عدت أنا وهوارد إلى دوقية تشيلستون عند الفجر. وبما أن الوقت كان متأخراً جداً، كان بإمكاننا قضاء الليلة هناك، لكننا قررنا ألا نفعل ذلك.
فبعد الذي حدث مع سيرديا، أليس من المضحك، بل ومن الغريب جداً، أن نقيم في قصر الكونت آفلز؟
وبعد مرور عدة أيام على انتهاء حفلة الكونت آفلز، انتشر ما حدث بيني وبين هاوارد وسيرديا في أنحاء أوفلين بأكملها.
راح الناس يتحدثون قائلين إن الدوق تشيلستون قد وجد حباً حقيقياً هذه المرة. ويبدو أن تلك الشائعات قد سببت جرحاً عميقاً في قلب سيرديا، فغادرت إلى منتجعٍ صحي مدعيةً أن حالتها الصحية سيئة.
سمعت أنها ذهبت إلى قريةٍ ريفية تقع في الجنوب، بعيدةً قليلاً عن أوفلين. وقد رافقها بقية أفراد أسرتها بحجة العناية بها.
وبفضل ذلك، أصبح من الصعب في الوقت الحالي الاستفسار أكثر عن السوار من عائلة الكونت. فبما أن الشائعات قد انتشرت بالفعل، كان من الواضح أن زيارة سيرديا أو إرسال رسالةً إليها أثناء خضوعها للعلاج كانت ستثير الكلام بلا شك.
وقد مر على ذلك أسبوعٌ بالفعل. وبسبب هذا الأمر، تأكد لنا أن سيرديا ليست الشخصية الأصلية.
دينغ-!
الموقع الحالي للشخصية الأصلية
: أوفلين (عاصمة إمبراطورية فيدوس)
على عكس سيرديا، كانت الشخصية الأصلية لا تزال موجودةً في أوفلين.
وقد أرسل هاوارد أحد رجاله المخلصين ليتأكد بنفسه من أن سيرديا قد غادرت بالفعل إلى المنتجع، فتأكدنا من الأمر.
‘كنت أظن منذ البداية أنها ليست سيرديا، لكن الآن بعدما تأكدت من ذلك، أشعر بقليلٍ من الخيبة.’
لو كانت سيرديا هي الشخصية الأصلية، لكان هدفي من المجيء إلى أوفلين قد تحقق تقريباً.
أغلقت نافذة النظام وتنهدت. وبما أنني كنت جالسةً في شرفة غرفتي، تطاير شعري الطويل قليلاً مع نسمات الهواء الخارجية.
رتبت شعري، ثم فتحت دفتراً موضوعاً فوق الطاولة وأمسكت قلماً.
كنت أحاول تحليل الوضع الحالي.
بينما كنت أكتب أفكاري المتناثرة في الدفتر، بدأت أسترجع ببطء ما حدث في قاعة الحفل.
‘أولاً، قالت سيرديا أن الشخص الذي كان في قاعة الحفل أعطاها السوار.’
ومن المحتمل أن ذلك كان صحيحاً بدرجةٍ كبيرة. ففي حفل عائلي يتطلب الحفاظ على المظهر بأقصى قدر ممكن، كانت سيرديا في حالة غير طبيعية إلى حد أنها شربت حتى الثمالة.
ولهذا السبب كانت تصرخ بصوتٍ عالٍ وتفتح جميع أبواب الغرف في الطابق الثاني.
وإذا كانت مزاعم سيرديا صحيحة، فهذا يعني أن الشخصية الأصلية أو شخصاً له علاقة بها كان موجوداً في قاعة الحفل.
ولكن، هل كان من قبيل الصدفة أنه في أول حفل أحضره، سلّم أحدهم السوار إلى سيرديا، سواء كان الشخصية الأصلية أو شخصاً استلم السوار منها؟
‘……لا، من المستحيل أن تكون مجرد صدفة.’
فأن يعود السوار، الذي سُرق مني قبل عدة سنوات، إلى الظهور بهذا التوقيت المثالي، لا بد أن يكون فعلاً متعمداً.
من البداية، سواءً كان يعرف أنني سأحضر الحفل كحبيبةً لهوارد، أو أنه تعرف علي هناك بعدما رآني، فهذا يعني أنه أظهر لي السوار عن قصد.
وكأنه يطلب مني أن أكتشف وجوده بسرعة.
‘لحظة، هذا يعني أن الشخصية الأصلية كانت تعرف أنني أنا النسخة الفرعية له.’
كيف كان يعرف ذلك؟
حتى أنا، رغم اندماجي في هذا العالم، لم أكن أعرف من هي الشخصية الأصلية.
