أيّاكم وإحياء الشريرة بعد موتها [ 4 ]
يا إلهي.
رغبتُ لو أستطيع أن أمزّق شعري الذي كان يومًا لأوفيليا.
كيف خرج سرّ كهذا، سرّ لا يكفي حتى أن يُدفن معي في قبري؟
‘إن بلّغ هذا الرجل المعبد، فلن يقتصر الأمر على الإعدام فقط، بل سيكون كل شيء قد انتهى.’
وبينما كان وجهي شاحبًا كالورق، سارع شيروغا سارين بالكلام:
“لا تقلقي. لقد أقسمتُ آنذاك على قوتي المقدسة.”
“وكيف تريد مني أن أصدق هذا القسم؟”
“لو تفوّهتُ بالسر، فسأفقد كل قوتي المقدسة على الفور. هذا قسم معروف في كل مكان، ولن يصعب عليكِ التأكد منه بالرجوع إلى بعض الكتب.”
تماسكتُ بأقصى ما أملك كي لا أسقط في دوامة الهلع وبدأت أفكّر بسرعة.
ما دام الأمر قد وصل إلى هذا الحد فلا بد من استغلاله.
من يعرف سرًّا فادحًا كهذا، الأفضل أن أجعله في صفّي بدل أن أواجهه كعدو.
ثم إنّ عائلة سارين التي تُعتبر السلطة الحقيقية في المملكة المقدسة، يمكن أن تُستغل في أشياء كثيرة.
“سيدي سارين.”
“ناديني شيروغا.”
تجاهلتُ طلبه وقلت ما في خاطري. ك
ان هناك أمر يثقل قلبي منذ مدة.
‘جثة بيغونيا بعد الإعدام.’
في الرواية، كانت الجثة تختفي بشكل غامض.
حبكة فارغة أُضيفت لزيادة التوتر، لكن لا أحد يعلم، فقد يحدث الشيء ذاته.
‘لا أريد أن أترك أي احتمال للعودة إلى بيغونيا مجددًا.’
كنت أنوي أن أطلب من شيروغا الاهتمام بأمري بعد موتي.
إنه الشخص الأمثل، يعرف أنني وافدة الروح، لكنه عاجز عن فضح هذا الأمر.
“سيدي سارين، كم ستبقى في الإمبراطورية؟”
انعقد حاجباه قليلًا من جفاف مخاطبتي الرسمية، لكنه أجاب:
“سأحضر حفلة ميلاد الإمبراطور ثم أعود.”
“جيد. إذن، هلا ترافقني كـ شريك في ذلك اليوم؟”
اتسعت عيناه البنفسجيتان فجأة ثم انحنتا كالهلال.
راقبته ببرود بينما كان يبدو سعيدًا وأنا أعلم أنه لن يضحك حين يسمع ما بعده.
“للعلم… أنا سأموت ذلك اليوم.”
في اللحظة نفسها، انطفأت الأمواج المتلألئة في عينيه البنفسجيتين.
خيّم جو بارد غريب.
“هل تطلبين مني الآن أن أساعدكِ على الموت؟”
“صحيح.”
“مستحيل.”
لم يكن ردًا غير متوقع.
لو كنتُ مكانه لترددتُ أيضًا.
فتحتُ فمي لأشرح أكثر، لكنه سبقني:
“هل هذا بسبب الدوق؟”
“ماذا؟”
‘ما علاقة الدوق فجأة بالموضوع؟’
“منذ أن جئتُ إلى الإمبراطورية، سمعتُ شتى الشائعات. بينها قصص عنكِ وعن الدوق.”
“أتظن أنني سأموت لمجرد ذلك؟”
بالتأكيد، الشائعات التي سمعها تدور حول خطيب خائن وخطيبة مهجورة والمرأة الشريرة.
عليّ أن أصحح سوء الفهم أولًا.
“أنا لا أقول إنني سأنتحر.”
“لكن قلتِ إنكِ ستموتين.”
قاطعني بنبرة حادة.
أثار رد فعله الحاد تجاه موتي تساؤلات في داخلي.
لكنني كنت الأشد حاجة إليه الآن.
لا خيار آخر.
‘هل من الصواب أن أبوح بهذا؟’
سألت نفسي، لكنني كنت أعلم أن لا مفر.
أنا لا أريد العودة لبيغونيا، ولتحقيق ذلك يجب التأكد من حرق جثتها.
“أنا محكومة بالإعدام في حفلة ميلاد الإمبراطور.”
“…….”
“وبتنفيذ فوري أيضًا.”
تحوّل وجهه البارد إلى قناع بلا تعابير.
