“تبدين رائعة، جلالتك. لا أحد سيتخيل أن من أمامهم هي ذاتها الملكة الصغيرة المحبوبة في القصر.”
كان من الصعب أن تصف أغرينا شيئًا ما بالمجرد مجاملة، لذا شعرت لِيليانا بشيء من الاطمئنان.
استقلت لِيليانا عربة العمال التابعة لقصر ريستون، وبعد أن تحركت قليلًا، استبدلتها بعربة سوداء داكنة كالفحم، بدت وكأنها احترقت بالنار.
صعدت لِيليانا أولًا، ثم لحقت بها صوفيا وأغرينا، وكلتاهما ترتديان كذلك فساتين سوداء وحجابًا أسود، إلى جانب الكونتيسة ريستون.
وصلت العربة السوداء إلى مقر قافلة رينيا.
عندما رأته لِيليانا لأول مرة، كان مكانًا بسيطًا يخلو من الزينة، إذ فُضّلت فيه الوظائفية. لكن الآن، بدا وكأنه قد خضع لبعض الترميم، فصار مهيبًا بطابع أنيق وقديم الطراز.
من الواضح أن لمسة الكونتيسة ريستون قد تركت أثرها.
قالت الكونتيسة، واقفةً بجانب لِيليانا:
“جلالتك، تفضلي بالدخول.”
وفي أثناء دخولها، خطر ببال لِيليانا:
ماذا لو تعرف أحدهم من آل غابرييل على صوتي؟.
وكأن الكونتيسة قرأت أفكارها، فاستلمت من أحد الموظفين المنتظرين عند المدخل شيئًا صغيرًا، وناولته إليها قائلة:
“جلالتك، يُرجى ارتداء هذا تحت الحجاب.”
“ما هذا؟”
“أداة سحرية تغيّر الصوت قليلًا. التغيّر ليس جذريًا، بل طفيف بما يكفي لإبعاد الشكوك.”
“كنت أفكر في هذا بالضبط… أنتم مذهلون.”
وضعت الكونتيسة الأداة الصغيرة بعناية تحت حجاب لِيليانا، فغدت غير مرئية.
جربت لِيليانا صوتها بسعال خفيف، وقد أصبح أعمق قليلًا.
أما لِيليانا، فقد اعتادت على البقاء في الظل، والتظاهر بالضعف.
فابتسمت بلطف، وقالت:
“الأرواحيين الذين نتعامل معهم لم يتلقوا تدريبات قتالية، لذا من غير المرجح أن يكونوا ذوي فائدة في ساحة الحرب.”
ضحك البارون مجددًا، وقال:
“لا نطلب منهم استبدال الفرسان. نحتاج عددًا محدودًا فقط. لولا أن ساحة المعركة ستكون في البحر، لما جئت إليك أصلًا.أليس من الأفضل استخدام الأرواحيين لإشعال النار في سفن العدو أو الهجوم بالماء؟لا حاجة لمهارات قتالية، فقط قدرات خارقة على بُعد مسافة.”
أخرجت لِيليانا مروحة بنفسجية وزينت بها شفتيها، تخفي انزعاجها الشديد.
أكثر من شعورها بالإهانة عندما تجرأ ونظر إلى جسدها، كان هذا العرض الساخر هو ما أثار اشمئزازها.
فـهيليو دخل هذه الحرب بنفسه،
ولوسيا كانت مستعدة للتضحية بمستقبلها من أجل إيقافها.
أما دوق غابرييل؟
فحتى فرسانه لم يرد التضحية بهم.
كان إرسال الأرواحيين إلى ساحة الحرب، وهم لم يتلقوا أي تدريب قتالي، بمثابة دفعهم إلى حتفهم المؤكد.
وقد بدت شرف آل غابرييل، الذي يفترض أن يكون عظيمًا، دنيئًا على نحوٍ يُثير الاشمئزاز، لا يضاهيه سوى غطرستهم الباردة.
في تلك اللحظة، كانت لِيليانا تضبط مشاعرها، تخفي اشمئزازها بصمت، حين ضحك البارون فورمان ساخرًا وكأن فكرة طرأت له.
“لا تظنين أننا نفتقر إلى المال، أليس كذلك؟ نحن نتحدث عن دوقية غابرييل هنا.”
كان واثقًا بنفسه إلى درجة مضحكة، كالثعلب الذي يتفاخر خلف ظهر نمر.
وما إن وقعت عيناها على شعره الأبيض المتناثر، حتى خطرت في بالها فكرة ساخرة.
أسندت لِيليانا ظهرها إلى المقعد، متقاطعة الساقين، وقالت بنبرة هادئة:
“غريب… سمعت أنكم اصطدمتم مؤخرًا مع قافلة كيرد.”
“ماذا؟! كيف تجرؤين—!”
