كانت نتيجة لعبة الرماية غير متوقعة. أعني، بشكلٍ جيد للغاية. و لا أعلم إن كان صاحب صالة الألعاب يوافقني الرأي.
بانغ.
بانغ.
هاوارد اجتاح صالة الألعاب حقاً. كان يصيب في كل طلقة الهدف الأعلى نقاطًا، ومع كل إصابةٍ كان وجه صاحب الصالة يزداد شحوبًا بشكلٍ واضح.
“إصـ……إصابة مباشرة.”
“إصابة……”
“إصااااا-”
“….…”
في النهاية، بدا أن صاحب الصالة لم يعد قادرًا حتى على إخراج صوته، وكان يبكي بصمتٍ تقريبًا.
وليس ذلك غريبًا، فقد بدأ هاوارد، بعد أن حصل على الجوائز الأعلى نقاطًا، في استهداف الجوائز ذات النقاط الأقل أيضًا.
مجزرة هاوارد تشيلستون للوحة الأهداف لم تتوقف إلا بعدما بدأ صاحب الصالة يتوسل باكيًا: “أرجوكَ، توقف الآن. سأغلق المحل اليوم.”
وأنا، التي كنت أصفق بحماس وأرفع الإبهام بجانبه، وجدت نفسي دون قصد أحصل على معظم جوائز هذه اللعبة.
‘……كم عددها بحق؟’
دمى، وإكسسوارات، وأسلحة بسيطة مثل المقاليع، وعدة ألعاب مختلفة……
كنت أحاول عد الجوائز، لكن عندما تجاوز العدد العشرين، استسلمت ببساطة.
فمن البداية، كان ما حصلنا عليه من جوائز كافيًا لبناء جبلٍ يصل إلى خصري، وهذا وحده يوضح كل شيء.
اليوم، ولأجل الاستمتاع بالمهرجان بالكامل، لم يأتِ خدم دوقية هاوارد معنا، فهل سنتمكن أنا وهو من حمل كل هذا وحدنا؟
نظرت تارةً إلى جبل الجوائز المتراكمة، وتارةً إلى هاوارد وهو يرتب بندقية الرماية، ثم فتحتُ فمي بلا وعي.
‘حقًا، هل هناك شيء لا يستطيع هذا الرجل فعله؟’
فجأة، شعرت ببعض الذنب تجاه صاحب صالة الألعاب. ربما كان عليّ أن أقترح عليه الرحيل من منتصف اللعبة.
لكن مشهد الجوائز المعلقة وهي تختفي واحدةً تلو الأخرى كان مشوقًا للغاية، ولم أتمالك نفسي……
‘على كل حال، يبدو أن هاوارد استمتع بالأمر كثيرًا أيضًا.’
كان بإمكانه التوقف في منتصف الطريق، لكنه أكمل حتى حصل على معظم الجوائز، وجعل صاحب اللعبة على وشك البكاء، مما يعني أنه كان مستمتعًا حقًا.
نظرت إلى هاوارد الذي كان يبتسم ابتسامةً خفيفة عند شفتيه، ويبدو أنه شعر بنظرتي، فالتفت إليّ.
بعكس المعتاد، كان هاوارد واقفًا تحت ضوء الشمس الساطع، وقد بدا متألقًا على نحوٍ استثنائي هذا اليوم.
رغم أنه اختار ملابس بسيطة كي لا يلفت الانتباه، قميصٌ أبيض، وبنطال بني، وسترة بنية، إلا أن كل ذلك لم يخفِ جماله.
في النهاية، يقال أن اكتمال الأناقة يكون بالوجه.
وبالفعل، لا شك أنه وسيمٌ للغاية. شعره الذهبي اللامع جميل، وعيناه تشبهان الأحجار الكريمة، ورموشه طويلة وكثيفة للغاية……
“ريكا؟”
كنت شاردةً أحدّق في وجه هاوارد، وعندما ناداني فجأة، انتفضت مفزوعةً واستعدت وعيي متأخرة.
يا إلهي، ما خطبي؟ ماذا أفعل الآن؟ هل نسيت لماذا خرجت اليوم؟
لا، الأهم من ذلك، ما الذي قد يظنه هاوارد بي!
“مـ.…مـ….ماذا؟”
وها أنا أتلعثم بالكلام أيضًا.
