92
“لذا قدّمتُ هديةً لإسكاليون، ولكنه فور أن استلمها، قال بوجهٍ عابسٍ إنه لا يحتاج إلى مثل هذه الأشياء؟”
قالت سكارليت بصوتٍ عالٍ.
كانت بيلادونا، الجالسة أمامها، تبتسم وهي تنظر إليها بهدوء.
“غضبتُ كثيرًا، فصرختُ قائلةً إذن تخلّص منها، ورميتُ الهدية على الأرض ثم ذهبتُ للنوم مباشرة. ولكن عندما استيقظتُ في اليوم التالي، لم أجد الهدية التي رميتُها على الأرض.”
[ما هي الهدية التي قدّمتِها لإسكاليون؟]
“دمية!”
بفتت ..!!
ضحكت بيلادونا بصوتٍ منخفض. تقديم دميةٍ كهديةٍ لإسكاليون؟
قالت سكارليت وهي تهزّ كتفيها.
“ما الذي سأعرفه بينما كنتُ طفلة؟ كنتُ أحبّ الدمى، فظننتُ أن إسكاليون سيحبّها أيضًا.”
[لابدّ أنها كانت هديةً لطيفة.]
“كان يحتفظ بها في جيبه بشكلٍ عشوائيٍّ لبعض الوقت، ولكن الآن لا أرى لها أثرًا، يبدو أنه تخلّص منها.”
هل كان إسكاليون، أثناء عمله كمرتزق، يحمل دميةً صغيرةً في جيبه؟ لا يمكن تصوّر ذلك الآن.
[حقًا؟ وماذا بعد ذلك؟]
كانت قصص إسكاليون التي تسردها سكارليت دائمًا ممتعةً لبيلادونا. كان هناك جانبٌ ناعمٌ وضعيفٌ من ماضيه لم تعد تراه الآن.
كانت بيلادونا متحمّسةً وتسأل عن هذا وذاك، وهي تحرّك قلمها بإثارة.
“ثم بعد ذلك …”
بينما كانتا مستغرقتين في الحديث، فُتِح باب غرفة المعيشة، وظهر ااشخصية الرئيسية للقصة، إسكاليون.
بدا وكأنه أنهى تدريبه للتوّ، وكانت هناك بقعٌ من التراب على ملابسه.
“سكارليت، كفّي عن إزعاج زوجتي.”
“آه، يبدو أنكَ أُصبتَ بعينكَ أثناء التدريب. ألا تستطسع أن ترى زوجتكَ وهي تبتسم؟”
تجاهل إسكاليون تعليق سكارليت وهو يتّجه نحو بيلادونا. وضع يديه على أذنيها وكأنه يمازحها وقال.
“آمل ألّا تكون أذنيكِ تنزفان. لا يمكنها التوقّف عن الحديث!”
“لماذا تتصرّف هكذا؟”
حدّقت سكارليت في إسكاليون، وقد استشاطت غضبًا، ضحكت بيلادونا مجدّدًا، برؤية أنهما على علاقةٍ وثيقة.
“أوه، بالمناسبة، كيف كانت أستانيا؟ دائمًا ما أردتُ زيارتها عندما تسنح لي الفرصة.”
في تلك اللحظة، غيّرت سكارليت، التي كانت تحدّق بإسكاليون شِزرًا، الموضوع فجأةً وكأنها تذكّرت شيئًا ما وهي تنظر إلى بيلادونا بحماس.
أستانيا؟
“في أستانيا، هناك الكثير من الكهنة الوسيمين، أليس كذلك؟”
كهنةٌ وسيمون … هناك الكثير كما هو متوقع … لحظة، ماذا؟ لا!
انزلقت يد بيلادونا التي كانت تحمل القلم بارتباك.
لماذا هذا فجأة؟
“الكهنة الذين جاءوا لأخذكِ في المرّة الماضية كانوا حقًا رائعين، لأكون صادقة،كانوا نوعي المثالي تمامًا. نحيفين، بوجوهٍ بيضاء، محترمين ويبدون طيبين للغاية بشكلٍ ما!”
آه، إذًا هذا ما طان يبدو عليه نوع سكارليت المفضل؟
بينما كانت بيلادونا تحدّق فيها دون أن تعرف كيف تردّ ولم تفكّر حتى في تحريك قلمها، سألتها سكارليت مرّةً أخرى.
“كوني صريحة، ماذا تظنين أنتِ؟ ما رأيكِ في هذا النوع من الرجال؟”
كانت عيون سكارليت تلمع بنفس الشقاوة التي تميّز شقيقها.
رجال؟ إذا كنا نتحدّث عن الرجال، فعليه أن يكون …
نظرت بيلادونا بشكلٍ غريزيٍّ إلى إسكاليون، الذي كان يجلس بجانبها. بشرته السمراء الداكنة، نظراته الحادّة، هيئته القوية التي تشبه الدب، مع هالةٍ مخيفة ….
‘هاه؟ لكن ….’
كانت تعبيرات إسكاليون، الذي يستمع للمحادثة بينهما الاثنتان، غير عادية.
بدا وكأنه متوتّر، يراقبها بقلقٍ وهي تتحدّث عن الرجال أمامه.
‘لا يمكن …..’
‘هل يشعر بالقلق ممّا قد أقوله؟’
ما إن أدركت ذلك حتى أرادت أن تضحك. أجبرت بيلادونا زوايا شفتيها التي استمرّت في الارتفاع على الباقء في مكانها، حتى تبدو جادّة
هممم .. دعيني أفكّر …
“كما هو متوقّع، تجدين صعوبةً في تحديد رأيكِ، دوقة، أليس كذلك؟”
عندما تحدّثت سكارليت مُساعِدةً إياها، بينما عضّ إسكاليون شفته السفلية ومرّر يده عبر شعره الذي تساقط على جبهته بانزعاج، وترك نَفَسًا ضحلاً من شفتيه.
“توقّفا عن الحديث عن هذا الموضوع …. هلّا فعلتُما؟”
“لماذا؟ إنه ممتع!”
“عليكِ العودة الآن، لقد تأخّر الوقت.”
“ماذا؟ لقد أتيتُ للتوّ!”
لكن إسكاليون أمسك ذراع سكارليت وسحبها بالقوّة من مقعدها.
“قضت بيلّا وقتًا عصيبًا. البقاء معكِ يجعل أيّ شخصٍ يشعر وكأن طاقته تُستَنزَف.”
“لا، على الأقل فلنسمع الإجابة ….”
“لقد أرسلتُ في طلب عربة. يمكنكِ المغادرة الآن. وداعًا.”
“سيدتي ….!”
حاولت سكارليت أن تدير رأسها لتنظر إلى بيلادونا، لكن قوّة إسكاليون كانت أقوى منها. أمسك بها ووضعها على جانبه مثل قطعةٍ من الأمتعة، وسحبها خارج غرفة المعيشة.
أوه ….
رفعت بيلادونا يدها ملوّحةً لها بابتسامةٍ صغيرة بينما كانت تُسحَب بعيدًا كالأمتعة. ضحكت سكارليت عند رؤية بيلادونا، بعد برهة، فتحت فمها وصرخت بصوتٍ عالٍ مبتهجة.
“سأعود لاحقًا! دعينا نكمل حديثنا عن نوعكِ المثالي من الرجال!”
أومأت بيلادونا برأسها وهي تبتسم.
بعد رحيلهما هي وإسكاليون، عادت الهدوء يعمّ الغرفة. كانت سكارليت تتحدث كثيرًا بشكلٍ غير عادي، وكان الهدوء المستعاد مُرحَّبًا به في هذه اللحظة.
‘لقد كانت ممتعة، ولكنها جعلتني مُرهَقةً أيضًا …..’