“هذه ليست حفلة في المجتمع الأرستقراطي، هذه قافلة تجارية. نحن لا نتحرك باسم الشرف بل بعقود وسجلات. إن كنت تمثل دوق غابرييل، فلتُرنا العقد، لا اسمه فقط.”
دفعت لِيليانا الورقة نحو البارون وقالت بنبرة باردة:
“تفضل. دوّن الرقم الذي تراه مناسبًا. إن كان كافيًا، فسيصبح الأرواحيون لدينا، الذين لا يقدرون على قتل ذبابة، بحارة محترفين في لمح البصر.”
وبعد جدال طويل، دوّن فورمان رقمًا تجاوز توقعاتها.
من الواضح أنه أراد أن يثبت شيئًا بعد أن شعر بالإهانة.
لا شك أنه كتب أقصى مبلغ كان الدوق قد حدّده مسبقًا.
وما إن خرج، حتى خلعت لِيليانا حجابها الثقيل بتنهيدة طويلة.
صحيح أنها حصلت على أعلى مبلغ كمقدم للعقد بسهولة، لكنّ مشكلة الجزاء المترتب على فسخ العقد كانت مزعجة.
بدأت بإثارة اعتراضات شتى:
ماذا لو أفلست القافلة بسبب شرط جزائي ضخم؟ ماذا لو استغلت دوقية غابرييل تلك الشروط للابتزاز لاحقًا؟
وبعد مماطلة ومشادات، تمكنت من تقليص الغرامة إلى أقل من ربع ما كُتب أولًا.
نظرت إلى العقد وابتسمت برضا، بينما كان الإرهاق بادٍ على وجوه من شهدوا النزاع كاملًا.
“من الواضح أنه لا ينوي تنفيذ العقد أصلًا. لا أدري ما الذي دفعه لتوقيعه هكذا بثقة؟”
قالت أغرينا بنبرة ساخرة.
فتولت الكونتيسة ريستون توضيح الأمر كعادتها، بنبرة هادئة:
“منذ سقوط عائلة كيرد، التي كانت الأوفياء الأبرز للدوق، حدثت فوضى داخلية كثيرة. والآن يحاول من بقي سدّ تلك الفجوة بأي وسيلة، حتى وإن كانت مشبوهة.
فورمان، الذي كان سكرتيرًا للدوق السابق، استُدعي على عجل لحل تلك الفوضى. والنتيجة… رأيتموها.”
“أصابه الخَرَف على ما يبدو.”
قالت صوفيا بحزن خفيف، لكن بتهكم واضح.
فابتسمت الكونتيسة، رغم نبرتها المتأسفة:
“كان رجلًا ذكيًا في شبابه، وما زال يبدو سليم البنية، لكن العقل… يبدو أنه بدأ يتعب.”
ثم تابعت، هذه المرة بنبرة أكثر جديّة:
“لكن بالنسبة لنا، فقد جاءت الأمور كما نشتهي.”
وقد وافقها الجميع بهز رؤوسهم.
غير أن أغرينا أمالت رأسها قليلًا، مسندة يدها على أريكة مجاورة، وقالت:
“أفهم أن جلالتك تخطط لإلغاء العقد لاحقًا. ورغم أن الغرامة كبيرة، إلا أنها ليست مستحيلة الدفع.”
فـلِيليانا كانت تملك خطوط تمويل هائلة، من بيتَي ريستون وراكِل.
“لكن إن سارت الأمور بهذا الشكل، فإن دوقية غابرييل ستفقد قدرًا كبيرًا من قوتها. وسيجعل هذا موقف الإمبراطورية أضعف في الحرب.
أيعقل أن جلالتك تخطط لتلقينهم درسًا، حتى على حساب القوات؟ حتى لو كانت المعركة صغيرة، فالأضرار قد تطال المدنيين.”
“أبدًا، إطلاقًا.”
قاطعتها لِيليانا بنظرة صارمة وكأنها صُدمت من الاتهام.
“بينما يتخبّط آل غابرييل في غبائهم، ويظنون أنهم أذكياء، ستظن مملكة ساجريدو أنهم أضعف مما هم عليه حقًا. سيتهاونون، ويخفضون حذرهم.”
“ثم من سيهجم عليهم من الخلف؟”
رفعت لِيليانا نظرها وحدّقت مباشرة في عيني أغرينا، وقالت ببطء:
“بايِل غابرييل. شقيقك.”
وما إن لفظت الاسم، حتى تغير وجه أغرينا على الفور، وكأنه شُوّه من الغضب والدهشة.
———————————————————————
•فضلاً ضع نجمه واكتب تعليق يشجعني على الإستمرار⭐•
حسابي على الإنستا:@empressamy_1213
حسابي على الواتباد: @Toro1312
ترجمة: ✧𝐀𝐌𝐘✧
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 87"