‘……لا يمكن أنه قد جاء للبحث عني من قبل؟’
لم يكن ذلك مستحيلاً تماماً. فمنذ زمن بعيد، كنت قد استغليت حقيقة أن ممتلكاتي تنتقل إلى الشخصية الأصلية عند منتصف الليل، وأرسلت له ورقةً كتبت عليها عنواني. آملةً أن يعيد لي أشيائي.
‘هذا يعني أنه رغم رؤيته كيف كنتُ أعيش حينها، لم يُعد لي شيئاً مما سرقه؟’
شعرت ببرودة تنتشر في جسدي.
بأي قلب أرسلت له تلك الورقة حينها.
“ريكا، أنا بخير. لذلك لا داعي لأن تفعلي كل هذا.”
كم كنت يائسةً ومتحطمة وقتها.
“لا داعي لأن تتعبِ نفسكِ بسببي. دعينا نستريح قليلاً. أنتِ لم تنامي تقريباً بسبب العمل في الآونة الأخيرة.”
كنت مستعدةً لفعل أي شيءٍ حينها.
“حتى لو كان لدي ذلك الدواء، لم يكن هذا الجرح ليُشفى.”
لو أن الشخصية الأصلية أعادت إلي أموالي فقط.
“……كا.”
ولو أنني تمكنت من الحصول على ذلك الدواء في الوقت المناسب.
“ريكا.”
لو كان الأمر كذلك، ربما ذلك الشخص كان……
“ريكا!”
صوت مرتفعٌ اخترق أفكاري العميقة المظلمة. فرفعت رأسي بذهول ونظرت إلى الأمام.
كان هاوارد واقفاً أمامي. و بسبب شرودي الكامل، لم ألاحظ متى دخل إلى الغرفة.
“بماذا كنت تفكرين؟ لقد ناديتكِ عدة مرات ولم تردي.”
“آه……”
“هل أنتِ بخير؟”
سألني هاوارد بقلق.
كانت عيناه الحمراوان تتجهان نحو أعلى الطاولة. فاتبعت نظراته ببطء، و رأيت دفتري وقد أصبح فوضوياً ومليئاً ببقع الحبر.
كانت هناك كلماتٌ مبعثرة مكتوبة عليه.
<الشخصية الأصلية، المال، الجرح، والدواء……>
مررت بعيني بسرعة على الخربشات المبعثرة ثم أغلقت الدفتر على عجل.
“……نعم، أنا بخير. يبدو أنني كنتُ شاردة وأفكر في أمور كثيرة فلم أسمعكَ.”
وبعد قولي لذلك، شعرت أن حالي قد تحسن قليلاً. كما كان يحدث دائماً.
“بالمناسبة، ما الأمر؟ ألم يكن يفترض أن تكون في المعبد الآن؟ لا يزال الوقت نهاراً.”
“لو كان لدي عملٌ محدد، يمكنني الخروج من المعبد حتى في النهار. ولأنني صادفت أنني بحاجة لزيارة قصر الدوق، مررت قليلاً……على أي حال، هذا ليس المهم. خذي هذا.”
“ما هذا؟”
تناولتُ الظرف الورقي الذي ناولني إياه هاوارد.
وعندما استلمته، بدا أن بداخله عدة أوراق.
“هل يمكنني فتحه؟”
أومأ هاوارد برأسه بخفة.
عندها فتحت الظرف بحذر، وتماماً كما توقعت، خرجت منه عدة أوراق. وكانت الأوراق مليئةً بكتابات متراصة.
وعندما دققت النظر، كانت كلها أسماء أشخاص.
‘لماذا يعطيني شيئاً كهذا؟’
وقد علت ملامح الاستغراب وجهي، فتحدث هاوارد،
“هذه قائمةٌ بأسماء الحضور الذين شاركوا في الحفل الذي أقيم يومها في قصر الكونت آفلز.”
رفع شفتيه بابتسامةٍ خفيفة.
“ظننت أنكِ قد تحتاجينها، فأحضرتها لكِ. أم أنني أخطأت؟”
……يا إلهي.
لم أستطع الرد فوراً واكتفيت بتحريك شفتي بصمت.
ما قصة هذا الرجل؟
كيف استطاع أن يحضر لي شيئاً كهذا دون أن أطلبه حتى؟ حتى أنا لم أكن قد حددت بعد ما الذي أحتاجه بالضبط.
‘من بين هؤلاء، يوجد الشخص الذي أعطى السوار لسيرديا ذلك اليوم.’
وفجأةً بدا لي هذا الورق العادي وكأنه كنزٌ ثمين.
