“سنُقدّم تحديث القارة الجديدة، الذي أعددناه بمناسبة الذكرى الخامسة عشرة، في وقتٍ أبكر قليلًا. فالجميع كان ينتظره بفارغ الصبر، لذا سيُخفف ذلك من حدة التركيز على المشكلة، أليس كذلك؟”
“الآن؟ في هذا الوقت؟”
“نعم، على أي حال، باستثناء بعض الأجزاء، كنا قد أنهينا تقريبًا كل شيء ويمكننا الكشف عنه فورًا، ألا ترى أن هذا جيد؟”
أُغري المدير للحظة، لكنه هز رأسه.
“لا يمكن. إذًا ماذا سنفعل في الذكرى الخامسة عشرة؟”
لم يتبقَ على الذكرى الخامسة عشرة سوى بضعة أشهر. وإن قرروا طرح تحديث القارة الجديدة الآن لتلطيف مزاج اللاعبين الذين انزعجوا بسبب الخطأ، فسيكون عليهم التحضير لفعاليةٍ أخرى مختلفة لتلك المناسبة، والوقت لم يكن كافيًا لذلك.
بل في الحقيقة، لم يكن مجرد وقتٍ ضيق. بل نقصٌ خطير في الوقت.
لا، ينبغي القول أن تحضير شيء مناسب بات مستحيلًا.
ولأنها ليست مناسبةً عادية، بل الذكرى الخامسة عشرة، فمن الواضح أن التوقعات ستكون عالية. ولم يكن من الممكن خذلان اللاعبين بفعالية باهتة.
“مرفوض. هل لا توجد فكرةٌ أخرى؟”
“لحظة فقط. أنا لا أقترح الكشف عن كامل الفعالية، بل فقط عن بدايتها. شيءٌ بسيط……كنوع من الإعلان التشويقي! على أي حال، كنا نخطط لفعاليةٍ صغيرة مرتبطة بالقارة الجديدة قبل فعالية الذكرى نفسها، أليس كذلك؟”
“صحيح، كان هناك حدثٌ تمهيدي……”
فعالية تمهيدية تتعلق بالقارة الجديدة.
استعاد المدير ذكرياته ببطء.
‘تلك النقاشات التي كنا نتبادلها باستمرار بين أعضاء الفريق قبل أن تنفجر هذه الفوضى.’
كانوا قد اتفقوا على إخبار اللاعبين بأخبار القارة الجديدة، وإنشاء شخصية غير قابلة للعب جديدة تُرشدهم وتقدم لهم المعلومات.
‘أتذكر أننا قررنا أن نجعلها بمثابة “المرشد”.’
“إطلاق هذا الحدث الآن، صحيحٌ أنه مبكر قليلًا، لكنه ليس بالأمر الغريب.”
قال المدير ذلك وهو ينهض ببطء من مكانه.
لم تكن فكرةً سيئة. باستثناء نقطةٍ واحدة فقط.
“إذًا تقترح أن نُدخل الشخصية الجديدة الآن؟”
“على الأرجح، لا بد من ذلك، أليس كذلك؟”
“أنت َتدرك أننا لم نحضّر شخصية المرشد بعد، أليس كذلك؟ صحيحٌ أننا كتبنا جزءًا من السيناريو، لكن لا توجد لا رسوماتٌ ولا نمذجة بعد. في الواقع، لم نبدأ حتى في تصميم الشخصية، وهذه هي المشكلة الحقيقية.”
“بالنسبة لتصميم الشخصية، يمكننا طلبه فورًا. على أي حال، الرسام تعافى من مرضه إلى حد كبير، وقال أنه سيعود إلى العمل بعد أسبوع، أليس كذلك؟”
“لكن لو كنا سنبدأ الحدث، فيجب أن نبدأه الآن. وإن بدأنا تصميم الشخصية بعد أسبوع، سيكون الوقت متأخرًا للغاية. ولا نعلم حتى متى سينتهي التصميم.”
“إذًا، ما رأيكَ أن تقوم أنت بتصميمها، يا سيدي المدير؟”
قال ذلك أحد المطورين الآخرين الذي كان يستمع للنقاش. واتسعت عينا المدير بدهشة.
