بمجرد أن سمعتُ ذلك الاسم، عرفت.
الشخص الذي قال فريدريك أنه سيأتي ليصطحبه لم يكن سوى بروتور إيتينتيا، وكانت زيارة فريدريك لي اليوم لمجرد ترتيب هذا اللقاء.
بالطبع، مشاعر فريدريك القلقة عليّ حقيقية.
‘حقاً، الكبار هم المشكلة.’
هل يريدون الذهاب إلى هذا الحد حتى لو كان باستخدام طفل؟
لم أفهم أبداً لماذا يريدون بشدة أن أجتمع أنا وبروتور.
خرجت تنهيدةٌ من أعماقي تلقائياً. و ربما لاحظ فريدريك أن تعابير وجهي لم تكن جيدة، فرسم حاجبيه بحزن وهو ينظر إليّ من جانبي.
“آنسة إيفيريت، ما بكِ؟ هل تتألمين؟”
“لا، لا شيء. أعتقد أنني فقط حزنت لأن وقت رحيل سموّك قد اقترب.”
طمأنتُ فريدريك ثم أدرتُ وجهي عنه.
هاه…..لا أطيق حتى رؤية وجهه، لكن ماذا بوسعي أن أفعل؟
ففي النهاية، بما أن بروتور جاء بحجة اصطحاب فريدريك، فرفضه تماماً سيكون غريباً.
“تفضل بالدخول.”
بمجرد أن أذنتُ، فُتح باب غرفة الاستقبال. ومن خلاله ظهر رجلٌ مألوف.
عيناه الخضراوان اللتان تقعان تحت شعره الأحمر المموج قليلاً، انحنتا بلطفٍ عندما نظر إليّ.
“مرحباً مجدداً، آنسة إيفيريت.”
يبدو أنه استخدم أسلوب الاحترام لأنه أدرك وجود أشخاصٍ من حوله، وكأنه يحاول أن يكون مهذبًا بطريقته.
لكن لا حاجة لمثل هذا الاهتمام، كنت فقط أتمنى لو يختفي من أمامي.
“هل أتيتَ لاصطحاب سمو الأمير؟”
“بما أن جلالة الإمبراطور طلب مني ذلك، فيمكن القول نعم..…”
توقف بروتور قليلاً عن الكلام ثم نظر إليّ وأنا جالسة على أريكة غرفة الاستقبال، و كانت عيناه تتجهان نحو كاحلي المصاب.
“كما أنني كنت قلقًا بشأنكِ، وأردتُ الاطمئنان على حالتكِ.”
“كما ترى، أنا بخير. أظن أنه من الأفضل أن تصطحب سمو الأمير وتعود، فلا بد أنكَ مشغول.”
عندما نطقتُ بجفاف، شعرتُ بنظرة فريدريك تصيب جانب وجهي.
لكن لم يكن لدي وقتٌ لأواسيه الآن. فكل ما أردته هو أن أُبعد بروتور بأي وسيلة.
ضحك بروتور بخفة، وكأنه فهم تمامًا ما في قلبي، ثم أجاب،
“لا بأس. لدي متسعٌ من الوقت. كما أنني أرغب في الحديث معكِ قليلًا.”
حين ردّ بروتور على إشارتي غير المباشرة بطرده بهذه البساطة، شعرتُ بغصةٍ في حلقي.
ماذا قال؟ لديه وقت؟
‘أنت وحدكَ من تملك ذلك.’
فأنت لديك المال والوقت، أما أنا فقد أصبحت فجأةً في حكم ميؤوس منه ولم يتبق لي من عمري حتى سنة.
ليس لدي وقتٌ لأهدره في التفكير بك……لا، لحظة فقط.
كنت أتمتم بغضب في داخلي حين توقفت فجأة. و ذلك لأني أدركت أمراً مهماً بشكلٍ مفاجئ.
‘الآن بعد أن فكرت في الأمر، أليس بروتور في نفس وضعي؟’
بروتور هو الشخصية الأصلية، وأنا الشخصية الثانوية. وبما أنني، كلاعب، لم أتمكن من الدخول في هذا العالم ولعب <عالم الفانتازيا>، فلا بد أن بروتور أيضاً لم يتلقَ وصية المعبد، وأصبح “نوكس” مثلما أنا الآن.
“لم أفكر في هذا أبداً حتى الآن.”
مع أنه أمرٌ بديهي تماماً، لماذا لم يخطر ببالي؟
وبينما كنت غارقةً في هذا الإدراك المفاجئ، بدأ رأسي يؤلمني فجأة. وازدادت حدة الصداع بمجرد أن حولت نظري نحو بروتور.
