أن يكون الإمبراطور، الذي يهيمن على المعبد، زنديقًا؟
لو سمع أحدٌ هذا الكلام، لكان وقعه كارثيًا ولا يمكن التراجع عنه، لكن الشخص الذي قاله بدا هادئًا تمامًا.
أو بالأحرى، بدا هادئًا ظاهريًا فقط. لأن عينيه الحمراوين، التي كانت تحدق في تلك الورقة ذات رمز الفراشة، كانت تموج كمن تشتعل نارٌ داخلها. وكأنه يريد تمزيق ما أمامه تمزيقًا في هذه اللحظة.
عندما رأيت الورقة المجعدة ونظرات هاوارد، أدركت مجددًا إلى أي حدٍ يكره الهراطقة. لهذا كنت متوترةً للغاية أول مرة التقيت به، لأني كنت أظن آنذاك أن نوكس هرطقي.
“هاوارد.”
ناديتُه لأهدئه. فارتجف هاوارد وكأنه استيقظ لتوه من حلمٍ طويل. ثم رفع بصره عن رمز الفراشة السوداء ونظر إليّ.
و عاد الهدوء إلى عينيه الحمراوين كما لو لم يضطرب أبدًا.
“على كل حال، قصر الدوق هو المكان الأكثر أمانًا الآن. لذا أرجوكِ، ابقي فيه خلال الفترة القادمة. سأطلب من فرسان الدوقية أن يركزوا على حراستكِ فقط. كنت أود في الأصل نشر فرسان الهيكل أيضًا في القصر كإجراءٍ احترازي في حال ثبت أن بروتور إيتينتيا هرطقي، لكن……”
“لن يمكن ذلك دون إذنٍ من جلالة الإمبراطور. وعلى الأرجح، لن يمنح الإذن.”
أومأ هاوارد برأسه بخفة. و كان وجهه مليئًا بالاعتذار، فابتسمت له لأخبره أن لا بأس.
بالنسبة لهاوارد، كان هذا هو أفضل ما يمكنه فعله. ورغم أنه لم يقلها صراحة، إلا أنني كنت أعلم السبب الآخر الذي يمنعه من تسليم حمايتي لفرسان الهيكل.
‘لأنه سيكون عليه أن يشرح لهم علاقتي ببروتور، الذي قد يكون من الهراطقة، وفي نفس الوقت عليه إثبات براءتي.’
هاوارد، الذي راقبني لفترةٍ طويلة، يبدو أنه يثق بي، لكن فرسان الهيكل؟ هل سيصدقونني فعلًا؟
‘مستحيل.’
كيف لهم أن يثقوا بشخصٍ يُستهدف باستمرار من طرف من يُشتبه بأنه هرطقي، بل ويبدو أيضًا أنه مرتبطٌ بانتفاضات الوحوش المتكررة مؤخرًا؟
مجرد التفكير بالأمر جعل مزاجي يهبط تدريجيًا. وحين رآني هاوارد صامتة، فتح فمه ليطمئنني.
“لا تقلقي. لن أسمح بأن يتكرر ما حصل في الماضي.”
بالماضي، لا بد أنه يقصد مأساة أسرة الدوق تشيلستون.
حين فهمتُ المشاعر التي يمر بها الآن، شعرت بثقلٍ أكبر في قلبي. وفي الوقت نفسه، كنت مشوشة.
‘بروتور……ما أنتَ بحق؟’
لماذا تحوّلت شخصيتي إلى هرطقي؟
ما الذي يجري بالضبط؟
لا يمكن أنني جعلتُ شخصيتي تنحرف بهذا الشكل. فأنا أتذكر بوضوح حين بدأت ألعب لعبة <عالم الفانتازيا> لأول مرة……
دينغ!
<حدثت مشكلة في ذكريات [ريكا].>
دينغ!
<تم اكتشاف خطأ!>
<تم اكتشاف خطأ!>
دينغ!
<ستحدث قريبًا حالة انهيارٍ في ذكريات [ريكا] الماضية. و لإبقاء [ريكا] قادرةً على العمل بشكل طبيعي، سيتم إزالة الخطأ.>
دينغ!
<تمت استعادة ذكريات [ريكا] الماضية إلى حالتها الطبيعية.>
دينغ!
<سجل الأخطاء:
1.اليوم، في المعبد.
2.قبل عشر سنوات…….>
“……كا.”
“…….”
