الوقت الحالي هو الثانية عشرة ظهرًا. و هاوارد لا يمكنه الخروج من المعبد إلا بعد الساعة الثامنة.
وبالنظر إلى الوقت الذي سيستغرقه للوصول إلى قصر الدوق، فسيكون بعد ذلك بكثير.
لقد واجهت أزمةً عظيمة تتمثل في أنه سيتوجب علي قضاء تسع ساعات تقريبًا في اللعب مع فريدريك.
……هاه، لماذا أمرُّ بهذه المحن؟
‘أنا بالكاد أحتمل ما أنا فيه الآن.’
لكن حتى هذا التفكير تلاشى حين رأيت عيني فريدريك تلمعان بفرح.
وبصراحة، لم أستطع التفكير بهذه الطريقة. لأني أعلم كم مضى من الوقت منذ آخر مرة كان فيها فريدريك مرحًا هكذا.
‘لماذا يضغط ماركوس على الطفل بهذا الشكل؟ كأنه مصاب بهوس أو وسواس.’
هل يشعر بالنقص تجاه أحدٍ ما؟
سمعت أن بعض الناس يحاولون تعويض شعورهم بالنقص من خلال أولادهم، لذا ربما يكون ذلك ممكنًا.
على أي حال، لعبت مع فريدريك بكل إخلاص.
تناولنا الغداء معًا أولًا، ثم تمشينا في الحديقة، وقدمت له جولةً تعريفية بقصر الدوق رغم أنني لا أعرف عنه الكثير، ولعبنا الغميضة كما أراد، وذهبنا معًا إلى المكتبة…
وهكذا، بدأ وقت العشاء يقترب.
لم يكن لدي طاقةٌ حتى لمضغ الطعام، فاكتفيت برشف القليل من الحساء وأنهيت الوجبة، ثم عدت إلى غرفتي لألعب مع فريدريك بلعبة تركيب المكعبات، وفجأة، فُتح الباب.
كان هاوارد. المنقذ الذي انتظرته طويلًا.
“سمعت أن سموكَ هنا……”
قال هاوارد ذلك وهو يلهث قليلًا. ومن ملابسه المبعثرة قليلًا، بدا أنه ركض مسرعًا بمجرد أن سمع الخبر.
فكرتُ بأنه رغم كل ما تحمله من مشقةٍ في العمل، فقد جاءني راكضًا فور حلول الساعة الثامنة، فكادت عيناي تدمعان.
‘……هذا هو ما يُسمّى بروح الزمالة حقًا.’
“دوق!”
صرخ فريدريك الذي كان يلعب معي بمرح، وألقى بقطعةٍ من المكعبات ثم ركض نحو هاوارد.
قطع المكعبات المتناثرة على الأرض بدت كأنها تمثل حالتي.
لقد لعبنا معًا لما يقارب التسع ساعات، ومع ذلك انتهى الأمر بهذه البساطة……فشعرتُ ببعض الحزن، لكن لم يكن الأمر سيئًا.
فلن أضطر الآن للعب مع فريدريك وحدي بعد الآن.
“سموك، لماذا أتيتَ فجأة؟”
سأل هاوارد وهو يلتقط فريدريك الذي كان قد ركض إليه. فرد عليه فريدريك ببراءةٍ مشرقة،
“قال الدوق إنه إذا حصلتُ على إذنٍ من جلالته، فبإمكاني أن آتي لزيارته! ولهذا، جئت فورًا بعد أن حصلتُ على الإذن!”
ألقى هاوارد نظرةً سريعة نحوي. و كان يبدو عليه بعض الارتباك.
كنت أعلم لماذا بدا عليه ذلك. فرغم أنه قال لفريدريك، تحت ضغطي، أنه يمكنه المجيء إذا حصل على إذنٍ من ماركوس، إلا أنه بالتأكيد لم يكن يقصد أن يأتي فورًا بهذا الشكل.
كان الأمر أشبه بتلك المجاملات من نوع “دعنا نتناول الطعام معًا يومًا ما”.
‘هاوارد على الأرجح لم يتوقع أن ماركوس سيوافق فعلًا على زيارة فريدريك لقصر الدوق.’
نظرتُ إلى هاوارد، ثم إلى فريدريك الذي بدأ يتحدث بحماس، وبدأت ببطء أجمع المكعبات المتناثرة. فقد بدا أنه قد فقدَ اهتمامه بها الآن.
وكما توقعت، نظر إليّ فريدريك وفتح فمه،
“بما أن الدوق جاء، فلنلعب بشيءٍ آخر، آنسة.”
