عندما انهار أحد جدران الساحة الكبرى، تعالت الصرخات أكثر. وذلك لأن الوحوش ظهرت من خلاله.
لم يكن من الممكن معرفة عددها بدقة، لكن بدا أنها تتجاوز العشرين على الأقل.
كيف وصلت الوحوش إلى هنا؟
حتى القول بأنها جاءت بحثًا عن طعام يبدو غير منطقي. فالساحة الكبرى للقصر الإمبراطوري ليست قريبةً من الزنزانة.
لهذا السبب، يبدو الأمر وكأنهم استهدفوا هذا المكان عمدًا.
“……هاه.”
تنهدت وأنا أضع يدي على رأسي.
ربما بسبب الصدمة من الموقف المفاجئ، شعرت بصداع مفاجئ من شدة التوتر.
وفي النهاية، بدأت رؤيتي تصبح ضبابية، وعندما حاولت أن أهدأ قدر الإمكان بالتنفس العميق، سمعت من بعيد صوت هاوارد مجددًا.
“ريكا! اخرجي من الساحة الكبرى مع الآخرين!”
عندما التفت، رأيته يركض باتجاه الوحوش. فأومأت برأسي بسرعة وتحركت بخطى سريعة.
كنت أرغب بالابتعاد عن بروتور بأي وسيلة، لكنّه أمسك بمعصمي مجددًا.
“دعينا نذهب معًا. لا أحد يعلم ما قد يحدث.”
ترددت للحظة، ثم أومأت برأسي على مضض.
“……افعل ما تشاء.”
من الأفضل أن نكون اثنين بدلًا من أن أذهب وحدي في هذا الوضع.
أسرعتُ في خطواتي من جديد. ولم يمضِ وقتٌ طويل حتى أدركت أن خياري كان صائبًا، لأننا صادفنا وحشًا في طريقنا.
ولأكون دقيقة، لم نواجه الوحش وجهًا لوجه، بل كان يقف في الاتجاه الذي كنا نعتزم الذهاب إليه.
اختبأتُ خلف الجدار مع بروتور، نراقب الوحش.
“كخييير…”
كان الوحش يزمجر ويمسح المكان بنظراته.
ماذا نفعل الآن؟ علينا أن نمر من هناك مهما كلف الأمر.
‘هل هناك شيء يمكن استخدامه كسلاح..…؟’
بدأت أبحث بعيني عن أي شيء صلب وحاد يصلح كأداة للضرب، وفجأة تحدث بروتور،
“لنذهب.”
وفي نفس اللحظة، ركض الوحش متجاوزًا إيانا متجهًا إلى مكان ما، وكأنه لم يرَ شيئًا.
كنت أرغب في الالتفات ورؤية ما يحدث، لكن بروتور أمسك بي وسرعان ما انطلق بي في الطريق، فلم أتمكن من ذلك.
لم يكن الباب المؤدي إلى خارج الساحة الكبرى بعيدًا. و كان من المفترض أن أشعر بالارتياح، لكن لم أستطع التخلص من هذا الشعور المزعج.
كانت عيناي تنجذب للخلف باستمرار.
‘……ما هذا؟’
هل أتخيل؟ ذلك الوحش قبل قليل…..
شعرت وكأن عيني قد التقت بعينه تمامًا.
***
تحوّل الحدث إلى فوضى عارمة، بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
الفرسان المقدّسون الذين حضروا اليوم بصفتهم أبطال المناسبة، رفعوا سيوفهم مباشرةً للتصدي للوحوش.
أن يقع هجوم حتى في مناسبة للاحتفال…..يا لها من مأساةٍ مؤسفة.
لكن، لو لم يكن هذا العدد من الفرسان المقدّسين مجتمعًا هنا الآن، لكانت الكارثة أعظم بكثير.
أُقيم الملجأ على مسافة بعيدة قليلًا عن الساحة الكبرى. وذلك لأن المعركة كانت تدور داخل الساحة.
بدت جدران الساحة وكأنها قامت بدورٍ يشبه السجن، بحبسها للوحوش التي طاردت الناس إلى داخلها.
وهذا ما كان يدعو للارتياح بعض الشيء.
‘……لكن الأمر طال أكثر من اللازم.’
