“كييييااااا!”
“مـ……ماذا يحدث بحق!”
“وحش! إنه وحش! هناك وحشٌ بالقرب من هنا!”
“إذًا، هل كان صحيحًا حقًا أن بروتور إيتينتيا هو ملك الشياطين……؟”
انطلقت الصرخات من كل جانب. و ارتجف الناس جميعًا من شدة الخوف.
ورغم كثرة الشكوك، فقد كانت جنازة الإمبراطور في النهاية، وبسبب كثرة المعزين، تحولت القاعة إلى ساحة فوضى عارمة.
كان أحد الرجال القريبين من مدخل القاعة قد أسرع إلى المقبض وفتح الباب بسرعة. لكن هذا التصرف كان عديم الجدوى. فما إن فتح الباب حتى التقت عيناه بعين وحش لم يكن بعيدًا جدًا.
وانطلقت الصرخات مجددًا من كل مكان. بينما ظل الرجل الذي فتح الباب واقفًا في مكانه متيبسًا. ثم فقدت ساقاه قوتهما وسقط جالسًا هناك.
في هذه الأثناء ازداد عدد الوحوش، واقتربت المسافة أكثر. و كان فيليب هو من ركض على عجل وأعاد إغلاق الباب. ثم ساعد الرجل على النهوض وهو يصرخ.
“لا يجب أن تبقوا هنا! أخلوا القاعة إلى الداخل حسب توجيهات الفرسان المقدسين! يوجد مدخلٌ لممر تحت الأرض في الغرفة اليمنى!”
أشار فيليب بيده إلى الفرسان المقدسين القريبين. عندها، بدأ بعض الفرسان المقدسين الذين تحركوا بسرعة يلوحون بأيديهم ويقودون الناس نحو الممر تحت الأرض.
اندفع الناس الذين غلبت عليهم غريزة البقاء دون تردد. و حتى الرجل الذي كان فيليب يسنده استعاد وعيه وراح يركض تقريبًا.
ولم تمضِ فترةٌ طويلة حتى تمكن عدد كبير من الأشخاص، بمن فيهم الإمبراطورة وفريدريك، من مغادرة القاعة.
و عندما باتت أصوات الوحوش تُسمع من مسافة قريبة جدًا، لم يبقَ في القاعة إلا عدد يمكن إحصاؤه بنظرةٍ واحدة.
كوااااانغ-
كوااااانغ-
كوااااانغ-
وسرعان ما بدا أن الوحوش بدأت تهاجم القاعة بعنف، وراح المبنى كله يهتز بعنف. و لم تصمد النوافذ الزجاجية طويلًا، فتهشمت وتناثرت شظاياها على الأرض.
وفي تلك الأثناء، كان هاوارد وبروتور لا يزالان في وضع المواجهة.
تقدم فيليب إلى جانب هاوارد بعد أن تأكد أن عدد من تبقى في القاعة لا يتجاوز بضع عشرات.
“سيدي القائد، أكثر من نصف الحضور تم إخلاؤهم.”
ألقت ريكا نظرةً على فيليب للحظة، ثم حولت رأسها مجددًا لتنظر إلى بروتور الذي كان نصفه محجوبًا خلف هاوارد.
وأخيرًا، عندما تهدمت إحدى جوانب القاعة وظهرت الوحوش بالكامل أمام أنظار الفرسان المقدسين في تلك اللحظة-
ششششخ-
مع صوت شق الرياح، تحرك بروتور إلى الوراء أولًا. و كانت سرعته شديدةً بحيث يصعب حتى التقاطها بالعين.
وخلف حركته، تماوجت طاقةٌ حمراء داكنة. طاقة كثيفة لدرجة تقطع الأنفاس، ومعادية تمامًا للطاقة المقدسة، حتى أن الفرسان لم يتمكنوا من الصمود أكثر فتراجعوا قليلًا إلى الخلف.
