم تتذكر الطعم. كانت مشوشةً لدرجة أنها لم تعرف إن كان الطعام يدخل فمها أم أنفها.
“لآن دوركِ.”
مر صوته المنخفض والثابت بأذنيها. جعلتها نظرته القريبة أكثر من المعتاد تشعر بالاختناق، فابتلعت ريقها دون وعيٍ.
حاولت تهدئة تعبيراتها، ورفعت ملعقة حساءٍ إلى يوريك بنفس الطريقة. أخفض رأسه بلا مبالاةٍ ووضع الملعقة في فمه.
في تلك اللحظة- ظهر لسانٌ ورديٌّ في فمه واختفى.
جننتِ، يا إديث هاملتون. أغلقت عينيها بقوةٍ بشكلٍ لا إراديٍّ.
“أريد السباحة في عينيكِ…”
كان الاحتفاء بالكؤوس أسوأ. ضاعت نظرتها في عينيه الزرقاوين أمامها. كانت صورتها منعكسةً في حدقتيه واضحةً جدًا، لقرب المسافة.
طنين-
صدى تصادم الكؤوس بمرحٍ. تراجعت إديث بسرعةٍ لتستعيد أنفاسها.
“هف…”
كان التحدي الأخير أسهل. كانت تستطيع رسم وجه يوريك وهي مغمضة العينين.
لم يكن الحادث السابق مصادفةً، فقد أكملت بورتريهًا مثاليًا هذه المرة أيضًا. بالنظر إلى الوقت القصير، لم يكن هناك ما يُعاب.
أنهى يوريك أيضًا رسمه ووضع قلمه. أمالت إديث رأسها قليلًا لتسترق النظر إلى رسمه. وكما توقعت- أثبتت النتيجة مهارته السيئة بلا رحمةٍ.
“ما هذا؟”
خرجت شكوى من فمها تلقائيًا. كان ذلك متوقعًا. على الورقة، كان هناك دائرةٌ تحتوي على عيونٍ وأنفٍ وفمٍ فقط، بدون أي جهدٍ واضحٍ.
“همم، هل يمكن اعتبار هذا ناجحًا…”
كان النادل، الذي كان يراقبهما بحماسٍ، يفرك ذقنه بتعبيرٍ غامضٍ. عندها، ابتسم يوريك بسخريةٍ كأنه كان ينتظر، وقال:
“مهما حاولت، لم أستطع التقاط جمال خطيبتي.”
“…..!”
يا إلهي، أن يقول كلامًا وقحًا كهذا دون أن يرمش! لا يمكن أن يفعل ذلك بدون تنشيط اللعنة. متى حدث ذلك…
بينما كانت تحاول تهدئة خديها المحمرتين، غطى النادل فمه بيديه وأخذ نفسًا عميقًا. ثم، كأنه يقدم جائزةً مهمةً، قال بجديةٍ:
“ناجح.”
سرعان ما وُضعت صورة محدودة الإصدار موقعة من ألما في يد إديث بعنايةٍ.
في الصورة، كانت ألما تضع أجنحةً صغيرةً على كتفيها، ممسكة بسهمٍ وكأنها تطلقه. كالعادة، كان تعبيرها حالمًا، لكنه هذه المرة أغلقت عينًا وغمزت بمرحٍ.
عند رؤية هذا، خطرت في ذهنها فكرةٌ واحدةٌ.
معلمتي، كم حصلتِ على المال لتُصوَّري هكذا؟
:هل أعجبتكِ؟”
“نعم.”
أومأت إديث رأسها لكلام يوريك. ترددت للحظةٍ ثم واصلت:
“شكرًا. بفضلك، حصلت على الجائزة التي أردتها.”
“لا بأس.”
“متى فعَّلت اللعنة؟ يبدو أن حالتك ازدادت سوءًا مؤخرًا.”
منذ شجارهما، كان يوريك يعاني من اللعنة لدرجة أنه اضطر لربط نفسه. لذا، أثناء التحدي، لا بد أن اللعنة قد ظهرت فجأةً.
“هل بدا ذلك كلعنةٍ؟”
“أليس كذلك؟”
“لا. أكملي طعامكِ.”
كانت تعبيرات يوريك الهادئة، وهو يقطع الحديث بحزمٍ، مريبةً نوعًا ما. ضيقت عينيها ونظرت إليه، لكنه لم يكترث واستمر في تناول طعامه.
في النهاية، استسلمت إديث. لا يمكنها معرفة ما يفكر فيه.
لم يكن أمامها خيارٌ سوى وضع الصورة بحذرٍ في حقيبتها. عندها، همست كاساندرا بشيءٍ لخطيبها من الطاولة المجاورة:
“…بيني، ابذل جهدًا أكبر من الآن فصاعدًا. لا أطلب منك أن تكون مثل سعادته.”
“أم، سأحاول حسب قولكِ.”
امتزج هذا الهمس الخفي بصوت عجلات القطار المنتظم، متدفقًا بهدوءٍ كخلفيةٍ.
— ترجمة إسراء
التعليقات لهذا الفصل " 104"