لو أنني بأي طريقةٍ تجنبت المجيء معه إلى القرية، واستمتعت بالمهرجان مع هاوارد كما كان مخططًا من البداية.
لو أنني فعلتُ ذلك، ربما لم يكن والد هاوارد، أي قائد فرقة الفرسان المقدسين، ليموت حتى وإن مات الآخرون.
فبما أن بروتور، الذي لا يحب الخروج عادة، أصر في النهاية على اصطحابي معه، فلا شك أن هذا يعني أن قائد الفرقة كان خصمًا صعبًا وقويًا إلى هذه الدرجة.
بسببي……
أمسكت ريكا فمها بكلتا يديها.
حقًا……كان واقعًا بشعًا للغاية. و لا يمكن التعبير عنه بطريقةٍ أخرى.
لأنني كنت هنا، فقد خسر هاوارد عائلته. و القول بأني لم أكن أعلم شيئًا لا يصلح كعذر.
لو فكرت، لكان لدي الكثير من الفرص لأدرك الحقيقة.
كان يجب أن أفكر، لماذا بروتور، على الرغم من كونه شخصيةً مهمة، يختبئ في جبل ناءٍ بعيدًا عن الناس.
كان يجب أن أفكر، ما هي تلك القوة التي يمتلكها، إن لم تكن طاقةً مقدسة، ولماذا هي بهذه القوة.
كان يجب أن أفكر في معنى قوله أن هناك الكثير من الأعداء في الخارج ولا يمكنني الخروج.
كل هذا كان تقصيرًا مني، وكان خطأي.
لأن لدي ذكرياتٍ من <عالم الفانتازيا>، كنت أكثر نضجًا من أقراني، وكنت أعرف كيف أفكر. و رغم أنني شعرت أن هناك شيئًا غريبًا، لم أحاول أن أكتشفه.
بصراحة، كنت أجد الأمر مزعجًا. و فكرت بتفاهةٍ وغباء أن بروتور سيخبرني عندما يحين الوقت، حتى لو لم أفعل شيئًا.
ومع ذلك……
“بعد اليوم، لن يكون هناك أي شيءٍ خطير لفترة. يمكنكِ النزول إلى القرية وقتما تشائين. أوه، هل نشتري لنا منزلًا هناك هذه المرة؟”
“حقًا؟! هل يمكنني فعلًا؟ متى سيصبح هذا ممكنًا؟”
“هممم، بدءًا من الغد؟”
“واو! هذا رائع!”
قلت أنني سعيدة لأني أصبحت حرة. من دون أن أدرك أن ثمن ذلك كان ألم شخصٍ آخر.
يدي كانت ترتجف من شعور لا أعرف كيف أصفه. و تسلل العرق البارد على ظهري.
كنت أشعر بالقرف من نفسي لدرجة أنني أردت أن أنفجر بالبكاء فورًا. لكن لم يكن بوسعي أن أفعل ذلك. لأن هناك شخصًا يجب أن أحميه مهما كان الآن.
‘سأحرص على ألا……’
لا، لقد قررت ألا أفكر في شيءٍ آخر الآن.
أحكمت ريكا قبضتيها، وقد عقدت العزم في داخلها. وبفعل ذلك، بدا أن ارتجافها قد هدأ قليلًا.
أخذت نفسًا عميقًا بصوتٍ خافت، ثم بدأت بالكلام وهي تحاول تهدئة هاوارد، الذي لا يزال يبكي بألم.
“هاوارد، استعد وعيكَ.”
“أه……أهه……”
“لا تُصدر أي صوت، أبدًا.”
عند تلك العبارة الحاسمة، عض هاوارد شفته من الداخل.
كان من الصعب عليه أن يكتم بكاءه، لكنه بدا وكأنه يبذل جهده كي لا يُصدر صوتًا.
فقد فجأةً كل أفراد عائلته، ومع ذلك كان يصغي الآن، وهذا وحده يعني أنه يبذل ما بوسعه. ولهذا كان الطفل أمامها يبعث في قلبها مزيدًا من الشفقة، ومزيدًا من الحزن.