“هل سيكون الأمر على ما يرام؟ الوقت متأخرٌ الآن.”
“نعم! لقد كنت فقط أنتظر أن نلعب جميعًا معًا! في الواقع، كان هناك شيء أردت فعله منذ فترة……”
تلألأت عينا فريدريك.
“هل يمكنني مشاهدة الدوق وهو يتدرب؟”
“أتدرب؟”
“نعم! ما زلت لا أجيد استخدام السيف، لذا كنت فضوليًا. أشعر أن الدوق كان سيهزم الوحوش بضربة واحدة حتى عندما كان في سني.”
نظرت بسرعةٍ نحو هاوارد. فقد كان عمر فريدريك الآن يقارب عمر هاوارد عندما أُبيدت عائلة الدوق تشيلستون.
رغم أن فريدريك لم يكن يعلم ذلك، على ما يبدو.
“……سموك، ما رأيكَ أن نلعب لعبةً أخرى؟ لقد أصبح الوقت متأخرًا، ويبدو أن التدريب سيكون صعبًا الآن.”
“هكذا إذاً……ر غم أنني كنتُ أريد حقًا رؤيته.”
“ما رأيكَ بلعبة الغميضة؟ لم نلعبها بعد، أليس كذلك؟”
“هاه! رائع! إذًا أنا من سيكون الباحث!”
“حسنًا، لنفعل ذلك.”
أجبتُه بسعادة. و كان من حسن الحظ أن فريدريك فقد اهتمامه بالتدريب سريعًا.
وبصراحة، كنت ممتنةً لأنه تطوع ليكون الباحث. فكل ما علي فعله هو إيجاد مكانٍ مناسب للاختباء والبقاء هادئة.
بالطبع، لا ينبغي أن أختبئ في مكانٍ صعب جدًا، حتى يظل الأمر ممتعًا لفريدريك.
“هيهي، إذًا سأذهب إلى الحمام سريعًا!”
ركض فريدريك بسرعةٍ إلى الحمام الموجود داخل الغرفة. وما إن اختفى تمامًا عن الأنظار، حتى تحدث هاوارد،
“……شكرًا لكِ.”
“على ماذا؟ أنا فقط أردتُ أن ألعب الغميضة.”
رفعت كتفيّ بخفة، فضحك هاوارد ضحكةً قصيرة.
ثم نظرت إليه وهمستُ بصوتٍ خافت،
“آه، صحيح. هناك شيء يجب أن أخبركَ به.”
ثم أشرت بيدي بخفة إلى الرجال الموجودين داخل الغرفة. كنت أغطي عليهم بجسدي، لذا من المستبعد أنهم رأوا إشارتي.
هاوارد همس بدوره،
“من يكونون؟”
“جاؤوا مع صاحب السمو. ويبدو أنهم ليسوا مجرد خدم……أعتقد أنهم جاؤوا لمراقبة قصر الدوق.”
“لم يسبق لهم أن أرسلوا أمثال هؤلاء إلى هنا من قبل.”
تمتم هاوارد وكأن الأمر غريبٌ عليه أيضاً. عندها ارتجف جسدي لا إراديًا.
……ما هذا، هل فعلًا السبب هو أنا؟
“هل فعل هؤلاء شيئًا في القصر؟”
“لا، كانوا فقط يراقبون بصمت.”
قطّب هاوارد حاجبيه. ولأن تعبيره أصبح أكثر توترًا، ازداد قلقي بدوري.
لا، ما الذي يحدث فعلًا؟ هل الأمر خطيرٌ لهذه الدرجة؟
“لا داعي. لا تهتمي للأمر. قلتِ أنهم يكتفون بالمراقبة فقط، أليس كذلك؟ على الأرجح يتفقدون ما إن كان هناك ما يمكنهم استغلاله.”
“مع ذلك……”
“قلت لا تقلقي. نحن لم نفعل شيئًا يعيبنا على أي حال.”
صحيح. فهاوارد تشيلستون يُعرف بأنه مثالٌ للفارس المقدس.
شعرتُ بقلقي يذوب كما يذوب الثلج. و أطلقتُ زفرةَ ارتياح، وفي تلك اللحظة خرج فريدريك من الحمام فجأة، وأخذ ينظر إليّ ثم إلى هاوارد بالتناوب.
وبعد أن كرر ذلك بضع مرات، مال برأسه،
“أتعلمان……كنت أتساءل منذ فترة، لماذا لا يقوم الدوق والآنسة بذلك؟”
“بأي شيءٍ تقصد؟”
“القبلة، القبلة!”
