اللحظة التي أدركتُ فيها تلك الحقيقة، لم يكن الشعور الأول هو اليأس، بل كان استسلامًا مألوفًا إلى حد القشعريرة.
‘……مرةً أخرى.’
لقد سُلب مني مجددًا.
السوار الذي كان في كف هاوارد انغرس في عيني. السوار الذي أُتلف بمجرد أن وصل إليّ. الأحرف الأولى التي اختفت تمامًا.
لو فكّرت في الأمر، لقد كان الأمر دائمًا على هذا النحو. أيًا كان الشيء، في النهاية كان يفلت من يدي.
مهما حاولت أن أتفهمه، وكأن ذلك هو المسار الطبيعي للأمور. وكأن النهاية التي أُعطيت لي لا خيار فيها سوى هذا.
‘ألا ينبغي لي أن أملك حتى هذا السوار؟’
إنها الذكرى الوحيدة المتبقية لي من أوديا في هذا العالم. الدليل الوحيد على أن هناك من كان بجانبي ذات مرة.
“ها هو. ريكا، هذه هدية ميلادكِ. هل أعجبكِ؟”
“أنا من صنعته بنفسي. لا يوجد له مثيلٌ في العالم.”
لم أكن أطمع بالكثير. في عالمٌ يُسلب فيه مني كل شيء عند منتصف الليل، ولم يتبقَ لي فيه شيء أملكه بحق، كان هذا أول شيءٍ رغبت في امتلاكه.
“……ربما كان عليّ أن أتعامل معه بحذر أكبر.”
همست بتلك الكلمات من بين شفتيّ.
المزاج الذي كان يحلق بي حتى قبل لحظاتٍ انهار فجأة وارتطم بالقاع، تمامًا مثل ذلك السوار الذي فقد شكله الأصلي.
“كنت منشغلةً كليًا فقط بفكرة أن عليّ استعادة السوار، ولم يخطر ببالي أنه قد يتلف.”
إنه خطئي. مهما حاولت، لم أستطع إنكار هذه الحقيقة.
حاولت أن أبتسم قسرًا،
“ربما كنتُ جشعةً أكثر من اللازم. هاهاها…….”
لو أن بروتور ظل محتفظًا به، لظل على الأقل محافظًا على شكله. لا، حتى لو لم أسترده بهذا الشكل اليوم، لما حدث هذا على الأرجح.
لو كنتُ أعلم أن الأمر سيؤول إلى هذا……
“كان من الأفضل ألا أبحث عن السوار. أليس كذلك؟”
أشعر وكأنني أتلقى عقابًا.
جئت إلى أوفلين فقط لأنتقم من شخصيتي الأصلية، وطمعًا بشيءٍ لم يكن من المفترض أن أمتلكه.
والآن لم تعد أوديا موجودةً في هذا العالم، ولا يمكن صنع سوارٍ آخر مثله.
الابتسامة التي كنت أرفعها قسرًا بدأت تذبل تدريجيًا.
‘نعم، اكتشفتِ هذا الآن فقط؟ انظري إلى ساقيك. لهذا السبب تعرضتِ للأذى.’
صوتٌ ساخر همس بجانبي، كأنه هلوسة.
أخفضت يدي التي كانت تمسح شعر هاوارد في صمت.
لا، في الحقيقة، كنتُ على وشك فعل ذلك. لو لم يكن صوت هاوارد قد صدح في اللحظة التالية.
“لماذا تفكرين بهذه الطريقة؟”
يدٌ كبيرة أمسكت بأحد معصميّ حين كنت على وشك إنزاله. و كانت اليد التي لا تحمل السوار.
“هذا السوار هديةٌ تلقيتها، أليس كذلك؟ لذا، سواءً تلف أم لا، فإن وجوده معكِ هو ما يمنحه المعنى.”
“….…”
“هل الشخص الذي أهداكِ هذا السوار، سيندم لأنه أعطاكِ إياه فقط لأنكِ أفسدتِه؟ لو كان يعرف ما سيحدث في المستقبل، هل تعتقدين أنه ما كان ليقدمه لكِ؟”
“……لا.”
أوديا لم تكن لتفعل ذلك. كانت ستضحك برفقٍ وكأنها تقول: ولم تهتمين بأمرٍ تافه كهذا؟
كانت هي ذلك الشخص الذي كانت تتمنى دائمًا أن تبقى الأشياء التي أملكها في أفضل حالاتها، وكانت تأخذ السوار والملابس عند منتصف الليل كل يوم لتفحصها وتهتم بها.
