1
القضيّة رقم 0 | ذلك اللّص والمتحرّية موكا.
{أنباء مدّوية!
الحادي عشر من اكتوبر، عام 909 حسب التّقويم الفيلوبيني/الصحيفة اليومية.
اللّص هايد، سرق كنز الملكة.
في العاشر من أكتوبر، عام 909، ليلة البارحة، كما جاء في النص أعلاه، سرق اللّص هايد ‘كنز نهر سيترون’ ولاذ بالفرار.
رغم بذل المحقّق ديديل بون أقصى ما لديه، فإنّه لم يتمكّن من منع ذلك، واكتفى بإحناء رأسه قائلاً إنّ النتيجة كانت مؤسفة.
‘كنز نهر سيترون’ الذي نال شهرة واسعة مؤخرًا بعدما ارتدته الملكة إيريكا، الملكة السابعة لمملكة إسبين…}
(صورة الجريدة المعربة تلقونها في النادي ولا التلغرام)
“هل تسمعينني؟”
“نعم، سيّدي المحقّق، أسمعك.”
“موكا، ما رأيكِ في هذا المقال الصّحفي؟”
“أممم… بالنسبة لي، أنا التي بالكاد تُدير مكتب تحرّيات متواضع… أراه قليلًا…”
“لا، لا أريد رأيكِ كمتحرّية، بل كمواطنة من مملكة إسبين، أنتِ يا موكا ديل، ما رأيكِ الشّخصي بذلك الشّخص؟، ذلك الوغد الحقير؟”
أشار المحقّق بأصبعه بشدّة إلى صورة وجه هايد، عرفتُ أنّه سيغضب مهما قلت، لذا فضّلت الصّمت، غير أنّه رمقني بنظرة صارمة مطالبًا بإجابة واضحة.
أدرتُ نظري متجنّبةً عينيه، الأثاث الخشبيّ الرّخيص، والنّباتات التي حصلتُ عليها من الآخرين، والزّجاج الذي استبدلته بالمبلغ الصّغير الذي تلقيته بعد حلّ القضيّة الأخيرة… بطاقة الاسم على الزّجاج ‘مكتب تحرّيات الحوت الصّغير’…
الخارج كان صاخبًا، يبدو أنّ الازدحام كان بسبب وقت الذّروة، أناسٌ سهروا حتّى الفجر لمتابعة أخبار هايد قد تأخّروا عن العمل وخرجوا مسرعين إلى الطّريق.
قبل أن يتغيّر ضّوء الإشارة إلى الأحمر، عبر بعض الطّلّاب الممرّ بشكل خطير، ثمّ قلدوا حركة هايد المميّزة وهو يشدّ ربطة عنقه حول رقبته، ثمّ مسحوا الغبار الوهميّ عن ملابسهم وقاموا بدورانٍ أنيق وهم يفرقعون بأصابعهم، ابتسمتُ رغمًا عنّي بسبب تصرّفهم الظّريف.
“موكا.”
“آه، نعم.”
“… أظنّ أنّ جوابكِ ذاك كافٍ.”
“ذلك لم يكن جوابي!، سيّدي المحقّق، أنا لستُ من معجبي هايد!، أنا فقط ابتسمتُ لأنّ الطّلّاب كانوا لطيفين.”
“كفى، لا يوجد أحد في هذا البلد ليس من معجبي هايد، أنا لا أفهم ما الجيّد في هذا الطّفيليّ الحقير…”
تمتم المحقّق بكلمات تدلّ على الغيظ، ثمّ شرب القهوة التي قدّمتُها له كأنّها ماء.
كنتُ أرجو أن يشربها باعتدال، لكنّه منذ زمنٍ بعيد استبدل الماء بالقهوة، يقول إنّه يفضّل أن يدمّر صحّته الجسديّة على أن يدمّر صحّته النّفسيّة، لذا لم أطلب منه التّخفيف.
أعرف أنّ من اعتاد على شيءٍ بهذا الشّكل، لا يستطيع حتى الطّبيب تغيير طباعه، هو لا يشرب الكحول حتى، فكيف أطلب منه ترك القهوة…
جرّبت التّحدّث إليه عدّة مرّات، لكنّه لم يُظهر أدنى اهتمام.
طلب منّي فنجانًا آخر من القهوة، وسكبت له ما تبقّى في الغلاية.
لم تمرّ ليلة هادئة واحدة مؤخرًا، النّاس يصرخون بحماسٍ لأنّهم يحبّون هايد، والشرطة مضطرّة للعمل بوجوهٍ عبوسة.