“….…”
“الخادمات يقلن أن كل الأحباء يفعلون ذلك!”
……بدأ القلق يتسلل إليّ مجددًا.
من تكون تلك الخادمة، بحق السماء؟ لا بد أن هناك شيئًا يجب الامتناع عن قوله أمام طفل صغير.
“والآنسة، تبدين وكأنكِ لم تفرحي كثيرًا عندما أتى الدوق. أما أنا، فقد كنتُ سعيدًا جدًا بقدومه.”
“لـ، لا يمكن! كنتُ سعيدة جدًا، حقًا!”
“والدوق كذلك.”
“……أنا أيضًا، كنت سعيداً جدًا.”
أجبنا بسرعة، واحدًا تلو الآخر، فبدأ فريدريك يضيّق عينيه. و نظراته كانت مليئة بالشك.
كنت آسفةً تجاه فريدريك، لكن نظرات طفل يظن أن شيئًا مريبًا يحدث ليست أمرًا يدعو للقلق الكبير. ففي النهاية، هو طفلٌ لا يتجاوز العاشرة من عمره.
حتى لو ذهب ليخبر ماركوس، فلن يأخذ الأمر على محمل الجد. لكن المشكلة كانت أن الرجال الذين ظلوا ساكنين داخل الغرفة، بدأوا يتحركون. ثم شرعوا في التهامس فيما بينهم.
لا، مهلاً لحظة فقط……
هل حقًا تسير الأجواء بهذا الشكل فجأة؟
‘هل يمكن أن هؤلاء الأشخاص أُرسلوا لمعرفة ما إذا كنت أنا وهاوارد على علاقة حبٍ فعلية؟’
كان الأمر غريبًا لدرجة أنني عجزت عن الكلام.
لماذا؟ هل يظن ماركوس أن هذا الأمر مهم إلى هذا الحد ليستدعي كل هذا؟
‘سأجن. ماذا لو كُشف سر علاقتي التعاقدية مع هاوارد، و كُشفت أمورٌ أخرى أيضًا؟’
مثل أنني خاضعةٌ للتحقيق من قبل هاوارد، أو، ما هو أسوأ، أنني كنتُ أخفي أنني “نوكس”.
“هاه……”
تخيلت مستقبلًا مظلمًا للحظة، ثم هززت رأسي.
لا يمكن. لا بد أن أبدو طبيعية تمامًا، لا أستطيع السماح لنفسي بأن أتصرف بشكلٍ مريب ولو قليلًا.
“ماذا أفعل؟ فجأة نسيت كيف أتصرف كأنني في علاقة حب.”
“……تصرفي بشكلٍ طبيعي فحسب. تصنّعكِ الآن هو ما يبدو غريبًا.”
لكن حتى هاوارد بدا عليه بعض التوتر حين همس بذلك. رغم أنه عادةً لا يواجه مشكلة في التعامل مع هذا النوع من الأمور.
‘كيف يمكنني الخروج من هذه الورطة؟’
لكن مهما فكرت، لم أجد حلًا. فليس هناك ما يثبت أننا في علاقة حب.
ليست هناك وثيقة زواجٍ مثل عقود الزواج مثلًا. ولن نقوم بعرض مشاعرنا أمام الآخرين فجأة بهذه الطريقة……
توقفت عن التفكير للحظة. و فقد تذكرت فجأةً ما قاله فريدريك قبل قليلى
“…لماذا لا يفعل الدوق والآنسة ذلك الشيء؟”
“القبلة، القبلة!”
“الخادمات يقلن أن كل الأحباء يفعلون ذلك!”
……قبلة، إذًا.
لو كانت على الخد، فلا بأس، أليس كذلك؟ فهي شيءٌ يُستخدم أحيانًا حتى في التحية.
ابتلعت ريقي من شدة التوتر.
إن كانت قبلةً على الخد كفيلةً بتغيير أجواءِ هذا الموقف، فليس هناك ما يمنعني من فعلها.
سأعتذر لهاوارد لاحقًا.
بهذه الفكرة، وقفتُ على أطراف أصابعي. و دون أن أعلم على الإطلاق، ما الذي سيحدث لاحقًا.
قبلة-
ملمسٌ ناعم بشكلٍ غير متوقع لامس شفتي.
_________________________
ياليل البزران الملاقيف
والامبراطور وش مشغله لدرجة يرسل حراس يشوفون علاقتهم صدق ولا لا
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 25"