“ما الأمر؟”
سألتُ بقلقٍ بسبب ردّة فعل هاوارد المفاجئة.
هل قلت شيئاً خاطئاً دون أن أدرك؟
‘لقد قلتها دون تفكير فقط……’
في الواقع، حين أفكر بالأمر، قد يكون كلامي قد أزعجه. فالقوة المستخدمة في هذا العالم هي “القوة المقدسة”، أليس كذلك؟ أما “السحر”، فهو شيءٌ لا يوجد إلا في قصص الأطفال.
‘……وفوق ذلك، كثيراً ما يقال أن الهراطقة يستخدمون السحر.’
لكن في الحقيقة، الهراطقة لا يستخدمون السحر، بل من رأى قواهم قال لأول مرة: “بدت كالسحر الذي نراه في القصص”، ثم تحرّف الكلام بعد ذلك.
ولأنها ليست عبارةً تُستخدم كثيراً هنا، لم يخطر ببالي هذا الجانب.
يبدو أنني ارتحت كثيراً في الحديث لأن هاوارد يعرف أن هذا العالم مبنيٌ على لعبة.
“أنا آسفة. إن كان كلامي قد أزعجكَ، فأعتذر.”
“آه، الأمر ليس كذلك، لا بأس.”
اعتذرتُ لذلك بينما خفضتُ حاجبيه، ثم لوّح هاوارد بيده لينفي الأمر.
“أعرف ما كنتِ تقصدين بكلامكِ. فقط……حين تذكرت تلك الفتاة بعد كل هذا الوقت، أصبحت حساساً بعض الشيء.”
تنهد هاوارد تنهيدةً خفيفة.
قال إنه بخير، وهذا مطمئن، لكن حين حدّقت به بصمت، شعرت هذه المرة بشيءٍ غريب من نوع آخر. فكلما استمعت أكثر إلى حديثه، شعرت وكأنني……
‘أستمع إلى قصة حبّه الأول.’
قصة الحب الأول، في اليوم الذي اعترف فيه لي بمشاعره؟ حتى وإن كنت لم أقبل اعترافه، فهذا……غريبٌ بعض الشيء.
شعرت أنني عاجزةٌ عن وصف مشاعري تماماً، لكن قلبي أصبح مشوشاً للغاية.
وتملّكني الفضول أيضاً……من تكون تلك الفتاة التي ما زال هاوارد يفكر فيها بعد كل هذا الوقت؟
حب هاوارد تشيلستون الأول، الذي لم يُذكر ولا مرةً واحدة حتى في القصة الرئيسية للعبة <عالم الفانتازيا>.
‘حسب ما قاله، فهي في عمر هاوارد تقريباً، وتملك شعراً طويلاً أسود اللون، أليس كذلك؟’
ويبدو أنها ليست من عائلةٍ نبيلة معروفة، فلو كانت كذلك، لكان ماركوس قد أشار إليها بشكلٍ رسمي في حفلة الشاي بالتأكيد. حتى إن هاوارد لم يعرف اسم الفتاة، فهذا مستبعدٌ تماماً.
‘قال أنه كان يلتقيها سراً عند التل، ربما كانت من عامة الشعب.’
وريث دوقية تشيلستون مع فتاةٍ من العامة……لو انتشر الأمر، لكان قد أثار ضجةً كبيرة.
رغم أنني، كواحدةٍ من العامة تزوّرت هويتي لأكون حبيبة هاوارد، لستُ في موقعٍ يسمح لي بالحكم على أحد.
تُرى، كيف كانت شخصيتها؟
لو كانت قادرةً على اللعب والانسجام مع هاوارد، فلا بد أنها كانت اجتماعية.
وقد كانت شجاعةً ومقدامة أيضاً، فهي – حسب قوله – وقفت أمام وحشٍ لتحميه وهي لا تزال طفلةً صغيرة.
“……لا، مع الأخذ بعين الاعتبار ذوق هاوارد، ربما كانت فتاةً رزينة وناضجة بطبعها.”
بينما كنت أفكر بذلك، سمعت صوتاً مرتفعاً قليلاً عند أذني.
“ماذا؟”
رفعت رأسي بشكلٍ عفوي، فرأيت هاوارد ينظر إليّ بدهشة. و عيناه الحمراوان كانتا ممتلئتين بالذهول.
