الفصل الثالث عشر: **وصول العائلة المالكة وبداية المأدبة**
تبدّل جو القاعة دفعة واحدة… وكأن الهواء نفسه توقف عن الحركة. فالأبواب العظمى في نهاية القاعة انفتحت ببطء، مُطلِقة صريرًا خافتًا امتزج مع صدى الموسيقى، ليقف الجميع تلقائيًا في أماكنهم.
همست إحدى السيدات قرب ليليانا:
“العائلة المالكة وصلت…”
تبادل النبلاء نظرات سريعة، ثم اصطفوا في صفوف متناسقة، ينحني كل منهم بزاوية دقيقة تُظهر الاحترام دون مبالغة. حتى الخدم وقفوا في أماكنهم، رؤوسهم منخفضة، ينتظرون مرور الموكب الملكي.
شعرت ليليانا بأن قلبها يخفق بقوة وهي تشاهد الإمبراطور يتقدّم الخطوات الأولى داخل القاعة. كان يرتدي عباءة ملكية بلون أخضر زمردي، محلاة بخيوط فضية، وتعلو رأسه تاج بسيط لكنه يفيض هيبة. رغم أن ابتسامته كانت هادئة، إلا أن الجو من حوله تغيّر تمامًا، وكأن وجوده وحده يُعيد رسم ملامح المكان.
إلى جانبه سارت الإمبراطورة، امرأة ذات حضور قوي يليق بمن تحمل لقب سيدة المملكة. كانت ترتدي ثوبًا أبيض يلمع كقطعة ثلج ناصعة، وعيناها تراقبان الحاضرين بخبرة من يعرف كل أسرارهم.
أما أبناء الإمبراطور الرسميون، الأمراء والأميرات، فظهروا الواحد تلو الآخر، كل منهم يرتدي أبهى حُلّة ويحيّي الحاضرين بابتسامة مدروسة. ومع كل اسم يُعلن عنه، يزداد همس النبلاء:
“إنه الأمير الثاني…”
“الأميرة الكبرى، سمعتها بأنها أذكى أبناء العائلة…”
“أين هو؟ ألم يقل أحدهم إنه سيظهر الليلة؟”
التقطت ليليانا العبارة الأخيرة، فراوغتها رعشة خفية. فهمت تمامًا من المقصود: *الابن غير الشرعي… الأمير المخفي… البطل الذي لم يظهر بعد.*
لكن الباب لم يُفتح مجددًا، ولم يعلن المراسم عن أي قادم جديد.
وقفت العائلة الملكية في صدر القاعة، وبمجرّد أن اعتلى الإمبراطور المنصة، أُطفئت الموسيقى تدريجيًا حتى خيّم الصمت. رفع الكأس الذهبي بيده، وصوته يعلو بثبات:
“أيها السادة والسيدات من نبلاء مملكة سيلفيا… أشكركم جميعًا على حضوركم هذه المأدبة تكريمًا لخير سنوات المملكة، واحتفالًا ببداية عهد جديد.”
تبادل الحاضرون نظرات سريعة. *عهد جديد؟*
حتى الدوق فلوني شدّ على كأسه قليلاً، ملامحه تحولت لصرامة لم تراها ليليانا من قبل.
تابع الإمبراطور:
“لقد مرّت المملكة بمصاعب وتغييرات كثيرة، لكن قوتها الحقيقية كانت دائمًا في اتحاد شعبها ونبلائها. هذه الليلة ليست فقط للاحتفال… بل لاستقبال مرحلة ستُعيد كتابة المستقبل.”
ثم ابتسم، ابتسامة خفيفة لا يمكن معرفة ما إن كانت طيبة أم مجرد قناع سياسي.
“لتبدأ المأدبة!”
ضجّت القاعة بالتصفيق، وعادت الموسيقى من جديد، أقوى هذه المرة وأكثر احتفالًا. دُعيت الطاولات لتقديم الطبق الأول، وعاد كل نبيل لمكانه، لكن شعورًا غريبًا بقي يرفرف فوق رؤوس الجميع… شعور بأن شيئًا ما يُحضّر خلف الستار.
جلست ليليانا في مقعدها، قلبها ينبض بسرعة، ولاحظت أن والدها ينظر نحو المدخل المغلق كما لو أنه يتوقع وصول شخص لم يظهر بعد.
التعليقات لهذا الفصل " 13"