وحين استعاد الفرسان وعيهم، كانت مساحةٌ واسعة قد فُرغت حول بروتور رغم أنهم كانوا قد طوقوه بإحكام.
كان هاوارد وفيليب و ريكا وحدهم من ظلوا في أماكنهم الأصلية دون أن يتحركوا.
وفي اللحظة التي كاد فيها الفرسان المقدسون أن يشعروا بالدهشة من ثبات ريكا، أطلق بروتور هالةً أقوى من تلك التي سبقت.
فامتلأ الجو المحيط بلون الدم القاني. حتى هاوارد فتح طاقته المقدسة إلى أقصى حد كي يوازن هذه الهالة ويحمي الأشخاص الذين يواصلون الإخلاء.
استل كلٌ من هاوارد وبروتور سيوفهما في الوقت ذاته، وتصادمَت قواهما العنيفة مُحدثة صوتًا كالهدير أو الرعد.
وكأن ذلك كان إشارة البدء، إذ اندفعت الوحوش الهائجة إلى داخل القاعة جماعات جماعات. فتحرك الفرسان المقدسون بسرعة للتصدي لها.
“لا تسمحوا لأي وحشٍ بالفرار!”
“يجب ألا تصل الوحوش إلى الممر السفلي! علينا الصمود مهما كلف الأمر حتى يخرج الجميع بسلام!”
صرخ الفرسان وهم يشحنون سيوفهم بالقوة المقدسة ويهوون بها على الوحوش. بينما امتزجت صرخات الوحوش المذبوحة مع أصوات أجسادها الضخمة وهي ترتطم بالأرض بقوة.
اختفى عددٌ كبير من الوحوش في لمح البصر. فقد تحرك الفرسان بكفاءة وسرعة مذهلة. بمهاراتٍ مصقولة عبر معارك لا حصر لها دون أي تضييع للحركة.
لكن المشكلة كانت في العدد الهائل للوحوش. فمهما واصل الفرسان ضربهم المتتابع، كانت وحوشٌ جديدة تواصل التسلل إلى القاعة.
ثم أخرى……ثم أخرى……
“هاه……هااه.…”
بدأ الإرهاق يتسلل تدريجيًا إلى أجساد الفرسان المقدسين.
و بعد أن عجز الفرسان عن التصدي لكمية الوحوش المتدفقة، فبدأت بعض الوحوش تتسلل هاربة. واتجهت جميع تلك الوحوش نحو مدخل الممر السفلي بأمر من بروتور.
كوااااانغ-
كوااااانغ-
كان الصوت يدل على محاولة الوحوش تحطيم مدخل الممر. فصرخ الأشخاص الذين لا يزالون في تلك الجهة في رعب.
كانت القاعة قد تدمرت بأكثر من نصفها، ولم يعد من السهل تذكّر شكلها الأصلي.
“آآااه! أنقذونا!”
وبدا أن مدخل الممر السفلي قد قارب على الانهيار، إذ علت الصرخات الآن بشكل لم يُقارن بما قبل.
كان هاوارد، الذي لم يُحصِ عدد المرات التي تصادم فيها سيفه مع بروتور، قد رأى ذلك المشهد فوسّع نطاق طاقته المقدسة أكثر.
فانتشرت هالة ذهبية في الأرجاء، لكن وجهه شحب في الحال. وراحت أطراف جسده ترتجف بشكل ملحوظ.
و كانت ريكا واقفةً خلف هاوارد تتابع هذا المشهد المأساوي كله. ثم رنّ صوت تنبيه مألوف في أذنها.
دينغ-!
<الطاقة المقدسة لـ [هاوارد تشيلستون] في حالة هياج!
[هاوارد تشيلستون] يعاني من استخدامٍ مفرط للطاقة المقدسة!
أعراضٌ جسدية غير طبيعية تظهر!>
دينغ!
<خارج نطاق السيطرة!