“أنا؟”
“نعم. لماذا تبدو مندهشًا هكذا؟ الأمر ليس بجديد.”
“صحيح، ألم يُعتمد تصميم إحدى الشخصيات التي صممتها من قبل كتصميمٍ نهائي لشخصيةٍ غير قابلة للعب؟ تتذكر، أليس كذلك؟ ‘بروتورو’. صحيحٌ أنه ليس بشهرة هاوارد، لكن بروتورو أيضًا يتمتع بشعبية لا يُستهان بها. ربما لأننا لمّحنا باستمرار إلى كونه ملك الشياطين، مما جذب الانتباه نحوه.”
“هممم……هل يجوز فعلًا أن نفعل ذلك؟”
“بالطبع! بهذه الطريقة نوفر الوقت أيضًا. دعنا نكسب بعض الوقت الآن، وفي هذه الأثناء نبحث عن حل مناسب.”
بدأ المدير يُفكر، و يحك رأسه بتردد.
وبينما كان يُراقبه المطورون الآخرون، تبادلوا النظرات فيما بينهم، ثم بدأوا يتكلمون واحدًا تلو الآخر لتثبيت الفكرة التي طُرحت قبل قليل.
لأن المدير لم يكن يريد أن يبدو وكأن فريقه غير كفء، فلم يكن هناك اقتراحٌ أفضل على أي حال.
“مديرنا، ألم يكن لديك أي تصميمات شخصيةٍ أخرى في بالكَ؟ شيءٌ غير بروتورو مثلًا؟”
“……شخصيةٌ أخرى؟”
رفع المدير رأسه بعد تردد. ومرت في ذهنه ذكرى من قبل عدة أيام.
حين كان يحاول مقارنة شخصية أنثوية ذات شعر فضي طويل داخل لوحة فنية بشخصيته الثانوية.
“اسمها كان ريكا……أظن ذلك.”
وقف المدير بعد أن ظل صامتًا للحظة. ثم شغّل الحاسوب وفتح موقع <عالم الفانتازيا>. وبدأ تسجيل الدخول إلى حساب “ريكا”.
لكن ظهرت أمامه نافذةٌ تقول أن الحساب غير موجود.
كان قد جرّب ذلك على أمل ضئيل، لكنه كما توقّع.
‘ليس لديّ أي شخصيةٍ بديلة غير هذه، إذًا لا تصلح.’
من الأفضل أن يتخلى عن الفكرة. ففي النهاية، نجاح تصميم بروتورو كان مجرد ضربة حظ، ومن غير المعقول أن يوكل تصميم شخصية لشخص لا يملك خلفية تخصصية.
كان من الأفضل الانتظار حتى عودة الرسام وتكليفه بالتصميم، أو حتى إلغاء هذه الخطة من الأساس.
غرق المدير مجددًا في التفكير، يعض شفته بينما يغلق النوافذ المفتوحة واحدة تلو الأخرى. وحين أغلقها جميعًا، مد يده لإطفاء الحاسوب.
وفي تلك اللحظة. و دون سبب واضح، التفت برأسه فجأة. فوقع بصره على شاشة الحاسوب المجاور التي كانت لا تزال تعمل.
وكانت تعرض مشهدًا مألوفًا من داخل <عالم الفانتازيا>، تحديدًا مكتبة دوقية تشيلستون.
فنظر المدير إلى هاوارد، الذي كان جالسًا بصمت على الأريكة كعادته. ثم توجهت عيناه إلى اللوحة التي كان هاوارد يحدق فيها، ثم إلى تعبيرات وجهه.
كانت عيناه الحمراوان، المليئتان بمشاعر مختلطة، تمسك بالمدير بقوة.
وبينما كان يحدق في الشاشة وكأنه مسحور، عاد إليه وعيه فجأة وتنهد.
“هاه……”
بعثر المدير شعره بعنف بأصابعه.
ثم أوقف يده التي كانت متوجهةً لإطفاء الحاسوب، وبدأ بالبحث داخل المجلدات الموجودة على سطح المكتب.
