“أنا أحبكَ أنتَ، هاوارد!”
هاوارد!
وارد……
ارد……
رد……
خيّلَ لي أن صدى الصوت يتردد في الغرفة. فقد صرخت بصوت عالٍ إلى هذا الحد. خوفًا من ألا يسمعني ذلك الرجل الواقف أمامي.
ظل هاوارد واقفًا دون حراكٍ ممسكًا بمقبض الباب، لا أدري إن كان قد سمعني أم لا. فشعرت يالديجافو في تلك اللحظة.
كان تمامًا مثل وجهه حين اعترفت له أول مرةٍ أمام قاعة فعالية ليلة الموتى.
ساد صمتٌ ثقيل كأن الزمن قد توقف. وبعد لحظات تمتم هاواردى
“آسف لأني أقول هذا مجددًا……لكن لم أسمعكِ جيدًا.”
“ماذا؟ كاذب!”
قلت ذلك بصوتٍ عالٍ.
لا يمكن أنه لم يسمعني! وفي المرة الأولى أيضًا قال إنه لم يسمع، وتغاضيت عن الأمر!
ثم صرخت بغضب.
كان من المفترض أن يكون اعترافًا بريئًا ومفعمًا بالنبضات، لا أعلم كيف تحوّل إلى هذا الشعور، لكنني كنت غاضبة.
يتصرف وكأن شيئًا لم يكن، ولا يعطيني فرصة للكلام، وفوق كل هذا يقول أنه لم يسمعني مجددًا.
……لا، لحظة. كلما فكرت في الأمر أكثر، ازددت غضبًا!
“كن صريحًا معي.”
“بماذا؟”
“أنت نادمٌ لأنك اعترفتَ لي، أليس كذلك؟”
“ماذا؟”
سألني هاوارد بوجهٍ مصدوم.
بدا وجهه فعلاً وكأنه لا يصدق ما يسمعه، وذلك جعلني أهدأ قليلًا وسط هذا كله.
على الأقل بدا أنه لا ينوي التراجع عن اعترافه.
لكن أن تتحسن حالتي بهذا القدر البسيط؟ آه، هذا غير معقول.
لم أكن فتاةً سهلة هكذا من قبل!
“لماذا تتصرف وكأن شيئًا لم يحدث إذاً؟ لقد قلتُ لك بوضوح أنني سأعترف لك مجددًا، ومع ذلك لا تتركني أتكلم! وبعد كل ما عانيته لأعترف لكَ، تقول أنك لم تسمع شيئًا مرة أخرى! هذا يعني فقط أنك لا تريد أن تسمع اعترافي!”
“من قال إنني لا أريد سماعه؟ لم أقل شيئًا كهذا!”
“وإذاً فما السبب؟ صرخت بكل قوتي حتى لا تفوتكَ كلماتي، فكيف تقول أنكَ لم تسمعني؟”
“جآه، لا، لم أقصد أنني لم أسمع شيئًا على الإطلاق……”
قال هاوارد ذلك وهو يمرر يده الكبيرة على وجهه. ثم سار مترنحًا وجلس دون حيلةٍ على طرف السرير أمام الأريكة. و سُمِع صوت تنهدٍ عميق.
“لم يكن أنني لم أفهم ما قلتِ، بل أردت أن أسمعه كما يجب. لأنه كان أكثر ما أنتظره.”
تمتم هاوارد وكأنه يشتكي.
“ألا يمكنكِ فقط أن تقوليها في وقتٍ متوقع؟ لا أظن أن هناك أحدًا يعترف بمشاعره بينما نختار قائمة إفطار الصباح غيركِ……”
ثم انخفض رأسه ودفنه في يديه.
لم أتوقع أن يأخذ الأمر هذا المنحى، فشعرت بالإحراج.
هـ، هل هذا ما كان يقصده؟ لو كان كذلك، فلِمَ لم يقل شيئًا؟ هاهاها……
‘حقًا، توقيت اعترافي لم يكن مناسبًا أبدًا.’
