_المقدمة_
إلى النقيب أشلي،
مرحبًا، سيدي النقيب.
أنا أغات.
إذا كنت تقرأ هذه الرسالة، فلا بد أنك رأيت أيضًا أوراق اتفاق الطلاق.
لا بد أنك تفاجأت بتسلُّمك أوراق الطلاق فجأة.
لقد بقيت في المسكن لبضعة أيام، وسهرت ليالي طويلة أُفكر بجدية قبل أن أتخذ هذا القرار.
إذا كنت تشك في أنني أرسلت هذه الأوراق تحت ضغط من أحد، فأرجوك، لا تُسيء الفهم. لم يُجبرني أحد، ولم يُمْلِ عليّ أحد ما أفعله.
كتبت لك هذه الرسالة الأخيرة لأنني أظن أنك تستحق أن تعرف الحقيقة.
لقد استعَدتُ ذاكرتي قبل فترة.
وكما تعلم، كنتُ قبل أن أفقدها أشعر بالضيق تجاهك.
ولأكون صادقة… لقد كرهتك، سيدي النقيب.
أنا…
……(تم الحذف)……
ملاحظة:
الخاتم الذي أهداني إياه النقيب، وضعته في الدرج.
“لقد استعَدتُ ذاكرتي قبل فترة. وكما تعلم، كنتُ قبل أن أفقدها…”
كرر أشلي قراءة هذا السطر من الرسالة وهو يحدّق في الكلمات.
“هاه…!”
خرج أنين يشبه البكاء من بين شفتيه، حادًا ومؤلمًا.
ثم رمق الرسالة بنظرة جامدة، كأن لا شيء حرّك مشاعره.
…أنا لا أحبك، سيدي النقيب.
ولن أحبك أبدًا.
وحتى إن وُلدتُ من جديد، وفي حياة أخرى… فلن أحبك فيها أيضًا.
هذه هي أول وآخر مرة تطلب فيها ممرضة المستشفى الميداني، أغات، التي أنقذت حياتك، أمرًا منك.
أرجوك، وافق على اتفاق الطلاق.
✦✦✦
الفصل الأول: أصبحتُ ممرضة عدوي (1)
أشلي رفع عينيه عن الكتاب، يتتبع بنظره امرأة كانت تتحرك عبر عنبر المستشفى، تحمل صينية مليئة بقوارير الدواء.
كانت واحدة من ممرضات المستشفى الميداني.
ناتالي.
الجنود الجرحى ينادونها بهذا الاسم.
توقفت الممرضة أمام أحد الأسرّة، التقطت حبة دواء بالملقط وقدّمتها للجندي الجريح.
قال لها شيئًا، فابتسمت وردّت عليه بابتسامة مشرقة.
(تبتسم كثيرًا… وتتحدث بلطافة…)
لقد كانت هذه المرة الثالثة اليوم التي يراها فيها تبتسم لأحد المرضى.
ظل أشلي يحدق في وجه الممرضة، ولم تبدُ له مألوفة أبدًا. وجهها المشرق لم يكن يشبه على الإطلاق الممرضة التي يعرفها.
فقد كانت دائمًا باردة في تعاملها معه، لذلك لم يستطع منع نفسه من التساؤل.
في البداية، ظن أنها ممرضة مشغولة جدًا، ولا وقت لديها، فمرّر الأمر. فالمريض لا يراقب تعبير وجه الممرضة عادةً.
لكن مع مرور الوقت، ومع اقترابه من مرحلة التعافي، تذكر أنه تحدث معها مرة.
لم يكن حديثه معها لمجرد المزاح، بل لأنه كان بحاجة لمعرفة تفاصيل إصابته.
فسألها:
“كم من الوقت سأحتاج للعلاج؟”
فأجابت بنبرة باردة وهي تخفض نظرها:
“حتى تلتئم الجراح.”
ثم غادرت على عجل.
ومنذ ذلك الحين، استمرت في معاملته بنفس الطريقة.
تفك الضمادات، تُعقّم، تعيد لف الجرح، تُعطيه الدواء، وكل ذلك من دون أن تلتقي عيناها بعينيه ولو مرة واحدة.
عند هذا الحد، بدأ الفضول يُثير فيه روح التحدي.
(لماذا لا تنظر إلي؟ هل هذا أسلوب متعمّد لجذب الانتباه؟ أم أنها من النوع الذي لا ينظر للناس أصلًا؟)
أشلي شعر بالإرهاق من التفكير.
لأنه لا يعرف السبب، فقد بدأ يشعر بالانزعاج في كل مرة تقترب فيها منه.
