بعد ثلاثة أيام، توجّهتُ إلى المعبد برفقة هاوارد في وقتٍ متأخر من بعد الظهر للتحقيق في حادثة الاختطاف.
كان ذلك بعد أن توصّلنا إلى نوعٍ من التسوية بين حاجتي للراحة ورغبتي في تجنّب أن يتعرض هاوارد لأي عقوبة.
و خلال الأيام الثلاثة، نادرًا ما خرج هاوارد من الغرفة، بل بقي ملازمًا لي طوال الوقت.
آه، وفي تلك الأثناء عرّفني على رجله المقرّب ليون، والذي قال أنه سيتولى حمايتي من الخلف دون أن يلفت الانتباه.
لا أعلم ما الذي قاله هاوارد في المعبد كعذرٍ لغيابه. و كل ما عرفته هو أن التحقيق الرسمي حول بروتور إيتينتيا قد بدأ منذ اليوم الذي عدتُ فيه.
في الحقيقة، لم أنكر على نفسي التفكير بأن من الأفضل إرسال هاوارد وحده إلى المعبد لتخفيف معاناته. لكنني لم أذكر ذلك بصوتٍ عالٍ. لأن مرافقة هاوارد لي كانت وعدًا غير معلن.
منذ اللحظة التي علمتُ فيها أن وقتي المتبقي قليل. ومنذ أن أعلن هاوارد أنه لن يتركني وحدي.
“آه، لقد وصلتما! القائد، و الآنسة إيفريت.”
بمجرد أن دخلنا المعبد، استقبلنا فيليب بترحيبٍ حار. ثم اصطحبنا مباشرةً إلى مكان الانتظار. ويبدو أن علينا الانتظار قليلًا قبل بدء التحقيق.
جلس فيليب أمامي وأمام هاوارد، وعلى الطاولة بيننا.
كان يبدو أنه قد مر بالكثير في الفترة الأخيرة، فقد أصبح وجهه شاحبًا ونحيفًا بشكل ملحوظ. وإن لم يكن أسوأ حالًا منا نحن الاثنين.
بعد أن حييت فيليب وتبادلنا بضع كلماتٍ عن حالته الصحية، أخذت أتلفّت حولي. و كان من الواضح أن الفرسان المقدّسين وحتى الكهنة كانوا يتحرّكون في المكان بانشغال شديد.
“يبدو أن الجميع مشغولون للغاية، هل أنتم بخير؟”
“لا أستطيع أن أقول أننا بخير لمجرد المجاملة، هاهاها. كما تعلمين، يا آنسة، لدينا جبلٌ من الأمور التي يجب التحقيق فيها. نحن نتحرك الآن على أساس الاحتمال الكبير بأن يكون الكونت إيتينتيا بالفعل هو ‘ملك الشياطين’، كما افترضنا سابقًا. و لا بد أيضًا من تعقّب أثر بروتور إيتينتيا، بالإضافة إلى استدعاء كل أفراد الفصيل الموالي للإمبراطور والتحقيق معهم واحدًا تلو الآخر……”
“الفصيل الموالي للإمبراطور؟”
“آه، في الواقع……”
عندما سألت، ألقى فيليب نظرةً سريعة نحو هاوارد وكأنه يستأذنه بالكلام. فعندما أشار له هاوارد بيده إشارةً خفيفة كعلامة سماح، انخفض صوت فيليب قليلًا وبدأ بالشرح.
“لو كان بروتور إيتينتيا هو بالفعل ملك الشياطين، فمن المحتمل جدًا أن الأشخاص الذين كان يلتقيهم بشكلٍ متكرر هم من الهراطقة. وبما أن أغلب من تعامل معهم كانوا من الفصيل الموالي للإمبراطور، فإننا نركّز على هذا الفصيل الآن. لقد بدأنا منذ يومين باستدعاء العائلات المنتمية إليه حسب ترتيبً محدد للتحقيق معهم.”
“آه……”
نعم، هذا منطقي. فمع شخصية بروتور، من غير المعقول أن يقابل الناس دون سبب.
و لطالما تجنّب القيام بأي أمر لا يعود عليه بالفائدة……باستثناء ما كان يتعلق بي.
