اختفى السوار أمام عيني في الوقت الحقيقي. ومع صوتٍ بات مجرد سماعه يجعلني أرتجف.
‘لااااااااااا-.’
صرخت في داخلي بهدوء دون أن أجرؤ على إطلاق الصوت، خوفًا من أن تسمعني سيرديا.
حدقت في راحة يدي بعينين مذهولتين، لكن السوار الذي رحل لم يعد لمجرد أنني نظرت إليه. ر حتى اختفاء الفستان الذي كنت أرتديه لم يثر اهتمامي.
‘يا لكِ من حمقاء غبية.’
كان علي أن أمد السوار لهوارد فور رؤيتي له.
كنت أعلم أن الوقت لم يتبقَ منه الكثير، فكيف ارتكبت هذا الخطأ مجددًا؟ لقد حصلت عليه بشق الأنفس.
كنت ألوم نفسي بشدة.
بينما كنت متجمدةً أمام خزانة الملابس ممسكةً بمقبض الباب ووجهي مليء بالخيبة، اقترب مني هاوارد قليلًا وكأنه رق لحالي. ثم ناولني فستانًا.
“ريكا، لم لا تهتمين بمظهركِ أولًا.”
“…….”
“هل كان يعجبكِ ذلك السوار إلى هذا الحد؟ سأجلب لك واحدًا مثله. لم أتمكن من رؤيته جيدًا لأنه اختفى بسرعة، لكن إن شرحتِ لي شكله فسأجده لكِ.”
“……لا يمكنكَ.”
“همم؟”
عندما تمتمت بهمس، مال هاوارد برأسه مستفسرًا. فخفضت رموشي وتحدثت.
“لا يمكن الحصول على سوار مماثل. إنه السوار الوحيد في العالم……قد لا يكون غالي الثمن، لكنه أهم وأثمن شيءٍ بالنسبة لي……”
وأثناء حديثي، اختنق صوتي فجأة. لأنني تذكرت اللحظة التي تلقيت فيها ذلك السوار.
“مفاجأة. ريكا، هذه هدية ج ميلادكِ. هل أعجبكِ؟”
“لقد صنعتهُ بيدي. لذلك لا يوجد له مثيل في العالم.”
أول هدية وأخرها من شخصٍ اعتنى بي دون مقابل عندما سقطت فجأة في هذا العالم.
حاولت حمايته بكل ما أوتيت من قوة، لكن في النهاية لم أستطع.
“……كان سوارًا انتزعته مني شخصيتي الأصلية سابقًا. لكن اليوم رأيت الآنسة آفلز ترتديه، فتبعتهـا إلى هنا لأستوضح الأمر. كانت قد وعدتني أنها ستخبرني عن السوار إن تبعتها.”
“هل أنتِ متأكدة أنه سواركِ حقًا؟”
“نعم! متأكدةٌ تمامًا. لا يمكن أن أكون قد أخطأت. فقد كان منقوشًا عليه الأحرف الأولى من اسمي. ولأن الشخص الذي أهداني إياه صنعه بنفسه، إذا دققت النظر يمكنكَ أن ترى بعض العيوب الصغيرة فيه.”
“إذًا، لا يمكن أن يكون سوارًا آخر. وماذا عن الآنسة آفلز، هل تحدثتِ معها بشأن السوار؟”
“لا. الحديث انحرف فجأةً إلى موضوع آخر فلم أتمكن من سماع شيء. لو كان لدي وقت إضافي قليل فقط، لكن كما تعلم، لم يتبقَ الكثير حتى منتصف الليل……”
هز هاوارد رأسه كأنه فهم الوضع. ثم أطلق تنهيدةً قصيرة.
“ريكا، هل من الممكن أن تكون الآنسة آفلز هي الشخصية الأصلية؟ لقد عاشت دائمًا في أوفلين، وعائلة آفلز من العائلات الثرية. يبدو أنها تتطابق مع شروط الشخصية الأصلية.”
