“ماذا؟ ماذا قلتَ الآن…..؟”
سألتُ بصوتٍ شارد. و قد نسيت حتى محاولتي لوقف كلام ماركوس.
لم أكن أتوقع أن أكتشفَ السر المخفي بهذه الطريقة المفاجئة أثناء لعب <عالم الفانتازيا>.
“أوه، ألم تعلمي بذلك؟ كنت أظن أن هاوارد قد أخبر حبيبته بذلك، لكن يبدو أنني كنتُ مخطئاً.”
“ليس حديثاً جيداً.”
أجاب هاوارد. و كان صوته هادئاً بشكلٍ مبالغ فيه.
من صوته فقط، كان من الممكن أن تظن أنه يتحدث عن شيء لا علاقة له به على الإطلاق.
أومأ ماركوس برأسه على إجابة هاوارد.
“بالفعل. إذا لم يخبركِ هاوارد بذلك، فمن الطبيعي ألا تعرفين. لم يتم الإعلان علانيةً عن ما حدث في ذلك اليوم لتجنب نشر الخوف من ملك الشياطين في الإمبراطورية.”
لم أستطع إخراج أي كلمات، و فقط اهتزت شفاهي. و رأسي انخفض إلى الأسفل تلقائياً.
إذاً، كانت مذبحةُ عائلة الدوق تشيلستون بسبب ملك الشياطين.
‘كيف لم أكن أعرف حتى الآن؟’
لم أكن أتوقع ذلك أبداً. أهم عدو في هذا العالم هو ملك الشياطين، وعائلة الدوق تشيلستون هي العائلة التي تمتلك القوة المقدسة لمواجهته.
تلك العائلة القوية تمّت إبادتها بالكامل ولم ينجُ منها سوى هاوارد، لذا كان من الطبيعي التفكير في أن هناك رابطًا ما.
‘هل أنا غبية؟’
ربما كنت منشغلةً بالتفكير في أمري فقط فلم أفكر أبعد من ذلك. فالآن، أهم ما يشغلني هو بقائي على قيد الحياة.
رفعت رأسي بشعورٍ معقد يختلط فيه الحزن بالحيرة. و نظر إليّ ماركوس وكأنه يشفق عليّ.
“يبدو أن الآنسة الصغيرة قد فزعت كثيرًا، حسنًا، كان حدثًا كبيرًا لدرجة أن هاوارد نفسه لم يخرج من القصر لعدة أشهر من شدة الخوف. صحيحٌ أن تلك الفاجعة وقعت بينما خرج هاوارد سرًا للتنزه، لكن لم أظن أنه سيصل لحد الامتناع عن الطعام.”
“…….”
“آه، ربما ليس أمرًا غريبًا جدًا. أعلم أن هذا الكلام قد يبدو قاسيًا، لكن كانت هناك شائعاتٌ تقول إنه لو كان هاوارد، صاحب القوى المقدسة القوية مثل أخي، موجودًا آنذاك، لما أُبيدت عائلة الدوق.”
…..ما خطب هذا الشخص؟
نظرتُ إلى ماركوس بوجهٍ شاحب.
هل يتحدث الآن عن أخيه الميت؟ إن كان كذلك، فوجهه لا يُظهر أدنى تأثر.
حتى هاوارد كان ذو وجه جامد، لكنه كان يبدو كمن استسلم للأمر. أما ماركوس الآن، فيبدو وكأنه يحاول بكل وسيلة أن يقلل من شأن أخيه.
“سمعت أن هناك من أنقذ هاوارد من الهجوم وقتها، يا لَحسن الحظ، كدنا نفقد ابن أخي الوحيد أيضًا. بالطبع، يقال أن ذلك الشخص مات بدلًا عن هاوارد…..إنه لأمرٌ مؤسف حقًا.”
“…….”
“آه، يبدو أنني أطلتُ الحديث. على كل حال، ما أردت قوله هو أن هاوارد مختلف كثيرًا عما يبدو عليه. لذلك كنت أستغرب وجود فتاةٍ مثلكِ بجانبه.”
بل إنه لا يحاول حتى إخفاء نيّته.
نظرتُ إلى ماركوس الذي كان يحدّق بي بثبات.
و كان ذلك سؤالًا مشفراً طرحه عليّ،
هاوارد تشيلستون ليس كما تظنينه تمامًا. هل ترغبين بالبقاء إلى جواره رغم أنه هكذا؟
كان تحذيرًا مبطنًا، بل بالأحرى دعوةٌ للانفصال عنه.
