كان العشاء لذيذًا للغاية و فاخرا يليق بمقام عائلة موليه.
طرحت السيدة موليه على مونيكا الكثير من الأسئلة، وأخبرتها عن مختلف شؤون القصر. ذكرت أن السيد موليه منشغل جدًا بأعماله، ولا يمكث في القصر كثيرًا نظرًا لكثرة سفره بين العاصمة ولا سبيتسيا، وأن القصر يبلغ ذروة جماله في فصل الصيف.
ألقت مونيكا نظرة جانبية نحو ريلا وهي تأكل.
كانت ريلا تعبث بملعقتها برشاقة سيدة نبيلة. قطّعت قطعة اللحم، ثم جلبت صحن شقيقها الأصغر مارتينيل، قطّعت له اللحم مرة أخرى، ثم أعادت الصحن أمامه — وكل ذلك بلا أدنى خلل.
قالت السيدة موليه:
“سيأتي طبيب مارتي غدًا وقت الغداء. يزورنا مرة كل أسبوع، فهل تودين مقابلته، ثم الاهتمام بمارتي في فترة ما بعد الظهيرة؟”
أجابت مونيكا:
“نعم يا سيدتي.”
ابتسمت السيدة موليه ابتسامة عريضة. لكن رييلا قاطعتها قائلة:
“أمي، هل لي أن آتي هذا المساء لأعلّم الآنسة مونيكا كيف تعتني بسرير مارتي؟”
قالت السيدة موليه بدهشة:
“أنتِ ستقومين بذلك؟”
أجابت ريلا بهدوء:
“حتى الآن، ما زلت أعتني بمارتي أحيانًا.”
قالت السيدة موليه باستغراب:
“أحقًا؟”
هزّت ريلا كتفيها قليلًا.
تذمّر مارتينيل:
“وأنا أعرف ذلك أيضًا!”
ابتسمت ريلا قائلة:
“لكنك تواصل مضغ ميزان الحرارة، وهذا غير صحيح.”
قال مارتينيل:
“لن أعضَّه مجددًا!”
“وأنت حتى لا تغلق أزرارك كما ينبغي.”
تساءلت مونيكا في سرّها: أليس هذا من عمل الخادمات؟ لكنها بقيت صامتة، وهي تستمع إلى السيدة موليه وهي تشرح بنبرة ودودة:
“الفارق العمري بين مارتي وريلا كبير. ومع ذلك، يتوافقان على نحو رائع. بعض الناس يقولون إن هذا لا يليق بالنبلاء، لكن ما المشكلة؟ ما دمت لا أمانع شخصيا، فذلك يكفيني. أليس كذلك؟”
أومأت رييلا موافقة، ولحقت بها مونيكا بالإيماءة نفسها، وإن كانت تشعر بشيء من الارتباك.
***
في وقت لاحق من المساء
كانت يد ريلا ماهرة وهي تضع ميزان الحرارة الزئبقي اللامع في فم الفتى، ثم تخرجه لتتفحّص حرارته.
تسلّق مارتينيل السرير كما لو كان ينتظر إشارة من ريلا. وبمجرد أن تمدّد، قامت بتسوية وسادته وتنعيم غطائه.
قالت:
“أسجّل حرارة مارتي كل مساء. عندما يمرض، تبدأ حرارته بالارتفاع من مؤخرة العنق، فإذا لم يكن هناك شيء غير طبيعي هناك، يقتصر الأمر على ترتيب فراشه.”
قالت مونيكا:
“أشكرك.”
قال الفتى بتوسّل:
“أختي، هل يمكنني أن أكتفي بالنظر إلى الكتاب قبل النوم؟”
لكن ريلا، بصفتها الأخت الكبرى، كانت صارمة.
هزّت رأسها رفضًا، فعبس مارتينيل لكنه استلقى دون جدال إضافي. أُغلق الباب برفق مع عبارة “تصبح على خير”.
قالت ريلا فورًا:
“دعينا نتحدث قليلًا.”
أجابت مونيكا:
“حسنًا.”
