“في كل مرة تلتقي فيها الآنسة ريكا بالكونت إيتنتيا، كانت الوحوش تظهر بأعدادٍ كبيرة. و لم تُستثنَ أي مرة.”
“……ماذا قلتَ؟”
قطب هاوارد حاجبيه، وكأن الكلام الذي سمعه لم يكن متوقعًا إطلاقًا. و ظل يفكر لوهلة، ثم هز رأسه.
“لابد أنه مجرد صدفة. الكونت إيتنتيا كان يزور ريكا كثيرًا مؤخرًا. من الطبيعي أن تتكرر هذه الأمور لبضع مرات.”
تنهد ليون طويلًا، وكأن هذا الرد كان متوقعًا منه.
“سيدي الدوق. سبب ذهابكَ الآن إلى أنِيما، هو ظنك أن الكونت إتينتيا قد توجه إلى هناك، أليس كذلك؟ لأن الآنسة ريكا غادرت صباح اليوم إلى أنيما، وتخشى أن يلتقيا هناك.”
“صحيح.”
“وإن ظهرت الوحوش مجددًا في أنِيما؟”
حدّق ليون مباشرةً في عيني هاوارد.
“هل ستظل تسميها صدفةً أيضًا؟”
لم يجب هاوارد. أو بالأحرى، بدا وكأنه غير قادرٍ على الإجابة.
في الحقيقة، هاوارد تشيلستون كان يعرف الجواب مسبقًا. فوضعٌ كهذا لا يمكن اعتباره مصادفة أبدًا.
ظهور الوحوش بهذا الشكل دفعةً واحدة ليس أمرًا شائعًا. و حتى في تاريخ الإمبراطورية بأكمله، يمكن عده على الأصابع.
ولكن ماذا لو أن هذا الوضع يتكرر في كل مرة يلتقي فيها شخص ما؟ من الطبيعي أن يكون هناك ارتباطٌ بينهما، أليس كذلك؟
‘لكن، يبدو أن الدوق الآن وكأنه……’
لا يريد الاعتراف بتلك الحقيقة.
هاوارد تشيلستون، الذي يُفترض أنه يعرف عن الوحوش والمهرطقين أكثر من أي أحد آخر، عاجزٌ عن الجزم بهذا الأمر البسيط ويستمر في التصرف بشكلٍ غير عقلاني.
ليون كان يعرف جيدًا السبب خلف ذلك.
‘إنها ريكا. تلك المرأة.’
المرأة التي أصبحت الحبيبة المزيفة لهاوارد تشيلستون قبل مدة قصيرة. عندما يتعلق الأمر بها، يصبح سيده غريبًا الأطوار.
ولأنه كان دائمًا بجانبه وهو ينفذ أوامره، لم يستطع التظاهر بعدم المعرفة.
لقد أصبح هاوارد تشيلستون صادقًا في مشاعره تجاه ريكا، التي لم تكن سوى حبيبةٍ مزيفة.
نعم، لقد رآه بعينيه، لذا كان متأكدًا. لكن كان هناك أمرٌ لا يستطيع فهمه.
‘هل من الممكن أن يمنح أحدهم مشاعره بهذه السرعة؟’
ألم تمضِ بضعة أشهرٍ فقط منذ أن التقيا؟
ربما لو كان شخصًا آخر، لكان الأمر مفهومًا، لكن هاوارد تشيلستون كان رجلًا لم يعرف في حياته حتى معنى كلمة “حب”.
فهل من الممكن أن يمنح مشاعره بهذه السرعة؟ بل وبهذا العمق، كأنه مستعد لأن يهب كل شيء؟
ليون لم يستطع تقبّل هذا الوضع الذي آل إليه كل شيء. ومع ذلك، لم يكن بوسعه أن يواجه هاوارد بالأمر بشكلٍ مباشر.
حتى لو تكلم، لا يعلم كيف سيتلقى هاوارد ذلك.
وفي النهاية، ابتلع ليون كلماته التي كان ينوي قولها.
“على أي حال، من المؤكد أن هذين الشخصين لهما علاقةٌ بالظواهر التي حدثت مؤخرًا في أوفيلين. أعتقد أنه من الأفضل إبلاغ فرقة الفرسان المقدسين لبدء تحقيق جدي……”
“……فهمت ما تحاول قوله.”