وضعت يدي على جبيني للحظة ثم أزلتها عندما خف الألم، وفي داخلي أطلقت شتيمة.
…..تباً.
على ما يبدو، هو صداع ناتج عن التوتر. فأن يبدأ رأسي بالألم فقط لمجرد رؤية وجه بروتور إيتينتيا!
‘على أي حال، فهو أيضاً في وضع مَحدود الأجل مثلي، أليس كذلك؟’
عندما فكرت في الأمر بهذا الشكل، بدا الأمر غريباً بعض الشيء.
لا أعرف السبب، لكنني كنت أظن بشكل غامض أن بروتور سيعيش طويلاً. ربما بسبب هدوئه الزائد ذاك.
‘بالفعل، لا يبدو عليه أبداً أنه شخص حُكم عليه بالموت قبل فترةٍ قصيرة.’
أنا على الأقل اعتدتُ على الأمر بطريقة ما بسبب الحياة البائسة التي عشتها، لكن بروتور ليس كذلك.
بدلاً من مطاردتي هكذا، ألا يجدر به أن يبحث عن طريقةٍ للنجاة؟ لديه المال والسلطة، لا بد أن أمامه خيارات أكثر مني.
أو ربما…..
‘هل يمكن أنه قد وجد بالفعل وسيلةً للنجاة؟’
الاحتمال ليس مستحيلاً. لكما قلت قبل قليل، بروتور إيتينتيا يملك ما لا أملكه، من نفوذٍ ومال وفير.
وفوق ذلك، أنا مقيدةٌ بشرط ألا يكتشف هاوارد، الموجود بجانبي، حقيقتي.
أما بروتور، فربما يملك خدمًا ومساعدين عديدين، وقد يكون بالفعل توصّل إلى وسيلةٍ للبقاء على قيد الحياة لم أتمكن أنا من العثور عليها.
نظرتُ إلى بروتور وبدأتُ أحرك شفتيّ بتردد.
ما العمل؟
‘هل أسأله مباشرة عندما نكون وحدنا؟’
فهو على الأرجح يعرف سري، أنني نوكس. وربما لهذا السبب تحديداً يردد ذلك الكلام السخيف عن أنه يجب علينا أن نكون “واحداً”.
وربما…..ربما يمكنني حقاً النجاة.
ربما لن أضطر بعد الآن للقلق بشأن ما سيحدث لي بعد عشرة أشهر.
تلك الكوابيس التي تراودني ليلاً أيضاً، ربما تختفي أخيراً…..
“آنسة إيفيريت! هل أنتِ بخير؟”
اخترق أذني صوتٌ أعلى من صوت بروتور. وفي اللحظة نفسها، انقطعت أفكاري التي كانت تتوالى بلا توقف.
عندما أدرت رأسي إلى الجانب، كان فريدريك ينظر إليّ بعينين مليئتين بالقلق، وحاجباه مرتخيان.
وعند رؤيته، شعرت أخيرًا أنني أستعيد وعيي.
‘…..فلأهدأ قليلاً.’
فحتى لو سألت بروتور، لا يوجد أي ضمانٍ أنه سيجيبني بصراحة. وقد ينتهي بي الأمر بأن أكشف له نقطة ضعف دون قصد.
‘…..على أي حال، كنت أنوي فتح الحديث بطريقة أو بأخرى.’
فقد أصل إلى مبتغاي من خلال حوار آخر. رغم أنني لا أرغب في ذلك فعلاً.
ابتسمتُ لفريدريك لأطمئنه أنني بخير. ثم أدرت رأسي نحو بروتور وفتحت فمي،
“هل تودّ تناول الشاي قبل أن تذهب؟”
***
في لحظات، تم ترتيب مجلس شاي في غرفة الاستقبال.
وكان فريدريك قد غادر مع من جاء برفقتهم.
وبما أن بروتور جاء أصلاً لأخذ فريدريك، فقد أصبح الوضع غريبًا بعض الشيء، لكن لا هو ولا أنا أشرنا إلى ذلك بكلمة.
على أي حال، كانت تلك مجرد ذريعة، وبروتور لا بد أنه يعلم أنني قد أدركت ذلك.
وبحجة أن الحديث مهم، تم صرف جميع الأشخاص، فبقينا أنا وبروتور وحدنا داخل غرفة الاستقبال.
رفع كوب الشاي الموضوع أمامه، وهو جالس في الجهة المقابلة لي. ثم ارتشف القليل من الشاي و تحدث،
“تعالي معي، ريكا.”
“واو..…”
“لماذا؟ هل فاجأكِ كلامي لأنه لم يكن ما توقعتِه؟”
“لا، العكس تمامًا. فاجأني لأنه مطابقٌ تمامًا لما توقعت.”
