1
إذا تَقمَّصتَ دورَ البطلةِ في لعبةِ محاكاةِ مواعدةٍ مصنَّفةٍ كلعبةٍ فاشلةٍ محكومٍ عليها بالهلاك، فإلى أيِّ حدٍّ ينبغي لكَ أن تُعِدَّ نفسَكَ نفسيًّا؟
متى يأتي ذلكَ الوقتُ الذي، حتّى بعدَ أن تُسقِطَ كلَّ توقّعاتِكَ، لا يعودُ بإمكانِكَ الاحتمالُ أكثرَ، فتتفجّرُ في داخلكَ صرخةُ: لا يُطاقُ هذا بعدَ الآن؟
لوسي أَدِيلستين استعرضتْ في ذهنها الأزماتِ التي مرّتْ بها حتّى الآن.
هل كان ذلكَ عندما تحوّلتْ، في حفلةٍ اجتماعيّةٍ بالكادِ تمكّنتْ من حضورها، إلى ما يُشبهُ «دوريانًا بشريًّا» بعدَ تفعيلِ مهارةِ «فمِ الكارثة»؟
أم حينَ حصلتْ على لقبِ «الصيّادِ الأسطوريّ»، فانهالتْ عليها أنظارُ صيّادي الأسماكِ من متوسّطي العمرِ بدلًا من أبطالِ الذكور؟
لا.
لا هذا ولا ذاك.
تلكَ الأمورُ لم تكن سوى ما زادَ عزيمتَها صلابةً.
لكنّ لوسي أدركتْ الآنَ أنّ هذهِ اللحظةَ بالذّاتِ هي اللحظةُ التي تريدُ فيها أن ترفعَ الرايةَ البيضاءَ وتُعلنَ الاستسلام.
تأمّلتْ لوسي المشهدَ أمامَها بتأنٍّ.
وفي قلبِ ذلكَ المشهدِ كان يقفُ بارثولوميو فاراداي.
شخصيّةٌ ثانويّةٌ لا يُذكَرُ اسمُها حتّى في اللعبة.
وعندَ قدمي بارثولوميو كان رجلٌ ممدّدًا على الأرض.
“……بارثولوميو؟”
نادتهُ لوسي بصوتٍ واهن.
نفضَ بارثولوميو الدّمَ العالقَ بسيفِه بخفّة، ثمّ أعادهُ إلى غمدِه.
كانتْ حركاتُه هادئةً، رصينةً، لا أثرَ فيها لأيِّ إثارةٍ أو غضب.
وبعدَ أن نزعَ قفّازيه أخيرًا، مرّرَ يدَه في شعرِه ونظرَ إلى لوسي.
وعندما واجهتْ وجهَه كاملًا، اتّسعتْ عينا لوسي دهشةً.
كان بارثولوميو يبتسم.
الظلالُ الكئيبةُ التي كانتْ تَسكنُ عينَيه الزرقاوين اختفتْ دونَ أثر.
وعلى شفتيه المتصلّبتين دائمًا، ارتسمتْ ابتسامةٌ مشبعةٌ بالرضا.
“لوسي.”
وفي تلكَ اللحظةِ، تعمّقتْ ابتسامتُه أكثر.
بيب—!
ظهرَتْ نافذةُ النظامِ مصحوبةً بصوتِ إنذار.
[تمّ رصدُ خطأ!]
[حدثَ خللٌ قاتلٌ في السيناريو الأصليّ.]
وبينما كانتْ لوسي تنظرُ إلى نافذةِ النظامِ بارتباك، بدأَ بارثولوميو بالاقتراب.
ومعَ كلِّ خطوةٍ يخطوها، كانتْ لوسي تتراجعُ لا شعوريًّا.
وعندَها، مالَ رأسُ بارثولوميو قليلًا، كما لو أنّه لا يفهمُ ردَّ فعلِها.
وبينما كانتْ تتراجعُ، تعثّرتْ لوسي فجأةً وسقطتْ جالسةً على الأرض.
“لوسي؟”
اقتربَ بارثولوميو فورًا، وجثا أمامَها.
“هل أنتِ بخير؟”
رفعتْ لوسي نظرَها المتّجهَ إلى الأرض بحذر.
كان بارثولوميو يقلقُ عليها بصدقٍ، دونَ ذَرّةِ زيف.
‘هكذا يبدو تمامًا كما كان دائمًا… بارثولوميو نفسه.’