‘في ذلك الوقت، كنت أظنها تبالغ في حرصها…..’
انتظري لحظة…..كل يومٍ عند منتصف الليل؟
فجأة، داهمني إدراكٌ كالصاعقة.
كيف كنت أستطيع أن أحتفظ بالسوار الذي أهدتني إياه، في حين أن كل شيء يُسلب مني عند منتصف الليل ويذهب إلى بروتور؟
‘كانت تعرف، أليس كذلك؟’
كانت تعرف أن الأشياء التي أملكها تختفي أمام عيني عند منتصف الليل.
ربما لأن أوديا، مثل هاوارد، كانت أيضًا شخصية غير قابلة للعب.
لا أعرف إن كان ذلك ممكنًا لكل الشخصيات العاديين، أم فقط لأولئك الذين يعرفون عن النظام، لكن هذا لم يكن مهمًا الآن.
ما يهم هو شيءٌ واحد. أن أوديا كان تعتز بي إلى ذلك الحد.
تحدثتُ بصوتٍ أعلى قليلًا من قبل،
“لا، كانت ستعطيني إياه. هي بالتأكيد كانت ستفعل ذلك.”
“صحيح.”
ابتسم هاوارد ابتسامةً خفيفة.
“إذاً، يمكنكِ أن تفرحي دون قلق. لقد استعدتِ شيئًا ثمينًا.”
أخيرًا، أطلق هاوارد سراح معصمي، ومدّ نحوي يده التي كانت تحمل السوار قليلًا أكثر.
عندما جلست على السرير ببطء وجمعت يديّ بحذر، وضع هاوارد السوار فوقهما برفق.
“بحالته الحالية، يبدو من الصعب استخدامه كسوار، لذا عندما نعود إلى القصر، سنستدعي صائغًا. وسنحاول تعويض الجزء المفقود بأقرب زينةٍ مشابهة قدر الإمكان.”
“….…”
“سأساعدكِ على إصلاحه.”
“……شكرًا لكَ. أنا، حقًا، حقًا سعيدة.”
عند همسي بهذه الكلمات، انحنت عيناه الحمراوان بلطف.
“اعتني به جيدًا من الآن فصاعدًا، حتى لا تفقديه مجددًا.”
راقبتُ هاوارد وهو يبتسم بصمت، ثم تحدثت،
“هاوارد.”
“نعم؟”
“هل يمكنكَ أن تمد يدكَ للحظة؟”
رغم أن طلبي كان مفاجئًا، بدا هاوارد متعجبًا فقط دون أن يعترض، ومد لي إحدى يديه.
سكبت السوار بعناية في راحة يده. فانعقد حاجباه قليلًا.
“لقد انقضى منتصف الليل الآن، لماذا تعيدينه إليّ….”
“لأني أريدكَ أن تحتفظ به.”
وحين سحبت يدي بعد أن سلمته السوار، راحت إحدى الجواهر تتأرجح بخطورةٍ على حافة كفه. و فزعًا من أن تسقط، سارع هاوارد إلى رفع يده الأخرى ليلتقطها.
ضحكتُ بخفّة على هذا المشهد. و شعرت أن مزاجي بدأ يتحسن قليلًا.
“على أية حال، لم أكن لأنقله معي. فأنا قلقةٌ من أن أنسى وأرتديه عندما يحل منتصف الليل.”
“هل يمكنكِ أن تثقي بي وتتركينه لي؟”
“بالطبع. إن لم أتركه مع هاوارد، فلمن سأعطيه؟”
“لا، ما أعنيه هو….”
تحدث هاوارد وهو يحدق بالسوار للحظة،
“إنه أغلى شيءٍ عندكِ. ماذا لو أضعته، أو أعطيته لشخصٍ آخر؟ كيف يمكنكِ أن تتركي شيئًا كهذا لديّ بكل بساطة؟”
ثم مد السوار إليّ من جديد.
“لا تثقي بأي أحدٍ، ريكا. فقط عندما يحين منتصف الليل، أعطيني إياه مؤقتًا.”
راقبته بصمت، ثم ابتسمت ابتسامةً صغيرة، وكأنني سمعت شيئًا مضحكًا.
لأن هذا شيء أعرفه جيدًا بالفعل، أعلم تمامًا أن هاوارد ليس من أولئك الأشخاص.
“أنا لا أثق بأي أحد. أثق بكَ لأنك هاوارد، لا غير.”
فقط، أثناء حديثي مع هاوارد منذ قليل، خطرت ببالي فكرةٌ فجأة.
