‘هذا غير معقول!’
صرخت في داخلي. و لم أستطع تصديق ذلك إطلاقًا.
كيف لم أنتبه للوقت رغم أن الظلام قد خيّم خلف النافذة؟ لقد عانيت أكثر من مرة من اختفاء الأشياء عند منتصف الليل، فكيف لي أن أرتكب مثل هذا الخطأ؟
‘كل هذا بسبب أنني فقدت تركيزي بسبب السوار..…’
لقد كانت كارثة. بهذا الشكل سأضطر إلى أن أُري سيرديا مشهد اختفاء كل ما أرتديه دون أن يترك أثرًا.
بل ولن ينتهي الأمر بمجرد أن أشعر بالإحراج أمامها، بل سينتشر الخبر في أوفلين كلها بمجرد حلول الغد. وإذا حدث ذلك فسيصل الضرر حتى إلى هاوارد.
من أجل حياتي المريحة والهادئة، يجب ألا يحدث شيء كهذا إطلاقًا.
‘ثم إن هذا السوار سيُنتزع مني عند حلول منتصف الليل أيضًا.’
لقد استعدته بشق الأنفس، فلا يمكن أن أسمح بحدوث ذلك. يجب أن أجد هاوارد بأسرع وقتٍ ممكن لحل هذه الأزمة الطارئة.
…..أولًا، يجب أن أهرب من هنا!
“آنسة آفلز، لقد طرأ أمرٌ طارئ علي فجأة. أعتذر، سأغادر أولًا!”
صحتُ بذلك بينما كانت سيرديا لا تزال تتحدث، ثم استدرت على الفور وغادرت الغرفة.
ويبدو أن تصرفي المفاجئ كان صادمًا للغاية حتى أن سيرديا، التي كانت هادئة، صرخت من خلفي بعد فوات الأوان،
“انتظري لحظة! لم أنتهِ من كلامي! توقفي هناك!”
لكنني واصلت الركض دون أن أتوقف. و كنت أمسك السوار بكلتا يدي بإحكام، وأركض أسرع من أي وقت مضى.
‘بما أن منتصف الليل اقترب، فلا بد أن هاوارد يبحث عني أيضًا.’
علي أن ألتقي بهاوارد بسرعة وأسلمه السوار.
سرعان ما ظهرت السلالم على بعد خطوات قليلة. وبما أن المسافة من قاعة الحفل إلى الغرفة التي كنت أتحدث فيها مع سيرديا لم تكن بعيدة أصلًا، فقد كانت العودة أيضًا سريعة.
اتكأت على درابزين السلم في الطابق الثاني وألقيت نظرةً على قاعة الحفل بالأسفل. و كان ذلك للبحث عن هاوارد.
على أي حال، بما أنني سأضطر إلى العودة للطابق الثاني لتبديل فستاني، كان من الأفضل أن أبحث عنه من هنا دون النزول.
‘أين أنتَ.’
لكن ربما بسبب استعجالي، لم أستطع العثور على هاوارد مهما بحثت.
‘…..ماذا أفعل الآن.’
عندما نظرت إلى الساعة، تبين أن الوقت المتبقي لا يتجاوز ثلاث دقائق.
كان الوقت قليلًا للغاية للبحث عن طريقةٍ جديدة تمنع انتزاع السوار. لذلك اضطررت إلى تغيير خطتي إلى مجرد حماية كرامتي على الأقل.
وعندما سمعت صوت سيرديا الذي اقترب أكثر مما كان عليه سابقًا، أسرعت نحو الغرفة التي كانت أمامي مباشرة.
كرييك-
ثم فُتح الباب بسرعة.
***
في هذه الأثناء، كان هاوارد بعد أن افترق عن ريكا، يتحدث مع فيليب في ركن مهجور من قاعة الحفل.
تلفت فيليب حوله عدة مرات ليتأكد من خلو المكان من الناس، ثم بدأ بالكلام.
“قائد الفرسان، لقد كان توقعكَ صحيحًا.”
انخفض صوته أكثر.
“يُقال إن جلالة الإمبراطور قد تدخل في عملية تفسير وصية المعبد هذه المرة. ورغم الاعتراضات الكثيرة من عدة جهات، فقد تجاهلها جميعًا وأصر على المضي قدمًا.”
“إذًا، المعلومات التي تقول أن النوكس هم هراطقة ليست مؤكدة.”