لم أكن أدرك من قبل أن ملامحه في الأصل قاسية لأنه غالبًا ما يبتسم.
لم يكن يهمني شعوره، فأكملت:
“لأن هذا عالم رواية. وأنا ألعب دور الشريرة التي تعرقل حب الدوق والآنسة أوفن. لذا، موتي أمر محتوم.”
“أعرف.”
…ماذا؟
نظرتُ إليه مذهولة، فإذا به يثبت عينيه عليّ ويواصل ببطء:
“لقد قلتِ بنفسك إنكِ من خلق هذا العالم. لكن ما يهمني ليس ذلك.”
“…أي قدر من الأسرار كشفتُ لك؟”
لو أتيح لي أن أعود للماضي، لخَطَطتُ فمي بخيط وإبرة.
“لكن لماذا، لمجرد أنكِ شريرة يجب أن تموتي؟”
عبوسه بدا وكأنه يرفض فهم الأمر.
كلماته بدت للوهلة الأولى عذبة، لكنها لم تكن سوى جهل بحقيقة ما عشته.
‘أنت لا تعلم مقدار الازدراء الذي تحملته.’
“إن أردتِ، اهربي إلى المملكة المقدسة. سأساعدكِ.”
“لا، يا سيدي. أنا لا أريد أن أعيش كبيغونيا بعد الآن.”
“…….”
“حتى لو هربت، سيُرسل الدوق مَن يطاردني. وهناك أيضًا من يعرف بيغونيا، وستظل الشائعات تلاحقني.”
ذلك لم يكن نمط الحياة الذي أريده.
“لا أريد أن أعيش بقية حياتي هكذا. لا أطلب السعادة، فقط أريد أن أعيش بهدوء.”
“…….”
“لذلك، عندما تموت بيغونيا… سأعيش من جديد كأوفيليا.”
لم أرد أن أبدو كمن يتباهى بتعاسته.
ذلك بائس جدًا.
لكن في النهاية، تغلّبت حاجتي الماسّة على كبريائي.
أغمض شيروغا عينيه بوجه متألم، ثم فتحهما ببرود ليسأل:
“…وماذا تريدين مني أن أفعل في الحفلة؟”
“أريدك أن تجمع جثتي وتحرقها.”
ساد صمت خانق في غرفة الاستقبال.
أعلم أنها مهمة مستحيلة تقريبًا، لكن لم يكن سواه جديرًا به.
لا أدري كم مرّ من الوقت، حتى دوّت خطوات ثابتة.
‘هل سيغادر وهو يظنني أهذي؟’
لكن ما فعله بعد ذلك جعلني أرتجف من الصدمة.
“سيدي! ما الذي…….”
“لدي شرط.”
كان شيروغا قد جثا على ركبة واحدة أمامي وهو يرفع رأسه لينظر إليّ.
خيوط شعره الفضي تمايلت مع النسيم كأنها ستذوب إن لامست الماء.
“أريدكِ أن تعقدي معي عهدًا جديدًا.”
“…….”
“اسمحي لي أن أبقى إلى جوارك… عندما تعيشين كأوفيليا.”
“ولماذا؟”
لم أستوعب الأمر.
‘من أكون أنا أصلًا؟ لا، من يكون هو حتى؟’
“لأني أتمنى أن تكوني سعيدة.”
“أنا لا أبالي إن كنت في سعادة أو في شقاء.”
“أعرف.”
“لا أحب أن أسأل سؤالًا كهذا… لكن، هل تُحبني؟”
ارتجّت عينا الياقوت البنفسجيتان للحظة كالموج، ثم ساد سكون خاطف.
أغمض شيروغا عينيه وفتحهما مرة، ثم أجاب بصرامة:
“لا.”
“إذن لماذا تتمنى سعادتي؟ ما الذي يربطك بي أساسًا؟”
“لأنكِ جعلتِني أحيا.”
“لا أذكر أنني أنقذتُ حياة أحد.”
تبادلنا حديثًا متوترًا. بينما كنتُ أنا متحفّزة، بقي هو بوجه هادئ يثير غيظي.
التقت عيناي بعينيه، صافيتين لا تحملان ذرة كذب.
“…ماذا حدث لك في المملكة المقدسة؟”
“تذكّري بنفسك.”
تبا.
بدا من ملامحه أنه لو مات واقفًا فلن ينطق.
“حسنًا، فلنعقد العهد. سأسمح لك أن تبقى بجوار أوفيليا… مقابل أن تحرق جثة بيغونيا.”
وحين همّ بالكلام، قاطعته وأضافت شرطًا آخر:
“لكن فقط لثلاثة أشهر. بعد ذلك، سواء متُّ أم حييت، لا شأن لك بي.”