منذ ظهور هايد، والهالات السّوداء تحت عيني المحقّق ازدادت، ربّما هذا أمرٌ طبيعيّ.
صحيح، المحقّق عمل أيضًا ليلة البارحة.
بقي طوال الليل يركض في محاولة للقبض على هايد وسط ذلك الحشد الكبير، فلا بدّ أنّه كان منهكًا تمامًا، جسديًّا ونفسيًّا.
“موكا، ما الذي تتوقّعين أن يسرقه في المرّة القادمة؟”
“أيًّا كان ما ينوي سرقته، فأنا واثقة أنّك ستتمكّن من القبض عليه يا سيّدي المحقّق، هناك أيضًا ضبّاطٌ آخرون يثقون بك ويعملون معك، والتّكنولوجيا تطوّرت كثيرًا مؤخرًا، لا يهمّ كم كان هايد بارعًا وسريعًا، أمام التّقنيات الحديثة سيقف عاجزًا، نعم!، حتّى لو لم يعترف النّاس بذلك، فإنّ الجميع ينتظرون لحظة الإمساك بهايد، لذا لا بدّ أنك ستحصل على الدعم هذه المرّة…”
“لا أقصد من وجهة نظركِ كمواطنة، بل أقصد من وجهة نظركِ كمتحرّية.”
“هل وصلتك رسالة تحذير منه؟”
“ليس بعد، لكن هدفه يبدو واضحًا.”
قلّب المحقّق الصّفحة التّالية من الصّحيفة.
{تحفة هايد السادسة هي في الواقع…
لقد حدث أمرٌ لا يُصدّق للسّيد جاي، الذي ولد في عام 62.
في صباحٍ اعتيادي، وبينما كان يتّجه نحو غرفة المعيشة، أطلق السّيد جاي صرخة.
ذلك لأنّ لوحة ‘نهاية زهرة الرّيح’ التي قيل إنّ هايد سرقها، كانت معلّقة في منتصف جدار غرفة المعيشة، وقد ترك هايد رسالة تقول ” هذا عمل فنيّ من أجل زّوجتك الحبيبة.”
لوحة ‘نهاية زهرة الرّيح’ المعروفة كإحدى روائع الفنّان العظيم ‘لو سماغ’ لم تكن، في الحقيقة، من أعماله.
لو سماغ معروفٌ بتغيّر أسلوبه الفنّي من لوحة إلى أخرى.
قدرته الفذّة على تعديل الأسلوب الفنّي بما يناسب كلّ عمل جعلته من كبار الفنّانين، لكن بعد مرور قرنٍ تقريبًا، تبيّن أنّه كان يستعين بـ’فنّانين ظلّ’ لتنفيذ تلك التّقنيات العديدة.
جدّ السّيد جاي كان فنّانًا مجهول الاسم، ولوحة ‘نهاية زهرة الرّيح’ التي قيل إنّها تُمثّل وحدة لو سماغ، رسمها الجدّ تعبيرًا عن رغبته في البقاء سعيدًا إلى الأبد مع زوجته بعد رؤيته لأبتسامتها.
أحضر السّيد جاي عدّة لوحات أخرى رسمها جدّه ، وقد نالت تقييمًا عاليًا من الكثير من المختصّين في الفنّ.
السّيد إم، وهو من العاملين في مجال الفنّ، صرّح بأنّ هناك توجّهًا متزايدًا نحو اكتشاف فّناني الظلّ الذين طغي عليهم اسم لو سماغ، وأعرب عن عزمه كشف أسمائهم وإبراز أعمالهم للعالم.}
“يا له من دافع نبيل لارتكاب جريمة~، كياا~، السيّد هايد فارس العدالة~، كياا~”
“سيّدي المحقّق…”
“همف، إن كان يفعل هذا لمجرّد فعل الخير السّخيف هذا، فلا بدّ أنّ هدفه التّالي سيكون شيئًا لا يخصّ مالكه الحقيقي.”
“قد يكون الأمر هكذا، لكن… لمَ تسألني أنا؟…”
“ألا تعرفين شيئًا عن هدفه التالي؟”
“لا يمكنني أن أعرف، لكن ربما يكون من الأفضل زيارة أماكن تتعامل مع قطعٍ نادرة غامضة، فغالبًا ما يكون لدى الخبراء معلوماتٌ أدقّ.”