قادتها إلى غرفتها، وما إن دخلتا حتى أغلقت ريلا الباب وألقت نظرة فاحصة حول المكان. لم يتغيّر فيه شيء سوى الحقائب التي جلبتها الخادمات من مسكن مونيكا في وقت سابق من النهار.
قالت ريلا بلهجة جادّة:
“أمي لاحظت الأمر. كلتانا كذبنا.”
أجابت مونيكا بهدوء:
“كنت أتوقع ذلك.”
فمن ذا الذي لا يكتشف الأكاذيب التي يختلقها فتاتان على عجل؟
شبكت ريلا ذراعيها ونظرت إلى مونيكا بنبرة آمرة:
“أمي لا تزال تفكّر في ما ستفعله بك.”
حدّقت مونيكا إليها بصمت، فعبست ريلا.
“ألا ترغبين بقول شيء؟”
قالت مونيكا:
“عمّ تتحدثين؟”
بدا الانزعاج على وجه ريلا:
“ألا ترغبين بالعمل في هذا البيت؟”
“بلى، وماذا بعد؟”
“إذن—”
“إذن ماذا؟ هل تقولين إن عليّ الرحيل لأن السيدة موليه غاضبة؟”
انكمش وجه ريلا، وكادت مونيكا أن تضحك بسخرية، لكنها كبحت نفسها.
لم تكن مونيكا قد أمضت وقتها في الكسل بعد رحيل رييلا، بل بادرتها مدام أورانج أولًا و رحبت بها، وأثناء جولتها في القصر التقت بالخدم الذين ستتعامل معهم كثيرًا.
رحّبوا بها بحرارة:
“أوه، أنتِ المعلمة الجديدة! سررنا بلقائك!”
كان معظمهم ودودًا، فتبادلت معهم الأحاديث وطرحت الكثير من الأسئلة.
علمت أشياء عديدة عن القصر: فقد كان يومًا ملكًا لعائلة نبيلة ثرية، لكن بعد أن انحدر شأنها في زمن الحرب، آل القصر إلى عائلة موليه.
كما سمعت من الخدم حقائق لم تُذكر صراحة — مثل ما تخشاه ريلا.
باتت مونيكا تعرف الآن مصدر خوف ريلا: أن يُكشف أمرها كابنة بالتبنّي.
قالت مونيكا بصوت منخفض:
“لو كنتِ تنوين طردي، لما علمتِني قبل قليل كيف أقيس حرارة مارتي.”
تأفّفت ريلا وهي تضيق عينيها.
كانت مونيكا قادرة على تهديدها، لكنها لم تفعل. فهي تدرك هشاشة موقعها كمعلمة لا سند لها ولا نفوذ.
نظرت إلى يديها، ورأت الندوب الخفيفة التي خلّفتها سنوات الشقاء، ثم رفعت بصرها إلى يدي رييلا المرتديتين قفازين، ولاحظت التباين الواضح بينهما.
وأخيرًا قالت بثبات:
“رييلا، أنا أعرف مكاني.”
“جيد.”
“أنا فقيرة. جئت من ملجأ أيتام. لا أملك المال للعودة إلى العاصمة، فلا خيار أمامي سوى النجاح هنا.”
نظرت مونيكا مباشرة في عيني ريلا:
“ظننت أن السيدة موليه قد تشكّ بي، لكنني مدينة لك لأنك دافعتِ عني على مائدة العشاء. مقابل ذلك، سأصمت.”
“حسنًا.”
أطلقت رييلا ضحكة قصيرة امتزجت بالانزعاج، لكنها لم تجد ما تجادل به أكثر:
“يسرّني أنك تعرفين مكانك. فلنطوِ الحديث عن هذا الأمر.”
ثم استدارت وغادرت الغرفة.
تنفّست مونيكا الصعداء، وبدأت في فك أزرار أكمامها وهي تشعر بإرهاق شديد.
وبينما كانت تبحث في أغراضها، سقط شيء على الأرض — بروش ليزي.
التقطته بسرعة ووضعته في حقيبتها، ثم دفنت وجهها في حوض المغسلة، تاركةً الماء البارد ينساب على بشرتها.
لم يكن هناك متّسع من الوقت للدموع.
᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽᯽
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 8"