كانت نبرة هِيليو منخفضة جدًّا، لكنها لم تحمل غضبًا، ومع ذلك شعرت لِيليانا بارتباكٍ شديد وتوترٍ يكاد يخنقها.
كانت تعلم في أعماقها أنها تخدعه.
وقد عقدت العزم حين جاءها خبر الحمل هذه المرّة، أن تصارحه بكل شيء.
أن تخبره أن الحمل وقع مكيدة من الأعداء، لكنها قررت أن تجعله فرصة لتقول له: “سنحمي أنا وأنت طفلنا، معًا.”
لكن كيف…؟ كيف كان يعرف منذ البداية؟.
“لماذا… لم تذكر شيئًا حتى الآن…؟”
ارتجفت عيناها في قلق، وانقبضت أصابعها الممسكة بالغطاء وبيد هِيليو حتى شحب لون مفاصلها.
بدت وكأنها ستسحب يدها منه، لكنه شدّ قبضته عليها وأعادها إلى راحته.
“لماذا لم تخبريني؟”
كان صوته يبدو كتوبيخ، لكنها فوجئت بكلماته التالية:
“لو أجبرتكِ على التوقف عن تناول تلك العقاقير، لكنتِ مجددًا قد خططتِ للقفز من النافذة.”
“ماذا تقول…؟”
“لم أحتمل أن أراكِ تتأذين ثانية. لا أريد الخوض في التفاصيل… فمجرّد تذكر ذلك اليوم يربكني حتى الآن.”
نظرت إليه شاحبة لا تصدق ما تسمع، واضعةً يدها على صدرها وكأنها تكاشف قلبها:
“لقد خدعتُ جلالتك.”
“لا أنكر ذلك. لكنني أعلم أنه كان قرارًا لحماية نفسكِ ، ولا ضير.”
“هذا… هذا غير معقول…”
ابتسم بمرارة وسألها:
“ولِمَ تبدين أنتِ المخدوعة أكثر مني؟”
مدّ يده يمسح على وجنتها برفقٍ شديد، كأن لمسة أقوى قد تكسرها.
وأطرقت رأسها مستسلمة لتلك اليد. وجهها الصغير كاد أن يذوب بين كفّه العريض.
“لقد أُعد نفسي، جلالتك. حين أعترف لك بالحقيقة، كنتُ سأخبرك بها بلا نقصان، وأستجدي غفرانك. لكن… لماذا أنت هادئ هكذا؟”
“هادئ؟” رفع حاجبيه بحزن. “أنا مستاءٌ جداً.”
رفعت بصرها نحوه، لترى في عينيه صدقًا يشقّها نصفين.
كان حزنه طاغيًا، كطفلٍ هُجر.
“في النهاية لم تثقي بي. رغم أنني أقسمت أنني سأحميكِ وأحمي طفلنا، اخترتِ أن تجدي طريقًا بمفردك.”
قالها بوجهٍ يكسوه الأسى، ثم أضاف:
“ولهذا… لهذا أحبكِ. لكن هذا أيضًا يفضح ضعفي.”
صرخت مسرعة:
“لم يكن الأمر لأنني لم أثق بك! لم يكن كذلك…”
“كفى. لنترك هذا الحديث لوقتٍ آخر. لأنني الآن، لن أصدق أي تبرير.”
لكنها كانت تعرف الحقيقة.
لم يكن السبب قلة ثقة بهِليو، بل معرفتها المسبقة بما يحمله المستقبل.
رأت المصير القاسي الذي سيبتلع طفلهما، فعزمت القرار وحدها.
لكن… كيف لها أن تشرح هذا له؟ وكيف لا يحق له أن يشعر بالخذلان؟ بل كان من حسن حظها أن الأمر توقّف عند الخذلان فقط.
عضّت على شفتها من الحزن، فمدّ إبهامه يلامس شفتيها برفق، وما كان منها إلا أن أرخَتها تحت نظره.
“المهم الآن، أن نطرد ذلك الطبيب. أشعر بقلقٍ كلما فكرت أنه قد يُعيد على مسامعكِ خرافة الحمل فيصدمكِ فتفقدي وعيك.”
رفعت يدها تمسك بكفّه الملاصق لشفتيها، وهمست:
“جلالتك…”
فقاطعها بنبرة صارمة لطيفة:
“لا تدافعي عنه. طبيبٌ يخلط بين أثر بعض العقاقير وبين الحمل، لا مكان له بقربك.”
كلماته القاطعة، الحانية في آنٍ واحد، غمرت قلبها حتى كاد يفيض.
‘ يا لهذا الرجل… كم هو مستقيم في محبته للناس. ‘
إلى أمّه، وإلى ابنته، وإلى أخيه أيضًا. والآن، باتت هي كذلك واحدةً ممن يكنّ لهم عزيز اهتمامه. كان هذا الإدراك وحده كفيلاً بأن يغمرها بالعاطفة.
‘ لن أخدع هيليو مرة أخرى أبداً.’
عاهدت نفسها مرارًا وتكرارًا، ثم وضعت شفتيها على مفاصل أصابعه، لترفع رأسها بعد ذلك وتقول ما كانت تريد البوح به منذ البداية.
“هيليو، إنني أحمل طفلنا.”