تجعد جبينه عند سماع كلمة الموت، لكنه ما لبث أن ارتخى، ثم هز رأسه بهدوء.
“…مفهوم.”
في اللحظة التالية، امتلأت القاعة الواسعة برائحة اللافندر.
من أيدينا المتشابكة تسللت قوته المقدسة وتحولت إلى هالة صغيرة من الضوء انغرست في أصابعي.
بينما كنت أتأمل العلامة الصغيرة التي ظهرت على إصبعي، وصلني صوته هادئًا لكن حازمًا:
“لم أكذب.”
“عفوًا؟”
“حين قلتُ إنني أتمنى سعادتك.”
عيناه الغامضتان كانت تراقبني بصمت.
كان ما يزال جاثيًا على ركبته أمامي.
هل كان ما يضايق صدري هو عبق اللافندر الطاغي في الغرفة؟ أم ذاك النظر العميق المليء باليقين؟ لا أعلم.
“سيد سارين، حسب العهد… بقاؤك إلى جواري يبدأ بعد إعدامي، أليس كذلك؟”
سألت وأنا أرمقه بطرف عيني وهو جالسًا مقابلي في العربة.
كنا في طريقنا إلى المعبد لإتمام إجراءات فسخ خطوبتي من الدوق.
بعد أن بات ليلة في قصر العائلة، لم يبدُ أنه ينوي العودة إلى القصر الإمبراطوري.
“أعرف.”
“إذن لماذا تواصل مرافقتي الآن؟”
“…لدي شأني الخاص في المعبد أيضًا.”
“أي شأن؟”
“…….”
آه، حسنًا. لا يبدو من النوع الذي يثير المشاكل.
سأعتبره فارس حراسة مؤقتًا لا أكثر.
‘لكن… المعبد ليس مكانًا مرحّبًا بي.’
في هذا العالم، لا يتم فسخ الخطوبة إلا بموافقة الكهنة.
رؤية الدوق أمر محتوم يمكن احتماله، لكن المعبد بحد ذاته يثير نفوري.
أو بالأحرى، المعبد هو من يرفضني.
كلما اقتربتُ، شعرتُ بالغثيان وصداع يفتك برأسي.
‘هل السبب أنني روح دخيلة على هذا الجسد؟ أم أن الحاكن نفسه يمقتني؟’
بينما غرقتُ في أفكاري العقيمة، نظرتُ عبر النافذة.
بدت العربة تصعد منحدرًا، ما يعني أننا أوشكنا على الوصول.
وبالفعل، ما إن تقدّمنا أكثر حتى بدأ الصداع يزداد حدة.
“هل تشعرين بتوعك؟”
“جسدي لا يتوافق مع الطاقة المقدسة. كلما اقتربنا من المعبد، تسوء حالتي.”
شيروغا هو قائد فرسان المملكة المقدسة، بل وعامود عائلته العريق.
كنت أتساءل في داخلي، كيف سيتعامل مع امرأة يرفضها المعبد؟
“إن لم يكن في الأمر إساءة… هل تسمحين أن تمسكي يدي؟”
لكن بدلًا من نظرات الاحتقار التي توقعتُها، مد يده بهدوء يطلب يدي.
“ألستُ غريبة في نظرك؟”
“بلى، أنتِ غريبة.”
قالها ببرود وهو ينزع قفازه.
برزت أنامله الطويلة القوية للعين.
أخذ يدي الموضوعة على ركبتي وأكمل كلامه:
“لكن الأمر ليس مهمًا عندي.”
شعرت بشيء غريب.
لم يعرف أحد من قبل هذا السر.
كنتُ أحتمل الصمت خشية أن يُضاف إلى كراهية الناس لي لقب “الساحرة”.
تركت يدي بين يديه بهدوء.
كانت يده أدفأ بكثير مما توقعت.
“وما الذي ستفعله بها؟”
“ستخفف قوتي المقدسة من ألمك.”
“ألم أقل إنني لا أتوافق مع القوة المقدسة؟ لن يجدي…”
لكن قبل أن أكمل، تسللت نسمة ربيعية عبر أيدينا المتشابكة.
فجأة انتشر عطر اللافندر من جديد، وتكاثف الهواء حولنا كالعسل، ثم اجتمعت كل حواسي في تلك اليد.
شعرت وكأني أُداعَب كقطة حساسة… أو ربما كأني أنا القطة نفسها.
——
ترجمة : سنو
انشر الفصول في جروب التيليجرام أول. وممكن لو انحظر حسابي بعيد الشر بتلاقوني هناك
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات