نظر إسكاليون إليها بابتسامةٍ على وجهه، ربما لأنه كان فخورًا بمظهرها.
“تبدين مثل العندليب البهيج.”
“اصمت. أنا أغنّي.”
“حسنًا.”
عند ضرب بيلادونا، أغلق عينيه.
نظرت إليه من الأسفل بينما كان يقوّم وضعيته، ثم صفّت حلقها وفتحت فمها مرّةً أخرى.
“على أجنحتكَ الكبيرة …… يجثم أمل أهل الجزيرة …….”
استمرّت الأغنية لبعض الوقت بعد ذلك.
وكأن أغنيتها كانت بمثابة تهويدةٍ حقًا، هدأ وجه إسكاليون، الذي كانت زوايا فمه ترتعش طوال الوقت.
نظرت بيلادونا إليه، الذي بدا وكأنه نائم، بوجهٍ راضٍ.
هل كان هذا نجاحًا؟
“لكن، أنتِ.”
فتح إسكاليون عينيه المغلقتين.
لقد كان فشلاً.
“هاه؟”
“أين بالضبط في أستانيا كنتِ تعيشين؟”
هذا السؤال مرّةً أخرى؟
نظرت بيلادونا إلى العيون الذهبية التي تحدّق فيها.
“أمم …… لا أعتقد أنكَ ستعرف حتى لو أخبرتُك. إنه بعيدٌ عن الفاتيكان.”
“إلى الغرب، نحو باكينسيوم؟”
“هاه؟ هذا صحيح.”
بالمناسبة، قال إسكاليون أنه بقي في أستانيا عندما كان مرتزقًا.
فهل بقي هناك أيضًا؟
تغيّر تعبير إسكاليون بشكلٍ غريبٍ عند إجابة بيلادونا.
“بالضبط، إنها قريةٌ ريفيةٌ جدًا أبعد قليلاً عن باكينسيوم. ربما لا تكون حتى على الخريطة؟”
“……..”
“لكن لماذا؟”
رفع إسكاليون، الذي كان مستلقيًا ساكنًا وينظر إليها حتى ذلك الحين، الجزء العلوي من جسده. وضع إحدى يديه على جبهته وأطلق تنهّدًا.
“قد يبدو هذا جنونًا، لكن …… “
ماذا تحاول أن تقول بحق؟
“إذا أخبرتُكِ أنني قابلتُكِ في حياتكِ السابقة، هل ستعتقدين أنني مجنون؟”
“…… أنا؟”
لقد كان سؤالًا غير متوقّع تمامًا.
هل قابلتَني أنا من حياتي السابقة؟ على الأقل في ذكرياتي، لم أقابل مرتزقًا مثل إسكاليون أبدًا.
“بالطبع، لم أقابلكِ وجهًا لوجه ولم أتحدّث إليكِ …”
“…..”
“كانت هناك شجرةٌ جميلةٌ اعتدتُ زيارتها كثيرًا، وعندما أخذتُ قيلولةً هناك، كانت الأغنية التي أسمعها حينذاك مشابهةٌ تمامًا. كانت أغنيتُكِ.”
“لا يمكن أن يكون هذا صحيحًا ….”
هزّت بيلادونا رأسها.
“أنا، لم أسمع أبدًا عن مرتزقةٍ يزورون قريتنا، ولم أرَ أبدًا شخصًا مثلك.”
“لم أعِش هناك.”
“ثم …”
“اللعنة، ما الذي أتحدّث عنه؟ بينما كنتُ أُسافر …”
بعثر إسكاليون شعره وكأنه مُحبَط.
سرعان ما رفع رأسه.
“بينما كنتُ أسافر حول البلاد، بقيتُ في أستانيا لفترةٍ طويلة. كان المرتزقة الذين كنتُ أعيش معهم يقيمون في الغالب في فنادق رخيصة وكانوا مشغولين بالذهاب إلى المنطقة الصاخبة حيث كان الفاتيكان، لكنني لم أحبّذ ذلك، لذلك انتقلتُ في الاتجاه المعاكس.”
“… لماذا؟”
“لأن المكان كان صاخبًا ومزدحمًا.”
وبينما كان يتحدّث، غرقت عينا إسكاليون الذهبيتان. كان مظهره أشبه بمظهر حيوانٍ جريح ممّا جعل قلب بيلادونا يغرق.
“ما الذي تتحدّث عنه ….”
“في ذلك الوقت، كنتُ أبني مهنةً قويّةً كمرتزق. هل تعرفين ماذا يعني بناء مهنةٍ كمرتزق؟ هذا يعني قتل وإصابة العديد من الناس.”
“……”
“كنتُ في التاسعة عشر من عمري في ذلك الوقت. كنتُ مشغولاً بالتظاهر بأنني قويٌّ عندما كنتُ مع الرجال أثناء النهار، ولكن عندما يحلّ الليل …”
خفض رأسه بينما استمرّ في الحديث.
وضعت بيلادونا يدها على كتفه مواسيةً. اعتقدت أنها تستطيع فهم ما يريد قوله دون الحاجة إلى التحدّث أكثر.
كان إسكاليون في طفولته، الذي اختار طريقه بأن يصبح مرتزِقًا لكسب لقمة العيش، لديه كراهيةٌ ذاتيّةٌ عميقةٌ لعدم وجود خيارٍ سوى إيذاء الناس.
“إسكاليون ….”
“عندما يحلّ الليل، كانت تظهر لي ككابوسٍ طويل. الوجوه التي حاربتني.”
“……”
“لهذا السبب لم أستطع النوم بشكلٍ صحيحٍ في الليل. بدلاً من ذلك، عندما لم يكن لديّ عملٌ أثناء النهار، كنتُ أتجول بحثًا عن مكانٍ هادئٍ وسلميٍّ وأذهب إلى منطقةٍ مظلّلةٍ تبدو مناسبةً للنوم.”
كان ظهوره كطفلٍ في القصة يتداخل مع المظهر الذي واجهته في الحديقة المحظورة في الفاتيكان.
ثم، ربما كان النوم في أيّ مكانٍ في مثل هذا المكان عادةً قديمة ……
“ثم سمعتُ أغنية.”
نبس إسكاليون.
“غريب ……. كان بإمكاني النوم جيدًا عندما استمعتُ إلى تلك الأغنية. اعتقدتُ أنها أغنيةٌ غريبةٌ لم أسمعها من قبل، ولكن عندما استعدتُ وعيي، كان الظلام قد حلّ بالفعل. في الأيام التي كنتُ أغفو فيها بعمقٍ بعد الاستماع إلى تلك الأغنية، كنتُ أشعر حقًا وكأن شيئًا ما قد أصابني.”
ثم، تلك الأغنية ……
“عندها أدركتُ أن الأغاني يمكن أن تكون راحةً للناس. بعد ذلك، كدتُ أصبح من روّاد ذلك المكان وأذهب إلى ذلك المكان كلّما سنحت لي الفرصة، ولفترةٍ من الوقت، واصلتُ النوم بعمقٍ أثناء الاستماع إلى الأغنية.”
أعتقد أنه لو أتى بهدوءٍ واستمع إلى الأغنية وغادر، لما واجهته فعلاً.
ثم حقًا … هل كنّا أنا وإسكاليون معًا في ذلك الوقت؟
“في ذلك اليوم. اليوم الذي قابلتُكِ فيه لأوّل مرّةٍ في الفاتيكان. سمعتُ تلك الأغنية في نومي.”
“……”
“في الواقع، لم أكن أعتقد أن الأغنية قد غنّتها قديسة أستانيا منذ البداية. عندما فتحتُ عينيّ، اعتقدتُ أنني رأيتُ حلمًا حيث كانت الأغنية تُعزف في ذاكرتي.”
تذكّرت بيلادونا ذلك الوقت بصمت.
“لكنني واصلتُ القلق عليكِ، مثل الطريقة التي هربتِ بها على عجل، أو الطريقة التي ارتجفتِ بها كلّما ظهرت قصة ذلك الوقت …… لهذا السبب تزوّجتُكِ بينما لم يكن ذلك في نيّتي …… هاا، لا أعرف ما الذي أهذي به. تجاهلي الأمر فقط.”
“لا، إسكاليون.”
حرّكت بيلادونا اليد التي وضعتها على كتفه.
“ربما …… ربما قد التقينا بالفعل.”
“بيلّا ……”
“لا، حتى لو لم يكن الأمر كذلك، فهذا لا يهمّ حقًا. ما يهمّ هو أنكَ شعرتَ بالراحة.”
رفع إسكاليون عينيه الذهبيتين والتقا بعيني بيلادونا. قامت بيلادونا بلطفٍ بمداعبة وجهه ورفعت زوايا فمها.
“من الآن فصاعدًا، سأغنّي لكَ كلّ ليلة. في الأيام التي لا تستطيع فيها النوم، والأيام التي تستمر فيها في التفكير السيئ، والأيام التي تشعر فيها بالتعب والإرهاق.”
“لا تقلقي، أنا بخيرٍ الآن. على العكس من ذلك، أصبحتُ متبلّدًا للغاية حتى تقلقي علي.”
ضحك إسكاليون ونبس.
لقد كان ذلك صحيحًا. مع مرور الوقت، لم يعد المرتزق الشاب المتردّد موجودًا من قبل. لقد قسى قلبه لحماية ما هو ثمينٌ له.
‘ستكون هذه مشكلة، لو فعلتِ كذلك.’
رمش إسكاليون عينيه ببطء. لقد غمرته لفتة زوجته اللطيفة والدافئة.
“ثم سأغنّي لكَ في الأيام التي ترغب فيها في سماعها.”
“أستطيع الاعتماد عليكِ.”
“حقًا؟”
“نعم. حقًا. أستطيع الاعتماد عليكِ حقًا.”
سحب إسكاليون بيلادونا إلى أحضانه وعانقها بإحكام.
دخلت، وهي طائر بلبلٍ صغيرٍ وجميل، قلبه وكأنها مغروسةٌ بعمقٍ في أضلعه.
“هل أغنّي لكَ أغنيةً أخرى؟”
“نعم، غنِّ لي.”
تمتم إسكاليون.
فتحت بيلادونا فمها، متكئةً على صدره الثابت بابتسامةٍ صغيرة.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄ ترجمة: مها انستا: le.yona.1
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل "91"