مملكة نييتا البلد الذي ولدت ونشأت فيه الأميرة ليليانا، إنهزم بشكل مروع في الحرب.
كانت مملكة نييتا تتاجر بسلاسة مع إمبراطورية كارلو بحجر الألماس النادر الذي لا يوجد مثله إلا في مملكة نييتا. لكن، لأسباب غير معروفة، قاموا برفع الأسعار بشكل كبير.
طالبت إمبراطورية كارلو مرارًا بتخفيض الأسعار، لكن ملك نييتا لم يستمع.
وبهذه الطريقة إندلعت الحرب، وشعرت مملكة نييتا بقوة الإمبراطورية الضخمة، ليواجهوا الهزيمة بسرعة وبدون أي قدرة على المقاومة.
وقال إمبراطور الإمبراطورية، هيليو كارلو، من خلال رسول:
“أأمر من ملك نييتا أن يسلم لي أميرة من مملكته ، سآخذها معي إلى الإمبراطورية.”
عندما إنتهى الرسول من خطابه، إنحنى ملك نييتا وأغمض عينيه وهو يذرف الدموع.
أن تصبح أحدى الأميرات إمبراطورة في الإمبراطورية كان أمرًا جيدًا بالتأكيد، لكن ليس إذا كانت ستذهب كرهينة من دولة مهزومة.
لم يكن هنالك أملٌ في أن تُعامل بشكل جيد هناك ، أو أن تكون قادرة على العيش بحرية و تقدير.
إمبراطورية كارلو كانت بلا شك تخطط دائمًا لفرض قيودٍ على مملكة نييتا بإستخدام الإمبراطورة كوسيلة للضغط عليهم.
وهكذا، إجتمعت جميع الأميرات الخمس من مملكة نييتا في غرفة الإستقبال.
“أي إبنةٍ من بناتي يجب أن أرسلها؟”
نظر ملك نييتا إلى إبنته الكبرى الأميرة رايلي، التي كانت ربما ستصبح ملكة في المستقبل. ولاكن كان هذا الأمر مستحيلًا.
ثم نظر إلى الإبنة الثانية، و الثالثة…حتى الرابعة، لكنه لم يستطع إتخاذ القرار.
لم يكن بإمكانه أن يختار إحداهن ، فقد كانت كل واحدةٍ من بناته ثمينة جدًا بالنسبة له لأنه كان يحبهن كثيرًا.
“أيهن أرسل.. أي واحدة منهن؟”
بينما كان ملك نييتا يأسف على وضعه، همس له الخادم في أذنه:
“جلالة الملك، لا تزال الأميرة الخامسة متاحة.”
كانت الأميرة الخامسة هي الأميرة ليليانا.
كان شعرها الوردي كثيفًا مثل حلوى القطن، ووجها الصغير والبريء كان ناصع البياض. كما كانت عيونها الوردية مليئة بالقلق، مستديرة وجميلة.
على الرغم من أنها قد بلغت سن الرشد ، إلا أنها كانت قصيرًا ونحيفة ، مما جعلها تبدو كفتاة مراهقة.
كانت هذه الفتاة الرائعة قد تم تجاهلها تمامًا من قبل ملك نييتا.
“أوه!”
تألقت عينا ملك نييتا المملوءة بالدموع.
وعندما نظر الجميع إلى ليليانا، شعرت بتوجه جميع الأنظار نحوها، مما جعلها تبتلع ريقها.
“أنتِ، كنتِ هنا، إسمك… ما كان اسمك؟”
كانت الأميرة التي وُلدت نتيجة خطأ من ملك نييتا قد نُسِيَ إسمها حتى.
تمتمت ليليانا بصوت منخفض، حاملةً مشاعر الحزن.
“ليليانا، جلالة الملك.”
“نعم، ليليانا! ستكونين البطلة التي ستنقذ هذا البلد!”
عندما سمعت ليليانا هذه الكلمات، إنخفض رأسها فجأة وسقطت على الأرض مغشيًا عليها.
صرخات الأميرات الأخريات ملأت المكان، بينما صرخ ملك نييتا بقلق
“أيقظوها بسرعة! إتصلوا بكل الأطباء حالاً ! إذا لم تذهب الأميرة ليليانا كرهينة، فستعاقبون جميعًا!”
❈❈❈
إستفاقت ليليانا، التي أصبحت البطلة التي ستنقذ مملكة نييتا، في غرفة مليئة بستة أطباء كانوا يراقبونها بوجوه مليئة بالارتياح، بينما كانوا يحثونها على الإستيقاظ.
ثم قالت الخادمة صوفيا، التي كانت تقف بجانب ليليانا، وهي تبكي
“مبارك أيتها الأميرة ليليانا ! ، يقولون إن والدتكِ قد حصلت على لقب الكونتيسة.”
كانت والدة ليليانا خادمة في القصر، من أسرة فقيرة.