آه، هل يُعقل……هل قلت ذلك بصوتٍ عالٍ دون أن أدرك؟
“هاه……ريكا.”
تنهد هاوارد تنهيدةً طويلة. و وضع يده على جبينه وكأن رأسه يؤلمه.
“لماذا ما زلتِ تظنين أنني……أُحب شخصاً آخر؟ ماذا تظنين أن اعترافي لكِ كان يعني؟”
رنّ صوته المنخفض بوضوحٍ لم يكن فيه من قبل.
“التي أحبها……هي أنتِ يا ريكا.”
أوه، تباً. انتظر لحظة. من أين جاء هذا الهجوم المباغت؟
في لحظة، شعرت بحرارةٍ تتصاعد إلى وجنتيّ.
منذ أن عاد هاوارد بعد أن هدأ، كان يتصرف وكأن شيئاً لم يكن، لذلك لم أكن أتوقع أبداً أن ينطق بكلمة “اعتراف” بهذه الصراحة.
“أ-أعني……سمعت المتدربين يتحدثون عن ذلك……لا، لم أكن أتجسس، فقط شعرت بالذعر عندما حاول أحدهم الدخول إلى المكتب فجأة، فاختبأت تحت الطاولة، وتصادف أنهم كانوا المتدربون هناك……”
“لا داعي لشرح ذلك، تجاهليه فقط. وبالمناسبة، انسِي كل ما سمعتِه وقتها. أشعر بالأسف تجاه تلك الفتيات النبيلات، لكن حين أفكر بالأمر الآن، لا أظن أنه يمكنني القول أنني كنت في علاقة حقيقية. الأمر حصل فقط لأن الوقت قد حان للخطوبة، ولم أقم بشيءٍ يُشبه العلاقات الحقيقية. وحتى تلك الفتاة……كنت أحتفظ بها في قلبي من طرفٍ واحد، ولم يحدث بيننا شيءٌ فعلياً.”
توقف هاوارد عن تبريراته الحماسية فجأة. وبعد برهةٍ من الصمت، خرجت الكلمات التالية بصوت خافت جداً.
“……حتى أن أول مرة تلامست فيها شفاهي مع أحد، كانت معكِ.”
أول مرة؟ هل يقصد……
لابد أنه يتحدث عن ذلك اليوم، عندما جاء فريدريك إلى قصر الدوق. تحديداً، تلك اللحظة التي حاولنا فيها التظاهر بأننا حبيبان أمام فريدريك……وانتهى بنا الأمر بتبادل قبلة عن طريق الخطأ.
‘لقد حصلت بيني وبين هذا الشخص أشياء من هذا النوع أيضاً، إذاً.’
كنت قد بدأت أنسى الأمر بمرور الوقت، لكن أن يُعاد ذكره اليوم تحديداً……
ومع تذكري لذلك الإحساس الناعم في تلك اللحظة، اشتعلت حرارة وجنتَيّ من جديد ولم تهدأ بسهولة.
يا إلهي، ماذا أفعل؟ عليّ قول أي شيء. فالوقوف بصمت هكذا محرجٌ للغاية.
“و……واو! لا أصدق أنها كانت أول قبلةٍ لكَ، هذا مفاجئٌ فعلاً! ظننت أنني وحدي من كانت المرة الأولى بالنسبة لها……”
……تبا. ما الذي أتفوه به بحق؟
هل فقدتُ عقلي فعلاً لدرجة أن أقول أول شيءٍ يخطر ببالي هكذا؟
‘ما معنى هذا الاعتراف بأنها كانت أول قبلة في حياتي، وفي هذا التوقيت بالذات!’
ما إن أدركتُ ما قلته، حتى احمرت وجنتاي بشكلٍ لا يُقارن بما سبق.
لم أكن بحاجةٍ إلى النظر في المرآة لأعرف. وجهي كان على وشك الانفجار من شدة الحرارة.
‘أشعر أنني سأموت من شدة الإحراج.’
لم أستطع حتى النظر إلى هاوارد، فغطيت وجهي سريعاً بشعري.
والأمر الأكثر إحراجاً من كل شيء، هو أن وجه هاوارد بدا وكأنه ازداد إشراقاً بعد سماعه لكلامي.
