عَبس هاوارد قليلاً، مما جعل قلبي يسقط في صدري، لكنني حاولت ألا أظهر أي شيء واستمررت في الحديث.
“نعم، أريد أن أبرم صفقةً معكَ.”
راقبت هاوارد بهدوء وفتحت نافذة النظام. فقد كنت بحاجة لمعرفة ما هي أوراقي قبل أن أقدم له عرض الصفقة.
دينغ!
تم فتح نافذة قدرات [ريكا].
كما توقعت.
ظهرت نافذةٌ جديد لم تكن موجودةً من قبل. فتنفست بعمق ثم دخلت إلى نافذة القدرات وقرأت النص الخاص بقدراتي.
“يقال إن لدي القدرة على تقليل قوة الآخرين. ليس لجميع الأشخاص، بل فقط لأولئك الذين أتلامس معهم. لذلك استطعت أن أضعف قوتكَ المقدسة.”
رفع هاوارد حاجبه قليلاً وهو يستمع إلى كلامي.
“كيف عرفتِ أنني كنت أعاني بسبب قوتي المقدسة؟”
“أخبرني النظام.”
أجبت بلا تفكير، ثم توقفت فجأة.
في الواقع، لم أبحث عن شيء، فكيف ظهرت تلك النافذة في النظام تحديدًا؟
‘…..لا أعرف.’
منذ الصباح وحتى الآن، كان يومي مليئًا بأشياء جديدة تمامًا.
فجأة أصبحت في عداد الأشخاص الذين لديهم وقت محدود. ثم اُتهمت بالهرطقة بطريقةٍ غير منطقية.
ثم اكتشفت أن ممتلكاتي ستكون آمنة عندما أكون مع هاوارد. وأيضًا اكتشفت أن لدي قوةً غير معروفة.
أصابني صداع شديد. فقررت أن أترك هذه الأسئلة جانبًا مؤقتًا. فليس هذا هو الأهم الآن.
“على أي حال، لدي طريقةٌ لجعل الأمور أسهل على حضرتكَ. ألم تشعر بها قبل قليل؟ عندما أمسكنا بأيدينا، اختفى الألم بشكل غريب.”
“نعم، شعرتُ بذلك.”
خفض هاوارد رأسه قليلاً. و كانت عيناه مثبتتين على يده التي لامست يدي. ثم قبض عليها ببطء قبل أن يفتحها.
يبدو أنه كان يسترجع ما حدث في العربة. و قبل أن يخرج من تلك الذكريات، فتحت فمي وتحدثت.
“أعتقد أن سبب عدم ذهابكَ بي إلى المعبد وبدلاً من ذلك جئت بي إلى القصر هو تلك القدرة. بالتحديد، أنت بحاجة لمساعدتي.”
“لماذا تعتقدين ذلك؟”
“رئيس المعبد هو البديل، لكن في النهاية يتبع أوامر الإمبراطور. لذا إذا تم تهريب شخص مشكوكٍ فيه من المعبد، فهذا يتعارض مع إرادة المعبد والأوامر الإمبراطورية. إذا تم اكتشاف ذلك، ستكون في نظر الإمبراطور في موقف غير جيد. لكنكَ أخذت هذا الخطر، وهذا يعني أنك بحاجة لي.”
هاوارد هو قائد فرسان الهيكل الذي يحظى باحترام الجميع. وهو أيضًا ابن شقيق الإمبراطور الوحيد.
كم كان الشخص الذي في وضعه يحتاج بشدة إلى تلك المخاطرة؟
قررت أن أصدق الإصرار الذي رأيته في عينيه. و كما توقعت، نظر إلي هاوارد بوجهٍ جاد.
“فهمت ما تريدين قوله.”
كانت عيناه الحمراوان تلمعان. كما كان الحال عندما تلامست أيدينا في العربة.
“إذاً، ما الذي تريدين الحصول عليه مقابل تلك القدرة؟”
نعم، كنت أنتظر هذه الكلمات.
رفعت يدي بسرعة. ثم صنعت دائرةً بحذر باستخدام الإبهام والسبابة.
“……؟”
وجه هاوارد الذي كان يحمل فنجان الشاي تملكه الدهشة.
يا للهول. هل يجب أن أقول هذا بالكلمات؟ يا له من أمر محرج.
“المال.”
“…….”
“بالضبط، بالإضافة إلى توفير المأوى والطعام. آه، وأتمنى أن تحتفظ بأموالي لديك، كما تعلم، لأن وضعي خاص.”