‘كنت أشعر أن هناك شيئًا غريبًا.’
رغم أن الدعوة كانت موجهةً لي وله، كان ماركوس يوجه الكلام لي وحدي طوال الوقت، وهذا مريب.
من البداية، لم يُدعَ هاوارد من أجل الحديث. لقد جلبه فقط ليجلس هناك ويتلقى الجراح.
لا أعرف السبب، لكن ماركوس يكره هاوارد. بل يبدو أنه يكره عائلة الدوق تشيلستون بأكملها.
عندها فقط بدأت أفهم.
“قد تسمعين اليوم ما لم تتوقعيه، لكن مهما كان، ابقي صامتة، كما قلت لكِ قبل أن نأتي، سأهتم بكل شيء بنفسي.”
“حسناً؟”
“ولا تفكري برش شيء قذر مرة أخرى.”
لماذا قال لي هاوارد مثل ذلك الكلام؟ ولماذا حاول أن يضع جدارًا بينه وبين فريدريك؟
…..وفي هذا الوضع، يُطلب مني أن أبقى صامتة؟
‘آسفة، لكن هذا مستحيل.’
استفزني كثيرًا رؤيته جالسًا بلا أي تعبير، وكأن هذا النوع من الإهانات أصبح مألوفًا لديه.
أكرّر، هو لا يستحق هذه المعاملة.
‘وإن كان هاوارد ينوي الصمت، فعليّ أنا أن أتصرّف.’
من يهين مدير حسابي، لن أسكت له.
ابتسمتُ بخفة وأنا أضيّق عينيّ.
رغم عدم وجود شيء قذر قريب مني، فلا داعي للقلق.
لست متأكدة إن كان هؤلاء النبلاء يعرفون، لكن يوجد طرقٌ كثيرة لرش القذارة…..حتى دون وجود قذارة حقيقية.
***
“هاوارد، خلافًا لما يبدو عليه، شخصٌ انطوائي. لا يحضر الحفلات، ولا يخرج من المعبد إلا نادرًا. لولا واجباته كقائد للفرسان المقدّسين، لما خرج من قصر الدوق إطلاقًا.”
“وليس ذلك فحسب، بل إنه جبانٌ أيضًا.”
استمع هاوارد بصمت إلى سخرية ماركوس المستمرة.
و لم يكن الأمر مفاجئًا له كثيرًا.
رغم أنه ارتجف قليلًا عندما ذُكر موضوع ملك الشياطين، إلا أن حدوث ذلك منذ لحظة تلقيه دعوة ماركوس كان أمرًا متوقّعًا لا مفرّ منه.
كان أمرًا طبيعيًا ومملًا. مثل هذا الوضع كان أشبه بالحياة اليومية بالنسبة لهاوارد.
منذ ذلك اليوم البعيد حين اختفت فجأةً كل الأسوار التي كانت تحميه، وحتى الآن.
“هل كنت بخيرٍ يا سيدي الصغير؟”
“أين كنت وقتها، يا سيدي الصغير؟”
كانت أسئلةً سمعها هاوارد مرارًا وتكرارًا في ذلك الوقت.
وفي كل مرة، كان عليه أن يقدّم إجابةً بائسة.
خرج سرًا إلى المهرجان دون علم والده، وظل يلهو حتى ساعة متأخرة، وعندما عاد إلى قصر الدوق لم يفهم ما كان يجري، فدخل إلى غرفة عشوائية واختبأ داخل خزانة الملابس.
ثم نجا بصعوبة، بمساعدة شخصٍ آخر……بفضل الشخص الذي تلقّى الهجوم بدلًا منه.
وعندما يخبر الناس بذلك، كانت ردود أفعالهم غالبًا متشابهة.
حزنٌ على اختفاء الدوق تشيلستون، القائد الموهوب لفرسان النور. وحسرةٌ على ما حدث، إذ ربما لم يكن ذلك ليقع لو أن هاوارد، الذي لا تقل قوته الروحية عن قوة والده، لم يغب عن القصر.
لم يقل أحد صراحةً إن ما حدث كان بسببه، لكن هاوارد كان يشعر وكأن كل تلك المشاعر توجه اللوم نحوه.
لذلك، منذ ذلك الحين، قطع كل علاقاته مع الآخرين، وتفرغ بالكامل للتدريب، إلى أن وصل لمكانة قائد فرسان النور.
منذ ذلك اليوم، بات يكره ملك الشياطين والهراطقة، لذا لم يندم على أنه أصبح قائد فرسان النور.