حاولت التماسك بأي شكل، لكن الضغط الذي شعرت به لأبدو طبيعيةً جعلني أتوتر أكثر فأكثر.
في النهاية، أدرت رأسي ناحية كومة الجوائز لأتجنب النظر إليه بشكل طبيعي. ولحسن الحظ، لم تصبح الأجواء محرجة، لأن هاوارد تحدث على الفور عن الجوائز.
“ماذا سنفعل بكل هذا؟ لا أظن أنه من العملي أن نحملها طوال الوقت.”
“حقًا……ماذا علينا أن نفعل؟”
كيف سنتمكن من التصرف بكل هذا الكم؟ كان يجب أن أفكر في العواقب قبل أن أندفع بهذا الشكل.
تأملت قليلاً ثم نظرت حولي. وبالفعل، كان أغلب الحضور من الأزواج، لكن العائلات كانت كثيرةً أيضًا.
وبينما كنت أراقب ذلك المشهد، خطرت لي فكرة جيدة.
“الأفضل أن تكون الأشياء مع من يحتاجها، أليس كذلك؟”
ويبدو أن هاوارد كان يفكر بنفس الطريقة، إذ إنه نظر إليّ وأومأ برأسه بخفة.
وبعد أن حصلت على موافقته، ابتسمت ابتسامةً مشرقة وصرخت بصوت عالٍ أمام الجوائز، لدرجة أن الجميع من حولي سمعني،
“خذوا ما تحتاجونه! مجانًا!”
***
نفدت الجوائز في لحظات. فقد اندفع الأطفال القريبون كما لو أنهم كانوا ينتظرون هذه اللحظة بفارغ الصبر.
وقفنا، أنا وهاوارد، نراقب الأطفال وهم يلعبون بالدمى والألعاب بوجوهٍ مليئة بالسعادة، ثم بدأنا نتجه نحو صالة ألعابٍ أخرى.
ومنذ تلك اللحظة، كنا نتصرف بحذرٍ أكثر، فلم تعد الجوائز تنفد من أي صالة ندخلها. وما نحصل عليه كنا نقدمه للأطفال القريبين منا.
وبعد أن تجولنا في عدة صالات ألعاب، بدأنا نشعر بالجوع، فتوجهنا إلى المطعم الأكثر ازدحامًا وتناولنا الطعام هناك.
وكانت الألعاب أكثر تنوعًا ومتعة ًمما توقعت، لذا استمررنا في التجول حتى بعد الانتهاء من الأكل.
ويبدو أن هاوارد كان قلقًا على كاحلي، إذ لاحظت عليه بعض ملامح القلق بين الحين والآخر، لكنني كنت بخير.
‘لا أذكر آخر مرة استمتعت فيها بهذا الشكل.’
خرجت اليوم في الأساس لأجعل هاوارد يستمتع، لكنني وجدت نفسي أستمتع بدوري وكأنني منجذبةٌ للسحر من دون وعي.
و يا للراحة، يبدو أن هاوارد أيضًا قضى وقتًا ممتعًا.
‘……سيحين وقت المساء قريبًا.’
رغم أن المهرجان يستمر حتى وقتٍ متأخر من الليل، إلا أن حرية هاوارد تنتهي بمجرد انتهاء الفحص، أي قبل ذلك بقليل.
شعرت بخيبة أمل، فقد مر الوقت أسرع مما توقعت. و كنت أتمنى أن نقوم بشيء مميز بينما الشمس لا تزال مشرقة، شيء يُخلّد هذا اليوم.
‘ألا يوجد شيءٌ كهذا؟ شيءٌ يخلّد الذكرى، شيء مميز……’
وبينما كنت أبحث بعينيّ بحماس في الأرجاء، وقع بصري على شخصٍ واحد لفت انتباهي.
قبعةُ رسم على رأسه، ولوحة ألوان مليئة بالطلاء في يده، ولوحةٌ قماشية على حامل خشبي أمامه.
رسام!
‘نعم! لا بد أن يكون هناك رسام واحد على الأقل في أي مهرجان!’
اقتربت من هاوارد وأشرت إلى الرسام بيدي بحماس.
“هاوارد! لندعه يرسمنا!”
“يرسمنا؟”
“نعم، سيكون من الجميل أن نخلّد هذا اليوم بشيءٍ ما.”