“……كانت أول مرة؟”
قال هاوارد ذلك، هو الذي كان شارداً، ثم نهض من مكانه فجأة.
“حقاً؟ لماذا؟ إذاً……علاقاتكِ السابقة؟”
“أليس من المفترض أن تسأل أولاً إن كنتُ قد مررت بعلاقاتٍ سابقة من الأساس؟ لماذا تفترض أنني كنت في علاقة؟”
“لأنكِ لو لم تكوني كذلك، فهذا غير منطقي.”
تمتم هاوارد وكأنه يقول شيئاً بديهياً.
“فبهذا الجمال……”
……ماذا، مـ……ماذا يقول؟!
تفاجأت لدرجة أنني لم أستطع حتى الرد، واكتفيت بتحريك شفتي بصمت.
هل هذا الشخص الواقف أمامي الآن……هو فعلاً هاوارد تشيلستون؟ هل هذه شخصيته الحقيقية؟
لا، مستحيل! كم مرة لعبتُ عالم الفانتازيا؟ لقد ذهبت إليه وتحدثت معه مئات المرات!
“أنا……أنا لستُ جميلة!”
“بل أنتِ جميلة.”
“آه، كيف يمكنكَ قول مثل هذا الكلام بكل بساطة……على كل حال، لم أواعد أحداً من قبل!”
“حقاً؟”
“نعم! كنت مشغولةً فقط بالبقاء على قيد الحياة، و لم يكن لدي وقت حتى لأجرب المواعدة.”
“واو……”
هاوارد، الذي لا يزال واقفاً أمامي، جلس فجأةً وكأنه لا يصدق ما يسمعه، ثم تمتم،
“هل هذا ممكنٌ فعلاً؟”
“ما الذي يثير دهشتكَ لهذه الدرجة؟”
“لا، أعني……هو فعلاً أمرٌ مدهش، لكن أيضاً……”
تلعثم هاوارد في نهاية جملته ورفع يده ليغطي بها فمه.
لكن قبل أن يغطيه تماماً، رأيتُ ذلك. زاوية شفتيه التي ارتفعت إلى الأعلى.
“شعرت فجأةً وكأنني أسعد إنسانٍ في العالم.”
مـ……مجنون. هذا الرجل فقد صوابه حقاً.
الآن وجهي على وشك الانفجار فعلًا، لذا خبأته بعنايةٍ أكبر خلف شعري.
عندما رأى هاوارد ما فعلته، نهض من مكانه واقترب مني ببطء.
“ريكا، أنزلي شعركِ للحظة.”
“لا، لا أريد!”
“لن أنظر، فلا داعي لتغطية وجهكِ. إذا فركتِ وجهكِ بالشعر بهذه القوة ستتأذين.”
“سأتدبر أمري بنفسي! لا داعي لأن تهتم!”
“كيف لا أهتم؟”
سمعت صوت هاوارد وهو يجلس بجانبي. ثم انحنى نحوي وأضاف بهدوء،
“لأن الأمر يتعلق بمن أحب.”
‘آآاااه!’
صرخت في داخلي وأنا أعض شفتي من الداخل.
شعرت وكأن سربًا من الفراشات يطير داخل صدري. و كانت الدغدغة لا تُحتمل، ولم أستطع إبقاء جسدي ثابتًا.
لم يسبق لأحدٍ أن عاملني هكذا من قبل. والطرف الآخر هو هاوارد تشيلستون، أجمل رجل في عالم الفانتازيا كله.
‘يـ، يجب أن أهرب.’
لم أعد أتحمل البقاء هنا.
نسيت أن هذا المكان هو غرفتي، فرفعت جسدي الذي كان منحنِيًا نصفه. وعندما هممت بالنهوض من على الأريكة.
“آه!”
شعرت بألمٍ مفاجئ ينتشر في فروة رأسي. وعندما نظرت للأسفل، أدركت السبب.
شعري قد علق بزر قميص هاوارد.
______________________
هااااهاهاهاهاعاعا احلا مومنت شعرها نشب😭😭
سوم صرخت داخلها الظاهر ذي صرختي بعد
ياناس يجننننن وهو يبستم عشانها قبلتهم الاولى وهو يقرب منها اااااااا زوجوهم
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 71"