‘كنت منشغلةً جدًا طوال الفترة الماضية فلم أنتبه لهذه النقطة.’
بما أن بروتور ينتمي إلى الفصيل الموالي للإمبراطور، فمن الطبيعي أن تكون هناك احتماليةٌ عالية لوجود هرطقة ضمن صفوف هذا الفصيل.
و بوجود مثل هذا الغطاء يجعل تكرار اللقاءات بين أعضائه أمرًا لا يثير الشك……
……انتظري لحظة.
‘سياجٌ يُدعى الفصيل الموالي للإمبراطور؟ إن كان الأمر كذلك……’
اتسعت عيناي فجأةً وأنا ألتفت لأنظر إلى هاوارد. ويبدو أنه أدرك ما فكرتُ فيه، فهزّ رأسه موافقًا، وأمسك بيدي بلطفٍ وربّت عليها.
“ما تفكرين فيه صحيح. فرسان الهيكل والمعبد……يعتقدون أن جلالة الإمبراطور، أي ماركوس دو لوكولين، هو أيضًا من الهراطقة. فمكان العثور عليكِ كان داخل القصر الإمبراطوري، وهو سببٌ كافٍ للشك به.”
“لـ……لكن، أليس من الخطير قول مثل هذا الكلام صراحةً داخل المعبد؟ ماذا عن رأي كبير الكهنة؟……”
“كبير الكهنة يشاركنا الرأي، وقد صدر الإذن بالتحدث بهذا الشأن داخل حدود المعبد. لذا لا داعي للقلق.”
أجاب فيليب بدلًا من هاوارد، بعد أن كان يراقب الموقف.
“رغم أن كبير الكهنة التزم بأوامر جلالة الإمبراطور حتى الآن بموجب القواعد المتّبعة، إلا أنه لن يتغاضى عن الباطل، لا سيّما فيما يخصّ قضايا الهرطقة.”
“هكذا إذاً……”
“جلالة الإمبراطور أيضًا سيخضع للتحقيق في المعبد مثل بقية عائلات الفصيل الموالي للإمبراطور. و بالطبع، لا يمكننا الاقتراب منه علنًا دون دليلٍ قاطع، لذلك سيُعامل حتى الآن فقط كشاهد في قضية اختطاف الآنسة إيفريت. فمهما أنكر جلالته تهمة الهرطقة، فلا بد أن يقدّم تفسيرًا حول كيف تم العثور على بروتور إيتينتيا، الذي اختطفكِ، في سرداب القصر الإمبراطوري.”
هززت رأسي موافقةً بصمت. فقد كان كلام فيليب صحيحًا.
غرفةٌ سرية تحت القصر الإمبراطوري، وكأنها أُعدّت خصيصًا لعملية الاختطاف. و بروتور، الذي كان يتنقّل بحرية داخل ذلك المكان.
كل ذلك، حتى وإن كان بروتور هو ملك الشياطين، لم يكن ليحدث لولا أن ماركوس، صاحب القصر، منحه الإذن.
‘ماركوس……من الهراطقة؟’
منذ متى؟
منذ متى بدأ الإمبراطور، الذي يحمل على عاتقه مهمة حماية شعب الإمبراطورية من ملك الشياطين والهراطقة والوحوش، يخطو في هذا الطريق المظلم؟
بل، ومنذ متى بدأ التواصل مع بروتور؟ يبدو أن العلاقة بينهما سبقت حتى حصول بروتور على لقب النبالة.
‘فبروتور لم يكن أصلًا الكونت الحقيقي لعائلة إيتينتيا.’
بل حصل على هذا اللقب فقط ليسهل عليه التحرك داخل الإمبراطورية، وحتى لا يبدو لقاؤه بماركوس أمرًا مريبًا.
وهاوارد بدوره لطالما عبّر عن شكوكه حيال ظهور بروتور المفاجئ، وهذا ما يؤكد صحة الأمر.