تراجعت بيلادونا إلى الوراء، مستندةً إلى كرسيها.
هل استُنزِفت طاقتي فعلًا كما قال إسكاليون؟ شعرت بيلادونا بالتعب بشكلٍ غريب ….
عندما تُرِكت بيلادونا وحدها، لم تستطع منع نفسها من التفكير، في كلّ مرّةٍ تكون وحدها هكذا، استمرّت في التفكير في أستانيا. بالتأكيد ىيس الأمر وكأنها كانت تشتاق إلى أستانيا، لقد استمرّت في التفكير فقط بفابيون، تيموثي، وتينا، الذين بقيوا هناك.
هل لا بأس حقًا أن أتجاهل كلّ شيءٍ وأعيش بسعادةٍ هكذا؟
في النهاية، هل من المقبول أن أعيش وكأن شيئًا لم يحدث، وكأنني كنتُ القديسة بيلادونا منذ ولادتي، وأتظاهر بأنني لا أعرف شيئًا؟
الإجابة على هذا السؤال لم تخرج بسهولة.
‘لا أعرف ما أشعر به حتى …. ليس وكأنني أريد العودة إلى هناك أيضًا.’
“ما الذي تفكّرين فيه؟”
في تلك اللحظة، انبعث صوتٌ متذمّرٌ من عند باب غرفة المعيشة. عندما التفتت، رأت إسكاليون مستندًا على الحائط وذراعيه متشابكتين، يبدو وجهه مستاءً بعض الشيء، ربما بسبب سكارليت.
ابتسمت بيلادونا بخفّةٍ وهي تنهض من مكانها.
خطت خطواتها نحوه ببطء، بينما كان ينظر إليها بصمت.
“…..؟”
“أجيبي باللذي كنتِ على وشك قوله سابقًا.”
سابقًا؟ عن ماذا؟
عندما أظهرت بيلادونا ملامح محتارة ورمشت بعينيها، أطلق إسكاليون تنهيدةً عميقةً وخفض رأسه.
“لا، لا بأس، لنذهب إلى الغرفة.”
ما الذي يحدث معك؟
فتحت بيلادونا عينيها على اتساعهما وهي تنظر إلى إسكاليون، الذي بدا غير مرتاح.
هل يُعقَل؟
سارعت بتتبّع إسكاليون عبر الممر. وبمجرّد دخولها الغرفة وإغلاقها الباب، فتحت بيلادونا فمها.
“هل تشعر بالقلق بشأن نوع الرجال الذين أحبّهم؟”
“هل تسألين هذا حقًا …؟”
قال إسكاليون الذي كان يخلع ملابسه المتسخة بمجرّد دخوله الغرفة.
عند النظر إلى ذلك، شعرت بطريقةٍ ما أنها تريد مضايقته أكثر. هممم … ربما هذا لطيفٌ بعض الشيء؟
عندما أغلقت بيلادونا فمها، توقّف إسكاليون عن خلع ملابسه ونظر إليها.
“….. ما الأمر؟”
“ألن تجيبي؟”
“عن ماذا؟”
استمرّت في التظاهر بعدم المعرفة، ثم تنهّد إسكاليون وهزّ رأسه. أدار عينيه للحظةٍ وسار نحو بيلادونا. نظرت بيلادونا إليه الذي كان يقف بالقرب منها.
“هل إجابتي تهمّك؟”
“لا، في الحقيقة لا تهمّ.”
“لماذا؟”
“لأنكِ تزوّجتِني بالفعل.”
بعدما قال ذلك، رفع بيلادونا فجأةً واحتضنها بين ذراعيه. لفّت بيلادونا ساقيها حول خصره وذراعيها حول عنقه. فتح إسكاليون، الذي كان يجري اتصالاً بصريًا وثيقًا معها، فمه.
“قبّليني.”
“لماذا؟”
“لأنني أشعر بالضيق.”