ظهرت أمامه مجموعةٌ من الملفات مرتبة حسب التسلسل الزمني. فبدأ ينزل بالتمرير نحو الأسفل، إلى الملفات القديمة جدًا.
‘أعتقد أنني التقطت لقطة شاشةٍ عندما دخلت إلى <عالم الفانتازيا> بحساب ريكا في الماضي……’
إلى أين سينتهي هذا التمرير؟
‘وفي وسط هذا الانشغال، أنا أبحث عن ملفٍ عمره أكثر من عشر سنوات. لماذا أُقحم نفسي في شيء مرهق كهذا؟’
تنهد المدير مرارًا.
‘وكل هذا بسبب هاوارد تشيلستون.’
تلك الشخصية التي أصيبت بعطل وظلت تحدّق في تلك اللوحة وكأن العالم ينهار، وكأن اللوحة هي مفتاح حل كل هذه المشاكل.
ذلك المشهد بقي عالقًا في ذهن المدير بطريقةٍ غريبة.
“ماذا تفعل فجأةً يا مدير؟”
“اصبر للحظة فقط.”
ثم توقفت يده التي كانت تمرر لوقت طويل. فقد وجد الملف الذي كان يبحث عنه.
كان الأمر مجرد عثور على ملف، لكنه شعر وكأنه حقق معجزةً عظيمة، و غمر إحساسٌ غريب جسده بالكامل.
بدأ المدير يقارن بين لقطة الشاشة لحساب “ريكا” وبين صورة المرأة في اللوحة، ثم تكلم أخيرًا وكأنه قد حسم أمره.
“ما رأيكم……أن نجرب هذا الحل؟”
***
“وداعًا، يا دوق!”
بعد شهر، خرج هاوارد من القصر الإمبراطوري، يتلقى تحية الحراس الملكيين المتمركزين عند البوابة الرئيسية.
كانت هذه أول مرةٍ يخرج فيها منذ ثلاث سنوات كاملة.
دوق تشيلستون، أو بالأحرى هاوارد الذي لم يكن يخرج حتى من مكتبة قصر الدوق، وصل إلى القصر الإمبراطوري بسبب رسالةٍ واحدة فقط.
رسالةٌ من والدة فريدريك، التي أصبحت الآن الإمبراطورة الأرملة.
وباختصار، كانت تلك الرسالة الطويلة تقول،
<الشائعات حول الدوق ازدادت لدرجة أنها وصلت إلى القصر، وفريدريك قلقٌ للغاية، لذا نرجو منكَ أن تأتي وتُظهر وجهك مرةً واحدة فقط.>
ولسببٍ ما، كان هاوارد على علم عبر ليون بأن الشائعات التي تدور حوله أصبحت أكثر تطرفًا من قبل.
وكان يعلم أيضًا أن فريدريك، الذي كان دائمًا يهتم به كثيرًا، قد أصبح في حالة قلق مستمر منذ ثلاث سنوات.
لذلك، وافق في النهاية.
و خلال وقت شاي لم يكن طويلًا ولا قصيرًا، قبِل طلبًا مفاجئًا من فريدريك الذي بدا أنه قد نضج كثيرًا.
“دوق، لست متأكدًا إن كنت تعلم، لكن قبل فترة التقيتُ بأناس من أرض جديدة. وبعد أن تحدثنا، شعرت بأن بإمكاننا أن نكون أصدقاء جيدين……ولهذا قررنا أن نُرسل ممثلين من كلا الجانبين ليتبادلوا الزيارات لبعض الوقت. و الناس الذين أرسلهم الطرف الآخر سيصلون إلى الميناء بعد ظهر اليوم. الأشخاص الذين سيستقبلونهم من طرف الإمبراطورية قد تم تحديدهم بالفعل، لكن……هل يمكنكَ أن تأتي معهم أيضًا لاستقبالهم؟”
___________________
ريكااااااا؟
اخيراً المدير ذاه جاب فايده
وفريدريك بعد جاب فايده طلع هاوارد والحين بيخليه يشوف ريكا؟😭
طيب شسمه لايكون ماتتذكره؟🥲
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 139"