“ريكا؟”
اخترق صوت هاوارد أذني. وعندها، كأنني انسكب عليّ ماءٌ بارد، و استعدت وعيي فجأة.
……مهلًا. ما الذي كنت أفكر فيه الآن؟
“هل أنتِ بخير؟ كنتِ شاردة.”
“آه، نعم. أنا بخير. لا شيء مهم.”
يبدو أنني كنت متعبة جدًا. ففي النهاية، بعد أن سمعت فجأةً أن بروتور قد يكون من الهراطقة، فليس غريبًا أن أكون بهذا الحال.
عضضت شفتي إلى الداخل في غمرة مشاعري المعقدة، فمدّ هاوارد يده وربّت على يدي برفق.
“من الأفضل أن تعودي وتستريحي أولًا. أنا أيضًا، بعد أن أنهي أمر هجوم الوحوش الذي حدث قبل قليل، سأغادر في موعد انتهاء العمل وأعود إلى القصر.”
“ألم تكن تنوي البقاء في المعبد؟ ظننت أنكَ طلبت مني إحضار تلك الأشياء لأنكَ بحاجة للبقاء وقتًا أطول.”
“في البداية كنت أنوي ذلك، لكن غيرت رأيي.”
وقف هاوارد ببطء. ولا يزال يمسك بيدي.
“الشيء الأهم عندي الآن، هو أنتِ.”
قال ذلك وهو ينظر إليّ بابتسامةٍ دافئة.
نظرت إلى عينيه الحمراوين المبتسمتين التي انعكس فيهما وجهي، وكأن ابتسامته انتقلت إليّ، فابتسمت أنا أيضًا برفق.
“وأنا كذلك. أنتَ الأهم بالنسبة لي، هاوارد.”
قفزت الى حضنه وأنا أقف من مكاني. فتأرجح جسده قليلًا، لكنه سرعان ما استعاد توازنه.
و كدت أضع قدمي على كومة الأوراق على الأرض، فانفلتت ضحكةٌ خفيفة مني.
لو استمرّت الأيام على هذا النحو……بهذه السعادة……
لكنتُ تمنيت ألا يتغير شيءٌ أبدًا.
***
في قاعة الاستقبال في القصر الإمبراطوري. كان ماركوس جالسًا على العرش المخصّص له.
بما أن الوقت كان قد اقترب من المساء، لم يكن من المعتاد استقبال أي طلب للمثول أمامه في مثل هذه الساعة. ومع ذلك، جلس بنفسه في القاعة لأن ضيفًا جاء يطلب مقابلته على نحو مفاجئ.
كوووووم—
دوى صوت الباب وهو يُفتح بقوة. بل أدقّ وصفٍ لما حصل هو أن الباب صُفع بقوة حتى اصطدم بالجدار المجاور، فأحدث ذلك دويًا هائلًا.
أخذ ماركوس يحدق بهدوء في صاحب الضجة الذي كان يتقدم نحوه بخطى حثيثة.
شعرٌ أحمر ناري لافت للنظر دخل في مجال رؤيته.
“أحيّي شمس الإمبراطورية، جلالة الإمبراطور.”
قال بروتور ذلك بانحناءة وهو يؤدي التحية.
وعندما تلقّى ماركوس التحية، اعتدل بروتور في وقفته وراح يتلفت ببطء حوله.
وإذ عرف ماركوس جيدًا ما الذي يعنيه ذلك، فتح فمه،
“لديّ أمر خاص أتحدث فيه مع الكونت إيتينتيا، فليغادر الجميع قاعة الاستقبال.”
أبدى الفرسان المكلّفون بحراسة ماركوس انزعاجهم، لكنهم خرجوا واحدًا تلو الآخر من القاعة، إذ بدا واضحًا أن سيدهم لن يتراجع عن أمره.
وما إن خرج الجميع وبقي ماركوس وبروتور وحدهما في قاعة القصر، حتى بدأ الصمت يخيم عليهما وكان أول من كسر هدوء الصمت الذي بدا وكأنه يجب أن يُحترم، هو بروتور.
رفع رأسه قليلاً ونظر إلى ماركوس الذي ما يزال جالسًا في المقعد الأعلى،
“هذه الليلة، وتحديدًا بعد ساعتين من الآن، سأطلق الوحوش في أوفيلين لم يكن لدي وقتٌ لأخبرك بذلك مسبقًا، لذا أخبرك الآن، من الأفضل أن تستعد”
“ماذا؟”
نهض ماركوس واقفًا دفعةً واحدة.