وما زاد من ألمها هو أنها لا تملك وقتًا لتعزيته.
“أفهم أنكَ خائف. لا أستطيع حتى أن أتخيل مدى الصدمة التي مررتَ بها. لكن……لكن يجب أن تظل هادئًا.”
فقط بذلك يمكنكَ النجاة.
على الأقل أنت، عِش.
لكن الكلمات الأخيرة لم تستطع الخروج من فمها. فقد كانت تخشى كيف سيتقبل هاوارد واقعه، بعدما نجا وحده بينما قُتل كل من حوله.
بينما كانت ريكا مترددة، سُمِع فجأة صوتٌ من الخارج.
ثم وضعت أذنها على باب الخزانة، محاولةً التركيز على ما يحدث بالخارج.
“……ما هذا؟”
خرج صوتٌ مرتجف كهمسة.
دَوووم-
دَوووم-
دَوووم-
كان صوت خطوات الوحش الضخم الذي سمعته قبل قليل.
توقفت الخطوات تمامًا أمام الغرفة التي يختبئ فيها ريكا وهاوارد. ثم تبعها صمتٌ ثقيل للحظات، قبل أن يُسمع فجأةً دويّ هائل مزّق الأذن.
كان صوت الباب الذي حاولوا جاهدين إغلاقه وهو يُحطَّم.
بعدها عادت خطوات الأقدام من جديد.
“هنا……طا……قة مقدسة……قوية……أشعرُ بها……”
صدر صوتٌ متقطّع من أمام الخزانة مباشرة. و لم يكن كلامًا سليمًا، بل بدا كأن شيئًا يحاول تقليد البشر. و كان سماعه وحده كافيًا ليبعث القشعريرة في الجسد.
“يجب……التخلُّص……أمر……”
وبمجرد انتهاء الكلمات، شُق الباب بشيءٍ حاد.
مرة.
مرتين.
ثلاث مرات.
.
.
بعد تكرار الضرب عدة مرات، انكشف ما بداخل الخزانة في لحظة.
نظر الوحش إلى ريكا وهاوارد من خلال الباب الممزق بعينيه الحمراوين المتوهجتين. فحدّقت ريكا في الوحش، الذي زأر فرحًا وكأنه وجد فريسته المنشودة، بذهول.
هل كان الاختباء داخل الخزانة قرارًا خاطئًا؟ هل كان عليهما الاستمرار في الهرب؟
أم أنه كان يجب عليها فقط أن تتوسل لبروتور كي ينقذ حياة هاوارد؟
لم تعد قادرةً على تمييز أي القرارات كان الصائب. فعقلها لم يكن يعمل بتلك السرعة.
في خضم ارتباكها، أصدر الوحش صوتًا غريبًا ورفع أحد قوائمه الأمامية عاليًا. ولسبب ما، وجدت نفسها تنهض من مكانها تلقائيًا، رغم أن جسدها كان يرتجف من الخوف.
فلم تكن لتسمح بموت هاوارد أيضًا.
“……هاوارد، عندما أدفع ذلك الوحش، اهرب فورًا. مفهوم؟ سأحاول أن أشغله قدر ما أستطيع.”
كان ذلك تعبيرًا عن اهتمامها بصديقها الوحيد،
“شكرًا لأنكَ قضيت وقتكَ معي.”
وكان أيضًا واجب من كانت سببًا في مقتل عائلته.
“وآسفة……”
وكأن هاوارد شعر أن هناك أمرًا خاطئًا، فمدّ يده نحوها بسرعة وذعر. لكن قبل كل شيء، كانت ريكا هي من فتحت باب الخزانة أولًا و ابتعدت.
الباب، الذي كان ممزقًا أصلًا وغير قادرٍ على أداء وظيفته، سقط بسهولةٍ من لمسة يديها الصغيرتين.
وقد تسبب المخلب، الذي كان يُلوّح به الوحش لتحطيم الباب، بتمزيق جسد ريكا بقوة وبشكلٍ طبيعي.