متى سيتم القضاء عليهم يا ترى؟
جلستُ بالقرب من مدخل الملجأ أراقب الساحة الكبرى بقلقٍ شديد.
الخادمة التي التقيتُ بها مجددًا في الملجأ غادرت لتجلب الماء، وبما أن بروتور لم يكن بجانبي لانشغاله بأمرٍ ما، استطعت أن أنتظر بهدوء.
لا أعلم كم مضى من الوقت على هذا الحال.
“هـ، هناك! إنهم قادمون!”
عند صرخة أحدهم، نهضت بسرعة. و رأيت من بعيد مجموعةً من الأشخاص يرتدون دروع الفرسان البيضاء يسيرون نحونا.
ى كان هاوارد في المقدمة.
“يا للراحة.”
رغم أنني لم أتحقق بعد، إلا أنه لم يبدو عليه إصاباتٌ خطيرة من مظهره الخارجي.
وصوت عواء الوحوش الذي كان يخرق الآذان لم يعد يُسمع، مما يعني أنهم قضوا عليهم على الأرجح.
هذا هو هاوارد تشيلستون كما عهدته.
“هاوارد!”
ناديتُه وركضت نحوه. فشعرت ببعض الألم في كاحلي، لكنه لا يُعد شيئًا في مثل هذا الوضع.
“بذلتَ جهدًا كبيرًا. هل أنتَ بخير؟”
يبدو أن هاوارد رآني، فتوقف في مكانه.
وفي تلك الأثناء، مرّ الفرسان المقدّسون الآخرون الذين كانوا خلفه بجانبي وبجانبه الواحد تلو الآخر. فحييتهم، ثم نظرت مجددًا إلى هاوارد.
“أأنتَ بخير؟ لم تُصب في مكانٍ ما، صحيح؟”
“….…”
“دعنا نذهب إلى الملجأ أولًا، عليكَ أن ترتاح قليلًا.”
تابعت الحديث معه، وأنا أمسك بذراعه بلطف لأقوده، لكنه لم يتحرك.
والآن بعد أن فكرت بالأمر، لم ينبس بكلمةٍ منذ قليل.
“ما الأمر؟”
هناك شيءٌ غريب…..
وقبل أن يغمرني القلق تمامًا، سقط هاوارد فجأةً إلى الأمام.
ارتعبتُ وحاولت بسرعة تفقد حالته، وفي تلك اللحظة، سمعت صوت تنبيهٍ مألوف في أذني.
دينغ!
<القوة المقدّسة لدى [هاوارد تشيلستون] في حالة هيجان!
[هاوارد تشيلستون] يعاني بسبب فائضٍ مفرط من القوة المقدسة!>
عندها فقط، بعد أن رأيت نافذة النظام، أدركت سبب سقوط هاوارد.
‘…..لا يُصدق.’
في هذا التوقيت بالذات، أن تفقد القوة المقدسة السيطرة…..
‘عليّ أن أُغطي هاوارد أولًا.’
لا أعلم كم يمكنني أن أحميه بجسدي، لكنني كنت أنوي أن أبذل قصارى جهدي.
في تلك اللحظة، تذكرت أول لقاءٍ بيننا. عندما فقد هاوارد السيطرة على قوته المقدسة داخل العربة.
“لا تفتحي الباب.”
في ذلك الوقت، بدا وكأنه لا يريد أن يراه أحدٌ وهو في تلك الحالة المؤلمة.
إذاً، لا بد أنه يشعر بالأمر ذاته الآن أيضًا.
“اصبر قليلًا فقط، هاوارد. سأعالجكَ حالًا.”
كنت على وشك تفعيل قدرتي بسرعة، لولا الصوت الذي جاء فجأةً من خلفي.
“ما الذي يحدث هنا؟”
استدرت نحو الصوت الذي كان مألوفًا وغريبًا في آنٍ واحد.
لقد كان الإمبراطور، ماركوس. و كان واقفًا شامخًا يحدق بي وبهاوارد.
لا، دعوني أُصحح…..
نظراته كانت مركزةً على هاوارد فقط.
“هل حدث شيءٌ لهاوارد؟”
رغم أن نبرة صوته بدت قلقة، إلا أنني، وأنا أعلم جيدًا طبيعة ماركوس، شعرت وكأنه كان يستمتع بالموقف.