قال هاوارد ذلك بصوتٍ هادئ بعد أن ظل صامتًا. ثم تنهد بصوت خافت واتجه نحو العربة.
“كما قلت، سنبدأ تحقيقًا جديًا.”
نظر ليون إليه بعين متشككة، ثم سمع وجهته وهو يخاطب السائق.
وعندما سمع المكان، اتسعت عينا ليون بدهشة.
“ألم تكن ستتوجه إلى أنّيما مباشرة؟ كنت تتصرف وكأن الذهاب الفوري إليها مسألة حياة أو موت، فلماذا غيرت رأيكَ فجأة؟”
لم يجب هاوارد، بل اكتفى بابتسامةٍ خفيفة.
أمال ليون رأسه في حيرة.
‘هل يمكن أنه ذاهب للتحقيق كما قال سابقًا؟’
إن كان الأمر كذلك، فهذا فعلاً خبرٌ مفرح……
أراد ليون أن يسأل هاوارد مرة أخرى، لكنه عندما عاد إلى وعيه كان العربة قد انطلقت بالفعل.
دَقْ دَقْ-
و ابتعدت العربة وسط ضجيج عجلاتها.
***
“آه……”
أطلقت أنينًا خافتًا وأنا أفتح عيني ببطء. و ظهر في مجال بصري سقفٌ غريب عني.
حتى حين أدرت رأسي، كان المشهد نفسه، جدرانٌ مصنوعة من خشب داكن، وأثاث بلون مشابه، وكل شيء كان جديدًا عليّ.
على ما يبدو، كان المكان نُزُلاً.
لم أكن واثقةً تمامًا، لكن من خلال خبرتي السابقة في العمل بنُزل آنا، خمّنت أنه نُزلٌ على الأرجح.
‘كيف انتهى بي المطاف هنا؟’
كانت آخر ذكرياتي أنني اصطدمت بجدار العربة بعد أن تلاقت عيناي مع الوحش، ثم فقدت وعيي، لذا لم يتبقَّ في ذهني أي شيء.
حين حاولت النهوض من السرير، شعرت بألمٍ ينبض في جانب رأسي، يبدو أنني اصطدمت بقوة أكبر مما ظننت.
مددت يدي ولمست رأسي، فوجدته ملفوفًا بضماد. على ما يبدو، تعرضت لإصابة. ربما حتى ظهرت كدمة.
تحسست شعري لأتأكد أنه لا يزال في مكانه، ثم استلقيت مجددًا على السرير بهدوء.
يا للراحة. شعري العزيز، لم أفقدك.
‘لكن، كم الساعة الآن؟’
وأنا مستلقية، أدرت رأسي هنا وهناك، فرأيت برج الساعة من نافذة الغرفة.
رغم أنه لا يضاهي برج الساعة في أوفيلين، إلا أنه كان ضخمًا بما يكفي و لم يصعب رؤيته بالكامل من نظرةٍ واحدة.
رأيت عقرب الساعات يشير إلى العاشرة، والسماء المظلمة في الخارج، فتنهدت براحة.
‘يبدو أنني لم أبقَ نائمةً لوقتٍ طويل.’
بما أننا وصلنا إلى أنيما ليلًا، كنت قلقةً أن تكون قد تجاوزت منتصف الليل، لكن لحسن الحظ لم يكن الأمر كذلك.
ورؤية برج الساعة ذاته قبل ظهور الوحش تعني أن النزل قريبٌ من المكان الذي كنا فيه.
‘سأرتاح قليلًا ثم أخرج لمقابلة أوديا. قال هاوارد أن التذكرة التي أعطاني إياها تتيح لي الدخول أولًا في أي وقتٍ أذهب فيه.’
كنت ما زلت أشعر بالدوار فلم أتمكن من النهوض، واكتفيت بتحريك عيني بهدوء، عندها، سُمعت فجأةً خطوات تقترب.
وتوقفت تلك الخطوات أمام باب الغرفة التي كنت فيها.
‘هل هو أحد فرسان الحراسة التابعين لعائلة الدوق؟’
إن دخل، سأشكره على اعتنائه بي. لقد تحمّل عناء المجيء إلى هذا المكان البعيد بسببي.
