93
أسقط إسكاليون الرجل فاقد الوعي على الأرض. للوهلة الأولى، لم يتغيّر تعبير وجهه، لكن عضلات الفك المنتفخة أظهرت أنه كان غاضبًا جدًا.
“… مَـ مَن هو هذا الشخص؟”
سألت بيلادونا بصوتٍ خافتٍ مرتجف.
“آسفٌ لإيقاظكِ بينما كنتِ نائمةً بسلام.”
“هذه ليست القضية الآن …….”
بدلًا من الإجابة، بدأ إسكاليون في البحث في جسد الرجل المُلقى على الأرض.
“هل …. مـ مات؟”
لم يكن هناك إجابةٌ منه أيضًا.
سحبت بيلادونا البطانية بالقرب من جسدها وعانقتها بإحكام.
كان أمرًا مخيفًا أن يدخل شخصٌ غريبٌ قلعة جريبلاتا في منتصف الليل، وأنه مُستلقٍ هناك الآن جثّةً هامدة.
قام إسكاليون، الذي رأى بيلادونا ترتجف من الخوف، بتقويم الجزء العلوي من جسده المُنحني ومشى نحو الباب.
“لـ لا، لا تذهب.”
صرخت بيلادونا بصوتٍ خافت، مندهشةً من تركها بمفردها مع جثّة. نظر إليها إسكاليون بتعبيرٍ مضطربٍ على وجهه.
رفعت بيلادونا البطانية بسرعةٍ وخطت قدماها على الأرض.
أرادت أن تذهب نحوه، لكن ساقيها خارت عندما خطت خطوةً للأمام وانهارت.
“بيلّا!”
ركض إسكاليون نحوها وعانقها. قبّل رأس بيلادونا واحتضنها بإحكام.
“لم أقصد المغادرة. كنتُ سأستدعي شخصًا ما ليأخذكِ من هنا. لذا لا تقلقي.”
“أنا خائفة …….”
“آسف.”
توقّفت خطواته نحو الباب مع بيلادونا. عنظما وصل أمام الباب، غرقت عينيه الذهبيتين ببرود.
نظرت إليه بيلادونا بوجهٍ قلق. لـ لماذا …… ؟
“أعتقد أن هناك قاتلًا آخر.”
“……!”
هناك قاتلٌ آخر؟
سرت قشعريرةٌ في ظهر بيلادونا. قبل أن تتمكّن من اتخاذ قرارٍ بشأن الخروج من بين ذراعيه أو الاختباء في الغرفة، فتح إسكاليون الباب على عجل.
في نهاية الممرّ المظلم، سُمِع صوت خطوات أحدهم يركض بسرعة.
“اللعنة … أغلقوا البوابات واستدعوا الفرسان!”
صرخ إسكاليون نحو الداخل المظلم والهادئ للقلعة.
سرعان ما أضاءت الأضواء واحدةً تلو الأخرى من الطوابق السفلية، وسُمِع صوت الخدم، الذين فزعوا من ضجيج منتصف الليل، وهم يتمتمون.
* * *
“أين يختبئ هذا الفأر الصغير؟”
حكّ جراهام مؤخرة رأسه ودخل غرفة المعيشة.
تبعته هازل، دخلت وهي ركضت من الجانب الآخر وقالت.
“نائب القائد، لا أعتقد أنه هنا.”
كانت بيلادونا جالسةً على أريكةٍ ناعمةٍ في غرفة المعيشة، مغطاةً ببطانيةٍ سميكة.
أحضرت سيندي لها الشاي الساخن. لم تكن تريد حقًا شربه، لكنها كانت بحاجةٍ إلى شيءٍ دافئ، لذا قَبِلته بصمت.
“أخرج شيءٌ ما من جسده؟”
“لم يكن هناك دليلٌ خاص.”
“لا شيء؟ اللعنة، ماذا بحق خالق الجحيم …”
رفع جراهام يده ومرّرها على وجهه بتعبيرٍ مُعقَّد. نظرت بيلادونا إليهم بوجهٍ قلق، ولا يزال الارتعاش يسيطر على جسدها.
“سيدتي، لقد فوجئتِ كثيرًا، أليس كذلك؟ لا تقلقي. سنعثر بسرعةٍ على العقل المدبّر ونعتني بأمره.”
هازل، التي لاحظتها على هذا النحو، اقتربت منها بابتسامةٍ مصطنعة.
ما الذي يحدث بحق خالق الأرض …… لا تزال تشعر وكأنها تحلم، سحبت بيلادونا البطانية أقرب إلى جسدها.
في تلك اللحظة، دخل إسكاليون، الذي كان غاضبًا جدًا، من خلال باب غرفة المعيشة المفتوح.
“أوه، سيدي ……”
قبل أن تتمكّن هازل من إنهاء تحيّتها، وجّه إسكاليون لكمةً ثقيلةً إلى جراهام، الذي كان يقف في منتصف غرفة المعيشة.
طار جراهام، الذي كان يقف بلا دفاع، إلى الخلف وضرب ظهره الحائط. وعندما ضرب الطاولة القريبة، سقطت، ووقعت الأشياء التي علييا على الأرض، محدثةً ضوضاء عالية.
