“حسنًا، سأفعل ذلك.”
أومأ هاوارد برأسه عن طيب خاطر.
كنت قلقةً من أنه قد يرفض، لكن لحسن الحظ لم يفعل. و بما أنني وصلت إلى هذه المرحلة، هل أطلب معروفًا آخر؟
“وبالمناسبة، إن ظهرت وصيةٌ جديدة، هل يمكنكَ أن تخبرني بها أيضًا؟”
“الوصية؟ لماذا فجأة؟”
لأن الوصية تعتبر إشعارًا رسميًا في <عالم الفانتازيا>.
أنا فقط آمل أن تلغي شركة اللعبة سياستها المتعلقة بحذف “الحسابات التي مرّ أكثر من أربع سنوات على تحويلها إلى وضع السكون”.
لكن لم يكن بإمكاني قول هذا صراحةً لهوارد. لأن كوني نوكس كان سرًا أخفيه عنه.
في النهاية قررت أن أقدم سببًا يبدو مناسبًا.
“مهما حاولت أن أتجنب بروتور، لا مفر من مواجهته طالما أنني مجرد حسابٍ جانبي له. فكرت أن ربما تخبرني الوصية بطريقةٍ لقطع هذه الصلة.”
كانت كذبةً ارتجلتها في هذه اللحظة، لكنها بدت منطقيةً أكثر مما توقعت.
لو أن هناك وصيةً حقيقية تخبرني بذلك، سيكون أمرًا رائعًا.
فلو انقطعت صلتي ببروتور، فسيزول نصف الضغط النفسي الذي أعانيه حاليًا.
“فقط أخبرني بأي شيءٍ وكل شيء، مهما كان.”
“حسنًا، فهمت.”
أومأ هاوارد برأسه بخفة. ثم سرعان ما تابع وكأنه تذكّر شيئًا.
“بما أنكِ ذكرت الوصية، تذكرت واحدةً وصلت قبل بضعة أيام. إنها مهمة في <عالم الفانتازيا>، لكن لا تأثير لها في هذا العالم، لذا لم أُخبر أحدًا بها.”
“ما هي؟”
كنت أميل برأسي في حيرة من كلماته الغامضة.
دينغ-!
حين رنّ صوت تنبيه النظام في أذني.
‘تنبيه؟ ما الذي يجري فجأة؟’
استدرتُ بدهشة، وإذا بنافذة النظام تطفو في الهواء أمامي. فبدأت أقرأ ما هو مكتوبٌ فيها.
<سيبدأ قريبًا الفحص الدوري الواسع النطاق لـ<عالم الفانتازيا>!
ابتداءً من الآن وحتى الساعة التاسعة مساءً، سيتوقف النظام عن العمل.>
‘إشعار لعبة مهم في <عالم الفانتازيا>، لكن لا تأثير له في هذا العالم لذا لا حاجة للإعلان عنه.’
عندها فقط فهمت ما كان يقصده بكلامه الغامض.
‘كنت أظنه أمرًا كبيرًا……لكن اتضح أنه مجرد يوم الفحص الدوري الشامل.’
حقًا، ما دام الأمر لا يتضمن إعلان التغييرات بعد انتهاء الفحص، فلا حاجة لنشر وصيةٍ تقول أن الفحص سيبدأ.
فحتى لو بدأ الفحص، فلن يشعر معظم الناس بأي تغيير. فقط عددٌ قليل جدًا من الأشخاص يمكنهم ملاحظة هذا الفرق.
أعني، أولئك الذين كانوا على دراية بالنظام مسبقًا. هاوارد، أوديا، والملك الشيطاني. هؤلاء الثلاثة من الشخصيات غير القابلة للعب.
ثم هناك شخصيات نادرة مثلي ومثل بروتور، ممّن أدركوا وجود النظام ويعرفون كيفية استخدام وظائف اللعبة.
دينغ-!
<يبدأ العد التنازلي لانطلاق الفحص الدوري الشامل!
60
59
.
.
.
3
2
1
0>
دينغ-!
<بدأ الفحص الدوري لعالم الفانتازيا. تم الآن إيقاف تشغيل النظام.>
صدر صوتٌ مزعج من نافذة النظام وهي تنطفئ تمامًا.
اتضح أن موعد الفحص الدوري الشامل، الذي يُجرى مرةً كل نصف سنة، قد حل فعلًا.