كنت أفكر بذلك بينما أحدّق في الباب. لكن حين فُتح، لم يكن القادم كما توقعت.
“آه، لقد استيقظتِ.”
انعكست عيناه الخضراوان بلطفٍ وهو يبتسم. اقترب الرجل مني بخطى هادئة.
“كنت قلقًا من أن تكون حالتكِ سيئة جدًا، لكنني مطمئنٌ الآن.”
“……ما الذي تفعله هنا؟”
سألتُه بنبرةٍ متحفظة بينما لم أستطع إخفاء اندهاشي منها.
عندها، ابتسم الرجل—بروتور—بخفة.
“ما الذي تعنينه؟ بما أنكِ هنا، فمن الطبيعي أن أكون أنا أيضًا هنا.”
قال ذلك بصوتٍ هادئ وهو يخلع العباءة التي كان يرتديها ويعلّقها على الكرسي.
ثم جرّ الكرسي وجلس بجانبي، إلى جوار السرير. فالتقت أعيننا من دون مهرب.
“قلت لكِ من قبل، أنا وأنتِ……علينا أن نكون معًا.”
“أتتبعني لمجرد هذا السبب؟”
“أجل.”
“لا، أعني……”
لم أستطع إكمال كلامي. وهذا طبيعي، لأنه ببساطة لا يُعقل.
لو كنا داخل أوفيلين، لكان الأمر مفهومًا، لكن إلى أنّيما؟
حتى لو كنا شخصيتين أساسيتين في نفس القصة، هل يعقل أن يقطع كل هذه المسافة؟ هل هذا الأحمق لا يملك ما يشغله؟
وأين ذهب فرسان عائلة الدوق؟ لماذا بروتور إيتينتيا هو من بجانبي الآن؟
كان هناك الكثير من الأمور المريبة.
“ما الذي تخطط له هذه المرة؟”
حدّقت به بعينين ضيقتين. عندها ارتسمت ابتسامةٌ خفيفة على شفتيه.
“لا ينبغي لكِ معاملتي بهذه الطريقة. فلولا وجودي، لكان جميع فرسان دوقية تشيلستون الذين جاؤوا معكِ قد أصبحوا طعامًا للوحوش.”
“هل تقول أنكَ من قضى على كل الوحوش؟”
لم يجب بروتور، بل اكتفى بهز كتفيه، ثم نظر إلى رأسي الملفوف بالضماد.
“كيف حال رأسكِ؟ لم أكن أنوي إصابتكِ، آسف. كان ينبغي أن أنهي الأمر بشكلٍ أسرع.”
مدّ بروتور يده نحوي، و بدا وكأنه يريد تفقد جراحي.
كنت أعلم أنه لن يؤذيني الآن، ومع ذلك، اجتاحني خوف غريب وغير مبرر. وفي اللحظة ذاتها، عاد إلى ذهني ذلك المشهد……حين تلاقت عيناي بعيني الوحش.
مرةً في أنّيما، ومرة في الساحة الكبرى بالقصر الإمبراطوري.
في النهاية، أدرت وجهي ودفعت بروتور بعيدًا عني.
“لا بأس. لم تكن أنتَ من استدعى الوحوش على أي حال.”
كانت تلك طريقة غير مباشرة لأقول له: كفّ عن التدخل في شؤوني. فمجرد رؤيته يكدر مزاجي، لذا من الأفضل أن يختفي من أمام عيني.
‘رغم أن بروتور، في النهاية، لن يكترث بشيءٍ من هذا.’
تنهدت بصوت خافت. لكن وعلى غير المتوقع، لم يصلني أي رد.
كل ما سمعته كان أنفاسي وأنفاسه.
وحين استبدّ بي ذلك الإحساس الغريب وأدرت رأسي نحوه، رأيت وجهه.
كان ينظر إليّ بنظرة وكأنه قد ضُرب في صميمه……دون أن أعرف السبب.
_______________________
هو الي استدعى الوجوش 🤡
طيب وهاوارد وش راح يسوي؟ حسبته بيروح لأنيما 😭
ياولد ام عياله راسها يوجعها
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 75"