“بعد انتهاء المعركة، بدا الدوق تشيلستون رائعاً جداً لدرجة أنني أريد أن أكون الوحيدة التي تراه!”
دوّى صوتي في الأرجاء بقوة. قانصبت كل الأنظار نحوي، وكأن الجميع قد تفاجأ من الموقف المفاجئ.
‘…..واو. لقد أفسدت حياتي تماماً.’
حتى وإن حالفني الحظ ونجوت من الموت الوشيك بطريقةٍ ما، فلن أتمكن من الزواج في أي مكانٍ آخر.
لكنني لم أندم على ذلك. فقد جاءني إشعار سارّ وكأنه يمدحني على ما فعلت.
دينغ!
<النظام>
<[هاوارد تشيلستون] قد استعاد هدوءه!>
…..تم الأمر.
تنفست الصعداء بعدما قرأت الجملة التي كنت أترقبها بلهفة. فالآن سيتمكن هاوارد من النهوض وكأن شيئاً لم يكن.
ولم تمضِ سوى لحظات حتى-
“يا له من اعتراف حبٍ حماسي.”
سمعت صوتاً مألوفاً من خلفي. وحين أدرت نصف جسدي، كان هاوارد قد نهض من مكانه ووقف خلفي.
مرّ بقربي وهمس في أذني بصوتٍ خافت.
“شكراً لكِ.”
‘هيهي. لا داعي للشكر.’
شعرت بالفخر والحرج في آنٍ واحد، فبدأت ألمس مؤخرة عنقي بهدوء.
في تلك الأثناء، وقف هاوارد أمامي مباشرة، مواجهاً ماركوس. كان واضحاً أنه يحاول حمايتي.
ثم انحنى أمام ماركوس وألقى التحية.
“أقابل جلالة الإمبراطور، شمس الإمبراطورية.”
“.……”
“تم القضاء على الوحوش بنجاح. وسنقوم بتمشيط المنطقة سريعاً للتأكد من عدم وجود وحوشٍ أخرى.”
اعتدل هاوارد واقفاً بعدما أنهى تقريره. وبدا أن الموقف قد انتهى على هذا النحو.
باستثناء ماركوس، الذي لا يزال غاضباً.
“حسناً، يمكنكَ الانصراف الآن.”
“إذاً-”
“لكن، آنسة إيفريت، ابقي هنا.”
…..نعم؟ أنا؟
توقفت فجأة عن التحرك بعدما سمعته يذكر اسمي فجأة. وكذلك هاوارد، الذي كان على وشك الذهاب معي، توقف أيضاً.
وعندما أدرت رأسي، التقت نظراتي بنظرات ماركوس. و كان يبتسم لي برفع زاويةٍ واحدة من فمه.
“من الجميل رؤية علاقةٍ جيدة بين الحبيبين، لكن اعتراض طريق الإمبراطور تحت أي ظرف يُعد تصرفاً غير مخلص.”
“….…”
“وطبعاً، مقاطعة الحديث تُعتبر كذلك أيضاً.”
لكن، وعلى الرغم من ابتسامته، فإن نظرته لي لم تختلف عن ذي قبل، بل أصبحت أكثر برودة.
يبدو أن مزاجه كان سيئاً للغاية.
“على ما يبدو، لأن الآنسة بقيت في الشمال طوال هذه الفترة، فهناك الكثير مما تجهله. أظن أنه حان وقت تلقي بعض التعليم.”
…..أي نوعٍ من التعليم؟
شعرت بإحساسٍ مرعب، وبدأ قلبي ينبض بسرعة.
لم يُكشف بعد أنني نوكس، فهل سأنتهي في زنزانة تحت الأرض بهذه الطريقة؟
وبينما كنت أعض شفتي دون وعي، أشار ماركوس بصمتٍ إلى الفرسان الواقفين بجانبه.
وفي نفس اللحظة، تقدم هاوارد إلى الأمام.
“إذاً، سأذهب معها.”
وبذلك أصبح جسدي محجوباً تقريباً خلفه.
“بما أن الموقف حصل بسببي، فمن الطبيعي أن أذهب معها-”
“لا، هاوارد، يجب أن تبقى هنا. كقائدٍ لفرقة الفرسان المقدسة، عليك أن تتولى مسؤولية ترتيب الوضع في المكان.”
قال ماركوس ذلك وهو يبتسم، مانعاً هاوارد من مرافقتي.