ابتسمت بيلادونا بينما قرّبت وجهها إليه. رفع إسكاليون إحدى يديه وأمسك برفقٍ برأسها من الخلف.
استدار وتوجّه إلى الحمام وهو يحمل بيلادونا بين ذراعيه.
في لحظة، امتلأ حمام الزوجين بالحرارة.
***
فتحت بيلادونا عينيها ببطء.
رمشت عدّة مرّاتٍ وهي تشعر بثقل جفونها. ثم نظرت حولها ورأت غرفة النوم ما تزال مظلمةً بالكامل.
ما الأمر؟ لماذا استيقظتُ بينما لم يحلّ الصباح بعد؟
شعرت بذراعي إسكاليون القويّتين تحيطان بخصرها، ودفء جسده يلتصق بظهرها. أغمضت عينيها مجدّدًا محاولةً العودة للنوم.
كان السرير الذي كانت مستلقيةً عليه معه دافئًا ومريحًا للغاية.
“…….”
ولكن ما هذا؟
رفعت بيلادونا، التي كانت على وشك إغلاق عينيها والنوم، جفونها مرّةً أخرى. استمرّت في الشعور بالغرابة.
لسببٍ ما شعرت بالقشعريرة، والأشياء التي لم تكن مختلفةً عن المعتاد فجأةً أصبحت غير مألوفة.
ما هذا الشعور؟
في تلك اللحظة، تحرّكت ذراع إسكاليون التي كانت تحيط بها براحة، ببطءٍ شديد. كانت حركةً حذرةً وكأنه يحاول جاهدًا ألّا يوقظ زوجته التي تغطّ في نومٍ عميق، أو حركةً خفيّةً للتوجّه إلى مكانٍ ما دون أن يستشعر أحد.
‘ما الذي يجري ….’
عندما حاولت الالتفات والنظر إليه، حرّك إسكاليون جسده فجأةً بسرعة. وفي اللحظة ذاتها، سُمِع صوت شيءٍ حادٍّ يُغرَز في المكان الذي كان يرقد فيه.
“!……”
شهقت بيلادونا وارتجفت من الصدمة، عاجزةً عن تحريك جسدها والالتفاف من الذعر. أصوات حركةٍ سريعةٍ وصراعٌ مفاجئٌ ملأ الغرفة.
مـ ما الذي يحدث؟
أجبرت بيلادونا نفسها، التي تجمّدت من المفاجأة، على الجلوس. كان جسدها كلّه يرتجف من القلق عند التفكير في أن الشخص الذي يتعرّض للهجوم قد يكون إسكاليون.
‘ثـ ثم ماذا عليّ أن أفعل؟ مَن الذي اقتحم غرفة النوم هذه، بحق خالق الأرض …؟’
عندما جمعت شجاعتها وأجبرت جسدها على الالتفات، الذي كان لا يطاوعها، رأت رجلين متشابكين مع بعضهما البعض في الضوء الخافت القادم من نافذة غرفة النوم.
ولحسن الحظ، كان لدى الشخص الذي تعرّض للهجوم وجهٌ لم تتعرّف عليه.
إسكاليون، الذي كان يخنق المتسلّل بساعديه السميكين، استشعر بيلادونا التي استيقظت. وسرعان ما تلألأت عيناه الذهبيتان في الظلام.
“….. لقد استيقظت زوجتي.”
“هوه … هيوك .. يككك …”
“لذلك لم أعد بحاجةٍ إلى كتم صوتي كي لا أوقظ زوجتي.”
وبعد أن أنهى حديثه، سحق فقرات عنق الرجل تمامًا بصوتٍ قوي، لم يستطع الرجل حتى الصراخ، وارتخت أطرافه.
عند رؤية المشهد غير الواقعي الذي يتكشّف أمام عينيها، غطّت بيلادونا فمها بيدها المرتعشة.
ما الذي يحدث بحق خالق الجحيم؟
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1