قبل لحظات كنت أقول أنني لا أستطيع الاعتراف بجسدٍ متسخ، فركضت إلى الحمام، ثم لم أفكر حتى في حال الشخص الذي سيسمع اعترافي.
أنا فعلًا لا أضع نفسي مكان الآخرين……أعترف بخطئي.
نظرت إلى هاوارد بحذر وفتحت فمي.
“إذًا لماذا كنت تتصرف وكأن شيئًا لم يحدث؟”
من المؤكد أن هاوارد قال لي ذلك الليلة الماضية. قال أنه يريد أن يسمع مني مجددًا ما قلته، أن أقول بوضوحٍ أنني أحبه.
لكن رغم أن الفرصة المثالية سنحت لنا ونحن بمفردنا، بل وحتى مع وجود تلامس حين كان يجفف شعري، تصرف هاوارد وكأنه لا يعرف شيئًا.
بدا وكأنه لا يريد خلق جوٍ رومانسي. وكان لدي من الفطنة ما يكفي لأفهم ذلك.
خشيت أن أتهرب مجددًا إن لم أقل شيئًا اليوم، فتظاهرت بتجاهل كل ذلك وبحت بمشاعري……
“كنا قد اتفقنا أن نتحدث بعد انتهاء ليلة الموتى، لكنكَ ببساطة قلت لي أن نذهب لتناول الإفطار، فظننت……ظننت أنكَ نادمٌ على ما حدث البارحة.”
ارتجف صوتي قليلًا في منتصف الحديث.
رغم أن ردة فعله قبل قليل أشعرتني بأنه ليس كذلك، لكن لا يمكنني أن أكون واثقةً تمامًا. فالعالم لم يكن يومًا لطيفًا معي.
كل ما كنت أظنه في يدي، حين أعود لرشدي، أكتشف أنه قد غادرني. سواء كان شخصًا أو شيئًا.
لذلك خشيت أن يحدث الأمر ذاته هذه المرة أيضًا. فأن يكون الشخص الذي أحبه يحبني، وأن تتلاقى مشاعرنا، هو أمر أشبه بالمعجزة.
نظرت إلى هاوارد بقلق وتوتر. و كان قد أزال يديه عن وجهه وكان يحدق بي.
ثم خرجت من فمه كلماتٍ……لم أكن أتوقعها أبدًا.
“……هذا بالضبط ما كنت أفكر فيه.”
“هاه؟”
“كنت أظن أنكِ نادمةٌ على ما حدث البارحة.”
لماذا، لماذا ظن هذا؟ ألم أُظهر بوضوح رغبتي في الاعتراف؟
وبينما كنت عاجزةً عن الرد، فقط أفتح فمي وأغلقه بتوتر، ردّ و كأنه فهم ما يدور في بالي،
“حين استيقظتِ وحاولتُ تفقد جراحكِ، بدا عليكِ الانزعاج. ثم غادرتِ إلى الحمام فورًا……فظننت أن هذا ما تريدينه، لذلك تصرفت وكأن شيئًا لم يحدث. فلا أريد أن أكون سببًا في إحراجكِ.”
شعرت بصدمةٍ حين سمعت تفسير هاوارد.
ربما فعلاً بدا سلوكي بهذا الشكل في نظره. لكنني لم أهرب بذلك المعنى.
فأومأت برأسي نافيًة بقوة.
“لم أهرب لأتظاهر بأن شيئًا لم يكن! غادرت لأن هناك أمرًا مهمًا جدًا!”
“أمرٌ مهم؟”
“أجل، أعني……هاه، لكن لا تضحك إن سمعته، حسنًا؟”
“لن أضحكَ. أعدكِ.”
قال هاوارد ذلك بجدية.
