1
#1
“لماذا… لماذا أنا؟! ذلك الوغد يعيش حياته وكأن شيئًا لم يكن، فلماذا أُطرد أنا؟!”
إبتلعت سو نام كأس السوجو دفعة واحدة.
“هل يُعقل أن يُطرد الضحية بسبب الجاني؟! أهذا منطقي؟! أليس هذا ظلمٌ فادح؟! أنا… أنا الضحية هنا! لا يُمكن أن يحدث هذا! هذا غير مقبول…!”
كانت تضرب الطاولة بكأس السوجو في يدها، ثم ملأت الكأس مجددًا وارتشفتها دفعة واحدة.
أمام سو نام، جلست سوجين ودايون بعيون زائغة ووجوه شاحبة، كأنما الأرواح قد فارقت أجسادهما.
كانت سو نام دائمًا صديقة يفتخر بها الجميع.
فقد نجحت في اجتياز امتحان التوظيف كشرطية من الدرجة التاسعة فور تخرجها من المدرسة الثانوية، مما جعلها محط حسد صديقاتها.
وخاصة سوجين ودايون؛ فحتى عندما علقوا لافتة تهنئة بنجاحها عند بوابة مدرستهم الريفية، التي لم يتجاوز عدد طلابها المئة، وحين تلقت أولى مهامها في مركز شرطة بمدينة كبرى، فرحتا كما لو أن الأمر يخصهما شخصيًا.
لكن سو نام، في هذه اللحظة بالذات، لم تعد مصدر فخر لهما، بل مصدر خجل.
فمنذ خمس دقائق فقط، كانت تتفوه بكلمات نابية مليئة بالألفاظ السوقية التي يصعب النطق بها، مما جعلهما ترتجفان وهما تراقبان أعين من حولهما.
“أنا…هااه…لماذا لا يحدث شيء جيد في حياتي؟…”
ثم انفجرت في موجة من البكاء الذاتي المرير.
“أوه، أحسنتِ! أحسنتِ يا يون سو نام! بعد كل هذا، تبكين الآن؟!”
قالت دايون، وهي تمسح دموع سو نام بمنديل وقد بدا عليها الامتعاض.
ولولا أنها صديقتها المقربة منذ عشر سنوات، لكانت تركتها ومضت في حال سبيلها.
لكن دايون وسوجين، اللتان تعلمان جيدًا ما مرت به سو نام من معاناة دفعتها إلى الانهيار والغرق في الشراب، احتملتا المرحلة الثانية من تصرفاتها المخزية بقوة صداقة استمرت عقدًا من الزمان.
أحمر وجهها الأبيض، وتورمت عيناها من كثرة البكاء والنحيب.
ثم أمسكت بمنديل من العلبة ودسته في جيبها.
“أريد أن أتبول…”
“وهل هذا أمر يستحق أن يُعلَن بهذه الجرأة؟!”
وضعت دايون يدها على جبينها متنهدة، ثم نهضت من مكانها.
“هيا، سأذهب معك.”
لكن سو نام لوّحت بيدها مشيرةً أن تجلس.
“اجلسي، اجلسي.”
“سو نام، هل أذهب معك إذن؟”
“يا إلهي، هل تظنان أنني عاجزة عن الذهاب إلى الحمام بمفردي؟! اجلسا، اجلسا.”
أخرجت سو نام قائمة الطعام وفتحتها أمام صديقتيها.
“سأذهب إلى الحمام، فاختارا أنتما بعض المقبلات. أما أنا…”
أخذت تُمرّر إصبعها المرتجف على القائمة.
“أنا… أريد سمك الموكتيه! سأتخيله ذلك الحقير وأمضغه حتى أسحقه! سنرى، هل تنهار لحومه أولًا، أم تتكسر أسناني؟! فلنرَ من الأقوى اليوم!”
كانت نبرتها غاضبة، خرجت كالزئير، وتطايرت نيران من عينيها.