وقفت من مكاني محاوِلةً أن أحجب هاوارد عن نظر ماركوس، فقد شعرت أن هاوارد نفسه كان ليرغب بذلك.
“لا شيء. يبدو أنه فقط مرهقٌ قليلاً.”
“لا يبدو أنه مجرد إرهاق.”
مال ماركوس برأسه إلى جانبي، وكأنه يحاول بشتى الطرق رؤية حالة هاوارد.
“يبدو أن حالته سيئةٌ للغاية-”
“قلت لكَ أنه بخير!”
مددت ذراعيّ لأمنع ماركوس من الاقتراب من هاوارد.
وبينما كنت أفعل ذلك، كنت أواصل استخدام قدرتي دون توقف.
دينغ!
<القوة المقدسة لدى [هاوارد تشيلستون] بدأت تنخفض!>
لحسن الحظ، كانت قدرتي قد تطوّرت مؤخرًا. ولولا ذلك، لكان من الصعب استخدامها في هذا الوضع.
دينغ!
<القوة المقدسة لدى [هاوارد تشيلستون] بدأت تستقر.>
أرجوك، فقط قليلًا بعد…..
فقط قليلًا بعد، أرجوكَ.
بينما كنت أرجو بإخلاص، أعض شفتي، وإذا بصوتٍ بارد ينزل عليّ من فوق رأسي.
“……ما الذي فعلتِه الآن، يا آنسة إيفريت؟”
رفعت رأسي بعد أن ألقيت نظرةً سريعة على هاوارد، فوجدت ماركوس يحدّق بي بنظراتٍ حادة تبعث القشعريرة.
نظراته كانت باردةً لدرجة أنها بدت كأنها تخترقني.
يبدو أنه غاضب لأنني قطعت حديثه سابقًا ووقفت بينه وبين هاوارد.
“أوه، لا…..ما قصدته أن حالته ليست خطيرة فعلًا..…”
“وإن لم تكن خطيرة، فلا داعي لأن تقفي بيننا هكذا، أليس كذلك؟ لماذا تمنعينني من الاقتراب إذًا؟”
“أ-أعني..…”
تحركت شفتاي بتردد، ونظرت إلى نافذة النظام.
<القوة المقدسة لدى [هاوارد تشيلستون] ما زالت في طور الاستقرار.>
كانت النافذة لا تزال تعرض نفس الرسالة، ما يعني أن العلاج لم ينتهِ بعد.
‘……عليّ أن أُماطل قليلًا بعد.’
نظرت مجددًا إلى ماركوس، وعيناه كانتا أشد حدة من قبل، مما يعني أن الصمت لن يكون في صالحي.
لا أعلم…..
سأقول أي شيء الآن.
“الأمر…..له سببٌ يا جلالتك.”
“سبب؟”
رفع ماركوس حاجبًا واحدًا. و كانت نظرته تقول بوضوح: “دعيني أسمع هذا الهراء الذي ستتفوهين به”، ما جعل الخوف يتملكني.
…..لأن ما سأقوله حقًا يبدو هراءً.
“أعني، الأمر هو…..”
نظرت مجددًا إلى هاوارد.
ما الذي يمكنني قوله؟
شيءٌ يمكن أن يُقال بين العشاق. شيء يبدو طبيعيًا لو قلته أمام ماركوس.
بدأت أفكر بسرعة، وفجأة، كأنها معجزة، تذكرت حفل الشاي في القصر الإمبراطوري.
‘نعم! هذا هو!’
“لأني لا أريد أن يراه أحدٌ غيري!”
“……ماذا؟”
ارتسمت الدهشة على وجه ماركوس بسبب صراخي المفاجئ. لكنني لم أتراجع، بل تماسكت وتحدثت بشجاعة حتى النهاية،
“بعد المعركة، يكون الدوق تشيلستون رائعًا جدًا…..وأريد أن أكون الوحيدة التي تراه هكذا!”
____________________
تجنن😭😭😭😭 فجرتها البنت
ياعمري ياهاورد شكله استخدم قوته بقوه
وماركوس الزفت ذاه مستانس
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 59"