كانت العلامة على كتف ريكا الأيسر، أي فوق القلب مباشرة.
‘هذا غير معقول……’
خفق قلب أوديا بقلقٍ وتوتر.
ولم يكن ذلك مستغربًا، فموضع العلامة لدى الهراطقة كان مقياسًا يدل على مكانة الشخص بينهم. وكان من المعروف أنه كلما اقتربت العلامة من القلب، كان صاحبها أقرب إلى ملك الشياطين.
ووجود العلامة في هذا الموضع الآن يعني……
‘إنها إنسانٌ مقرب من ملك الشياطين، لا يختلف عن الشيطان الثاني في المقام.’
تشوشت رؤيتها من فرط الانفعال. فأغمضت أوديا عينيها بسرعة عدة مرات وفتحتها من جديد.
ثم نظرت مرة أخرى نحو كتف ريكا. فاتسعت عيناها من هول ما رأت.
‘……ليست هناك.’
ليست هناك.
لقد اختفت.
لسبب ما، اختفى وشم الفراشة السوداء دون أثر. وكأن ما رأته قبل لحظات لم يكن سوى حلم.
ظلت أوديا تحدّق بشرود في بشرت ريكا البيضاء.
هل يعقل أنها رأت وهمًا بسبب إلقائها في معركة جديدة فور عودتها من مهمتها؟
لا، هذا مستحيل. فقد أمضت سنواتٍ كفارسة في قصر الدوق، ومن غير المعقول أن تتخيل شيئًا بهذا السخف بسبب التعب فحسب.
‘من المستحيل أن يكون الأمر كذلك.’
حدّقت أوديا في كتف ريكا ثانيةً. لكن مهما حدّقت، لم تظهر العلامة السوداء التي رأتها قبل قليل على بشرتها من جديد.
و بقلبٍ مشوش، قلبت أوديا جسد ريكا. ولم تستطع إخفاء دهشتها المتزايدة.
‘لا توجد أي إصابة!’
كان صدر ريكا ناعمًا وخاليًا من أي جرح. وتفقدت ظهرها مجددًا للتأكد، فوجدت الأمر نفسه. رغم أن ملابسها مغطاةً بالكثير من الدم.
وبحسب كلام هاوارد، فإن آثار التمزق الناتجة عن المخالب كانت واضحةً عليها. لكن ما تراه الآن لا يمكن تفسيره بكونه مجرد أمر غريب.
لا شك أن هناك سرًا خفيًا تخبئه هذه الفتاة.
“أرجوكِ……أنقذيها……”
ثم انقطعت كلمات هاوارد على وقع توسله اليائس وانهار. فتركت أوديا جسد ريكا بسرعة والتفتت نحو هاوارد بفزع.
وضعت إصبعها على طرف أنفه، ولحسن الحظ، شعرت بتنفسٍ خافت.
و لم يكن هناك خلل في القوة المقدسة التي كانت تحيط بجسده، ولم تظهر عليه جراحٌ خارجية أيضًا، ويبدو أنه فقط فقد وعيه.
‘هذا أفضل من لا شيء.’
تنفّست أوديا الصعداء براحة. لكن ذلك الشعور لم يدم طويلًا.
“أوديا!”
دخل أحد الفرسان الذين خرجوا للبحث عن الدوق تشيلستون وزوجته مسرعًا وهو يلهث. و كان وجهه شاحبًا كالأموات، وشفاهه تتحرك دون أن يخرج منها أي صوت، تُفتح وتغلق مرارًا.
رغم أنه لم ينطق بكلمة بعد، شعرت أوديا وكأنها تعرف ما رآه.
لكن لم تكن تريد أن تعرف. و لم تكن تريد أن تسمع.
“الدوق……توفي. يبدو أن ملك الشياطين هو من قتله. والدوقة أيضًا……”
توقف الفارس عن كتمان حزنه، وتفجّر منه الواقع المؤلم كأنّه أنينٌ مكسور.
و في تلك اللحظة، أدركت أوديا لأول مرة ما يعنيه “الحزن المحموم”.
لم يكن مثل ما شعرت به في طفولتها حين سلبت الوحوش منها كل شيء. كان الأمر مختلفًا……وكأن نيرانًا تتصاعد من أعماق صدرها.
نيرانٌ ضخمة……لا يبدو أنها ستنطفئ يومًا.
تحوّلت نظرات أوديا مجددًا نحو ريكا. و تحديدًا إلى الموضع الذي رأت فيه العلامة.
عيناها التي كانت شبه ميتة منذ لحظات، اشتعلت فجأةً ببريق حاد.
“……أرجوكَ، اعتني بسيدي الشاب.”
نهضت أوديا ببطء. وهي تحتضن ريكا المغمى عليها بين ذراعيها.
“سأذهب لأتفقد حال هذه الفتاة.”
خرجت من الغرفة بخطواتٍ متوترة قبل أن يتمكن الفارس من إيقافها.
نظرت أوديا إلى ريكا بين ذراعيها، وأفكارها تدور.
ستعرف من تكون هذه الفتاة، وماذا تخفي، وما علاقتها بملك الشياطين. وستكتشف ذلك بنفسها، دون الاعتماد على أحد. فهي الوحيدة التي رأت العلامة، ولو أوكلت الأمر لغيرها، لتم إطلاق سراحها بحجة عدم وجود دليل.
لذلك، حتى تكتشف كل شيء، ستُبقي الأمر سرًا عن الجميع.
خصوصًا عن هاوارد، الذي بدا وكأنه يُكن مشاعر لهذه الفتاة، والذي أصبح الآن سيد هذا القصر.
‘يجب أن أُبقيها قريبةً مني وأتأكد بنفسي. وبعد ذلك……’
“سأقتلها.”
‘فالهراطقة، من أمثالها، لا يستحقون غير ذلك.’
هكذا أقسمت أوديا في نفسها، وهي تواصل السير. واختفى ظلها عبر الممر الطويل.
***
“……كحّ كحّ.”
رفع بروتور يده بسرعة إلى فمه.
لكن لم يستطع منع ما صعد في حلقه. ثم تسرب الدم الأحمر بين أصابعه.
نزع بروتور يده عن فمه ونفض الدم عنها، ثم مسح شفتيه بكمّ ثوبه.
عيناه الخضراوان كانت مركّزةً على أوديا التي اختفت في البعيد. أو بالأحرى، على ريكا التي كانت بين ذراعيها.
“هاه……هاه……”
أسند بروتور ظهره إلى الشجرة وهو يلهث بشدة.
كان يراقب الغرفة التي كانت فيها ريكا، من خلال نافذةٍ تطل على حديقة قصر الدوق، منذ لحظات. و تحديدًا، منذ أن ظهرت أوديا.
لم يعرف كيف تعرفت أوديا على ريكا، أو كيف اجتمعت بها، لكن بعد أن هربت ريكا مع هاوارد تشيلستون، أمر بروتور الوحوش بملاحقتهما.
فقد كان التعامل مع قائد فرسان الهيكل أكثر صعوبةً مما توقع، بسبب قوته المقدسة العالية.
و رغم استدعائه لعدد لا بأس به من الوحوش، تمكن ذلك اللعين من الصمود طويلًا، مما كان خارج حساباته.
وبسببه، لم يستطع بروتور العودة إلى ريكا في الوقت المناسب، ولا قتل هاوارد تشيلستون الذي رأى وجهه.
بل والأسوأ، أنه تسبّب في تعريض ريكا للخطر.
وعندما علم بذلك متأخرًا، بذل ما بقي من قوته لإنقاذها، ولهذا أصبح على هذه الحالة الآن.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 115"