هززت رأسي نفيًا بشدة تجاه رأي هاوارد.
“لا أعتقد ذلك. لقد قالت أنها تلقت السوار من شخصٍ آخر في الحفل.”
“لا تخبريني أنك صدقتِ كلامها حرفيًا؟ أي شخصٍ يمكنه قول شيء كهذا.”
“لم تبدو مكذبة……”
‘لو كنت قد سمعت كل ما قالته لي سيرديا آفلز عن مدى حبها لك، لما استطعت قول هذا الكلام.’
كادت الكلمات أن تخرج من فمي، لكنني ابتلعتها. فقد شعرت بأن البوح بكل شيء ليس من اللائق. و لحسن الحظ، هاوارد وافق دون أن يقول شيئًا إضافيًا.
“فهمت ما تعنين. لكن أظن أنه من الأفضل التأكد مما تملكه الآنسة آفلز. قد يكون بينها شيءٌ يخصكِ.”
ناولني هاوارد الفستان مجددًا. وهذه المرة، ناولني معه حذاء أيضًا.
“ارتدي الملابس أولًا. لقد طلبتُ أن يكون التصميم بسيطًا قدر الإمكان، لذا لن يكون من الصعب ارتداؤه.”
“نعم، شكرًا لكَ.”
تسلمت الأشياء منه وأنا أشهق خفيةً بأنفي.
ما إن سلّمني هاوارد الفستان حتى استدار على الفور ومشى مبتعدًا قليلًا ثم توقف. بدا وكأنه يمنحني الخصوصية كي أبدل ملابسي براحة، إذ لا يمكنني الخروج بسبب سيرديا.
وكما توقعت، كانت لا تزال تبحث عني، فقد كنت أسمع صوتها بالخارج.
‘كما قال هاوارد، التصميم بسيط نوعًا ما.’
بدأت بخلع ملابسي على عجل. و كنت أرتدي قميصًا بنصف كم وشورت جينز، لذا كان من السهل خلعهما.
المشكلة كانت عندما حاولت ارتداء الفستان بعد انتعال الحذاء.
“هاه؟”
بينما كنت أبدل ملابسي دون تفكير، أدركت فجأة أن بالفستان مشكلةً كبيرة. ولم يكن غريبًا، فهذا الفستان……
‘……أزراره في الجهة الخلفية؟’
كيف يفترض بي أن أرتدي فستانًا كهذا بمفردي؟
لم يكن من الممكن أن يكون هاوارد قد تعمّد اختيار فستانٍ كهذا، لذا يبدو أن مفهومه لـ”البساطة” كان مختلفًا عن مفهوم الآخرين.
في الواقع، مقارنةً بفاساتين أخرى، كان تصميمه أبسط بالفعل. لم يكن مخطئًا تمامًا.
‘ماذا أفعل الآن. من دون تثبيت الأزرار لن يبقى ثابتًا.’
تمسكت بكلتا يديّ بمقدمة الفستان التي كانت تنزلق باستمرار، خاصةً أنه بتصميم يكشف الكتفين.
وبينما كنت أفكر في أنني قد أضطر لطلب المساعدة من هاوارد رغم الإحراج، دار مقبض الباب فجأة.
طقطقة طقطقة-
“آه؟ لماذا هذا الباب مقفل؟”
سمعت صوت سيرديا من خلف الباب. لقد لحقت بي إلى هنا بالفعل.
‘بصراحة، ظننت أنها ستتوقف عن البحث وتعود.’
يبدو أنها كانت غاضبةً بشدة لأنني تجاهلتها وهربت، خصوصًا وأنها كانت في حالة ثمالة شديدة، مما جعل الحفاظ على اتزانها أكثر صعوبةً من المعتاد.
تنهدت بصوت خافت بين شفتي.
لا أعلم لماذا أصبحت أواجه كل هذه المواقف العصيبة منذ أن أتيت إلى أوفلين.
“هل هناك أحدٌ بالداخل؟”
سمعت صوتها وقد أصبح أكثر حدة. فلم أجب، وبالطبع هاوارد لم يجب أيضًا.