وهكذا، حين بدأ فرسان القصر الإمبراطوري يقتربون مني، وتقدم هاوارد خطوةً إضافية ليمنعهم، ظهر فجأة بروتور من خلف ماركوس، الذي لا أعلم منذ متى كان واقفاً هناك، وبدأ بالكلام وهو يتقدم للأمام.
“جلالتك.”
في تلك اللحظة، ارتجف جسد ماركوس قليلاً. و وجهه المتغطرس بدا شاحباً للحظة، وجفناه ارتعشا بشكلٍ واضح حتى من مسافة بعيدة.
بدا وكأنه طفلٌ صغير تم ضبطه وهو يرتكب خطأً كبيراً.
صحيح أن هذا تعبير غريب لوصف إمبراطور فيدوس ووالدٌ لطفل، لكن لا توجد طريقة أخرى لوصف الموقف بدقة.
“ألا ترى أنه من الأفضل أن تسامحها بلطف؟ فكما قلتَ، يبدو أن الآنسة إيفريت ارتكبت هذا الخطأ لأنها لا تزال غير معتادة على الحياة في أوفلين.”
“.……”
“أليس كذلك؟”
“…..نعم، هذا صحيح.”
أجاب ماركوس بوجهٍ ممتعض.
وبينما كنت أراقب هذا المشهد، شعرت بشيءٍ أشبه بالدهشة.
كنت أعلم أن بروتور من أنصار الإمبراطور، لكن هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها حواراً مباشراً بينهما.
‘إذًا هكذا كانت العلاقة بينهما.’
كان الشعور مختلفاً عمّا توقعت، لا، بل مختلفاً كثيراً.
عادةً، عندما يُقال “الإمبراطور ووزيره المخلص”، لا يكون المشهد بهذا الشكل. بل هم أقرب إلى….
‘…..السيد وكلبه المطيع.’
نعم، هذا هو الوصف الدقيق تماماً.
بطبيعة الحال، كان السيد هو بروتور، والكلب هو ماركوس.
وبما أنني لا أنوي أن أُتّهم بجريمة إهانة العائلة الإمبراطورية، فلن أقول ذلك بصوت عالٍ، لكن المشهد لم يكن جميلاً على الإطلاق.
نظرت إلى ماركوس الذي أصبح هادئاً بشكلٍ ملحوظ مقارنةً بما كان عليه قبل قليل.
وبعد لحظة، التفت إليّ وفتح فمه ليتكلم.
بالطبع، بسبب وقوفي خلف هاوارد تقريباً، كان كلامه موجهاً إلى هاوارد أكثر مما هو موجهٌ لي.
“نعم، ما قاله الكونت إتينتيا صحيح. يبدو أنني انفعلت قليلاً.”
قال ماركوس ذلك وهو يحاول جمع ملامحه بتعبير متحفظ.
ثم تخلّى عن مظهره المتبلّد الغريب، وابتسم أخيراً كعادته بكل هدوء.
“لقد ارتكبتُ خطأً من شدة الغضب بسبب ظهور الوحوش فجأة في مكانٍ أعددته بنفسي بعناية. أعتذر.”
“…..لا بأس.”
خرجت بسرعة من خلف هاوارد وقلت ذلك. ففي مثل هذا الموقف، يجب إنهاء الأمور بسرعة، وإلا فقد تتدهور الأمور.
صحيحٌ أن ماركوس بدا وكأنه استجاب لنصيحة بروتور الآن، لكن من يدري، قد ينقلب في أي لحظة.
لكن، وعلى عكس ما كنت أخشاه، غادر ماركوس المكان بهدوء دون أن يلتفت لخلفه ولو لمرة واحدة.
ظللت أحدق فيه غير مصدقة ما يحدث، وفي تلك اللحظة اقترب مني بروتور.
“إذاً، لنلتقي لاحقاً، ريكا.”
ثم نظر جانباً إلى هاوارد الواقف بجانبي وأضاف،
“إذا رغبتِ في المجيء إليّ في أي وقت، فقط قولي ذلك.”
ترك تلك الكلمات خلفه، وبدأ بالسير في الاتجاه الذي اختفى فيه ماركوس.
كم مرة أكّدت له أنني لن أذهب إليه أبداً؟ ومع ذلك ما زال يكرر نفس الكلام.
حقاً شخص مزعج لا يُحتمل.