لكن، بعد أن عادت من دورة المياه داخل المبنى، لم تتجه سونام إلى الطاولة حيث جلست صديقتاها، بل خرجت مباشرة إلى الخارج.
لسعها نسيم الليل البارد، كأنما يخدش صدرها بأظافره.
وهكذا، وقفت تحت أضواء المدينة المتلألئة، تتنفس الهواء البارد محاولة تهدئة روعها، ثم عادت أدراجها نحو الحانة حيث تنتظرها صديقتاها.
في تلك اللحظة، اجتذب صوت غريب وأثيري طبلة أذنها من مكانٍ ما.
“أه…همم…”
إلتفتت سو نام دون وعيٍ نحو مصدر الصوت، لترى رجلًا وامرأة ملتصقين كالعجينة في زقاق ضيق بجانب المبنى، يتحركان ببطء وبلزوجة، وكأن أجسادهما تذوب في بعضها البعض.
“هاه، ألا يشعران بالبرد؟ كان من الأفضل لهما استئجار غرفة.”
في بادئ الأمر، ظنّت سو نام أنهما مجرد ثنائي ثمل يتلامسان بشكل مقزز في أي مكان، لكن ما إن سمعت صوت المرأة النحيل، حتى استفاقت كأنما صُبّ الماء البارد على رأسها.
“لا، جاي وو شي.”
بمجرد أن التقطت نبرة الرفض في صوت المرأة، تلاشت سُكْرتها، واستيقظ حسّها المهني. انكمشت خلف صندوق الكهرباء وبدأت تراقب المشهد بتركيز.
كان الرجل أنيقًا، يرتدي بدلة داكنة، ويستند بجسده الطويل إلى الجدار بشكل مائل. كان ذا قامة ممشوقة وبطنٍ مسطح، وقد أبرز القميص الضيق تناسق جسده. وكانت جبهته العريضة وجسر أنفه المرتفع يبرزان حتى تحت ضوء القمر الخافت.
صارت سو نام، من دون أن تشعر، تمسح الرجل بنظراتها من رأسه حتى قدميه، كأنها تمسحه ضوئيًّا على مستوى النانو.
لكن صوت المرأة أعادها إلى وعيها.
“ما بك يا جاي وو شِي؟ هل تنوي خذلاني بهذا الشكل؟”
كان صوتها في البداية حازمًا، لكنها سرعان ما بدأت تلتف حول ربطة عنقه وتتكلم بدلال
“همم…كُنت بانتظارك طوال الوقت، وإن واصلت هذا البرود، فلن أراك مجددًا ابتداءً من الغد.”
هاه؟…
كانت سو نام تراقب المشهد بحالة تأهب، ظنًا منها أن هناك محاولة اعتداء، لكنها ما لبثت أن استرخت عندما لاحظت التغير في نبرة المرأة.
كل خلاياها، التي كانت مشدودة في وضع الاستعداد، ذابت دفعة واحدة مع كلمات المرأة الأخيرة، فتراخت وجلست القرفصاء، متكئةً على صندوق الكهرباء.
عندها فقط وقعت عيناها على لافتة نيون بارزة خارجة من المبنى المجاور
– نادي Sticks – خاص بالنساء
آه… فهمت، إذن هو يؤدي عمله.
نظرت سو نام إلى ملامحه الجانبية الوسيمة، ثم إلى اللافتة المضيئة، ثم إلى وجه المرأة المتلهف، والذي بدا في تناقضٍ صارخ مع برود الرجل الواضح.
يا له من موقف… لا بد أنك تعاني كثيرًا لكسب لقمة العيش، خصوصًا مع امرأة تبدو في عمر خالتي الصغرى…
“آه!..”
كانت المرأة تلتصق به تمامًا، تُصدر أنينًا ناعمًا وتغرقه بالقبلات.
وحين لم يبدِ أي استجابة، بدأت تتحسس صدره من فوق سترته، ثم تسللت يداها إلى داخلها، وأخذت تداعب صدره بوجهها.