قلت ذلك ببطء شديد، خوفًا من أن يكون هاوارد قد سمعني بشكلٍ خاطئ.
عندها، كان على وشك شرب الشاي، فاختنق قليلاً. ر عاد الفنجان إلى الطاولة دون أن يؤدي الدور الذي كان من المفترض أن يقوم به.
“اهم…..إذاً ما الذي تريدين قوله الآن..…؟”
“نعم، بالضبط. أريد وظيفة.”
ابتسمت ووضعت يدي في شكل دائرة أكبر من السابق وأنا أبتسم ببراءة.
‘لا أحد يمكنه أن يرفض وجهًا مبتسمًا.’
“أريد أن أعمل بجانبكَ، سيدي القائد!”
سأبذل قصارى جهدي. من فضلكَ، وظفني. إذا كنت بجانبك، فلن تشعر بالألم بعد الآن.
أبديت اهتمامي الصادق، مع عيني التي تتلألأ ببريق الأمل، وأنا أظهر أقصى ما يمكنني تقديمه.
يبدو أنه شعر بالحرج إلى حد ما، إذ كان يتردد في الكلام لفترة.
و بعد عدة محاولات لفتح فمه، مرر يده على وجهه قبل أن يتكلم.
“أنتِ تعلمين أنني ما زلت أشك فيكِ، أليس كذلك؟”
“نعم، بالطبع.”
رفعت كتفي قليلاً.
“لكن هذا مجرد ‘شك’ كما قلت، أليس كذلك؟ أنا لست هرطقية. كما قال القائد، الشك في الهرطقة و كوني هرطقة نفسها أمران مختلفان تمامًا.”
هاولرد لم يقل شيئًا. لكنني علمت أن صمته كان بمثابة موافقة.
“بالطبع، رغم ذلك، لا بد أن تركي دون مراقبةٍ يثير قلقك. أفهمكَ. ما أريد قوله هو أنني لا أطلب أن تتصرف وكأن شيئًا لم يحدث.”
“…….”
“إلى أن تتوصل إلى نتيجة واضحة بشأن ما إذا كنت هرطقية أم لا، ولماذا أملك هذه القدرة، أبقني إلى جواركَ وحقق معي. سأتعاون بكل ما أستطيع. حتى أنا أريد أن أعرف ما الذي يجري بشأن هذه القدرة.”
“وفي هذه الأثناء ستقيمين في القصر وتساعدينني حين أمرض وتكسبين المال؟”
“بالضبط! فهمكَ سريعٌ فعلًا.”
رفعت إبهامي نحو هاوارد بفخر. فرأى تصرفي هذا وأطلق ضحكةً قصيرة ساخرة،
“هاه. حسنًا. أُقر بأن قدرتكِ مفيدة. لكن ما الذي يجعلني أثق بكِ وأبقيكِ في القصر؟ ماذا لو قمت بتصرف أحمق بعيدًا عن أعيننا أنا أو الخدم؟”
“هاه؟ ولماذا أفعل شيئًا كهذا؟”
قلت ذلك وأنا أبدو حقًا مستغربة.
“وقتها لن أستطيع كسب المال. يجب أن أبدو بصورة جيدة أمام القائد لأكسب المال، وحتى لا تأخذه شخصيتي الأصلي مني، فلماذا أضيع كل ذلك في شيء تافه؟ إن لم يكن القائد، فسأضطر للتجول كما رأيتني اليوم…..صلعاء الرأس.”
“…….”
“أنا لا يهمني سوى كسب المال والانتقام من الشخصية الأصلية، فلا داعي للقلق. وإذا كان الأمر يزعجكَ حقًا، يمكنك وضع شخص يراقبني. ثم ألم ترَ كيف كنتُ أركض؟ هل تظن أنني أستطيع أن أفعل شيئًا خفيًا عن الناس بتلك السرعة؟”
“هذا صحيحٌ بالفعل.”
ودّ هاوارد موافقًا وهو يومئ برأسه بعد أن استمع لكل كلامي.
أن يوافق دون تردد ولو لحظة واحدة…..
صحيح أنني قلت ذلك لأجعله يعترف كم ستكون حياتي بائسة بدونه، لكن الآن بعد أن وافق فعلًا، شعرت بشيء غريب في صدري.
‘حسنًا، على الأقل نجحت في إقناعه.’
تنهدت بارتياحٍ في داخلي.
رغم أنني تظاهرت بالثقة أمام هاوارد، إلا أن تقديم هذا العرض له كان في الحقيقة مقامرةً خطيرة بالنسبة لي.