وعندما بدأ يلعب دور والده، زال عنه ذلك الشعور بالعجز الذي لازمه في البداية. لكن الثقل الذي كان يشعر به في زاوية من قلبه بقي كما هو.
وكان ذلك الشعور يزداد كلما نظر إلى ماركوس، الذي يشبه والده. تمامًا كما هو الحال الآن.
“آه، يبدو أنني أطلتُ الحديث. على كل حال، ما أردت قوله هو أن هاوارد مختلفٌ كثيرًا عما يبدو عليه. لذلك كنت أستغرب وجود فتاة مثلكِ بجانبه.”
كلمات ماركوس انغرست في أذنه.
ربما كان محقًا. فحتى في نظر هاوارد، لم تكن ريكا شخصًا يليق به. لم يحاول يومًا أن يبني شيئًا معها، لكنه كان يظن ذلك في داخله.
ومنذ ما جرى في بيت الكونت آفلز، بدأ يلاحظ وجود ريكا بشكل غريب، وكان ذلك يبدو له وقاحةً منه.
حتى تمسّكه بها بحجة التحقيق لم يكن مبررًا. فقد مضى وقت طويل دون أن يظهر أي دليل، ما جعل احتمال براءتها أكبر.
لكن بما أن هدف ريكا كان المال فقط، فالأمر لا يهم، على الأرجح.
‘…..نعم، لن يهم.’
فكر هاوارد بذلك بهدوء.
وفي تلك اللحظة، فتحت ريكا فمها وتحدثت.
“أوه، في الواقع، أنا كنت العكس تمامًا. لطالما استغربت كيف أن شخصًا مثل هاوارد لم يكن له خطيبةٌ حتى الآن.”
اتسعت عيناه الحمراوان بدهشة. فالكلمات التي قالتها ريكا لم تكن مما تم الاتفاق عليه مسبقًا.
يبدو أنها فكّرت بالأمر بطريقتها الخاصة محاولةً حمايته.
‘لقد أخبرتها بوضوح أن تبقى صامتةً ونحن في الطريق…..’
تنهد هاوارد بهدوء. و كان على وشك أن يوقف ريكا، لكنه تجمّد في مكانه.
ألمٌ مألوف اجتاحه فجأة. يبدو أن قوته المقدسة بدأت بالهيجان.
‘في هذا الوقت بالذات..…؟’
لم يتخيل أبدًا أن ذلك سيحدث خلال حفل شاي. لأنه خلال الفترة التي أمضاها في قصر الدوق، لم يشعر بالألم إلا عندما كان وحده مع ريكا، ولهذا خفف من حذره.
كان بإمكانه تهدئة الألم إذا أمسك بيد ريكا، لكن مد يده إليها الآن، وهي تتحدث مع ماركوس، لم يكن ممكنًا بشكل طبيعي. و سيبدو الأمر مريبًا أمام أي أحد.
عض هاوارد شفتيه محاولًا تحمّل الألم.
على الأقل أمام ماركوس، لم يكن يريد أن يظهر ضعيفًا. فلا أحد غير ريكا يعرف بشأن معاناته من قوة النور.
وكان يتخيّل بوضوح كم سيكون ماركوس سعيدًا لو علم بذلك.
“أحقًا؟ بالنظر إلى مكانة الدوق تشيلستون، قد يبدو الأمر منطقيًا.”
“أعتذر، لكن الأمر ليس لذلك السبب.”
بينما كان ماركوس يرفع فنجان الشاي ويتحدث بهدوء وراحة، لوّحت ريكا بسرعة بيدها نافيةً، وكأنها تشعر بالحرج.
ورغم الألم الذي كان يعانيه، كان هاوارد يفكر في كيفية إنهاء هذا اللقاء بسرعة، وكيف يمنع ريكا من الوقوع في موقفٍ أكثر إحراجًا.
من دون أن يدرك حتى إلى أي حد كان يستخف بريكا.
“هذا لأنه وسيمٌ جدًا!”
وسيمٌ جدًا-
وسيمٌ جدًا-
وسيمٌ جدًا-
صدى صوت ريكا المرتفع تردّد في أرجاء الحديقة.
________________
وهي الصادقة😭😭😭😭😭
الزفت ذاه وش يبي يوصل له بالضبط؟
وهاوارد ورعي المسكين واضع الصدمه قويه بس وش دخل بزر لو انه كان موجود كان انقذ اهله؟ مجانين؟
بزر يستانس براحته لو انه معهم كان فطس معهم
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 22"