فما دامت الكاميرات غير متوفرةٍ هنا، فهذه هي أفضل وسيلةٍ بديلة.
يبدو أن هاوارد لم يتوقع أن يُرسم في مكان مثل هذا، فقد تردد قليلًا قبل أن يومئ برأسه موافقًا.
ابتسمت وتوجهت مع هاوارد نحو الرسام.
ولحسن الحظ، كان الزبون الذي قبلنا قد أنهى رسمته للتو وترك المكان، فأتى دورنا مباشرة، وقد أكد الرسام أنه بإمكانه رسمنا معًا، فبدأ العمل فورًا.
جلست أنا وهاوارد جنبًا إلى جنب على المقعد الخشبي.
كان كل شيء يسير بسلاسة. إلى أن واجهتنا مشكلةٌ غير متوقعة.
“آنسة! ابتسمي أكثر قليلًا من فضلكِ!”
“آه، حـ….حسنًا!”
“قليلًا فقط! حتى أستطيع رسمكِ بشكلٍ جميل!”
“حـ….حسنًا.…”
أجبت بسرعة ورفعت زاويتي شفتيّ. لكن ابتسامتي لم تخرج طبيعيةً كما يجب.
كان السبب أن عدد المارة أمامنا كان أكثر مما توقعت، ما جعلني أشعر بالتوتر كلما حاولت الابتسام.
شعرت وكأن كل من في المهرجان ينظر إليّ وحدي.
‘آه……ماذا أفعل الآن؟’
نظرت خلسةً إلى هاوارد. و كان يبتسم بهدوء وبشكلٍ طبيعي تمامًا، لكنه حين شعر بنظرتي التفت إليّ وسألني،
“ما الأمر؟”
“لا شيء……فقط، لقد أدركت أنكِ حتى في موقف كهذا تبدو رائعًا.”
تمتمت بتلك الكلمات، فضحك هاوارد بخفة.
وعندما رآه الرسام يبتسم، رفع إبهامه بحماس وقال إن هذه أفضل لحظةٍ على الإطلاق.
آه، يا لهذا العالم الظالم.
‘حسنًا، سأبتسم أنا أيضًا بشكل لائق……ها؟’
أملت رأسي قليلًا باستغراب. فقد شعرت بشيء يلمس كاحلي للتو.
كان أنعم من أن يكون ورقة شجر، ويبدو أن عليه بعض الفرو، وكان يتحرك كما لو أنه حي.
لكن الأهم هو الصوت الخافت الذي سمعته بجانب أذني.
“تسي تسيي.”
……لا يمكن.
حاولت نفي الأمر عن ذهني، لكن “ذلك الشيء” التصق بساقي مرة أخرى. ولم أعد أملك وقتًا للتفكير بعدها.
“آآااه!”
صرخت وقفزت من على المقعد. وفوجئ هاوارد بحركتي المفاجئة، فنهض بدوره، وأمسكني عندما بدأت أفقد توازني بسبب كاحلي المصاب.
“ما بكِ؟ ريكا؟”
لكن “ذلك الشيء” كان لا يزال قريبًا مني. فصرخت بصوتٍ أعلا، ودموعٌ تكاد تتجمع في عيني،
“فأر! تحتي فأر!”
لماذا يوجد فأرٌ في مكانٍ كهذا بحق؟ أنا أكره الفئران أكثر من أي شيءٍ في هذا العالم……
كانت هذه الحالة المرعبة التي ألمّت بي مزعجة جدًا لدرجة أن الدموع تجمعت في عيني.
أراد هاوارد أن ينظر إلى الأرض، لكنه حين رأى مدى خوفي، قرر أنه لا فائدة من ذلك، ورفعني على الفور بين ذراعيه كما لو كان يحمل أميرة.
وتعلّقتُ بعنقه بسرعة، متمسكةً به بشدة، خوفًا من أن يلمسني “ذلك الشيء” مرة أخرى.
وبينما كنت أصرخ وأُحدث جلبة –
“آه! ها هو هناك!”
أشار أحد الأطفال نحونا بإصبعه وهو يصرخ.
_______________________
شالها؟ ههههاهاهاععاا احب حنيته معها يانااااس🤏🏻
الورع الي جا شكله يلاحق الفار بعد هو؟
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 56"