إطلاق الوحوش؟ كلام كهذا قد يدفع المعبد للانتفاض حالًا، لكن دهشة ماركوس لم تكن لذلك السبب.
ربما تفاجأ في البداية، لكن ما بينه وبين بروتور إيتينتيا لم يعد يرى هذا النوع من الأمور أمرًا استثنائيًا. و
ما أثار ردّ فعل ماركوس كان هو التوقيت.
إخباره بالخطة في هذا الوقت الضيق؟ لم يحدث هذا من قبل أبدًا.
‘هل طرأ عليه تغييرٌ في تفكيره؟’
نظر ماركوس إلى بروتور بتعبير مشدود ومتوتر.
وبعد أن ظل يراقبه للحظة، تنهد بصوتٍ خافت وجلس مجددًا.
“لمَ لم تخبرني في وقتٍ أبكر؟ ساعتان فقط وقتٌ ضيقٌ جدًا، حتى لو بدأنا التحضير الآن، لن يكون لدينا ما يكفي للاستعداد.”
“قلت لك أنه لم يكن لدي وقت لأخبركَ مسبقًا، أليس كذلك؟”
جاء الرد حادًا. فتغير وجه ماركوس، الذي كان يحاول شرح وضعه بهدوء وبأسلوب مهذب، ليبدو وكأنه ورقةٌ مجعدة و شعر بإهانة لا توصف.
لكن بروتور لم يُبدِ أدنى اهتمام بذلك. و واصل كلامه دون حتى أن ينظر إلى ماركوس.
كانت عيناه تتجهان نحو النافذة وكأنه يقدّر الوقت.
“هذه الليلة، لا بد من إثارة فوضى مهما كلّف الأمر. فوضى تدفع فرقة الفرسان المقدسين كلها إلى دخول حالة طوارئ. لا يمكننا التأجيل أكثر من ذلك.”
“…….”
“لستُ أطلب دعم جلالتكَ بالضرورة، لكن إن ساعدتني، فلن أرفض. فكلما كان الهجوم أوسع، كان ذلك أفضل بالنسبة لي.”
……هاه.
تمتم ماركوس في داخله بامتعاض.
ذلك التصرف وكأن وجوده لا قيمة له فجّر كل السخط الذي كان متراكمًا في صدره. فتحدث ماركوس بنبرة حاسمة.
“لا يمكنني السماح بذلك. الليلة غير مناسبة.”
“……ماذا قلتَ الآن؟”
جاء صوته أكثر انخفاضًا وحدةً من قبل. لكن هذه المرة، لم يتراجع ماركوس.
“قلت أن ذلك غير مناسب. الضرر الناتج عن الوحوش يجب أن يكون ضمن حدودٍ معقولة. ما حدث مؤخرًا كان مفرطًا للغاية.”
“…….”
“بل حتى قبل قليل فقط، تسببت وحوشكَ في فوضى كبيرة. وإن حدث أمرٌ مماثل أو أشد هذه الليلة، فلن يستطيع شعب الإمبراطورية تحمّله. وفي تلك الحالة، مكاني أنا سيكون في خطر.”
أمسك ماركوس بمسند المقعد الأعلى بإحكام.
كان يعلم أن الأحاديث بدأت تنتشر مؤخرًا حول ما إذا كان يمتلك حقًا مقومات الإمبراطور. بل إن هناك من يقول أنه لو كان الدوق تشيلستون السابق لا يزال حيًّا، أو لو لم يكن شقيقه قد مات، لكان بإمكانهم تجاوز هذه الأزمة.
لم يعد بإمكانه السماح باستمرار هذا الوضع.
“لا يمكن أن تكون……هل أنتَ من فعلها؟ كيف لك، أنت بالذات، وليس أي شخص آخر……أن تؤذي عائلتكَ؟”
كم من الأمور فعلها ليصل إلى هذا العرش.
____________________
آخر محادثه ذي من زمان بس من الي قالها له؟
المهم النظام قاعد يلعب بذكريات ريكا 😃 يومه يقول قبل عشار سنوات واضح قصده الي صار لها مع هاوارد
بروتور هو ملك الشياطين ولا؟ اجل شفيه جاي يستأذن وين الهيمنه والتسلط
شكله بقوه واقع لريكا 😂
وش يبي يسوي بذا الوحوش الي بيطلقها ولدي هاوارد لايجيه شي 😔
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 98"