ولكن في ليلةٍ واحدة، أصبحت كونتيسة. لم يكن هناك نوع آخر من النجاح أفضل من هذا. يمكن القول بإنها باعت إبنتها بأغلى سعرٍ ممكن.
لكن والدتها لم تكن لتفرح بهذه الأخبار، وصوفيا كانت تقول تهنئتها فقط لأنها كانت تفكر في نظرة الناس.
كانت كلمات صوفيا مليئة باليأس.
“حسنًا، قولي لجلالته أنني أشكره.”
قالت ليليانا بعينين غارقتين في الحزن.
“هل أنتِ بخير؟”
سأل أحد الأطباء بقلق، وأومأت ليليانا برأسها.
“أنا متعبة، أرجو منكم مغادرة الغرفة. إذا احتجت شيئًا، سأطلبكم مرة أخرى.”
كرر الأطباء عدة مرات وبإلحاح أن تطلب منهم إذا شعرت بأي تعب.
ربما بسبب تهديد ملك نييتا لهم بأنهم إن لم يعالجوا ليليانا بشكل صحيح، فسيواجهون عقوبة شديدة.
عندما خرج الجميع وساد الهدوء في الغرفة، كانت ليليانا تعض على شفتها السفلى وتحدق في الفراغ.
“يجب أن أهرب.”
عندما كانت جميع الأنظار متجهة نحوها في غرفة الاستقبال، بما في ذلك ملك نييتا، أدركت ليليانا فجأة شيئًا.
تذكرت حكاية الأميرة المهجورة من وطنها التي ذهبت كرهينة إلى الإمبراطورية لتصبح إمبراطورة.
‘ أليس هذا شيءً قد سمعته من قبل؟ ‘
كان هذا عالم فانتازيا رومانسي ، وأيضًا في رواية رعاية الأطفال < الأميرة ليليانا لا تُترك أبدًا >.
كما يشير العنوان، فهي قصة عن بطلة أنثى ذات شعر وردي مثل حلوى القطن، تذيب قلب والدها الإمبراطور.
وكانت ليليانا قد إستمتعت بقراءة تلك القصة في حياتها السابقة، ولاكنها لم تكن البطلة الرئيسية أو حتى أحد الشخصيات الثانوية السعيدة في تلك الرواية… بل كانت في جسد أم البطلة التي ستموت أثناء ولادتها!
وكان هذا أسوأ ما يمكن أن يحدث.
كانت ليليانا قد أدركت أنه إذا تم أخذها كرهينة وأصبحت ملكة هادئة كما هو متوقع، فإنها ستموت في المستقبل حتمًا.
فنهضت ليليانا بسرعة وبدأت في جمع كل المجوهرات الثمينة.
حتى لو كانت أميرة منسية، كانت تتلقى الذهب ، والمال الذي وفرته كأميرة ذات مستقبل مظلم كان كثيرًا جدًا.
وضعت ليليانا كل المجوهرات في جيوبها وإنتظرت حتى يحل الليل.
ثم قامت بربط حبل طويل من الستائر لتخرج من النافذة.
و نجحت في الوصول إلى الإسطبل، حيث دعت الحصان بلطف وسحبته للخروج.
ولكن، بمجرد أن خرجت من الإسطبل، سُمِعَت صوت شخصٍ ما.
“في مملكة نييتا، يتم خلط طعام الخيول بالأحجارة السحرية. ولهذا السبب، تتمتع الخيول بصحة جيدة جدًا… يا إلهي.”
كان الصوت يعود إلى إحدى الخدم.
عندما خرجت ليليانا مع الحصان من الإسطبل، صادفت وجهًا مألوفًا.
“أميرة ليليانا! هل، هل أنتي هاربة؟!”
صاح الخادم بصوت عالٍ، وركبت ليليانا الحصان بنظرة يائسة على وجهها.
كانت على وشك مغادرة القصر، و لكن كان هناك رجلاٌ طويل القامة يقف خلف الخادمة أمسك فجأة باللجام وقفز على الحصان الراكض.
“م، ماذا؟!”
صُدمت ليليانا وسحبت اللجام بشدة، مما جعل الحصان يرفع قدميه الأماميتين ويصرخ بصوت عالٍ.
وعندما سمع الحراس هذه الفوضى، تجمعوا بسرعة.
“أميرة ليليانا!”
“أميرة ليليانا! إنزلي فورًا!”
صرخ الحراس جميعهم بصوت عالٍ. أمسك ليليانا باللجام بقوة بسبب شعورها بالغضب.
إذا تم القبض عليها الآن، ستزداد المراقبة عليها ولن تتمكن من الهروب مرةً أخرى.
كانت تلون نفسها لعدم وضع خطة جيدة، وأكثر من ذلك، كانت تشعر بالكراهية تجاه الرجل الذي كان خلفها.
“أيها الوغد! بسببك ضاعت كل خططي!”
صرخت ليليانا بغضب، وهي تدير وجهها لتواجه الرجل الذي كان خلفها.