حدّقت فيه بغضب وأنا أرمقه بعينين ضيقتين كالسيف.
و في تلك اللحظة، سألني هاوارد فجأة وهو بجانبي،
“ريكا، هل سبق أن كان لون شعركِ أسود؟”
هاه؟ ما هذا السؤال المفاجئ؟
***
“لقد بذلتَ مجهوداً كبيراً. هل أنت بخير؟”
“لم تُصب بأي مكانٍ، صحيح؟”
هاوارد، الذي كان على وشك فقدان السيطرة على قواه المقدسة أثناء قتاله مع الوحوش، تمكن بصعوبة من الوصول إلى الملجأ، لكنه فقد وعيه فور سماعه لصوت ريكا.
كان يعلم أنها ستقلق عليه، لكن ما إن رآها حتى شعر بالراحة فجأةً ولم يستطع الصمود.
وبما أنه طالما كان يشعر بتحسن حين يكون معها، فلم يكن ذلك مستغرباً.
وكما توقع، سرعان ما سمع صوتاً يوحي بالثقة.
“تحمّل قليلاً فقط، هاوارد. سأبدأ العلاج حالاً.”
كان هاوارد في حالة شبه وعي، يضم جسده بتعب. وسرعان ما بدأ يشعر بطاقة ٍمريحة تسري في جسده، ما دل على أن ريكا بدأت العلاج.
وبينما كان يقاوم الإغماء، سمع فجأة صوتاً مألوفاً جداً.
“هل حدث شيءٌ لهاوارد؟”
دق-
دق-
دق-
حتى وسط الرؤية الضبابية والوعي المتذبذب، أخذ قلبه ينبض بعنف وكأنه سيقفز من صدره.
إنه ذلك الشخص. ماركوس دو لوكولين.
شقيق والده الوحيد—والرجل الذي كره والده حتى الموت.
لا يزال هاوارد يتذكر تعبير وجه ماركوس عندما رآه بعد الحادثة المأساوية التي جرت في قصر الدوق، حين جاء لزيارته.
أسى، و حزن، و خيبة، و فرح.
ذلك الوجه الغريب الذي اختلطت فيه كل تلك المشاعر.
في تلك اللحظة، فكر هاوارد وهو يحدق فيه،
‘وحش.’
إنه وحش.
بالنسبة لهاوارد، بدا ماركوس وكأنه مخلوقٌ يفوق الوحوش رعباً.
وجهٌ يشبه وجه والده، لكنه قد يسلبه مجدداً كل ما هو عزيزٌ عليه.
هاوارد لم يكن يريد أن يفقد شيئاً آخر. خاصةً في ذلك اليوم، عندما أدار له ذلك الشخص ظهره وفتح باب الخزانة—
“هاوارد، عندما أدفع ذلك الوحش، اهرب فوراً، فهمت؟ سأحاول أن أُبقيه مشغولاً قدر الإمكان.”
“شكراً لأنك لعبتَ معي طوال هذا الوقت.”
“و…..آسفة.”
تلك الطفلة…..لا يريد أن يعيش مجدداً نفس اللحظة التي فقدها فيها.
وبينما كان يختنق بذكرياته المؤلمة، شق صوت عالٍ أذنه بقوة.
“قلتُ أنه بخيرٍ تماماً!”
عندما فتح عينيه أخيراً بصعوبة، ظهرت صورة ريكا وهي تلوح في رؤيته.
تماماً كما في ذلك اليوم. وهي تقف أمامه، حاجزةً الوحش بجسدها.
_____________________
وناسه دام هاوارد يدري اصلا ان ريكا من عالم ثاني ليه هي ماتقوله ايه كان شعري اسود ثم يبدا تشك ويمكن هي تتذكر✨✨
المهم عندي نظريه شفتوا ملك الشياطين؟ هو شخصية غير قابلة للعب بس يمكن هو نفسه لأنه يدري عن النظام دخل في بروتور؟ لأن الامبراطور وهو مرتاع منه مب طبيعي بعدين يمكن الامبراطور عقد معه صفقه عشان يقتل اهله هاوارد وكذا هو يدري ان ذاه ملك الشياطين💀؟
ومره بعد هاوارد قال ان بروتور كان هادي ونبيل عادي بس فجأة بدا يطلع وكبرت ثروته شلون؟ يمكن بعد مادخله ملك الشياطين😀
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 60"