بعد أن عبثت بمقبض الباب عدة مرات، بدا أنها لاحظت أن هناك شيئًا مريبًا، فرفعت صوتها لتنادي خادمتها. ثم أمرتها بإحضار مفتاح هذه الغرفة.
ازدادت الضجة بالخارج فجأة مع هذا الأمر. يبدو أن الناس بدأوا يتجمعون ليروا ما يحدث.
“ريكا، هل انتهيتِ من ارتداء الملابس؟”
سألني هاوارد بسرعة وهو يراقب الباب بقلق. ولا يزال مستديرًا بظهره ناحيتي.
“آه، لم أنتهِ بعد……”
“هل هناك جزءٌ يصعب عليكِ ارتداؤه؟ إذا لم تستطيعي ارتداءه بمفردكِ، فقولي لي. سأساعدكِ. أود الانتظار قدر الإمكان، لكن كما تعلمين، الوضع الآن طارئ.”
هاوارد سيُساعدني في ارتداء الملابس؟
رغم أنني كنت أفكر في هذا الاحتمال أصلًا، إلا أنني عندما واجهته حقًا ترددت قليلًا. فلم يسبق لي أن طلبت مثل هذا الطلب من رجل.
‘……لا بأس. هذا ليس وقت التفكير في مثل هذه الأمور.’
ترددت قليلًا ثم أجبته.
“إذًا، أرجو أن تساعدني.”
“هل يمكنني أن أستدير الآن؟”
“نعم……”
قلت ذلك بينما كنت أمسك بمقدمة الفستان بقوة أكبر.
بمجرد أن حصل على الإذن، استدار هاوارد ببطء وكأنه حذر من أن لا أكون مستعدةً بعد. وحين التقت عيناه الحمراوان بي، توقف للحظة دون أن يقول شيئًا، مما جعل وجنتي تحمران قليلاً.
أضفت بكلماتٍ متلعثمة.
“أ- أعني……لقد ارتديته تقريبًا، لكن الأزرار موجودةٌ في الظهر. و حاولت أن أمد يدي للخلف لكنها لم تصل، لذلك لم أتمكن من إنهائه. كما أن الأزرار صغيرةٌ جدًا مما يجعل الأمر أكثر صعوبة، هاها……لهذا اضطررتُ للبقاء هكذا……”
“هاه……”
أطلق هاوارد تنهيدةً طويلة. و رغم أنني كنت أعلم أنه لا يلومني، إلا أن جسدي ارتجف لا إراديًا عند سماع صوته.
“أجل، يبدو منطقيًا أنكِ لم تستطيعي ارتداءه.”
مسح هاوارد على وجهه واقترب مني قليلًا.
لم يتبقَ بيني وبينه سوى خطوةٍ واحدة فقط.
“……قلت لهم أن يحضروا تصميمًا بسيطًا.”
تمتم وهو يحيد بنظره عني، وكأنه لا يستطيع النظر مباشرةً إلى وجهي.
“يبدو أن عليّ أن أغلق الأزرار. هل يمكنكِ أن تديري ظهركِ للحظة؟ سأحاول إنهاء الأمر بأسرع وقتٍ ممكن.”
“آه، نـ- نعم!”
هززت رأسي بقوة حتى بدوت كغبية.
وفي تلك اللحظة بالضبط، سمعت صوت مفتاحٍ يدور في القفل.
طقطقة-
“……ريكا.”
ناداني بصوتٍ خافت، نزل كنسمة على أذني. ثم جاء صوت صرير الباب وهو يُفتح.
“أعتذر مسبقًا.”
لم أكن قد استوعبت بعد معنى كلماته. وفجأة، أحاطتني يداه الكبيرتان من خصري وجذبني نحوه.
______________________
هاهاهاعاعا اكبري يا إشاعااااات 🥰
يأست شكلنا منب شايفين قصة ذا الي رباها الا بعدين
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 16"