وبدأ بمراقبتها عن كثب، حتى أدرك أن كل فرضياته كانت خاطئة.
في مرة أخرى، مشى عمدًا في اتجاهها.
وما إن رأتْه حتى أدارت وجهها بسرعة كمن أصيب بصاعقة.
ثم تجمدت في مكانها، واقفة كتمثال حتى مرّ من أمامها.
(هي تعرف وجهي… جيدًا، بل أكثر من اللازم.)
أشلي أمال رأسه إلى الجانب وهو يزيح عينيه عن الكتاب.
الممرضة كانت تتجنبه عمدًا، وتُبدي حذرًا مبالغًا فيه تجاهه.
لكن… ما المشكلة في ذلك؟
العالم مليء بأنواع مختلفة من الناس، وليس الجميع ملزمًا بأن يحبّه.
الأمر مزعج، نعم، لكن الردّ على كل تفصيلة يبدو سخيفًا.
لهذا قرر تجاهلها تمامًا، وأجبر نفسه على التركيز في القراءة، محاولًا نسيان وجودها رغم أنها دائمًا ما كانت تلفت انتباهه.
—
اسم ناتالي الحقيقي كان “أغات”.
وبما أنها كانت هاربة، عاشت طيلة الوقت باسم أعطته لها مديرة دار الأيتام.
تنهدت أغات بعمق.
كانت مضطرة الآن للذهاب إلى السرير الخامس في الجهة اليمنى.
فشدّت على أسنانها بخفة، وسارت بخطى ثابتة نحو سرير أشلي.
“دواء الظهيرة.”
قالتها وهي تلتقط حبة دواء بالملقط…
لكنها لم تستطع تجنّب عينيه هذه المرة.
“……!”
ارتبكت أغات فجأة وخفضت نظرها كأنها تهرب من عينيه. كانت تقبض بشدة على الملقط، لكن الرجل لم يمد يده لتناول الدواء.
قالت أخيرًا، بنبرة باردة:
“تناول الدواء، من فضلك.”
“شكرًا لكِ.”
ردّ أشلي بصوت مهذب وناعم، ثم مدّ يده الكبيرة.
وضعت أغات حبة الدواء في كفّه الملفوف بالضماد.
“تناوله.”
هيا.
كان بعض المرضى أحيانًا يرمون الدواء سرًا دون تناوله. ولو كانت أغات في حالتها المعتادة، لبقيت واقفة تراقب حتى تتأكد من أنه ابتلع الدواء بالفعل.
لكنها هذه المرة اكتفت بتلك الكلمات القصيرة، ثم استدارت مبتعدة بسرعة.
أشلي، وهو يحدق في كفّه، ابتسم بسخرية، ثم شدّ قبضته، ملامحه أصبحت أكثر برودًا.
ذهبت الممرضة إلى جندي آخر كان ذراعه اليمنى مكسورة ومثبتة بجبيرة.
وبين أصوات الصراخ، وتأوّهات الألم، ونداءات الأطباء والممرضات، برز صوتها الرقيق بوضوح.
كانت لهجتها لطيفة جدًا، لدرجة أن من يراها الآن لا يمكن أن يصدق أنها نفس الممرضة الباردة قبل قليل.
“سأسأل السيد هاوت إن كان ممكنًا وصف هذا الدواء.”
“أكون ممتنًا جدًا إن فعلتِ.”
وضعت أغات حبة الدواء في فم الجندي، ثم أمسكت كوب الماء وأمالته برفق على شفتيه.
وبعد أن ابتلع الدواء، انحنت باحترام، وانتقلت إلى السرير التالي.
“مثير للسخرية.”
همس أشلي.
لكن رغم ما قاله، كانت ملامحه مشدودة ومتحجرة.
أخفض رأسه ونظر إلى يديه الملفوفتين بالضماد.
انعقد حاجباه قليلاً، وارتسمت على زاوية شفتيه ابتسامة باردة ملتوية.
وفي اللحظة التي كان يحدّق بها فيها، التفتت أغات إليه.
عيناه الزرقاوان الجامدتان اصطدمتا بعينيها الخضراوين الباردتين في الهواء، وتلاقت النظرات مرة أخرى.
لكن هذه المرة، لم ترتبك أغات.
بل على العكس، حدّقت فيه بنظرة قاسية وملؤها التوبيخ، ثم أدارت وجهها عنه بكبرياء.
(هاه، مثير للاهتمام…)
لقد أظهرت له احتقارها بوضوح.
