ما إن تجاوزنا البوابة المؤدية إلى القصر حتى بدأت لوحة جديدة تمامًا تُطل من النافذة. بدت وكأنني دخلت جنّة مصقولة بذهبٍ يلمع وألوان تتبدل مع الضوء.
“هذا هو القصر…”
كنت أتخيله دائمًا، لكن لم يخطر ببالي يومًا أن يكون بهذه الفخامة. وجدت نفسي ألصق وجهي بالنافذة دون وعي، مأخوذة بالمشهد. ظننت أننا وصلنا منذ فترة، لكن العربة كانت ما تزال تشق طريقها بلا استعجال.
قال ريشت: “ما زال أمامنا حوالي عشر دقائق.”
استدرت نحوه بدهشة: ”…عشر دقائق؟”
أليس هذا القصر بالفعل؟ رمقته باستغراب.
أوضح بهدوء:
“لا يمكن أن تكون البوابة في قلب القصر. البوابة في أطرافه، وللوصول إلى القاعة الرئيسية نحتاج وقتًا أطول.”
أومأت فورًا. بالفعل، سيكون من الحماقة وضع البوابة وسط القصر وكأنك تدعو الغزاة للدخول مباشرة. عُدت لأنظر للخارج مرة أخرى وقد اختفت تمامًا أعراض دوار الحركة، وانسقت خلف جمال المنظر.
“أجمل مما تخيلت بكثير!”
لم تتح لي فرصة السفر في أوروبا في حياتي السابقة بسبب ضغط العمل، وها أنا أعيش تجربة أوروبية خيالية بلا جواز سفر.
علت صيحات الفرسان بمجرد أن تحدث ريشت، كأنهم كانوا ينتظرون اللحظة—حفل استقبال رسمي لعودة الأمير.
“مبهر، أليس كذلك؟”
كنت أختبئ خلف ظهره، فأنا لا أريد جذب انتباه الفرسان، لكن الجو كان مهيبًا بما يكفي ليجعل قلبي يخفق. ذكرني المشهد تمامًا بالفرق العسكرية المنظمة في حياتي السابقة.
“هؤلاء… فرسان غلاسيوس، صحيح؟”
زيهم الكحلي المطرز بخيوط ذهبية، والرداء الذي يرفرف خلفهم كأن ريحًا ملكية تمر بينهم… كل شيء كان متقنًا. وجوههم خليط بين التوتر والفرح.
تقدّم قائدهم، لوكاس، خطوة للأمام ليستقبل ريشتر، وعيناه متأثرتان بوضوح.
“سيدي…!”
ثم حيّاه بتحية رسمية مقتضبة واقترب منه متأثرًا.
قال ريشت ببرودته المعهودة: “لوكاس.”
ردّ عليه لوكاس بصوت مختنق قليلًا:
“لقد مررتَ بالكثير… يا صاحب السمو.”
اكتفى ريشت بهمهمة قصيرة.
حدّقت به بضيق داخليًا. رجل بهذه المشاعر يستحق عناقًا على الأقل بعد سنتين من الغياب.
لكن على ما يبدو، بطل الرواية من النوع الكتوم ثقيل الدم… تمامًا كما في الرواية الأصلية.
في تلك اللحظة، التفت لوكاس ناحيتي.
“أوه، هل هذه…؟”
أجابه ريشت قبل أن أفتح فمي:
“نعم. اعتنِ بها جيدًا.”
قال لوكاس مبتسمًا بلطف:
“بالطبع. ناديني لوكاس… أيتها الساحرة.”
كان وصف الرواية له دقيقًا—فارس مخلص. لكن عن قرب؟ لا… الرجل لطيف وجذّاب أكثر مما توقعت.
لطيف؟
ماذا يخفي هذا الوجه الهادئ؟ الحقيقة أنني دائمًا أحببت هذا النوع؛ الهادئ اللطيف. الوسامة الباردة لها جمهورها، لكن القلب يميل لما هو أكثر دفئًا.
وكعادة الروايات، الشخصية الثانوية ذات المهارات الخارقة دائمًا ما تكون جذابة بشكل مزعج.
قلت له بامتنان: “شكرًا لك!”
بصراحة، من قال إني سأبقى وحيدة في هذا العالم؟ الخيارات ممتازة… ولمَ لا نستمتع قليلًا بما هو متاح؟
كتمت ضحكة صغيرة وقلت بخجل:
“اسمي إيديل…”
قاطع ريشت ببرود:
“أيتها الساحرة، تحركي.”
“أه… حاضر!”
لماذا كل هذا الاستعجال؟ كنا فقط نتعارف. لم يلتفت، فقط شق طريقه مباشرة نحو الدرج المركزي، مخترقًا صفوف الفرسان.
ركضت خلفه تقريبًا. لماذا يمشي بهذه السرعة أصلًا؟
توقف فجأة وكأنه تذكّر شيئًا، ولحقت به بشق الأنفُس قبل أن نبدأ صعود الدرج الرخامي المصقول.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 16"