“آآه ……!”
“سيدي! ماذا تفعل!”
صرخت الخادمات المندهشات، وركضت هازل على عجلٍ لإيقاف إسكاليون.
“آغه …..”
فرك جراهام، الذي كان مستلقيًا على الأرض، ذقنه بعبوس.
بنظرةٍ شرسة، سأله إسكاليون، الذي كان ينظر إليه من الأعلى.
“كيف يمكنكَ على وجه الأرض إدارة أمن القلعة التي دخلها شخصان مجهولان في منتصف الليل؟ وفي غرفة نوم اللورد أيضًا؟”
“……”
“لو لم ألاحظ، لكنتُ أنا وبيلّا في عِداد الموتى الآن. كان من الممكن أن يُقتَل سيد وسيدة جريبلاتا بين عشيّةٍ وضحاها!”
“أنا آسف.”
انحنى جراهام برأسه وقال.
حجبت هازل رؤية إسكاليون المنفعل وحاولت تهدئته.
“سيدي … توقّف! أعلم أنكَ غاضبٌ للغاية، لكن فرساننا لم يتمكّنوا من فعل أيّ شيءٍ حيال هذا الأمر. لقد بحثنا في كلّ شيء، لكن لم يكن هناك دليلٌ ملموسٌ على التطفّل.”
“ثم ما هذا بحق خالق الجحيم؟”
“هـ هذا …….”
“أسقطوا من السماء أم خرجوا من باطن الأرض؟ لم تتمكّنوا من العثور عليهم بشكلٍ صحيحٍ وتختلقون بعض الأعذار الواهية؟”
اتّخذ إسكاليون، الذي لا يزال غاضبًا، خطوةً حادّةً نحو هازل. تراجعت هازل بوجهٍ خائفٍ ببطءٍ إلى الخلف.
“وما زلتُم لم تجدوا الشخص الذي هرب. ما الذي تعرفون بحق خالق الأرض أن تفعلوه بشكلٍ صحيح؟”
“… إعتذاري.”
خفضت هازل رأسها أيضًا عند سماع كلماته. بينما كانت تراقبهم بصمت، عضّت بيلادونا شفتها السفلية ونهضت من مقعدها.
في هذه الحالة، لم يكن من الممكن القول إن الفرسان المسؤولين عن حراسة القلعة كانوا خاليين تمامًا من المسؤولية. ومع ذلك، لم يترك المتسلّلون أيّ أثر، ولم يتمّ العثور على أيّ شيءٍ خاصٍّ في جثّة الشخص الذي قتله إسكاليون.
إلى جانب ذلك، لم يكن هذا النوع من الانقسام الداخلي مفيدًا كثيرًا في هذه اللحظة.
“……..”
اقتربت بيلادونا من إسكاليون، الذي كان غاضبًا، وأمسكت بذراعه. نظر إسكاليون إليها، وهو يتنفّس بهياج.
عندما أدار رأسه والتقت عيناه بعينيها، كان تعبير وجهه مليئًا بوضوحٍ بالارتياح والخوف والندم والاعتذار.
“بيلّا، أنا حقًا ……”
“……..”
“لو لم أستيقظ في الوقت المناسب، لو كنتِ أنتِ مَن استهدفوكِ أولاً بدلاً مني …….”
هزّت بيلادونا رأسها. لم يحدث ذلك، والآن، بدلًا من الغضب على بعضنا البعض، كانت المَهمّة الأكثر إلحاحًا هي معرفة مَن كان خلفهم. استدارت بيلادونا، التي هدّأت إسكاليون، واستولت على ورقتها وقلمها.
[من فضلك، استدعِ ساحرًا.]
“لماذا ساحرٌ فجأة؟”
عبس إسكاليون بعد قراءة كلماتها وسأل.
أدار جراهام، الذي كان جالسًا على الأرض، وهازل، التي كانت تقف أمامه، رؤوسهما أيضًا عند الشيء غير المتوقّع.
[قلتَ أنه لا توجد أيّ علامةٍ على التطفّل، أليس كذلك؟ لديّ شعور.]
“ماذا؟”
حرّكت بيلادونا قلمها بوجهٍ هادئ.
[من فضلك، استدعِ ساحرًا متخصّصًا في سحر النقل الآني.]
* * *
ابتلع الساحر الذي تم استدعاؤه إلى قلعة جريبلاتا في وقت مبكّرٍ من الصباح لعابًا جافًا بينما كان يضبط نظارته السميكة.
بدا اللورد الواقف أمامه، بجسده الضخم، غير مرتاحٍ للغاية، ممّا جعله متوتّرًا.
“مـ مرحبًا، سيدي.”
“شكرًا لكَ على الحضور مبكّرًا.”
“لـ لا. نحن مجرّد أشخاصٍ يتحرّكون خلف رائحة المال …… “
توقّف الساحر عن الكلام ودحرج عينيه.