(وهل تظنين نفسك شيئًا عظيمًا، وأنتِ تحدقين بي بهذه الطريقة؟)
الشعور الذي حاول تجاهله طوال الصباح تحطم تمامًا.
(إن كانت تهتم لجذب انتباهي… فربما يجب أن أُريها كيف يكون الأمر.)
أدخل أشلي حبة الدواء إلى فمه، ثم رسم على وجهه ابتسامة ساحرة ممتدة.
—
“نعم؟ تقصدينني أنا؟”
سألت أغات، متظاهرة بأنها لم تفهم ما قيل لها.
“نعم، الممرضة ناتالي. ستكونين المسؤولة عن رعاية النقيب غلوستر من الآن فصاعدًا.”
قالت لها المشرفة “أديل”.
“ولِمَ أنا بالذات؟”
رفعت أغات حاجبها وسألت.
في المستشفى الميداني، كان هناك خمس ممرضات.
ورغم أنها لم تكن الأقدم، إلا أنها صمدت في هذا المكان لعشرة أشهر كاملة، وكان هناك اثنتان بخبرة أقل منها.
وفوق ذلك كله، لم تكن ترغب في رعاية النقيب غلوستر بشكل خاص.
“أنتِ تعرفين، الممرضة ناتالي، أن النقيب غلوستر أحد أهم مرضانا هنا، أليس كذلك؟”
“…نعم.”
أجابت أغات بصوت خافت.
أديل، التي راقبتها بصمت، تنهدت.
“لا أفهم سبب اعتراضك، خصوصًا وأنكِ كنتِ من ترعينه طوال الفترة الماضية.”
“ألا يمكن تعيين ممرضة ذات خبرة أطول لتولي أمره؟ لا أظن أنني مؤهلة كفاية لرعاية شخص بمقامه.”
“لكن… النقيب هو من طلبك.”
قالت أديل بهدوء.
“ماذا…؟”
اتسعت عينا أغات من الذهول، وسألت مجددًا.
بدا أن أديل لا تصدق أنها تجهل الأمر فعلًا، فأمالت رأسها باستغراب.
قالت إن النقيب غلوستر أخبر السيد هاوت بنفسه أنه يشعر بالطمأنينة حين تكون ناتالي مسؤولة عن رعايته، ولهذا اختارها.
ومع ذلك، تتحدث وكأنها ترفض تلك المهمة.
“يبدو أن النقيب قدّر جهدك وإخلاصك، الممرضة ناتالي.”
وبما أن النقاش انتهى عند هذا الحد، أغلقت أديل دفتر الملاحظات ونهضت من مكانها.
أما أغات، فما زال وجهها مشدودًا، وكأن شيئًا أثار فيها غضبًا عميقًا.
وقبل أن تغادر أديل، سُمِع صوتها المكبوت يتسلل خارجًا:
“أعتقد أن تخصيص غرفة فردية فقط للنقيب غلوستر أمر غير عادل.”
كان المستشفى الميداني يعاني دائمًا من نقص في الأسرّة، ولا يستطيع حتى استيعاب جميع الجرحى.
فأن يحصل رجل واحد فقط على غرفة خاصة، كان أمرًا يثير السخط.
“هل تقولين هذا لأنك لا تعرفين من هو النقيب؟”
جاء صوت أديل حادًا.
خفضت أغات نظرها، وعضّت شفتيها، ولم ترد.
أديل تمتمت بتأفف.
دوق غلوستر كان يمتلك عددًا هائلًا من الشركات، أهمها شركات الأسلحة، وكان الممول الأساسي للذخيرة والبارود في هذه الحرب.
لولا إمداداته، لكان عدد الضحايا في صفوف جيش الإمبراطورية أكبر بكثير.
وريث ذلك الدوق، النقيب غلوستر، أصيب بطلقات وجروح خطيرة، ويتلقى العلاج الآن في المستشفى.
وبسبب بنية جسده القوية، يتعافى بسرعة، لكنه لا يزال بحاجة إلى رعاية خاصة وراحة نفسية كاملة.
ومع ذلك، ها هي إحدى الممرضات تتذمر من تخصيص غرفة له.
حتى وإن كانت موهوبة في عملها، فهذا تجاوز للحدود.
لكن بما أن النقيب اختارها بنفسه، لا يمكن استبدالها بسهولة.
أعادت أديل ضبط ملامحها، وابتسمت بلطف مصطنع.
“غرفته في نهاية الممر، على اليمين. اذهبي الآن.”
هيما: و رواية جديدة ~
الانستغرام: zh_hima14
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 1"
حبيت🫰🏻❤️🔥