صحيح أن عدد النبلاء المدرجين في القائمة لم يكن قليلاً أبداً، لكن مجرد الحصول على هذه القائمة كان إنجازاً عظيماً بحد ذاته.
فبدأت أمر بعيني على الأسماء المكتوبة.
‘كيف سأقابل كل هؤلاء؟ هل علي أن أدعوهم جميعاً إلى قصر الدوق تشيلستون؟’
راودتني هذه الفكرة للحظة، لكنها سُرعان ما استُبعدت. لأنه كانت هناك مشكلةٌ أساسية.
‘ومن الذي سيتولى تجهيز الحفل؟’
لم يبقَ في قصر الدوق من الخدم سوى خدم هاوارد. ولا يمكنني أن أطلب من رجلٍ مشغول مثله أن يتكفل أيضاً بتنظيم حفلة.
مهما كنت مستعجلة، لدي قدرٌ من التفكير يمنعني من فعل ذلك.
وينطبق الأمر نفسه على الخدم المتبقين.
كنت أعلم أن قصر الدوق تشيلستون، منذ أن أصبح هاوارد الدوق، لم يشهد إقامة أي حفلات، ولا أريد أن أطلب شيئاً قد يثقل كاهل الخدم أو يجعلهم يسخطون عليّ.
على أي حال، هؤلاء هم الأشخاص الذين سأعيش معهم لمدة عامٍ قادم.
بعد الكثير من التفكير، سألت هاوارد،
“لكن، كيف سنجمع كل هؤلاء الأشخاص؟ إذا أردنا التأكد مما إذا كانوا الشخصية الأصلية أم لا، فلا بد أن نبقى معهم حتى منتصف الليل……”
“لا داعي لأن نجمعهم بأنفسنا، ريكا.”
نقر هاوارد بلطف على الورق الذي كنت أحمله بأطراف أصابعه.
“هناك مناسباتٌ بالفعل حيث يجتمع هؤلاء الأشخاص. ونحن نملك دعواتٍ لتلك المناسبات.”
“آه……”
“وفوق ذلك، لدينا أكثر من واحدة.”
حينها فقط تذكرت كومة الدعوات التي كانت مكدسةً في ذاكرتي. و لم أكن أتخيل أنني سأستخدمها بهذه الطريقة.
“إذاً علينا فقط حضور الحفلات التي يقيمها الأشخاص الموجودون في هذه القائمة. هل سيكون الأمر مناسباً لك يا سيدي القائد؟ لأن الدعوات ليست موجهةً إلي، لذا ستضطر إلى الذهاب معي.”
“ليس القائد، بل هاوارد. وإلا فإن كل ما بذلناه من جهدٍ حتى الآن سيضيع سدى.”
قال هاوارد ذلك مصححاً كلامي بينما انحنى نحوي فجأة. فأدرت عيني بعيداً عنه قليلاً وأنا أشيح بنظري.
منذ ذلك اليوم، أصبحت مدركةً للأمر أكثر من اللازم. لكن، هل هذا الرجل لا يشعر بشيء رغم ما حدث؟
“لست معتادةً على مناداتكَ بهذا الاسم……سأنتبه في المرة القادمة.”
“….…”
“……هاوارد.”
“أحسنتِ.”
ابتسم هاوارد برضاً.
……يبدو أنني الوحيدة التي تبالغ في التفكير.
“إذاً، سأختار بعض الدعوات أثناء عملكَ. لاحقاً، رجاءً رشح لي الحفلات التي ترى أنها مناسبة.”
“موافق.”
أجاب هاوارد فوراً.
لكن لم تُتح لي فرصة اختيار الحفل التالي بنفسي. لأنه في مساء ذلك اليوم، وصلت دعوةٌ غير متوقعة تماماً. من أحد أقرباء هاوارد القلائل.
[هاوارد، سمعت أن أخباركَ ضجت بها أوفلين هذه الأيام.
لدي الكثير من الأسئلة التي أود أن أطرحها عليكَ مباشرةً، فما رأيكَ أن نستمتع بوقت شاي معاً في حديقة القصر الإمبراطوري؟
سأكون أكثر سعادةً لو جاءت الآنسة إيفريت معكَ أيضاً.
-من إمبراطور هذه البلاد.]
______________________
*من زفت هذه البلاد
يازفت انقلع ابي مومنتات زود بينهم
شكل الي ربى ريكا وهي صغيره فطس من مرض 😔
وهي كان تبي فلوس والزفت تقريباً كان يدري ولا ساعدها
حتى السايكو يتبرى منه
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 18"