في تلك اللحظة، عندما امتلأت كلّ عينٍ من عينيه بأشخاصٍ شرسين ومخيفين، لفتت انتباهه امرأةٌ صغيرةٌ تجلس في الزاوية.
“هاه؟ هذا الشخص هو …… “
حالما تعرّف على قديسة أستانيا، سدّ ظلٌّ مظلمٌ طريقه.
“آه ….. “
“سمعتُ أنه يمكنكَ إنشاء بواباتٍ ليس فقط في الأماكن المخصّصة ولكن أيضًا في الأماكن غير المخصّصة.”
رفع الساحر رأسه ونظر إلى إسكاليون، الذي كان يسدّ طريقه. مـ ما هذا الشعور الساحق …… ؟
ابتلع الساحر لعابًا جافًّا مرّةً أخرى وفتح فمه ببطء.
كانت هناك أماكنٌ منفصلةٌ مختلفةٌ حيث تتدفّق الطاقة السحرية في إمبراطورية إليانور لتثبيت بواباتٍ عامّةٍ أو خاصة. بدا هذا العميل فضوليًا بشأن ذلك.
“آه …… نعم. هل تسأل عمّا إذا كان من الممكن إنشاء بوابةٍ تسمح لكَ بالتسلّل إلى القلعة دون المرور عبر البوابة المخصّصة؟ إنه ممكن، لكنه نظريٌّ فقط.”
“ماذا تقصد؟”
“كما تعلم، فإن تركيب بوابة نقلٍ آنيٍّ في مكانٍ غير المكان المُصرَّح به محظورٌ تمامًا بموجب قوانين إمبراطورية إليانور. ليس هذا فحسب، بل إن تركيب بوابةٍ في مكانٍ جديدٍ حيث لا يوجد مسارٌ سحريٌّ يتدفّق في الأصل يتطلّب صيغةً معقّدةً للغاية وتستهلك الكثير من القوّة السحرية. لذلك، من المستحيل حتى على ساحرٍ عاديٍّ أن يحاول ذلك. لا يوجد سببٌ يدفعه للقيام بذلك.”
بدأ في نطق كلّ ما يعرفه بصوتٍ هادئٍ قدر الإمكان.
“على وجه الخصوص، نظرًا لأن تضاريس جريبلاتا لا تسمح بتدفّقٍ جيّدٍ للقوّة السحرية، فسيكون من الصعب تركيب بوابة نقلٍ آنيٍّ في مكانٍ مثل هذا دون أن يعرف أحد …… “
نظر الساحر من النافذة إلى التضاريس الوعرة وتوقّف عن الكلام.
تحدّث إسكاليون، الذي كان ينظر إليه من أعلى، مرّةً أخرى.
“إذن، أنتَ تقول أنه مستحيل الحدوث؟”
“نـ نعم. ومع ذلك، قد يكون من الممكن لساحرٍ رفيع المستوى …… أوه، لا. إنه مستحيل!”
“ساحرٌ رفيع المستوى؟”
عبس إسكاليون عند كلمات الساحر التي تبدّلت في لحظة. لوّح الساحر بيده على عجلٍ بتوتّرٍ وأجاب.
“آه ……! لـ لقد زلّ لساني. السحرة الوحيدون الذين يمكنهم إنشاء بوابةٍ في هذه المنطقة هم سادة برج السحر. لذا يمكنكَ فقط افتراض أن هذا مستحيل. علاوةً على ذلك، سيكون من الصعب عليهم إنشاء بوابةٍ ذهابًا وإيابًا. حتى لو استطاعوا، فلن يكون ذلك إلّا مرّةً واحدة …… “
واصل الساحر، الذي كان يتمتم، الحديث.
“ها، ولكن لماذا يكلّف شخصٌ مثله نفسه عناء إنشاء بوابةٍ متحرّكةٍ داخل القلعة؟ هناك مساحةٌ جيّدةٌ لتثبيت البوابة ليست بعيدةً جدًا عن بوابة القلعة! تلك التي استخدمتَها عندما أتيتَ إلى هنا!”
عقد إسكاليون ذراعيه ونظر إلى جراهام وهازل.
عندما أومأوا برؤوسهم قليلاً، سأل مرّةً أخرى.
“أين سيد برج السحر الآن؟”
“هاه؟ آه، هـ … هل تشكّ في سيد برج السحر الآن؟ إنه ليس من النوع الذي قد يقوم بمثل هذا الأمر الخاص!”
“أجِب فقط على السؤال.”
فتح الساحر فمه، وتحرّك جسده بعيدًا قليلاً.
“أ- ألن تعرف القديسة التي هناك هذا أفضل مني؟”
“ماذا؟”
عند كلمات الساحر، كانت عيون الجميع ثابتةً على بيلادونا.
شعرت بيلادونا بالدوار وأطلقت تنهيدةً صغيرة. لم أتوقّع ذلك أبدًا …….
سرعان ما تحدّث الساحر بصوتٍ مرتفع.
“هاه؟ ألم تعلموا جميعًا؟ أليس في الفاتيكان؟ إنه مقرّبٌ جدًا من البابا الحالي!”
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1