“إذاً، يمكنك أن تفرحي دون قلق. لقد استعدتِ شيئًا ثمينًا.”
“اعتني به جيدًا من الآن فصاعدًا، حتى لا تفقديه مجددًا.”
لو أن هذا السوار انتقل مجددًا إلى بروتور…..بالأدق، لو أنني مت فعلًا بعد عشرة أشهر، ودخل هذا السوار مجددًا إلى يديه بشكلٍ طبيعي……لا أريد لذلك أن بحدث على الإطلاق.
إن طُلب مني أن أختار شخصًا واحدًا أثق به في هذا العالم، فلن يكون أحدًا غير هاوارد تشيلستون.
إنه الشخص الذي يمكنني الوثوق به.
“لذلك أرجوكَ، اعتنِ به جيدًا. فقط احتفظ به، وأرِني إياه بين الحين والآخر عندما أقول أنني أشتاق لرؤيته.”
“هل أنتِ متأكدةّ من أنكِ بخيرٍ مع هذا؟”
“نعم. بل أشعر براحةٍ أكبر هكذا.”
“……ما دمتِ تقولين ذلك.”
تردد هاوارد للحظة، ثم أومأ برأسه في النهاية.
“لكن مع ذلك، سنستدعي صائغًا ونصلح السوار. لذا تذكري جيدًا شكله الأصلي.”
“حسنًا، فهمت.”
“وإذا أردتِ رؤيته، أخبريني في أي وقت.”
“نعم، نعم.”
ثم جمع السوار بعناية ووضعه في جيبه.
كان يتعامل معه بحذرٍ شديد، كأنه يخشى أن يفقد حتى حجرًا واحدًا منه.
راقبته بابتسامةٍ أخرى على وجهي.
‘ليس وكأنه قد يضيع السوار أو يعطيه لشخصٍ آخر حقًا.’
“بالمناسبة، كم الساعة الآن؟”
كنت أتحقق مجددًا من كاحلي، ثم التفتُّ برأسي. و وقع بصري على ساعة معلّقة على الحائط غير البعيد.
إذاً…..الثانية والنصف….لا، لحظة واحدة.
‘ماذا؟ تجاوزت الثانية؟!’
اتسعت عيناي من الصدمة.
بسبب انشغالي بالحديث مع هاوارد، لم ألاحظ أن الوقت تأخر إلى هذا الحد.
في الأساس، دخلت هذه الغرفة بعد منتصف الليل، وعندما خرجت من الحمام كانت الساعة تقترب من الواحدة، لذا كان هذا طبيعيًا، ومع ذلك…..
‘ربما كنت أحتجزه لوقتٍ طويل.’
“هاوارد، أنا آسفة جدًا.”
“على ماذا؟”
ردّ هاوارد وهو ينزل المنشفة عن رأسه.
وبالرغم من ذلك، يبدو أنه جفف شعره نوعًا ما، فقد أصبح جافاً أكثر بكثيرٍ من قبل.
“لقد تأخر الوقت جدًا. لا بد أنكَ متعبٌ بعد التعامل مع الوحوش أيضًا، وأنا فقط أشغلتكَ بلا داعٍ..…”
“لا بأس. أخرج كثيرًا لأقضي على وحوش دون أن أنام إطلاقًا، لذا هذا لا يُعد شيئًا.”
“لكن هذا كان أثناء قتال الوحوش. الآن حان وقت النوم.”
دفعت كتفه برفق حتى لا أؤذيه.
“هيا، هيا، اذهب إلى غرفتكَ وارتَح بسرعة. لقد عانيتَ كثيرًا بسببي اليوم.”
“ريكا، الخروج الآن…. ليس مناسبًا قليلًا..…”
“هل تقلق من أن يحدث شيء؟ لا داعي للقلق، سأصرخ فورًا إن حدث أي شيء. اتفقنا؟”
“لا، ليس هذا ما أقصده.”
تردد هاوارد قليلًا، ثم،
“نسيتُ أن أخبركِ مسبقًا، لكن في الحقيقة…..يجب أن أنام في هذه الغرفة أيضًا الليلة.”
تنهد تنهدًا خافتًا وهو يضيف،
“هناك غرفةٌ واحدة فقط لنا.”
____________________
متى العرس؟
كل ذاه وهم ماحبوا احل لاحبوا بعض وش؟ بصرخخخ يجنووووون مواسات هاوارد لها تجننننن
المهم تو استوعب
تخيلوا ذاه سادس أو سابع فصل وهم بنفس الليلة😭
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 40"