خارج نطاق السيطرة!>
‘……الرسائل في النظام قد تغيّرت.’
كان هناك الكثير من الفروقات عن حالات الهياج السابقة للطاقة المقدسة.
ظهور أعراضٍ جسدية غير طبيعية؟
خارج نطاق السيطرة؟
‘لم أرَ مثل هذه التحذيرات من قبل أبدًا.’
ارتجفت يداها بشدةٍ تحت وطأة التوتر والقلق المتزايد. وتصبب العرق البارد على ظهرها. ثم نظرت ريكا إلى هاوارد بعينين يملؤهما القلق.
وفي تلك اللحظة تمامًا، ترنح جسده قليلًا.
“كحح!”
ثم تقيأ هاوارد سعالًا خشنًا. وبين شفتيه المطبقتين بقوة تسرب خيطٌ واضح من الدم القاني.
فارتجف قلب ريكا الذي كان يخفق أصلًا بقوة حتى شعرت أنه سينفجر.
‘لا، لا يمكن.’
كان هاوارد يدفع نفسه إلى أقصى حد.
بينما كان بروتور يستدعي المزيد من الوحوش ويتحرك بحريةٍ نسبية، كان على هاوارد أن يحمي أشياء كثيرة.
بدءًا من الأشخاص الذين لم يُخلوا بعد……وصولًا إلى نفسها.
إن استمر الأمر هكذا، سيقع في مصابٍ جلل حقًا. و هاوارد لن يتوقف حتى حينما يعجز جسده عن الحركة.
‘لن يتوقف أبدًا.’
وإن حدث ذلك……
‘قد……يموت.’
مرت هذه الجملة المروعة في رأسها لمجرد التفكير بها.
فشعرت بالغثيان وكادت تتقيأ، ثم سدّت ريكا فمها بسرعة بكلتا يديها. وانهمرت دموعها بغزارة.
كيف آل الأمر إلى هذا الحال؟
كادت تفضّل أن تفقد وعيها وتنسحب من هذا كله.
ماذا لو هربت مع هاوارد من هنا؟ ألا يمكن أن تحل الأمور بطريقةٍ ما؟
ربما حينها……ستتمكن على الأقل من قضاء الأشهر القليلة المتبقية من عمر النوكس في سعادة.
راودتها هذه الأفكار الضعيفة في ذهنها. لكن سرعان ما استعادت رباطة جأشها كما لو أن شيئًا لم يكن.
‘لا……ركّزي. هذا ليس وقت التفكير بهذه الطريقة. لو هربت، ماذا سيحدث؟ ماذا عن الآخرين؟ ماذا عن الناس هنا؟’
لكن……هل يمكن اعتبار هذا هو الأهم؟
لم تكن تعرف. لكنها كانت قد أدركت ببساطة شيئًا واحدًا. أنه قد حان وقت اتخاذ القرار حقًا.
وضعت ريكا يديها المرتجفتين في جيبها وأخرجت شيئًا.
و كان في يدها زجاجةً صغيرة. زجاجةً بيضاء تتراقص فيها سوائل سوداء.
نقلت ريكا نظراتها من الزجاجة إلى هاوارد وبروتور اللذين كانا لا يزالان يتصارعان بعنف. ثم لمعت عيناها الزرقاوان بعزم قوي.
‘لا مجال للتردد بعد الآن. يجب أن أفعلها.’
ألم تكن قد أقسمت سابقًا؟ بأنها إن كان الأمر لأجل هاوارد، فستفعل أي شيء.
___________________
وش الأي شي ذاه؟ استووووووب
طيب ريكا مب مفروش تعالج هاوارد بقوتها؟ بعدين مب مفروض تبعد اكثر؟ لأنها كل ما بعدت بروتور صار اضعف
المؤلفه نست وهي تكتب ذا الفصل انا متأكده😭
Dana
التعليقات لهذا الفصل " 131"