لم تستطع لِيليانا أن تغلب هذا الوجه، فاكتفت بهز رأسها إنكارًا.
ورغم ذلك، خفّف هيليو خطواته، ولفّ ذراعه حول خصرها، ليواكب خطاها.
“أفكّر في أن أمنحك جناح أريس.”
“جناح أريس؟ أليس هو الذي شبّ فيه الحريق؟”
“تُقللين من شأن نظام الإطفاء في القصر.حتى لو اندلع حريق، فالأمر لا يتعدى بعض التلف الطفيف.ورغم ذلك، لا بد من إعادة بناء القصر الأساسي من جديد.
أما الجناح والمباني المجاورة، فسنجددها بالكامل… وسأترك لكِ أمر تزيينها.”
كان جناح أريس في الرواية الأصلية الجناح الذي منحه هيليو للطفلة بطلة الرواية.
ورغم تغيّر المستقبل، فإن منحه إيّاه الآن للِيليانا كان أمرًا يثير في نفسها دهشة غريبة.
“سأقبل به. شكرًا جزيلًا، جلالتك.”
ما إن وافقت بابتسامة، حتى بدا على وجه هيليو شيء غريب.
كان قد عبّر عن سروره سابقًا بطريقة مبالغ بها، أما الآن فاكتفى بإمالة رأسه قليلًا وهو يتأمل وجهها عن كثب.
تراجعت لِيليانا لا إراديًّا وقد تملّكها الحرج، لكن ذراعه حول خصرها منعتها من الابتعاد.
ثم، ببطء، ارتسمت على شفتي هيليو ابتسامة آسرة، واقترب من أذنها وهمس كأنّه يوشك أن يُقبلها:
“لماذا يعجبني ردّك هذا إلى هذا الحد؟”
حين تراجع قليلًا، كانت لِيليانا تحدّق فيه بفمٍ مفتوح.
كانت تعرف أنه يغازلها، لكنها لم تعتد منه مثل هذا التصرف الجريء.
دفعت صدره بخفة، لكن يدها كانت خالية من أي قوة…
كأنها تطلب منه أن يقترب أكثر.
“ما الذي فعلته أنا؟ قدمت لي شيئًا لطيفًا، فكان طبيعيًّا أن أقبله.”
“كم أنتِ جريئة. ألم تقولي من قبل إن كل ما أقدّمه لا يساوي شيئًا أمام ذالك السوار الرخيص؟”
رمقته لِيليانا بنظرة مذهولة، وقد صُدمت من مبالغته.
ثم دفعته مجددًا، وهذه المرّة بكل قوتها، لكن حتى ذلك لم يُحرك هيليو.
رغم ذلك، حرّرها هيليو بهدوء، وابتعد قليلًا.
“ألا تلاحظين أنكِ دائمًا ما تؤولين كلامي بالطريقة التي تضايقني؟”
“أجل، ربما أفعل.”
ضحك هيليو دون إنكار.
كانت لِيليانا منزعجة من غروره، لكن ما إن تذكّرت أنه وعدها بجناح أريس، أحسّت أنها لا تملك الحق في الاعتراض بهذه القسوة.
شعر هيليو بذلك التغيّر في مزاجها.
“كنت أظنّك ستصرخين وتقولين إن قربه من جناح الإمبراطورة يُزعجك أو يخيفك.
ما الذي تغيّر؟”
سؤال جعله يخيم عليها الصمت.
كيف يمكنها أن تقول إنها تطمح لأن تصبح الإمبراطورة ذاتها؟
عليها أن تتقبل كل ما من شأنه أن يقرّبها من ذلك الهدف.
بل عليها أن تستغلّ الأمر، وتثير حوله شائعات توحي بأن الإمبراطور يحبّها ويقدّرها بشدّة.
“التغيير ليس فيّ.لكن بناء القصر سيستغرق وقتًا طويلًا.وإذا أردنا زراعة أشجار مختلفة حسب الفصول، كما قلتَ، سنحتاج إلى مئات الأشجار.”
وفي أثناء تبادل المزاح، كانا قد وصلا إلى الطابق الثاني.
دلفت لِيليانا إلى غرفة النوم، وأومأت لصوفيا بلطف خفي، كي تُحضّر لها موانع الحمل، تحسبًا لأي طارئ.
“سأكتفي بشجرة رِينيا إلى أن يتم نقل السكن.”
“تُقللين مجددًا من قدرة الإمبراطورية.بما أننا لن نبدأ من الصفر، فسيكون كل شيء جاهزًا مع نهاية الحرب.”
توقّفت لِيليانا عن الحركة حين سمعت كلمة “الحرب”.
فتحت فمها لتتحدث، ثم أغلقته، ثم أعادت الكرّة…
وقد راقبها هيليو بصمت.
“ألم تكوني على علم بذلك؟”
“بلى… سمعت.”
“كنت أعلم أن زوجتي الذكية لن تغفل عن أمر كهذا.”
قال ذلك بنبرة خالية من الانفعال، كأن الأمر لا يعنيه.
لكن بالنسبة لِيليانا، كانت المسألة نارًا مشتعلة في صدرها.
جلسا معًا إلى الطاولة الموضوعة في غرفة النوم، ثم سألته، بتردد:
“هل ستشارك في الحرب يا جلالتك؟”
“لا بد من ذلك.”
ردّ بكل ثبات.
رغم أنها أميرة منبوذة، فإن لِيليانا كانت تعلم هذا جيّدًا:
الأمراء والنبلاء عادةً ما يتفادون الذهاب إلى الحروب، ويختلقون الأعذار.
بل وحتى أبناء العائلات الفارسية المشهورة قد يتظاهرون بالمرض فرارًا من القتال.
لكن وجه هيليو لم يكن فيه أي أثر للخوف.