إذًا، ما السبب؟ ما الذي جعل ماركوس يتحوّل إلى هرطقي؟
لقد بدا منذ البداية ضعيف الإرادة أمام بروتور، و كأن شيئًا يرهبه فيه……
لا بد أنه كان يعرف حقيقته منذ زمن بعيد. لا أستطيع حتى أن أتخيل أنه كان يجهل ذلك.
‘ما الذي حدث بالضبط……؟’
وفي خضم هذه الأفكار، عادت إلى ذهني ذكرى قديمة.
عندما التقيتُ ماركوس لأول مرةٍ في هذا العالم، أي في ذلك الوقت الذي دُعيت فيه مع هاوارد إلى حفلة الشاي في القصر الإمبراطوري.
“في ذلك الحين، دوق تشيلستون السابق، أي شقيقي الأكبر، كان يُعرف بأنه عبقري لا يُولد مثله إلا مرةً كل مئة عام، وكان قائدًا بارزًا لفرسان الهيكل، لكن حتى قوته لم تكن كافية. ففي ذلك اليوم، من اقتحم قصر الدوق كان ملك الشياطين نفسه.”
هذا ما قاله ماركوس دو لوكولين في ذلك الحين، بوجهٍ مشرق وصوت مفعم بالحيوية، بطريقةٍ لم يكن ليتحدث بها أي شخص عن موت أحد أفراد عائلته.
عندما استعدتُ ذلك الموقف الغريب، تذكّرت في اللحظة ذاتها المعلومات التي رأيتها في ذاكرة المدير عن إعداد شخصية ماركوس داخل <عالم الفانتازيا>.
الرجل الذي أصبح إمبراطورًا فقط لأنه الابن الوحيد للإمبراطورة، متغلّبًا بذلك على أخيه غير الشقيق، الذي كان أمل الشعب وتطلّعه في تلك الفترة.
لو أن أخيه، الدوق تشيلستون السابق، الذي كان يشغل منصب قائد فرسان الهيكل، أبدى ولو القليل من الاهتمام بالعرش، لكان ماركوس قد خُلع من منصب ولي العهد منذ زمن بعيد.
رجلٌ عاش حياةً متأرجحة وغير مستقرة.
وعندما أتذكّر أن بروتور، المقرب من ماركوس، هو نفسه من قتل الدوق تشيلستون السابق، والد هاوارد، فلابد أن العلاقة بينهما……
‘من المنطقي أن تكون علاقة ماركوس وبروتور قد بدأت منذ لحظة تكليفه باغتيال الدوق تشيلستون السابق.’
لا أعرف على وجه التحديد كيف التقيا لأول مرة. لكن ذلك لم يعد مهمًا كثيرًا الآن.
فالنقطة الأهم أن بروتور كان سيحصل على شيء من ماركوس مقابل ذلك، وبسبب تلك الصفقة، كنتُ على وشك أن أتحرر من الحياة المحبوسة في الجبال وأحصل على حريتي.
‘لو أنني لم أذهب في ذلك اليوم لإنقاذ هاوارد، لربما تحقق ذلك حقًا.’
ففي بلدٍ يكون فيه الإمبراطور نفسه من الهراطقة، من الطبيعي أن يتحرّك الهراطقة بحرية تامة. ولو لم أذهب إلى قصر الدوق تشيلستون، لكان هاوارد قد……
حين وصلت أفكاري إلى تلك النقطة، أغمضت عيني بإحكام.
لقد كان الأمر مروّعًا لدرجة لا أريد حتى تصوّره.
عندما شددت قبضتي على يد هاوارد، التي لا تزال تمسك بيدي، نظر إليّ بقلق وضمّ يدي بين يديه. و حتى ذلك وحده كان كافيًا ليبعث الطمأنينة في قلبي.
نعم، لولا ما حدث بعدها، لكان كل شيء قد وقع بالفعل.
لو لم يقترب منا أحد الكهنة فجأة، ويتحدث بصوت متوتر وملهوف،
“رسـ……رسالة! رسالة جديدة وصلت من المعبد المركزي للتو!”
____________________
مافهمت الا ان بروتور كان يبي الامبراطورية كلها هراطقة؟ مجنون
المهم مافيه ادله اكثر من كذا وش تبون بعد عشان تمسكون الامبراطور🙂
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 123"