“نعم. يبدو أننا يجب أن نتحرك مع وضع احتمال الخطأ في تفسير النبوءة في الحسبان. لكن لماذا فعل جلالته ذلك؟ إنه يعلم جيدًا أن تفسير النبوءات يجب أن يتم حصريًا في المعبد لتجنب مثل هذه الحالات.”
وبينما كان فيليب يبدو عليه الحيرة، أجابه هاوارد.
“ذلك لأن جلالة الإمبراطور يريد أن تواصل فرقة فرسان الهيكل هذه الحملات التفتيشية عديمة الجدوى. لا، بل يجب أن أقول إنه يريدني أنا أن أواصلها.”
“آه..…”
“أشعر بالأسف تجاهكم. بسببي، يعاني جميع أفراد فرقة الفرسان ليلًا ونهارًا دون جدوى. أخشى أن يلومني الجميع عندما يعرفون الحقيقة.”
“…..قائد الفرسان.”
انخفض حاجبا فيليب بحزن. لأنه فهم تمامًا ما كان يقصده هاوارد.
“لا داعي للقلق. فرقة الفرسان لا تتعب من مثل هذه الأمور التافهة، ولن تلومك أبدًا. ربما الآخرون لا يعلمون، لكننا نحن نعلم جيدًا أن جلالة الإمبراطور يوجه غضبه نحو الشخص الخطأ.”
اشتدت قبضة فيليب قليلًا.
“بصراحة، لا أستطيع أن أفهم جلالة الإمبراطور . كيف يكون ما حدث لدوقية العائلة خطأ قائد الفرسان؟ أليس كل ذلك من أفعال ملك الشياطين؟ مهما كان الدوق الراحل شقيق جلالة الإمبراطور، فإن أكثر من يعاني هو قائد الفرسان، فلماذا جلالته..…”
“فيليب.”
قاطع هاوارد كلمات فيليب بلطف.
“اخفض صوتك. حاول أن تهدأ قليلًا.”
“آه، أعتذر. لم أنتبه..…”
تفقد فيليب المكان من حوله بسرعة وسعل خفيفًا. فربّت هاوارد على كتف فيليب عدة مرات بخفة.
“أعلم أنكَ تقول هذا بدافع القلق علي، لكن لا تتحدث بهذه الأمور في أي مكانٍ آخر. قد تُسيء إلى نفسك دون داعٍ. فقط فكّر مثل الآخرين، أن جلالة الإمبراطور يكن محبةً شديدة لابن أخيه الوحيد.”
ضحك هاوارد بخفة وكأن الهواء قد تسرب من صدره.
لأنه شعر أن الكلمات التي خرجت من فمه كانت سخيفةً للغاية.
أن يحب الإمبراطور هاوارد تشيلستون؟
‘لو قال أحدهم أن الموتى يعودون إلى الحياة، لكان ذلك أكثر تصديقًا.’
وليس هذا فقط. السبب الحقيقي وراء كره الإمبراطور لهاورد لم يكن كما ظن فيليب،
لم يكن لأنه يحمّله مسؤولية إبادة عائلة الدوق، بل كان خلافًا أعمق بكثير. فالإمبراطور أصلًا كان…..
‘يبدو أنني تركت مكاني مدة طويلة جدًا.’
طرد هاوارد تلك الأفكار من رأسه. و أدرك أنه لا داعي لاسترجاع حقيقةٍ كان قد أدركها بالفعل قبل عشر سنوات.
كما أن اقتراب منتصف الليل لعب دورًا في ذلك. كان عليه أن يذهب، لأن ريكا كانت تنتظره.
“عليّ أن أعود الآن إلى شريكتي. سنكمل الحديث في المعبد غدًا.”
“آه، نعم. إذًا أراكَ غدًا.”
انحنى فيليب تحية، ثم استدار واختفى.
أما هاوارد فغادر المكان أيضًا متجهًا نحو الشرفة التي دخلتها ريكا. وعندما فتح باب الشرفة،
“…..أين ذهبت؟”
لم يكن هناك أحد. مع أنه كان قد أوصل ريكا إلى أمام هذه الشرفة بالتحديد.
بحث في شرفات أخرى تحسبًا لأي احتمال، لكن النتيجة كانت نفسها. لم يجد ريكا في أي مكان من قاعة الحفل.
وفي النهاية، لم يجد هاوارد خيارًا سوى البحث عن إحدى خادمات عائلة الدوق التي جاءت معه إلى الحفل.