كوني نوكس أصبح سرًا لا يمكن البوح به الآن. و حتى لو لم يعتقد هاوارد أن النوكس هو هرطقي، فذلك لا يغير شيئًا.
فهذا العالم يعتبر نوكس هرطقيًا على أية حال. وإن علم الناس أن مثل هذا الكائن يرافق قائد فرسان الهيكل بنفسه، فمن المؤكد أن الشائعات ستنطلق.
وهاوارد ليس من النوع الذي يتحمل مخاطر كهذه لأجل أحد.
‘يجب أن أكون شخصًا نافعًا لأقصى درجة في الوقت الحالي.’
فإن علم هاوارد أنني مجرد مسكن آلام مؤقت لسنة واحدة فقط، فقد يقرر أن هذه الصفقة لا تستحق، ويرفضها.
عليّ أن أخفي هذا السر مهما كلف الأمر.
‘الأمر يستحق. كلما فكرت بالأمر، البقاء بجانب هاوارد هو الخيار الأفضل.’
ثم إن مصيري في الخضوع للتحقيق من قبل هاوارد لن يتغير سواء عرضت عليه الصفقة أم لا. فهو لن يترك كائنًا غريبًا مثلي يرحل دون أن يتحقق من أمره.
طالما أنني سأتلقى التحقيق على أية حال، فالأفضل أن أتجاوب دون أن أترك انطباعًا سيئًا. وإن تمكنت خلال ذلك من الحصول على سريرٍ مريح وطعام لذيذ، بل وحتى المال، فسيكون ذلك أفضل بكثير.
‘عليّ أن أصمد لمدة عام فقط.’
فبعدها، حتى لو أردت دخول السجن فلن يكون ذلك ممكنًا.
ابتلعت مرارة قلبي بالقوة وابتسمت.
سأحاول بكل وسيلة ممكنة أن أجد طريقةً لأتخلص من وضعي كمن تبقّت له حياةٌ مؤقتة، لكن يبدو أن الأمر سيكون صعبًا.
“هل هذا يعني أنكَ تقبل عرضي؟”
“قبل أن أجيبكِ على ذلك، هناك شيء عليّ قوله أولًا.”
“ما هو؟”
“أنت خمنتِ أنه لو كُشِف أمري في إحضاركِ إلى القصر، فقد أفقد رضا جلالة الإمبراطور، أليس كذلك؟”
قال هاوارد ذلك بعد أن ارتشف رشفةً من الشاي وأكمل،
“لا داعي للقلق كثيرًا بشأن ذلك.”
“ماذا؟”
كيف لا يقلق من أمر قد يجعله مكروهاً من الإمبراطور؟
ما هذا؟ هل هذا لأنه أغنى شخص في الإمبراطورية؟
‘لا أصدق أن هاوارد قال شيئًا كهذا.’
شعرت بالغرابة، لكن هاوارد لم يقل شيئًا بعد ذلك. و على عكس ما كان عليه قبل قليل، صار يشع بهالة لا يمكن الاقتراب منها.
كأنه يقول بوضوح: لا تسألي شيئًا آخر.
وإن كان كذلك، فلا بأس. إن لم يرغب في الحديث، فلا حاجة لي بمعرفة السبب. فكما لدي أسراري التي لم أخبره بها، هو لديه اسراره.
‘بما أنه ابن شقيق الإمبراطور، فلا بد أن لديه خطة احتياطية ما.’
سارعت إلى إفراغ رأسي من كل الأفكار. فما يهمني الآن ليس الأسرار بين الإمبراطور وهاوارد.
‘المهم، ماذا عن عرضي؟’
بالنسبة لي، هذا الأمر يتعلق بحياتي، وأريد حسمه بأسرع ما يمكن، لكن الأجواء أصبحت ثقيلةً فجأة ولم أستطع فتح الموضوع مجددًا بسهولة.
أتمنى لو أن هاوارد هو من يعيد فتح الحديث، لكن من ملامحه بدا وكأنه يفكر بعمق.
‘مع ذلك، من طريقته في الكلام، يبدو أنه يميل لقبول عرضي.’
بصراحة، عرضي لم يكون سيئًا حتى بالنسبة لهاوارد. يمكنه إجراء التحقيق بسهولة، ويقلل من ألمه أيضًا.
في النهاية، من المؤكد أنه سيقبل…..
“أرفض.”
…..لكنه لم يفعل.
“…..ماذا؟”
دويّ هائل انفجر في داخلي.
كان ذلك صوت تحطم حلمي العظيم بأن أعيش حياةً مترفة بالتعلق بهاورد.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 8"