عندها، بدا أن جميع الحراس أصيبوا بالدهشة وأخذوا نفسًا عميقًا وهم يحدقون بها.
“أ..أميرة ليليانا، هو، إنه…”
نظرت ليليانا إلى الخادم هذه المرة بنظرة حادة.
ولكن، كان وجهه شاحبًا لدرجة أن بشرته بدت بيضاء كصفحة ورقة حتى في هذا الوقت المتأخر من الليل.
كما أن كلامه المتلعثم كان غريبًا بعض الشيء.
توقفت ليليانا عن تحريك شفتيها عدة مرات قبل أن تدير مرة أخرى.
كانت العيون الزرقاء الشبيهة باللهب والتي لم تحجبها الظلمة أبدًا تنظر إليها.
رفع الرجل زاوية من فمه بوجه كما لو كان ينظر إلى شيء تافه حقًا.
“كانت رهينتي تحاول الهروب ، أليس كذلك؟”
لم يكن بحاجة لإكمال كلامه، فقد فهمت ليليانا كل شيء.
هذا الرجل…هو إمبراطور إمبراطورية كارلو، هيلّيو.
ماذا يمكن أن تفعله ليليانا أمام إمبراطور إمبراطورية كارلو؟
حاولت أن تبتعد عن هيلّيو بأي طريقة ممكنة، وأدارت جسدها محاولة الهروب.
لكن هيلّيو، كما لو أنه علم أن ليليانا تحاول الفرار، أمسك بها من خصرها بقوة. ثم، قبل أن تتمكن من فعل أي شيء، قفز عن الحصان.
صُدمت ليليانا، وحاولت أن تنطق و لاكنها تلعثمت.
“س-سأسقط…”
“لن تسقطي.”
همس هيليو في أذن ليليانا، وأثار صوته العميق والجذاب قشعريرة في جسدها حتى شعرت بالوخز في باطن قدميها.
لكن بعد فترة قصيرة، شعرت بشيء من الإرتياح.
لم يبق هيلّيو ممسكًا بها طويلًا، بل نزلها إلى الأرض على الفور.
حاولت ليليانا أن تتراجع، وكأنها تريد الهروب من بين يديه، لكنها إصطدمت بحصان ضخم كان يحجب طريقها.
“هيك-!”
زمجر الحصان بعصبية وأطلق نفسًا خشنًا حيث كان هناك الكثير من الناس واقفين حوله، وبدأت ليليانا في إخراج الفواق بشكل متقطع.
غطت فمها، لكنها لم تستطع البقاء على هذا النحو لوقتٍ أطول..
كانت نظرة هيلّيو حادة للغاية، ولاكنه بدا سعيداً بشكلٍ غريب.
حاولت ليليانا أن تقنع نفسها بأن هذا مجرد وهم، ثم قالت بإحترام
” إمبراطور إمبراطورية كارلو، أ…أ.. أتشرف بلقائك.”
بالطبع، أثناء ذلك لم تتوقف ليليانا عن الفواق وكانت ما تزال تغطي فمها.
بينما كانت هيلّيو ينظر إليها، سألها ساخراً
“أميرة ليليانا؟”
ظلت ليليانا تغطي فمها وأومأت برأسها. فرك هيلّيو ذقنه الأملس والحاد، ثم رفع رأسه قليلاً. وكان يراقب وجه ليليانا الشاحب وهو يهمس لنفسه
“رغم أنني أخذتكِ كرهينة، ولاكنكِ حاولتِ الهرب في منتصف الليل؟ يالكِ من جريئة.”
“أنا لست هاربة، فقط كنت أريد الخروج للتنزه.”
حاولت ليليانا المقاومة أخيرًا.
لكنها كانت تعلم أن هذه الكذبة لن يصدقها أحد، و خاصةً الإمبراطور.
سُمِعَت ضحكة قصيرة من فوق رأسها.
وعندما رفعت رأسها، رأت هيلّيو مبتسمًا، كاشفًا عن أسنانه البيضاء.
حدقت ليليانا في وجهه الوسيم للحظة، ثم هزت رأسها في دهشة.
لكن هيلّيو لم يطيل النظر إليها، بل إستدار على الفور.
“سيدي، إلى أين تذهب؟”
سأل الخادم بقلق وهو يلاحقه.
لم يجب هيلّيو على الخادم ، بل التفت إلى ليليانا وأشار إليها بإيماءة من ذقنه، قائلاً باختصار
“رهينتي، تعالي.”
ثم بدأ في السير في طريقه مرة أخرى.
شعرت ليليانا بالدهشة لدرجة أن الفواق توقف فجأة.
“يالسوء حظي!!!”
أرادت أن تصرخ هكذا؛ لأنها لم تستطع أن تكمل الهروب الذي بدأته لأنها أرادت أن تعيش وتتجنب موتها.
أبقت ليليانا فمها مغلقًا وجُرت مثل كلب مقيد.
_____________________________________________
• حسابي واتباد: Toro1312 !!⭐•
التعليقات لهذا الفصل " 1"