“هل رأيتِ ريكا؟”
“الآنسة ريكا صعدت إلى الطابق الثاني مع الآنسة سيرديا من عائلة الكونت آفلز قبل قليل. وقد طلبت مني أن أخبركَ بأنها ذهبت للحديث معها إن سألتَ عنها يا سيدي.”
‘مع آنسة الكونت آفلز؟’
أمال هاوارد رأسه بدهشة لهذا اللقاء غير المتوقع. فلم يعرف ما الذي كان يحدث، لكنه قرر أنه سيكتشف الأمر بمجرد أن يصعد.
استلم من الخادمة الفستان والإكسسوارات والحذاء الذين جرى تجهيزهم مسبقًا، ثم صعد السلم.
شعر بنظرات الناس تتجه نحوه وهو يحمل الفستان بشكل مفاجئ، لكنه لم يهتم. ربما كانوا يظنون أنه يتصرف بغرابة من أجل محبوبته، وهذا بالضبط ما كان يريده هاوارد.
‘ليس من الصعب أن نبدو كعاشقين.’
فكر هاوارد بذلك أثناء وصوله إلى الطابق الثاني. وسرعان ما واجه موقفًا فوضويًا.
“أين أنتِ، آنسة إيفريت؟ اخرجي حالًا!”
كانت سيرديا تتجول في الطابق الثاني وهي تصرخ بصوت عالٍ. لكن بالمقابل، لم تكن ريكا موجودة.
رغم أن هذا كل ما رآه، فقد استطاع أن يخمن ما يحدث.
‘بما أن منتصف الليل اقترب، يبدو أنها فرت أثناء الحديث.’
بما أنها لم تكن موجودةً في قاعة الحفل، فلابد أن ريكا ما تزال في الطابق الثاني. لكن أين اختبأت؟
تأكد هاوارد أن سيرديا لم تلاحظ وجوده، ثم تحرك بسرعة.
أخذ يختبئ ويتفقد المكان بعينيه، حتى لمح غرفةً لم يكن بابها مغلقًا بالكامل. و شعر على الفور أن ريكا ربما تكون داخلها.
دخل هاوارد الغرفة وأغلق الباب خلفه مباشرة.
وبينما كان يغلق الباب ويدير جسده، رأى حافة فستان تبرز من بين فتحة خزانة الملابس.
لا شك أنه فستان ريكا.
“…..بفتت!”
كتم ضحكته عندما رأى ذلك المشهد.
يبدو أنها كانت مستعجلةً للغاية لدرجة أنها لم تستطع أن ترتب الأمور جيدًا، و بالكاد أغلقت باب الغرفة أصلًا، فما بالك بالخزانة.
‘لديها جانبٌ مُضحك من الارتباك حقًا.’
استعاد هاوارد ملامحه وهو يتذكر تعبير وجه ريكا حينما ضحك سابقًا على شعرها المنتفش بفعل الكهرباء الساكنة.
ثم اقترب من الخزانة.
“ريكا، أنا هاوارد.”
كرييييك-
بمجرد أن أنهى كلامه، فُتح باب الخزانة ببطء. وأطلت ريكا برأسها فقط من بين الباب، وهي تنظر حولها بقلق.
“أين الآنسة آفلز؟”
“تبحث عنكِ بعيون مشتعلة.”
أشار هاوارد بيده إلى خارج الغرفة، فتنهّدت ريكا تنهيدةً طويلة، ثم لاحظت الأشياء التي كان يحملها.
“لقد أحضرت لي الفستان، شكرًا جزيلًا حقًا. آه، صحيح، هناك شيء أود أن أتركه أمانةً لديكَ، هاوارد.”
مدّت ريكا يدها من بين فتحة الخزانة وسلمته شيئًا. كان سوارًا مزينًا بحجرٍ أزرق.
وقبل أن يتمكن من التقاطه—
دونغ—دونغ—دونغ—
دوّى صوت الجرس الكبير في الأرجاء.
_________________
لاااااا السوار
ولا عسا تبكي قدامه ويوجعه قلبه وتتذكر قصته🌝✨
المهم طلع الامبراطور زفت؟ وشكله هو الي دْبح اهل هاوارد؟ يع حسبته عم حبيب يوم ريكا تمدحه
وسيرديا الزفت ماقالت من الي عطاها السوار وجععععع
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 15"