ارتسم على ملامح هيليو تعبير غريب، بل لا يمكن وصفه إلا بالغريب. بدا متفاجئًا، حائرًا، متشككًا حينًا، ثم يحدّق فيها بعينين حادتين وكأنه يزن الموقف بعقله كله، وبعدها مباشرةً ينظر إليها بصفاءٍ شبيه ببراءة طفل.
“ألم نتحدث من قبل عن حبوب منع الحمل؟”
“بلى.”
“فكيف تقولين إنك حامل؟”
“نعم، لقد تأكدت من طبيب آخر في الخارج أيضًا.”
زفر هيليو نفسًا مضطربًا، ثم رفع يده إلى جبينه. ومع ذلك لم يترك يدها، بل شدّ عليها أكثر. وأول ما خرج من بين شفتيه، وسط دوامة مشاعره، كان القلق.
“لكن، كيف لك أن تبقي بهذا الهدوء؟ إذا كنتِ حاملًا، فهذا يعني أنّ أحدهم تلاعب بدوائك…”
“هاهاها!”
ضحكت لِيليانا باندفاع، وألقت بنفسها في حضنه. ارتبك هيليو للحظة، لكنه سرعان ما أحاطها بذراعيه ليحميها.
“هذا ليس وقت الضحك… يجب أن نفتح تحقيقًا فورًا! أيّ لعينٍ تجرأ…”
“لا تقل ذلك.”
رفعت ذقنها لتضعها على صدره، ونظرت في عينيه من تحت ذقنه. تجمّد هيليو وهو يلتقي بنظرتها عن قرب.
“ألم تكن تتمنى أن أنجب طفلًا؟ ألست سعيدًا؟”
ارتبك أكثر، وعاد الاضطراب إلى ملامحه.
“لكنّك أنتِ لم تكوني راغبةً في ذلك.”
“لم أكن أرفض، بل كنت خائفة. كلمة الحمل أخافتني، لكن حين عقدت العزم على إنجابه، بدأ عقلي يدور بسرعة. إذا أردتُ أن ألد، فلا بد أن أحميه أولًا، من أولئك الذين تجرؤوا على مدّ أيديهم.”
نظر إليها وهو يتنهّد، وكأنه يسلّم بصلابتها.
“هكذا أنتِ دائمًا.”
شدّ على خصرها وجذبها نحوه، ثم قبلها. ارتجفت ابتسامةٌ صغيرة على شفتيها وهي تشعر بالرجفة تنتقل بينهما. أرادت أن تطوق عنقه بذراعيها بقوة، لكن فجأةً أبعدها عنه.
“لِمَا؟”
“خشيت أن يكون العناق شديدًا فيؤذي الطفل.”
كلماته المليئة بالقلق فجّرت ضحكة جديدة منها.
“ما زال صغيرًا جدًا بحيث لا يشعر حتى بهذا!”
لكن القلق ظلّ مرسومًا في عينيه، وحين ضمّها مجددًا كان شديد الحذر، حتى بدا وكأنه صار أبًا بالفعل قبل أن يولد الطفل. لقد تغيّر مسار الأحداث الأصلية مرة أخرى.
مسّد على ظهرها وهو يهمس:
“لِيلي، لا أعرف بماذا أسمّي هذا الشعور.”
“أي شعور؟”
“إنه الراحة… راحةٌ تكاد تُشعرني بالذنب تجاهك. ومعها ألفُ قلقٍ جديد. لا أريد حتى أن أتحدث عن أي خطر، رغم أنني لم أؤمن أبدًا بالخرافة القائلة إنّ الكلام يجلب النحس… فهل هذا خوف؟”
وكعادتها، عرّفت هي مشاعره.
“هيليو، يبدو أنك تحب طفلنا منذ الآن.”
نظر إليها مذهولًا.
الحب؟.
لم يحدث يومًا أن جمع بين نفسه وبين تلك الكلمة في جملة واحدة. لا هو ولا غيره من أمثاله. لكن لِيليانا نطقتها ببساطة وكأنها أوضح الحقائق.
ضيّق عينيه وسأل:
“أتظنين أنني قادر على شيء كهذا؟”
وكانت هي تملك الجواب بلا تردد:
“بالطبع. إنك أعمق الناس حبًا، أكثر من أي أحد عرفته.”
فمن في العالم أحبّ “ليليت” أكثر منه؟ لا البطل، ولا الشخصيات الثانوية، ولا الأرواح… إنما هو.
قطّب حاجبيه كأنها قالت هراءً، ثم انفجر بالضحك، وعاد وجهه المألوف المطمئن.
“يبدو أنك لا تعرفين كل شيء عني.”
غضبت، فابتعدت عنه قليلًا.
“أنا متأكدة!”
“حسنًا، أصدقك.”
“لكن قبل قليل قلت إنك لا تصدق…”
دفعها بلطف لتستلقي.
“لا تنفعلِي، عودي للنوم. ما زلتِ متعبة.”
“لا! عليّ الاستعداد للحفل.”
“ذلك ستتولاه لوسيا، فلا تقلقي.”
“مستحيل!”
شعرت بالرفض يشتعل فيها. لكن هيليو نظر إليها بصرامة وقال ما لا يمكنها الجدال فيه:
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 122"