لم أكن أظن أنه سيقولها فعلًا، لكن ها هو ذا.
لا بد من القول إن هذا مستوى مذهلٌ من التعلق. فشخص يستغل حتى الإمبراطور نفسه كذريعة لرؤيتي، لن يتردد في قول شيءٍ كهذا.
“…..بهذا الشكل، لن يكون غريبًا لو اختطفني في النهاية.”
تمتمتُ بها دون قصد، لكن بروتور التقط كلماتي رغم خفوتها، فانحنت أطراف عينيه بابتسامة،
“هل تطلبين مني خطفكِ؟ سأستعد لذلك.”
“لا! قطعًا لا!”
أنكرت بشدة، فانفجر بروتور ضاحكًا. ثم وضع كوب الشاي مجددًا وفتح فمه،
“كنت أمزح فقط. لا أنوي فعل ذلك. لا معنى لأخذكِ بالقوة.”
طَق-
رنّ صوت ارتطام قاع كوب الشاي بالصحن.
“المهم هو أن تأتي إليّ برغبتكِ.”
قال بروتور ذلك وهو يبتسم لي.
كانت ردة فعله أكثر اتزانًا مما توقعت. مختلفةً تمامًا عن تصرفه في حفلة قصر الكونت حين حاول منعي من المغادرة.
‘هل طرأ عليه تغييرٌ في مشاعره أو أفكاره؟’
حدّقت فيه بعينين ضيقتين، وكأنه قرأ أفكاري فبادر بالكلام.
“صحيح، لقد غيرت خطتي. سأكسب قلبكِ أولاً، ثم آخُذكِ معي.”
“ولماذا هذا التغيير المفاجئ؟”
“لأنني لم أتحمل رؤيتكِ تخرجين من نطاق رؤيتي وتذهبين بنفسك إلى هاوارد تشيلستون. لا يمكن أن يتكرر موقفٌ كهذا مجددًا.”
عينيه الخضراوان لمعتا ببرودةٍ قاتلة. لدرجة جعلت جسدي يرتجف لا إراديًا.
‘كنت أشعر بهذا من قبل، لكن لماذا يكره هاوارد إلى هذا الحد؟’
الأمر غريبٌ بعض الشيء إن كان فقط لأن هاوارد معروفٌ بأنه حبيبي.
هل كان يعرفه من قبل؟..…آه، لا أدري.
هناك الكثير مما يجب أن أفكر فيه.
تنهدت وسألته،
“وهل تنوي الاستمرار في ملاحقتي بهذا الشكل؟”
“بالطبع.”
“حتى أقول لكَ أنني سأذهب إليكَ؟”
“نعم.”
أجاب بروتور فورًا وأضاف بسرعة،
“على أي حال، لا أعتقد أن الأمر سيستغرق وقتًا طويلاً. في النهاية، أنتِ ستأتين إليّ قريبًا. الشخصية الرئيسية والشخصية الفرعية هما هكذا عادة.”
…..حقًا، هذا لا يطاق. لماذا من الصعب جدًا العيش بسلام؟
بدأ صداعٌ جديد في رأسي.
سواء كان يعرف حالتي أم لا، بدا أن بروتور قرر أن يقنعني الآن، وبدأ يعرض العديد من الاقتراحات.
“على عكس حبيبكِ المزيف الذي لا يستطيع الخروج من المعبد حتى الساعة 8 مساءً، أنا أستطيع التجول بحرية. يمكنني أن آخذكِ في رحلاتٍ إلى أماكن عديدة.”
“…….”
“ماذا عن مغادرة إمبراطورية فيدوس والذهاب إلى بلد آخر؟ سمعت أن مملكة ستون في الجنوب تتمتع بمناظر بحرية جميلة، فلنذهب إلى هناك هذا العام. وفي شتاء العام المقبل، يمكننا زيارة الجبال الثلجية في الشمال. ألا يبدو ذلك جيدًا؟”
…..شتاء العام المقبل.
بينما كنت أسترجع كلمات بروتور المعسولة، أدركت غريزيًا أنها فرصة مثالية لاختباره.
“هل تعتقد أنه يمكنني الذهاب إلى الجبال الثلجية في ذلك الوقت؟”
____________________
ويت ليه قعدوا سوا مب عاى كيفهم
بروتور لو انه بطل كان تقبلته شخصيته الجديده حلوه بس سالفة انه ماساعدها يوم أوديا تحتضر مستحيل تخليه بطل الزفت
المهم بليز ياهاورد تعال بسرعه 😔
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 50"