كانت إصابةً قاتلة، لكن ريكا عانقت الوحش بإحكام وسقطت معه أرضًا، وكأنها لا تبالي بشيء.
ثم تفاجأ الوحش من مهاجمٍ غير متوقّع، فارتبك وسقط إلى الخلف.
وفي اللحظة الأخيرة قبل أن تُغلق عيناها، التقت نظراتها بهاوارد الذي كان يبكي وهو ينظر إليها. فتنهدت ريكا وتمتمت في داخلها،
‘قلتُ لكَ اهرب…..’
وكان ذلك هو الختام. فقد اختفى لون عينيها الزرقاوين خلف جفونها المغلقة.
ركض هاوارد نحو ريكا، وقد نسي حتى وجود الوحش أمامه، ووجهه شاحبٌ من الصدمة. وفي اللحظة التي همّ فيها الوحش بمهاجمته، مُلوّحًا بمخالبه—
“آااااه……”
أصدر الوحش أنينًا مؤلمًا وأغلق عينيه. و دَوّى صوت ارتطام ذراعه بالأرض بعد أن قُطعت، بينما كان يحاول ضرب هاوارد.
ومن خلفه ظهرت شخصيةٌ ما……كانت أوديا.
لقد عاد الفرسان الذين خرجوا في مهمة.
كان فرسان بيت الدوق، باستثناء أوديا، منشغلين بالتعامل مع الوحوش في الخارج. ولهذا السبب، يبدو أنهم تمكنوا من منع دخول المزيد من الوحوش إلى هذه الغرفة.
“هل أنتَ بخير، سيدي الصغير؟”
اقتربت أوديا بسرعةٍ لتفقد حال هاوارد. وبعد أن فحصته بعينيها سريعًا، تأكدت أن سيدها الصغير لم يُصب بإصابات خطيرة، ثم تحدثت إليه،
“أعتذر، سيدي. يبدو أن المتسللين استخدموا حيلةً ما، فلم يكن من الممكن سماع أي صوت من خارج القصر، ولهذا تأخرنا في إدراك ما يحدث.”
“….…”
“ولكن هذه الفتاة……من تكون؟”
“أنقذيها.”
قاطع هاوارد سؤال أوديا. ثم انهمرت منه كلمات التوسل بشدة ويأس.
“لقد أصيبت……لأنها حاولت حمايتي. هاجمها……مخلب الوحش……أرجوكِ، أنقذيها، لا تزال……لا تزال تتنفس. وأمي وأبي أيضًا، أرجوكِ أنقذيهم هم أيضًا……”
ما إن سمعت أوديا ذلك حتى أدارت رأسها بسرعة. ثم طلبت من الفرسان المتمركزين في الجوار أن يبحثوا فورًا عن الدوق و الدوقة تشيلستون.
و كانت تأمل بكل ما في قلبها ألا يكون قد أصابهم أي مكروه.
“……دعني أولًا أتحقق من حالتها.”
اقتربت أوديا بحذر من ريكا، التي كانت ملقاةً على جسد الوحش الميت، تنزف دمًا، ثم مدّت يدها نحوها بلطف.
بما أن الإصابة كانت على ما يبدو في منطقة الصدر، كان لا بد من قلب جسدها للتحقق من حالتها.
وهكذا، حين أمسكت أوديا بكتفي ريكا وبدأت تدير جسدها—
‘……هاه؟’
رأته أوديا بوضوح.
من بين ثنايا الثوب الممزق بسبب هجوم الوحش، ظهر وشم الفراشة السوداء……ذلك الرمز الذي تبغضه أوديا وتحتقره أكثر من أي شيءٍ في هذا العالم.
__________________
اهاااا عشان كذا كانت تفكر تدْبحها وانا احسبها شافت الوحش مايسوي لها شي او ختم
المهم بعد ذا الفصل يوجع مشاعر ريكا وهي تحس بالذنب وهاورد ابي اضمهمم عيالييييييي🫂🫂🫂
يعني بروتور فوق انه قلب عيشة ريكا وهاوارد حتى قىًل أوديا وريكا ماتتذكره يليل💀
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 114"