“هل لا ترين علاقةً بين الأشياء التي سُرقت حتى الآن؟”
“ذلك… لا أعلم… حسنًا، هايد يستهدف أعمالًا مشهورة، مثل ‘الآنسة النبيلة عديمة الوجه’ أو ‘رسالة الزّوج الغائب’… أعمالٌ يعرفها النّاس عمومًا، وغالبًا ما يكون الفنّان خلف تلك الأعمال معروفًا، وفي الآونة الأخيرة، يبدو أنّ اهتمامه مال نحو الخزف أو الحرف اليدويّة أكثر من الرّسم.”
“همم… آه، أليس من المفترض أن يُقام معرضٌ خاص في متحف الفنون المركزيّ هذا الشّهر؟، أظنّني رأيت لافتة لذلك… نعم، ‘بركة القمر’، معرض خاصّ بالفنّان هايل جين، يُقال إنّه استلهم أعماله من القمر، جميع أعماله قطعٌ ضخمة تُعبّر عن عظمة القمر، ولا أدري إن كان هايد سيتمكّن من سرقة شيءٍ بتلك الضّخامة، لكنّه لو فعل، ستكون اخبارًا ضخمة، لذا ربّما سيجرّب.”
نظر إليّ المحقّق وكأنّه ينتظر رأيي.
أدرت بصري بعيدًا.
“هايد لا يقترب من أعمال الفنّانين الأحياء، ربّما لأنّ هدفه من الجريمة واضح، ويريد تجنّب الفوضى أو التّقليل من الأذى…”
“ذلك الفنان هايل في غرفة المستشفى على شفير الموت، أليس كذلك؟”
“نعم، لذا بدأوا يروّجون للمعرض على أنّه عرضٌ لأعماله الأخيرة.”
“أنا متأكّد أنّه ما إن يموت، ستصل رسالة تحذير من هايد، لا أعرف ما الذي سيسرقه، لكنّه لن يبقى ساكنًا إن وصلته المعلومات، حسنًا، لنبدأ بالاستعدادات!”
لا، لقد اكتفيت من المماطلة، وعليّ أن أوقفه الآن.
“سيّدي المحقّق!، الحكم بناءً على هذه المعلومات فقط قد… حسنًا، أعتقد أنّه من الأفضل التفكير في الأمر أكثر، لأنّ الاستعجال في الاستنتاجات قد يضرّ بالسّير التّحقيقي…”
“……”
“نعم أعلم…”
أطلق المحقّق تنهيدة قائلاً إنّه يعلم.
الانتظار إلى حين وصول الرّسالة هو الخيار الصّحيح، الشّرطة لا تعمل فقط على قضايا هايد، والجميع مشغول.
حتى لو تمّ تشكيل فريق خاصّ لملاحقته، فإنّ أقصى ما يمكن فعله الآن هو تشديد الأمن والرّقابة.
لا توجد وسائل فوريّة أخرى، فالجاني بارعٌ في التّخفي، لا يترك أيّ أثر، ولا يُمكن تحديد مظهره بسهولة، لا نعرف حتّى إن كان يضع أجهزة معيّنة على جسده، ناهيك عن ارتدائه قناعًا يُخفي ملامحه.
“موكا، هل تعلمين أنّ إحدى المحطّات ستبثّ برنامجًا خاصًّا عن هايد؟”
“نعم، حتّى القناة الرّسميّة ستعرضه… حسنًا، على الأغلب لأنّ نسبة المشاهدة مضمونة، وقد بدأت المتاجر تبيع أقنعة تشبه…”
لم أنتبه لنفسي وأنا أواصل الحديث، فتوقّفت عن الكلام.
“…”
“…”
عمّ الصّمت البارد.
“تلك القنوات، وتلك الجرائد، وتلك المتاجر… كلّهم مستمتعون بالأمر، سحقًا، إلى متى سيظلّون يمتدحون هذا الحقير؟، العالم فقد صوابه، نعم، فقد صوابه تمامًا، كيف يمكن لأفراد عالمٍ عاقل أن يُعجبوا بلصّ؟”
“ستكون تلك مجرّد ظاهرة مؤقّتة، نوعٌ من الموضة لا أكثر، ما إن تُمسك به، ستنتهي…”
“هاه… لكنّني لم أعد قادراً على الرّكض كالسّابق، ألا ترين كم هو سخيف أنّ عليّ التّحرّك بنفسي للقبض عليه في مثل هذا العمر؟”
“بالنّظر إلى سنّك… نعم…”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
Chapters
Comments
- 1 - الفصل الأول 2025-06-16
التعليقات لهذا الفصل " 1"