كان عليهما الذهاب فجأة إلى جزيرة لابيري. أحد أقارب أمّي البعيدين من جهة أمّها سيتزوّج، وقد دعا أمّي وأبي.
كانا يريدان أخذنا معهما بشدّة، لكنّ المسافة كانت طويلة جدًا، وستكون الرّحلة صعبة علينا نحن الصّغار، فقرّرا تركنا.
كان عليهما أيضًا أن يبحرا لوقت طويل للوصول إلى جزيرة لابيري. مهما فكّرا، كان الأفضل أن نبقى في القصر. جدّتي إيزابيل قالت بثقة ‘سأعتني بهما جيّدًا، لا تقلقا’، وفي القصر الكثير من النّاس يهتمّون بنا جيّدًا.
وهكذا، تركا أطفالهما النشيطين وغادرا قصر الدّوق في رحلة طويلة. كان أول مرّة يغادران القصر معًا، لأنّنا كبرنا قليلاً، فقرّرا السّفر سويًا.
“لن يحدث شيء، صحيح؟ أمي موجودة، وأبي قال إنّه سيزور أحيانًا.”
نظرت أمّي إلى الخلف بقلق وهي تخرج من قصر الدّوق.
“نعم. لا يوجد ضيوف مزعجون في الجدول، ولا توجد أحداث كبيرة في البلاد.”
حتّى لو فكّرا بعقلانيّة، لم يكن هناك شيء غير متوقّع.
“مهما فكّرتُ، لا أعتقد أنّ شيئًا سيحدث. لقد تأكّدنا من كلّ التّفاصيل.”
“هذا صحيح.”
أومأت أمّي برأسها مرّة، ثمّ غيّرت الموضوع ببعض الحرج.
“بالمناسبة، ألا تعتقد أنّ الأطفال يعظّموننا كثيرًا؟ حسنًا، هم صغار بعد…”
“أنا لا أمانع.”
ابتسم أبي وهزّ كتفيه.
“بل أعتقد أنّه سيكون محزنًا لو عرفوا الحقيقة. أريد أن أكون الأب المثاليّ أمامهم.”
“من الوضع الحاليّ، لا يبدو أنّ هذا اليوم سيأتي.”
ابتسمت أمّي له، وانطلقت العربيّة التي تحملهما بهدوء على الطّريق.
—
بعد أيّام.
“أوه، النّاس هذه الأيّام بلا قلب حقًا.”
وصلت امرأة غجريّة ترتدي ملابس متّسخة وحقيبة قماش قديمة إلى أمام قصر الدّوق.
“لماذا لا يلعب الأطفال هذه الأيّام ألعاب الحظّ؟”
كانت كانسيا، ذات وجه متجهّم قليلاً، شعر أبيض مضفور طويل، وعينان تلمعان رغم ذلك.
كان أبي وأمّي يعتقدان أنّ لا شيء سيحدث في قصر الدّوق، لكن كانسيا كانت شخصًا لا يمكن لأحد توقّعه.
تمتمت وهي تشتكي.
“كنتُ أخدع النّاس، لكنّني لم أسرقهم مباشرة، هذا مبدأي.”
لكن مبدأها كان ضعيفًا كورقة، يمكن أن يتغيّر في أيّ وقت.
كانت عادةً تذهب إلى المدينة الحرّة عندما تنفد أموالها وتخدع الشّباب بألعاب الحظّ، لكن هذه الأيّام قلّ من يقبل تحدّيها بجرأة.
“حقًا، العالم ينهار. الشّباب لم يعودوا كالسابق.”
تمتمت كانسيا بحزن.
“لا يطمعون في الثّروة السّريعة، بل يدّخرون بجدّ. إلى أين تتّجه البلاد بهذا الشّكل؟”
لم يفد شكواها من أنّ الشّباب فقدوا روح المغامرة.
منذ أن تولّت زوجة وليّ العهد الموهوبة منصبها، بدأ شباب الإمبراطوريّة يعتمدون على النّظم الجديدة، ويعيشون بأمل ويجتهدون في تحسين أنفسهم.
حتّى عندما تظاهرت بالعجوز المسكينة لتتسوّل، لم تنجح، لأنّ المتسوّلين هذه الأيّام كانوا جادّين جدًا، وكونها عجوزًا لم يعد كافيًا لكسب المال.
“جدّتي، عليكِ أن تتظاهري بالعمى حتّى. الحياة صعبة هذه الأيّام. أنتِ متّسخة لكنّكِ لا تبدين مسكينة.”
تعلّمت من صبيّ متسوّل في منطقة قريبة أن تتظاهر بالعمى، لكنّها لم تتحمّل إغلاق عينيها يومًا واحدًا وتوقّفت.
“إذن، استخدمي وجهكِ بروح الخدمة. ابتسمي بلطف وقولي ‘اهتمامك الصّغير يمكن أن يصلح شخصًا’، وابتسمي للأطفال كجدّة حنون.”
كان الكذب عن إصلاح نفسها فكرة جيّدة، لكن الابتسام لم يكن ممكنًا. كانت تكره الأطفال، والابتسام لهم كان كابوسًا.
“أو بيعي الزّهور يا جدّتي. ابحثي في قمامة سوق الزّهور، ستجدين أشياء جيّدة. قولي إنّها منذ يوم وستبيعينها رخيصة، ستنجحين.”
سمعت كانسيا هذا وفكّرت أنّها لم تعُد قادرة على التّسوّل.
كلّ ما أعجبها من كلام الصبيّ كان ‘الخداع بأنّها منذ يوم’، لكن الباقي كان عملًا شاقًا تكرهه. كانت ترفض فكرة ‘قيمة العمل المقدّس’ التي تُعلّمها المعابد.
بعد أيّام، ذهب ذلك الصبيّ للتسجيل في برنامج ‘إغاثة الفقراء بالعمل’ الذي تديره الدّولة ليتعلّم صناعة الحلويات بجدّ. أمّا كانسيا، فركضت بعيدًا بمجرّد أن رأت لافتة ‘يمكنكِ أن تعيشي بجدّ’ في المكتب الحكوميّ.
“اللّعنة، العالم يزداد قسوة على المتسوّلين غير المنتجين. متسوّلو الشّوارع يجدون أملًا ووظائف ويعيشون بجدّ… لماذا أصبحت البلاد مريحة هكذا؟ مزعج!”
لكنّها كان عليها أن تأكل، فتخلّت فجأة عن مبدأ ‘لن أسرق مباشرة’ وتوجّهت إلى قصر الدّوق سيريوس.
مثلما فعلت قبل سنوات عندما زارت قصر سيريوس، تحدّث الحارس أوّلاً بوجه متجهّم.
“من أنتِ؟ لماذا تتجوّلين هنا؟”
نظرت كانسيا إلى الحارس الذي بدا يريد طردها وقالت بفظاظة.
“جئتُ لأرى ريتشي إستل.”
قرّرت أن تسرق من ريتشي. لقد ساعدتها في العثور على والدها من قبل.
بالطّبع، لم تكن مساعدتها عن طيب خاطر، بل اضطرّت لذلك…
لكن لهذا السّبب كان من الأسهل أن تأتي. لو عاملتها ريتشي كمنقذة، لكانت كانسيا بصقت وركضت بعيدًا.
كانت دائمًا تحبّ من يسهل خداعهم. ملء بطنها كان مهمًا، لكنّ التّسلية كانت لا تقلّ أهميّة، وتسليتها تأتي من إزعاج الآخرين.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 175"