وفي اللحظةِ التي بدأتْ فيها حذرُها يلينُ قليلًا، دوّى إنذارٌ حادٌّ آخر.
[لم يعُد من الممكنِ استمرارُ السيناريو الأصليّ.]
[النظامُ يدخلُ حالةَ عدمِ استقرار.]
بدأتْ نافذةُ النظامِ تومضُ وتتشوّهُ بقلق.
شدّتْ لوسي نظرَها على بارثولوميو وسألته:
“بارثولوميو. هل هذا من صُنعِكَ؟”
لم يُجب.
وبصوتٍ يختنقُ بالقلق، عادتْ لوسي تسأل:
“ليس أنتَ، صحيح؟ لا بدّ أنّ هناكَ سوءَ فهم.”
بيب—!
[سيتمّ تعديلُ السيناريو حفاظًا على استقرارِ نظامِ اللعبة.]
[نسبةُ التطبيق: 10%]
ما الذي يحدثُ بالضبط؟
في تلكَ اللحظةِ، مدّ بارثولوميو يدَه.
فارتجفتْ كتفا لوسي لا إراديًّا.
[نسبةُ التطبيق: 32%]
توقّفتْ يدُه في الهواء لحظةً، ثمّ تحرّكتْ مجدّدًا.
واتّجهتْ نحوَ شعرِ لوسي.
أزاحَ خصلاتِ شعرِها المنسدلةَ بلطف.
[نسبةُ التطبيق: 56%]
كانتْ لمستُه ناعمةً على نحوٍ مُربك.
لذلكَ بدا لها، على نحوٍ أغرب، أنّ رائحةَ الدمِ المنبعثةِ منه أشبهُ بحلم.
مرّرَ بارثولوميو يدَه على طولِ شعرِها، دافعًا إيّاه خلفَ أذنِها.
[نسبةُ التطبيق: 74%]
لفَّ أطرافَ شعرِها حولَ إصبعِه بخفّة، ثمّ قرّبَها إلى شفتيه.
كانتْ هيئتُه، وعيناه مغمضتان، كفارسٍ يُقبّلُ قدمَ ملكِه قسمًا بالولاء.
“أنا فعلتُ ذلك.”
[نسبةُ التطبيق: 88%]
ارتفعتْ جفونُه ببطء.
“الآنَ، سيّدُ عائلةِ فاراداي… أنا.”
[نسبةُ التطبيق: 97%]
“لذا.”
ثبتَ نظرَه الأزرقَ الواضحَ عليها.
“حاولي إغوائي أنتِ أيضًا، يا لوسي.”
تينغ!
[اكتملَ تغييرُ سيناريو اللعبة.]
‘مستحيل…’
[أصبحَ «بارثولوميو فاراداي» بطلًا ذكريًّا جديدًا.]
[تمّتْ إضافةُ «بارثولوميو فاراداي» إلى قائمةِ أهدافِكَ.]
حرّكتْ لوسي شفتيها.
‘تباًّ.’
شخصيّةٌ ثانويّةٌ أشبهُ بـشخصية غير لاعبة، انتزعَتْ موقعَ البطولة.
—
عندَ التفكيرِ في الأمر، كان ينبغي على لوسي أن تُصغيَ جيّدًا منذُ البدايةِ إلى ما قالهُ نظامُ اللعبة.
فلو فعلتْ، لتمكّنتْ من الاستعدادِ نفسيًّا لمستقبلٍ شاقٍّ ينتظرُها داخلَ هذهِ اللعبةِ الفاشلة.
تينغ!
[مرحبًا بكِ! أهلًا بكِ في «خفقانُ القلبِ: حبٌّ في أكاني♡»!]
[ستبدئينَ اللعبَ بدورِ «لوسي»، الابنةِ الثانيةِ للعائلةِ الإمبراطوريّةِ الأدلستينيّة، وبطلةِ القصة.]
عبستْ لوسي.
كانتْ نافذةُ النظامِ تملأُ مجالَ رؤيتها، وتُربكُ أفكارَها.
تينغ!
[قد تكونُ التحدّياتُ المقبلةُ صعبةً قليلًا، لكنّها ستجعلُ تجربتَكِ أكثرَ متعةً وتنوّعًا!]
تينغ!
[نتمنّى لكِ أن تشقّي طريقَ مصيرِكِ بنفسِكِ، وتحصدي حبًّا جميلًا♡]
أصواتُ الإشعاراتِ المرِحةُ التي لا تتوقّفُ زادتْ من دوارِها.