كنت قد نسيت الأمر تمامًا بسبب كثرة الأحداث الأخيرة.
حاولت للحظة فتح النظام. لكن مهما فعلت، لم تظهر نافذة النظام. حتى أصوات التنبيهات المألوفة التي كنت أسمعها باستمرار لم تعد تُسمع.
وكأن هذا العالم لم يكن فيه شيء اسمه “نظام” من الأساس.
ارتسمت ابتسامةٌ خفيفة على وجهي من دون أن أشعر.
صحيح أن هذه لم تكن الوصية التي كنت أترقبها، لكن مع ذلك، فإن الوقت الذي أتحرر فيه من قيود النظام يُعد وقتًا ثمينًا للغاية.
نظرت إلى هاوارد بوجهٍ أكثر إشراقًا،
“وماذا ستفعل الآن يا هاوارد؟”
يوم الفحص هو اليوم الوحيد الذي أستطيع فيه أنا وهاوارد التحرر من النظام. إنه اليوم الذي يمكننا فيه اتخاذ خيارات أو القيام بأفعالٍ لم نكن نستطيع فعلها عادةً بسبب القيود.
كان من المؤكد أن هاوارد قد علم مسبقًا بموعد يوم الفحص، فلا بد أنه وضع خطةً ما. وإذا بدت ممتعةً، فسأطلب الانضمام إليه.
فأنا كنت مشغولةً بكسب المال طوال الوقت ولم أستمتع بيوم الفحص من قبل، لذا لا بأس في أن أصنع بعض الذكريات اليوم.
نظرت إلى هاوارد بعينين مليئتين بالتوقع والحماس. لكن هذا الحماس لم يدم طويلًا قبل أن يتحطم تمامًا.
“آه، سأعود الآن إلى المعبد.”
“ستعود إلى……العمل؟”
“نعم. كنت قد خرجتُ للحظةٍ فقط، لأحضر بعض الملفات التي نسيتها، ولأبلغكِ بشأن خطاب رسمي وصل من القصر الإمبراطوري.”
……ما هذا الكلام غير المعقول؟ هل يقول إنه سيذهب إلى العمل في يوم الفحص؟
“هاوارد……أطرح هذا السؤال فقط للتأكد. أنت تعرف ما هو يوم الفحص، صحيح؟ وتعرف أننا لا نخضع لتحكم النظام من الآن وحتى نهاية الفحص، أليس كذلك؟”
“أجل، أعلم.”
“ومع ذلك، تنوي الذهاب إلى المعبد؟”
“……أليس مسموحًا لي؟”
سألني هاوارد بابتسامة محرجة على وجهه. فأجبته وأنا أبتسم بلطف.
“بالطبع لا يمكنكَ ذلك.”
“….…”
“لا تقل لي أنكَ كنت تذهب إلى المعبد في كل يوم فحص؟ دون أن تأخذ أي استراحة؟”
هاوارد لم يُجب بشيء. و بقي صامتًا تمامًا. لكن من خلال هذا الصمت، أدركت أن كلامي كان صحيحًا.
شعرت بالدهشة حتى أن فمي انفتح قليلًا دون قصد.
يا إلهي، كيف يمكن لهذا أن يكون حقيقيًا؟ حتى لو كنت أنا لا أفهم، ألا يفترض أن هاوارد يفهم ذلك؟
لأن……
‘اليوم هو اليوم الذي، أينما كنت، حتى لو لم تكن في المعبد، لن تتلقى أي عقوبة.’
غياب تأثير النظام يعني ذلك تمامًا. وبالنسبة لهاوارد، الذي لا يمكنه مغادرة المعبد في النهار، فهذا الوقت يجب أن يكون بمثابة حلمٍ تحقق.
فلماذا إذًا؟
عندما نظرت إليه بعينين تملؤهما الحيرة، ابتسم هاوارد ابتسامةً خفيفة مصحوبة بصوت تنفّس حزين.
“لا أعرف……فقط لم أشعر أن هناك حاجةً لذلك.”
لكن على عكس الابتسامة، كانت عيناه الحمراوان، الموجهتان نحوي، مليئتين بمرارةٍ غريبة.