ارتسمت على وجه لِيليانا ابتسامة خافتة:
“ولِمَ ذلك؟ أنت إمبراطور عظيم لهذه الأمة، فلِمَ تُخاطر بنفسك؟”
“لأنه حديث لا طائل منه… ولا أرغب بالخوض فيه.”
“… نعم.”
أجابت لِيليانا بصوت خافت وهي تُخفض رأسها.
عندها نقر هيليو بطرف لسانه سقف فمه، وراح يُربّت بأصابعه على الطاولة، وكأنه يحاول تغيير الأجواء الثقيلة.
“هل تجري التحضيرات لحفلَي نهاية العام وبداية السنة الجديدة على ما يُرام؟”
“بصراحة؟”
بدا في صوتها بعض العتب، وكأنها لم تُرضَ بعدم حصولها على إجابة عن سؤالها السابق.
ابتسم هيليو بخفة، وأومأ لها بعينيه أن تتابع.
تنهدت لِيليانا بعمق، وجمعت يديها فوق ركبتيها.
“ليت بين نهاية العام وبداية العام الجديد كان هناك بعض الفاصل الزمني.”
“هاها!”
ضحك هيليو بصوت عالٍ على هذا الكلام الغريب منها، في نبرة نادرة لا تصدر منه كثيرًا.
“أنا جادة.”
“لكن في حفل الحصاد أيضًا، كان هناك الوليمة الإمبراطورية ومسابقة الصيد.”
“صحيح… وكنت واثقة آنذاك أن لا حفل آخر سيكون مرهقًا أكثر منه.
لكن يبدو أن لا شيء يُضاهي صعوبة حفلي رأس السنة ونهاية العام.”
راحت تعدّ على أصابعها وهي تتمتم:
“كل شيء يجب أن يكون مختلفًا، حتى لون الستائر، وأغطية الطاولات، ومفهوم المأكولات.الضيوف كذلك يختلفون قليلًا، لذا يجب الاهتمام بالتفاصيل.
بل حتى زيّ الخدم لا بد أن يتغير.هناك الكثير من الأمور لأقررها لدرجة أنني اخترت ثوبي بسرعة ومن دون تفكير.”
“ولهذا تتمنين وجود فاصل بينهما؟”
“نعم، حتى لو كان أسبوعًا فقط… أو شهرًا إن أمكن.”
اتكأ هيليو على كرسيّه بارتياح، ونظر إليها نظرة متعجرفة وهو يقول:
“أؤكد لكِ… أنه حتى لو حصلتِ على ذلك الفاصل، ستظهر مناسبة أخرى للاحتفال أو التبريك أو الدعاء… وستُقام فعالية جديدة، وسيتعيّن عليكِ إعداد ثلاثة احتفالات دفعة واحدة.”
شهقت لِيليانا بذهول.
وقد بدت على ملامحها تعابير المأساة، وكأنها لم تفكر يومًا في سيناريو كهذا.
ثم تنهدت بألم مرة أخرى، وهي تُحدّق بصوفيا التي وضعت أمامها فنجان الشاي.
ارتشفت رشفة من الشاي الذي يحوي على الأرجح موانع الحمل، ثم هزت رأسها برفق كأنها تُسلّم للأمر الواقع.
“على كل حال، أنا ممتنة لأن أَغْرِينا انضمت كوصيفة.على عكسي، هي نشأت على آداب وثقافة نبيلة، وتعرف خفايا الموضة في العاصمة.ساعدتني كثيرًا في اختيار زينة قاعة الاحتفال.”
“آه، تلك الفتاة…”
أشاح هيليو بنظره للحظة، ثم أعاد نظره إلى لِيليانا.
“ما السبب الذي جعلكِ تضمّينها إلى طاقم وصيفاتكِ فجأة؟”
على عكس هيليو، اقتربت لِيليانا من الطاولة وأسندت ذقنها إلى كفّيها، فكأن خديها المنتفخين أشبه بخدي سنجاب صغير.
“لن أُجيبك.”
قالت ذلك بصوت طفولي فيه نبرة تململ، مما دفع هيليو لاعتدال جلسته واقترابه أكثر.
مدّ يده نحوها، فتوقعت لِيليانا أن يُقرص أنفها أو يضرب جبينها كعادته، فزمّت شفتيها ونظرت إلى يده بتحذير.
لكنه ابتسم وسحب يده.
“الجميع يعتقد أنكِ أكثر الملكات وداعةً ولُطفًا في التاريخ.”
أي أنه يقصد عكس ذلك تمامًا.
لكن لِيليانا ركزت على أمر آخر بدلًا من الرد على السخرية.
فرفعت جسدها عن الطاولة، وعقدت ذراعيها بحزم.
“هذا مستحيل.أبذل جهدًا كبيرًا كي أصبح ساحرة فتانة!”
فما دامت قد قررت أن تصير إمبراطورة، فلم تعد ترضى بلقب “وديعة”.
“الساحرة الفاتنة لا تعني الوقحة.”
“أنا أعلم أن المعنى ليس…”
لكن قبل أن تُكمل كلامها، وقف هيليو تمامًا ومال برأسه نحوها وهو يقف إلى جانب الطاولة.
فجأة، تجمّدت لِيليانا بالكامل.
رفعت عينيها نحوه وهي ترتجف، وبدت نظراتها كالزجاج المرتعش.
“هل فهمتِ معنى الكلمة بشكل خاطئ؟”
قال ذلك بينما يُرجع خصلة من شعرها خلف أذنها، ثم مدّ أصابعه يلامس رقبتها من الخلف برفق.
أفرجت لِيليانا عن ذراعيها، ورفعت كفيها، لكنها لم تُبعده، ولم تقترب منه، ولم تحتمِ.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 82"