“آه…”
وبينما كانتْ ترمشُ بعينَيها متألّمةً، سُمِعَ صوتٌ غريب.
“هل استعدتِ وعيَكِ؟”
أدارتْ لوسي نظرَها نحوَ مصدرِ الصوت.
كان هناكَ رجلٌ يقفُ عندَ رأسِ سريرِها، ينظرُ إليها من أعلى.
أوّلُ ما وقعَ في عينَيها كان شعرُه الأبيضُ الناصعُ كالثلج.
ثمّ عينان رماديّتان فاتحتان تحتَ حاجبَين مستقيمين.
نظرةٌ باردة، ملامحُ جامدة، وذراعان معقودتان بإحكام.
رجلٌ وسيمٌ يبعثُ جوًّا قارسًا من البرود.
‘وجهٌ مألوف… لكنْ مَن؟’
وكأنّه قرأَ أفكارَها، ظهرتْ نافذةُ الحالةِ بجانبِه.
[الاسم: ؟؟ العمر: ؟؟
السمات: ؟؟
نسبةُ الإعجاب: ؟؟]
لكنّ كلَّ شيءٍ كان مجرّدَ علاماتِ استفهام.
“الأميرةُ لوسي، هل استعدتِ وعيَكِ؟”
سألها مجدّدًا، ونبرةُ نفادِ الصبرِ واضحةٌ في صوتِه.
حدّقتْ به لوسي دونَ ردّ، تحاولُ جاهدةً تذكُّرَ اسمِه.
تجعّدَ جبينُه، بينما اتّسعتْ عيناها فجأةً.
تذكّرتْ.
‘سيسيل أودن.’
لم تتعرّفْ عليه فورًا لأنّه لم يعُد مجرّدَ رسمٍ ثنائيّ الأبعاد، بل صارَ حيًّا أمامَها.
وعندما خطرَ اسمُه في بالِها، تغيّرتْ نافذةُ الحالة.
[الاسم: سيسيل أودن العمر: 18 سنة.
السمات: أصغرُ معالجٍ ينالُ لقبَ أفضلِ معالجٍ في الإمبراطوريّة.]
لكنّ نسبةَ الإعجابِ بقيتْ مجهولة.
‘لماذا؟’
فتحَ سيسيل فاهُ مجدّدًا.
“لوسي أَدِيلستين.”
انحنى قليلًا، مُقلِّصًا المسافةَ بينهما.
“أسألُكِ للمرّةِ الأخيرة.”
“……”
“هل استعدتِ وعيَكِ؟”
لم يكن صوتُه سؤالًا بقدرِ ما كان تحذيرًا.
حرّكتْ لوسي شفتيها.
أرادتْ الكلام، لكنّ حلقَها كان مُقيَّدًا.
وفي اللحظةِ التي شعرتْ فيها وكأنّ قوّةً خفيّةً تمنعُها من النطق…
تينغ!
[سيسيل أودن طرحَ عليكِ السؤالَ ذاته عدّةَ مرّات.]
[إذا لم تُجيبي قبلَ نفادِ صبرِه، فقد يؤثّرُ ذلكَ سلبًا على نسبةِ الإعجاب.]
ظهرَتْ نافذةُ الخيارات.
[- نعم، أنا بخيرٍ الآن.]
[- مَن أنتَ؟]
‘هل لا يمكنني الإجابةُ إلّا عبرَ هذهِ الخيارات؟’
وبينما كانتْ النافذةُ تومضُ بإلحاح، اختارتْ لوسي الخيارَ الأوّل.
بيب—!
[تحذير! تعذّرُ تنفيذِ الحدث!]
‘ماذا؟ لماذا؟’
[مستوى الذكاء منخفضٌ جدًّا ولا يسمحُ بالإجابة.]
‘الذكاء…؟’
عندَها فقط لاحظتْ لوسي نافذةَ حالتها في الزاوية.
[الاسم: لوسي أَدِيلستين العمر: 16 سنة.
السمات: البجعةُ القبيحةُ في العائلةِ الإمبراطوريّة.]
تابعتِ القراءةَ ببطء.
[الذكاء: -50 (خللٌ في البصيرة)]
[اللياقة: -50 (خللٌ صحيّ)]
[السمعة: -100 (خللٌ في الجاذبيّة)]
ما هذا…؟
مجموعُ سالبِ مئتين…؟
التعليقات لهذا الفصل " 1"