كنت أفكر، هل عليّ حقًا أن أقول شيئًا كهذا؟ لكنني لم أرغب في أن يبقى أي سوء فهمٍ بيني وبينه.
وفي النهاية، تكلمت بصوتٍ خافت يكاد لا يُسمع.
“بالأمس نمت طوال اليوم، ثم خرجت للمشاركة في ليلة الموتى. وبعد أن عدت، نمت مجددًا.”
“نعم.”
“…لذلك، بما أنني لم أستحم البارحة، خفت أن تخرج رائحة مني إذا اقتربتُ منكَ.”
قـ، قلتها.
وفور أن أدركت ما قلته، اجتاحتني مشاعر اليأس. فلم أكن أرغب أبدًا في الاعتراف بشيء كهذا.
‘يا إلهي.’
كنت على وشك البكاء من الإحراج، بينما ظلّ هاوارد يحدق بي دون أن يقول شيئًا، ثم خفَض رأسه.
“……بففت.”
ثم بدأ جسده يرتجف قليلًا، وبعدها دوى في الغرفة صوت ضحكٍ عالٍ ملأ المكان.
“ههههاها!”
كدوووم- شعرت وكأن صاعقةً ضربت قلبي.
“لـ، لقد وعدتني أنكَ لن تضحك!”
احتججت قدر استطاعتي، لكن ضحكه الذي انطلق لم يُبدِ أي نيةٍ للتوقف.
فنهضت من مكاني والغضب والحرج يشتعلان في وجنتَيّ.
“لماذا تضحك؟ لقد كنتُ جادةً تمامًا!”
إنه يسخر مني في كل مرة!
كنتُ ألوّح بقبضتي في الهواء نحوه يمينًا ويسارًا، فلم أستطع تحمل الإحراج والغضب معًا.
حتى وإن كان الأمر كذلك، هل كان عليه أن يضحك إلى هذا الحد؟ و لم يحاول حتى أن يمنع نفسه من الضحك!
“آه، هذا مؤلم، ريكا.”
“أنا أفعل هذا عمدًا كي تتألم! وعدتني أنك لن تضحك ثم كذبت……”
“حسنًا، أنا آسف.”
أمسك هاوارد بمعصمي الذي كنت ألوّح به نحوه. ثم أنزل يدي بلطف وهو لا يزال ممسكًا بها، وانتهى بنا المطاف ونحن نتشابك الأيدي.
ثم تحدث هاوارد بوجهٍ لا يزال عليه أثر الضحك،
“كنتُ مخطئًا.”
يداه الكبيرتان والدافئتان كانت تلامس يدي برقة.
وحين رأيت وجهه يبتسم بعينيه المنحنيتين، شعرت فجأةً أن كل غضبي نحوه كان بلا معنى.
……أنت حقًا محظوظٌ بهذا الوجه. لولاه، لكنت ضربتكَ أكثر.
“ريكا.”
“……ماذا؟”
“قبل قليل قلتِ أنك هربتِ لأنك خفتِ أن تكون هناك رائحةٌ كريهة.”
……لماذا يعيد هذا الكلام الآن!
نظرت إليه بعينين على شكل مثلث من شدة الحرج، فمسح هاوارد ظهر يدي بأصابعه بلطف و كأنه يهدئني.
و لبث على هذا الحال قليلًا ثم رفع عينيه إليّ وسألني،
“هل يعني هذا أنه يمكنني الاقتراب الآن؟”
قال ذلك بعينين تحملان شيئًا من التَوق.
______________________
الفصل يجنننننننننن نساالمامانفليليتينسايلبتيتيلبلاااااااااااااااااا
ادري تبون الفصل الي بعده؟ بعد العيد ان شاء الله😘
بعيد قراية فصولها ثم انطز فصول الكتمه واجي لذي الفصول بس كذا أعيش اجوائها مره ثانيه
اهخ باشتاق لهم بس معليه كلها 13 يوم على خير
يمكن اقل؟
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 88"