المطر لم يتوقف طوال الليل، وصوت قطراته كان يملأ غرفة مينا ببرودة تُثقل صدرها. جلست عند مكتبها الصغير، بين أوراق متناثرة وحسابات لا تنتهي، تحاول أن تجد مخرجاً من الديون التي أغرقت عائلتها.
كانت تعرف أن حياتها قصيرة، لكن شعور الذنب كان يلتهمها أكثر من المرض. كل ثروة العائلة استُنزفت في محاولة إنقاذها، والآن لم يبقَ سوى بقايا بيتٍ ينهار ببطء.
أمسكت قلماً وبدأت تدوّن: “يجب أن أسدّد ديونهم قبل موتي… لا أريد أن أتركهم غارقين في الخراب.”
لكنها توقفت فجأة. على سطح المكتب، فوق كومة من الكتب القديمة، وُجدت ورقة لم تكن هناك من قبل. يدها ارتجفت وهي تسحبها.
كانت رسالة قصيرة بخط أنيق لكنه بارد:
“لا أعتقد أن الليدي مينا ستنجو من هذا الشتاء.”
شهقت وهي تعيد قراءة الكلمات مرات ومرات. كيف عرف كاتبها بمصيرها؟ ومن تجرأ على التنبؤ بموتها هكذا؟
أسفل الجملة، وُقّعت الرسالة باسمٍ واحد:
كايـلوس.
الاسم وحده أشعل قلبها خوفاً. لم يكن اسماً تعرفه من قبل، لكنه بدا مألوفاً بطريقة مريبة، وكأنها سمعته يهمس في أعماق أحلامها.
وضعت الورقة بين يديها، تفكر: “هل هو… ذاك الرجل الذي رأيته في الحلم؟”
لأول مرة، لم تعد متأكدة إن كانت قوتها نعمة أم لعنة. فالحدود بين الأحلام والواقع بدأت تتلاشى، وكايـلوس كان الرابط الغامض بينهما… رجل الظلال الذي لا تعرف إن كان بدايتها، أم نهايتها.
التعليقات لهذا الفصل " 2"