“على أي حال، بمجرد انتهاء الفحص، علينا العودة إلى حياتنا المعتادة. الحرية التي لها مدة صلاحية……لا أعتقد أنني أستطيع الاستمتاع بها حقًا.”
“أي كلامٍ هذا؟”
هذا أشبه بأن يقول لي أحدهم: “بما أنكِ تعرفين متى ستموتين، فلا داعي لأن تستمتعي بأي شيء.”
صحيح أن هاوارد لا يعرف ظروفي، وحتى لو كان يعرف، لما قال هذا الكلام بتلك النية، لكن بالنسبة لي كان وقعه مشابهًا.
فقط لأن النهاية محددة، لا يعني أنه يجب علي أن أبقى مكتوف اليدين. هذه الفرصة ثمينةٌ للغاية.
نظرت إلى هاوارد واتخذت قراري.
هاوارد تشيلستون.
“هاوارد، سمعتُ أن هناك مهرجانًا يُقام هذه الأيام في الساحة المركزية.”
اليوم، سأجعل هذا اليوم لا يُنسى بالنسبة لكَ.
“هل يمكنكَ أن تذهب معي؟”
***
تردد هاوارد قليلًا عند سماع كلامي، لكنه في النهاية قرر أن يأخذ إجازةً لهذا اليوم ويذهب معي إلى المهرجان.
فكرت أن إقناعه بالراحة لن يجدي، لكن إبقاءه بجانبي كوصيٍ لا عمل له بينما ألهو أنا، سيكون حلًا أنسب. ويبدو أنني كنتُ على حق.
لأنه لو اقترحت أن يأخذ قسطًا من الراحة بمفرده، لعاد إلى المعبد على الأرجح. لا، بل من المؤكد أنه كان سيفعل ذلك.
وللاستمتاع بالمهرجان كما يجب، غيرنا ملابسنا أنا وهاوارد إلى ملابس بسيطة لا تثير الانتباه.
وبما أنني أصبحت قادرةً على المشي بسهولة أكبر، فلم آخذ العكازات معي.
آه، بالطبع، قبل أن نذهب إلى المهرجان، مررنا بالمعبد لتقديم إجازةٍ لهاوارد.
كنت قلقةً قليلاً لأننا قدمنا الإجازة في نفس اليوم، وكان قد يخشى أنه لن يتم التعامل معها بسرعة، لكن لحسن الحظ تم الأمر بسرعة.
بل على العكس، حتى أن الفرسان الآخرين رحبوا به قائلين: “هل سيدنا سيأخذ إجازةً أخيرًا؟”
وفي تلك اللحظة، سمعت خبرًا صادمًا. كانت أول إجازةٍ لهاوارد لأسباب شخصية.
……كيف يمكن أن يكون هذا ممكنًا؟ هل هذا الرجل إنسانٌ بالفعل؟
“ماذا تريدين أن تفعلي أولًا؟”
كان هاوارد يلتفت حوله ويسأل باستمرار. و يبدو أنه لا يستطيع تحمل الشعور بالغربة لكونه في الخارج بحرية تحت الشمس.
رؤيته على هذا الحال أثارت في قلبي مشاعر الشفقة.
كم من الوقت عاش هكذا؟
‘حسنًا، من أنا لأشفق على أحد وأنا في وضعي هذا، الشخص الذي يعرف متى تنتهي حياته……’
فجأة، اقتحمتني الحقيقة القاسية. لكنني سرعان ما هززت رأسي بشدة قبل أن تسيطر عليّ تلك الأفكار السلبية.
لن أفكر هكذا. فاليوم قررت أن أستمتع. حتى من أجل هاوارد.
‘لنرَ، ما الذي يمكن أن يجعله سعيدًا؟’
أخذت أنظر بسرعةٍ حولي، وفجأة لفت انتباهي ملعبٌ للرماية غير بعيد. يبدو أنه يمكن للمرء أن يربح جوائز حسب النقاط التي يحصل عليها من إصابة الأهداف.
أوه، هذا يبدو جيدًا.
“هاوارد! هيا بنا!”
أمسكت بيده وبدأت أمشي نحو ملعب الرماية.
و كانت حرارة يده دافئة. مثل ضوء الشمس الساطع.
______________________
يختي واضح انت شمسه ااااااااااا
اخيرا موعد زي الناس ✨
لو يقاطعهم احد لأخليه يشوف نجوم الظهر 😘
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 55"