“جاي وو شي…”
نطقت اسمه بنبرة شديدة التوسل، ثم رفعت رأسها واقفةً على أطراف أصابعها لتقبّله، لكن الرجل حرّف وجهه سريعًا.
“يبدو أنكِ أفرطتِ في الشراب الليلة.”
كان صوته متوسط النبرة، لكنه عميق ويأسر السمع.
أوه… ذلك الوجه، وذلك الصوت… كان الأجدر بك أن تصبح نجمًا.
“رئيسة مجلس الإدارة، تصرفك هذا يضعني في موقف حرج.”
ورغم رفضه الصريح، لم تتوقف المرأة، بل واصلت تقبيل ذقنه وتغطية عنقه بأحمر شفاهها الساطع.
“ما الذي يُحرجك؟ لا بأس، فقط ثق بي، حسنًا؟ أنت تثق بي، أليس كذلك؟”
ابتسم الرجل بخفة، لكن ابتسامته زادتها جرأة، فبدأت تتحسس صدره وتنزلق بيدها نحو خصره.
بلعت سونام ريقها دون وعي.
“جاي وو شي…آه…”
إلتصقت به أكثر.
“رجاءً، لا تفعلي هذا، رئيسة المجلس.”
لكن نبرة صوته الهادئة كانت تتناقض تمامًا مع ابتسامته الساخرة، وكأنه يشفق عليها.
أمسك بمعصمها بلطف، وأبعد يدها عنه.
ثم اقترب من أذنها وهمس بشيء.
في تلك اللحظة، تخيّلت سونام لو أن أذنها قابلة للتمدد مثل عصا السيلفي، علّها تسمع ما قاله.
وما إن همس الرجل حتى تجمّد وجه المرأة، وكأنها تلقّت صفعة. وقفت ساكنة لوهلة، ثم استدارت وغادرت الزقاق.
تحت ضوء اللافتة النيونية، بدت ملامح وجهها واضحة؛ باردة، كأنها لم تكن قبل لحظات المرأة نفسها التي كانت تعبث بِه.
التصقت سو نام أكثر خلف صندوق الكهرباء، خشية أن يُلاحظها.
ما الذي قاله ليُغير رأيها بهذا الشكل؟ ماذا كان؟
ظل الرجل واقفًا، متكئًا على الجدار، مكتوف الذراعين، تبدو على ملامحه سخرية واضحة.
نظرت إليه سو نام، وأحسّت أن وسامته بدأت تزعجها بعض الشئ.
لم تكن تتوقع أن تشهد هذا المشهد الغريب في منتصف الليل، وكان ذلك كافيًا ليُعيد إليها سُكرتها التي كانت على وشك الزوال.
وما إن ابتعدت المرأة، حتى تبدّل وجه الرجل فجأة، كما لو نزع قناعًا. اختفى ذاك الرجل المؤدب الذي رفضها بلطف، وظهر آخر بوجه خبيث يضحك على الموقف بأكمله.
مرر إبهامه على شفتيه وضحك بخفة، ثم اعتدل واقفًا.
في تلك اللحظة، التقت عيناه بعينَي امرأة كانت تراقبه من زاوية الزقاق.
رفع حاجبًا واحدًا باستغراب.
ما هذا؟
كانت جالسة القرفصاء بشكل مضطرب، منتفخة العينين، وجهها شاحب من البرد، وبخار أنفاسها يتصاعد من فمها.
كان وجهها يبدو ك…
امرأة تشبه الدمبلينغ المأخوذة للتو من قدر البخار.
ورغم أن أعينهما التقت، لم تصرف نظرها عنه.
“هل تعرفينني؟”
حينها، فتحت الدمبلينغ ذات العينين المنتفختين فمها
“يا لك من وغد مقزز…”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 منتدى المانهوا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 منتدى الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
Chapters
Comments
- 1 - الفصل الأول 2025-06-07
التعليقات لهذا الفصل " 1"